#شه مال عادل سليم#
كان قد تم اقرار اي رقيب كنشيد قومي كوردي في جمهورية مهاباد وجاء المقطع الاول على الشكل التالي باللغة الكوردية :
ئهی ڕهقیب ههرماوهقهومی كوردزوبان , نای ڕمێنێ دانهیی تۆپی زهمان .....
ئێمه ڕۆلهی ڕهنگی سوورو شۆڕشین ,سهیریكه خوێناویه ڕابردوومان ....
ئێمه ڕۆلهی میدیاو كهیخوسرهوین, دینمانه، ئاینمانه نیشتمان...
ومعناه باللغة العربية :-
ايها الرقيب سيبقى القوم الكورديو اللسان, لاتقهرهم ولا تمحوهم مدافع الزمان ..
نحن ابناء اللون الاحمر . . ابناء الثورة , تمعّن بماضينا المخضب بالدماء ..
نحن ابناء ميديا وكيخسرو , ديننا ايماننا هو الوطن ...
( وضعوا الشاعر في الجنة فصرخ ... اه وطني )
دلدار، شاعر التمرد والتغيير والتجديد في الشعر الكوردي الحديث....ناضل الشاعر الكبير دلدارطيلة سنوات عمره رغم قصرها، من اجل الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة , وربط حياته بقضايا الوطن وهموم الناس وعشقهم للحرية ... دلدار شاعر الجمال والواقعية والقصيدة الوطنية والثورية في الشعر الكوردي المعاصر ..كان الشاعر دلدار يتمتع بذكاء خارق واصرار على تحدي الصعاب والمضي قدما في موكب العلم والعلماء وكان يتمتع بخيال خصب وافق واسع ...كان وطنيا غيورا وحريصا على قيمه ...كان يصف في قصائده معاناة والام شعبه بدقة متناهية وبطريقة ابداعية نادرة .......
في ثلاثينات القرن الماضي ظهر الشاعر دلدار في ساحة السياسة والثقافة الكوردية , باعتباره واحداً من جيل الرواد في حركة الشعر الكوردي المعاصر الذي انتهج اسلوب الواقعية في الشعر الكوردي الحديث وكانت قصائده الوطنية والثورية والطبقية ذات لغة بسيطة لانه كان يخاطب الاطفال والفلاحين والعمال، وكانت قصائده تحكي الام الشعب وتعكس معاناته والامه ومآسيه، وكانت تنادي بالخبز والحرية والعدل والمساواة لذالك تركت اثارها المباشرة على جماهير كوردستان بعد ان تفاعلت مع بكاء وانين الفقراء والمحتاجين والمشردين .
وانتقد وهاجم في قصائده الجشع الراسمالي والاقطاعي وكتب ايضا للاطفال و الشباب والحبيبة حتى تحول الى اسطورة كوردية نادرة تتناقلها الاجيال المتعاقبة في عشقها و ثوراتها وانتفاضاتها ووثباتها، في سجونها ومنافيها في اعيادها وفي احتفالاتها وخاصة اي رقيب الذي اصبح نشيدا وطنيا في 22 -1 -1946 مع رفع العلم الكوردي في جمهورية مهاباد الكوردية بقيادة قاضي محمد ....
لقد سخّر دلدار الكبير جل حياته في سبيل الوطن والناس وان صموده وشجاعته ازاء الظلم والاضطهاد والمعتقلات والسجون والملاحقات طيلة سنوات عديدة قياساً بعمره القصير .... خير دليل على ذالك ..
لقد كان دلدار من مؤسسي منظمة( دار كه ر , الحطاب ) في عام 1937 - 1938 والتي تطورت الى حزب( هيوا , الامل ) عام 1939 والذي لعب دورا فعالا في نشر الوعي والشعور الوطني في كوردستان العراق , ثم ساهم دلدار مساهمة فعالة في تنظيم حزب ( رزﮔﺎرى نشتمان , حزب التحرر الوطني ) في كوردستان بشكل عام وفي كويسنجاق بشكل خاص ...
كتب الشاعر الكبير دلدار قصائد رائعة عبّر من خلالها عن هموم الجماهير الكادحة والمسحوقة فكتب للشباب وللاطفال وعموم الفقراء اروع قصائده بالاضافة الى النشيد الوطني والقومي التحرري اي رقيب.
لقد كتب ايها الشباب , ايها الكوردي , الالم , شباب الكورد , طفولة الامل , قل للحرية , كوردستان , يارب وقصيدته الرومانسية الخالدة ( خه نده كه ى بايي ) التي وصف فيها جمال ( بهية فرج الله) تلك المرأة التي عشقها من النظرة الاولى حيث وصفها في قصيدته بإنها ملاك وبأن الملائكة تركع لسحر جمالها وانوثتها النادرة .....كما كتب عن استغلال الانسان للانسان وكتب عن التناقضات الاجتماعية والصراع الطبقي .....ومن يقرأ قصائد دلدار الكبير يحس بتكامل العقل والخيال لنقل الفكرة من خلال الصور واللوحات المتسلسلة المتكاملة ....
وقد ساعدته نشأته وثقافته الانسانية و الوطنية والاممية المتفتحة على ان ينهل من تراث واداب الشعوب الاخرى , حيث قرأ كثيرا عن الثورة الفرنسية وتاثر ﺒتراثها الفكري والادبي والثقافي ، فضلا عن تعمقه في دراسة تراث شعبه الكوردي الاصيل ودراسة تفاصيل تاريخ امارة بابان وسوران وتاثر بالشعراء الكورد الكبار امثال ( نالي ,عبدالله ﮔوران ,حاجي قادر الكويي) كما تعمق في دراسة القران ودرس الشعر الجاهلي وشعر صدر الاسلام والاموي والعباسي ...وكان مولعا ايضا بمطالعة الشعر والادب والتاريخ الفارسي .......
ويبدو لي ان اطلاع الشاعر على آداب وثقافة الشعوب الاخرى ومنها الدول المتقدمة مكّنه من الاطلاع ودراسة نتاجات الشعراء والكتاب والمثقفين وايضا الأناشيد القومية لتلك الدول .... فلو نقارن اي رقيب مع النشيد الوطني الفرنسي او اي دولة اخرى نرى بأنه لا يختلف عنها كثيرا ...... ان تراث وادب الشعوب الاخرى قد ترك عليه اثره شاء ام ابى وكأي شاعر او فنان او كاتب او سياسي مبدع اينما كان .........
من سوء حظ الكورد وادبائهم ,ان دلدار رحل الى عالم الابدية وهو في عمر ناهز 30 عاما ... الا انه ترك لنا قصائده الثمينة كثروة قومية كبيرة وعظيمة نتعلم منها دروسا وعبرا لكي نقوم على ما نستطيع القيام به ليكون مستقبلنا اقل ظلاما .......
اي الرقيب ......ذالك الدوي الهائل في الوجدان الوطني الكوردي ..
في الاونة الاخيرة اثار هذا النشيد الوطني حفيظة بعض المتزمتين ...فأصدروا الفتاوي بحقه , بإعتباره نشيدا لا يكترث بالدين و لايقم له وزنا كما صدرت ضده فتاوي التكفير هنا وهناك وطالبوا علنا وبدون خجل بإلغاء هذا النشيد الوطني او حذف اجزاء منه، على سبيل المثل لا الحصر في البيت الثالث الذي ينص على ( نحن ابناء ميديا و كيخسرو , ديننا , ايماننا ..هو الوطن ..) لانه بإدعائهم يسيء للدين الاسلامي ويحمل في طياته تناقضات حادة لا تنسجم مع مبادىء الاسلام ....
وادعى بعض( المثقفين الكورد ) ايضا بأن النشيد( اي رقيب) لا ينسحم مع تطور العصر وان زمن الثورة والثوريات قد ولت ..!! ( ونحن الكورد قد تجاوزنا مرحلة التحرر الوطني واصبحنا الان في مرحلة جديدة اي مرحلة ما بعد التحرر!! ) لذلك يجب الغاء هذا النشيد كما يقولون ...وايجاد نشيد اخر يتلائم مع الواقع الكوردستاني اضافة الى حجج غير مقنعة حتى بالنسبة لهم انفسهم ..... واكتفي بهذا القدر ........
ان هؤلاء يتناسون ان سر حياة وخلود( اي رقيب ) يكمن في ثوريته وخطابه الجمالي الفريد الذي ينقل الفكرة والكلمات الحماسية والنارية من خلال الصورة واللوحات النادرة المشبعة بحب الوطن والشعب بدون ان ينحازالى جهة معينة وهذه من اسباب صمود وتواصل وانتشار اي رقيب في كل اجزاء كوردستان ....كما يجب ان لا ننسى دور الخالد شيخ حسين البرزنجي الذي لحن اي رقيب بهذا اللحن الثوري الذي اعطى له زخما وقوة وحيوية وجعل منه مارشا وطنيا خالدا يذكر الانسان بإنسانيته وبالروح الثورية من اجل حريته، وبنضاله من اجل الوطن وانتمائه لجذوره وارضه وكرامته اينما حلّ واينما اجبر على ان يكون ........ نعم اي رقيب سيبقى نشيدا فريدا بالغاً قمة الجمال والقوة والابداع الفكري بحيث يقتحم وبقوة قلوب المواطنين الكورد اينما كانوا ....
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا وبقوة ..هل نحن تجاوزنا فعلا مرحلة التحرر الوطني كما يدّعي الداعي الى تغيير النشيد ؟ وهل فعلا ان النشيد الوطني اي رقيب لا ينسجم مع نمط وايقاع هذا الزمن الرديء ؟ وما هو البديل ؟ ومن هي الجهة المسؤولة والمخولة في حال ايجاد البديل ؟ وما هي مقاييس الاختيار ؟ وكيف ؟ لماذا لا يُستفتى الشعب الكوردي لاخذ رأيه في هذا الموضوع ما دمنا نعيش في هذا الجو الديمقراطي والآمن ؟
لماذا نسمع الان هذه الاصوات المطالبة بالتغيير ؟ في حين اننا كنا مستقلين وتحررنا منذ اكثر من 16 سنة من النظام البعثي البائد على سبيل المثل لا الحصر ؟ ثم هل كتب دلدار الكبير اي رقيب لكورد العراق فقط ؟ ام ان الشاعر قد كتب بنفس و منظور ابعد ؟ ماذا عن اكراد ايران , تركيا , سوريا ؟ الم يجتاز اي رقيب حدود كركوك التي كتب فيها القصيدة في اواخر الثلاثينات لتصل الى المتظاهرين في شوارع وسجون ومعتقلات مهاباد وديار بكر واستنبول وقامشلو وعفرين كسند وكسلاح اقوى من جبروت تلك الانظمة الشمولية ؟
فمن طرح هذه الفكرة ؟ من هو صاحبها ؟ ومن وراء تحريكها ؟ لماذا اثارت هذه الفكرة السخرية والغضب ليس لدى الشعب الكوردي فقط في اجزائه الاربعة بل في خارج الوطن ايضا و لم يثير الكورد فقط بل اثار الغضب والسخرية لدى العديد من المثقفين والكتاب والاكاديميين من غير الكورد وخاصة الذين عاشوا معنا وشاركوا في انتفاضات ومظاهرات شعبنا العارمة ورأوا بإم اعينهم كيف تحول اي رقيب الى سلاح اقوى من المولوتوف والرمانات اليدوية وخاصة في مهاباد و دياربكر واربيل وقامشلو ؟ اليس طارحي الفكرة هم اعداء الشاعر اولا ثم القصيدة ؟
اليس النشيد الآن هو القاسم المشترك بيننا جميعا برغم اختلاف مبادئنا وافكارنا وعقائدنا وخاصة بعد ان تم تقسيم كل شيء على حساب التزكية والمحسوبية القاتلة ؟ لو كان البديل قويا حقا لما كان ينتظر الاقتراح والتعميم والدراسة وانما لاقتحم ذلك التشيد الساحة بدون الاجازة والغى القديم ؟
ثم هل طلب دلدار الكبير من احد ليختار نشيده ليكون نشيدا وطنيا للكورد ؟ اليس جمال القصيدة يكمن بأستقلاليتها ؟ اليست عظمة القصيدة تكمن بحريتها ؟ اليس كبرياء القصيدة يكمن بكبرياء الشاعر نفسه ؟ اليس نجاح القصيدة يكمن بجمال ايقاعها ولحنها الخالد ؟ ماذا لو كان الشاعر دلدار قد عظّم الاشخاص والحكام ؟ هل كان سيبقى تأثيره كما الان ؟ الا تعود القصائد الاصيلة للشاعر الاصيل ؟ ماسر بقاء القصيدة الخالدة ؟ لماذا استقطب اي رقيب حوله عشاق الحرية من كل الشعوب في حين انه كتب للكورد ؟ ما هي الغاية وراء طرح هذه الافكار ؟
اليس الغاء اي رقيب يعني الغاء الترابط الاصيل بيننا نحن ابناء الشعب الكوردي ؟ الا يعني تشويهه تشويه الحرية والبدء بمصادرة وتشويه تراثنا الفكري والادبي والاخلاقي والاجتماعي والانساني ؟ ان فكرة تغييره ليست الاّ نكاية بدلدار العاشق , العصي , الباسق المتمرد ... ام ماذا ؟ واسئلة احرى كثيرة واكتفي بهذا القدر هنا .....
(يتبع)
(1) تم تاسيس اول الجمهورية كوردية في ساحة( ﭽﻭار ﭽرا , المشاعل الاربعة ) بمدينة مهاباد في 22 كانون الثاني عام 1946 من قبل قاضي محمد في اجتماع جماهيري كبير بحضور شخصيات ووفود كوردية وعرفت بجمهورية كوردستان الديمقراطية ذات الحكم الذاتي والتي عرفت على الصعيد العالمي ﺒ(جمهورية مهاباد ) .... ولم تعمر طويلا تلك الجمهورية الفتية حيث تم احتلال مهاباد من قبل الجيش الايراني و تم اسقاط الجمهورية في 17 -12 -1946 وحكم في 20- 1 - 1947على القاضي محمد و شقيقه صدري قاضي وابن عمه سيفي قاضي واعضاء اخرين من حكومته من الضباط والجنود الكورد بالاعدام شنقا حتى الموت وتم تنفيذ الحكم في 30 - 3- 1947 ..اسقطت الجمهورية وهي لم تكمل عامها الاول ....
(2) رسول حمزاتوف
(3) هو يونس رؤوف محمود افندي المعروف ﺒ (دلدار اي العاشق ) ولد في 20 - 2-1918 في مدينة كويسنجاق من عائلة خادم السجادة المعروفة , كان شابا اشقرا , طويل القامة ذو عيون زرق ... كان بسيطا, متواضعا, صريحا لا يختلف كثيرا عن شخصيات اشعاره من الفقراء والفلاحين والكادحين والمناضلين الذين كانوا ينشرون الوعي بين ابناء الوسط الكادح ....اكمل دراسته الابتدائية في مدينته كويسنجق .. ولاجل اكمال دراسته المتوسطة والثانوية ذهب الى مدينة اربيل ثم كركوك ...وبعد اكمال الثانوية ذهب الى مدينة بغداد ودخل كلية الحقوق حيث اكمل هناك دراسته الجامعية بنجاح وعاد الى مدينته وعمل هناك كمحامي وكمدافع عن حقوق الفقراء والمحتاجين ... لقد عاش وحيدا ومات وحيدا ...... ففي يوم 12-11 -1948 توفى الشاعر دلدار الكبير في مدينة اربيل اثر تسمم .....
(4) القاضي محمد .. ولد في عام 1900 في مدينة مهاباد من عائلة ثرية معروفة في منطقة موكريان ,درس علوم الدين على يد والده الاستاذ مرزا علي ...كان ذكيا ومولعا بالادب واللغة منذ صغره وتاثر بقصائد واشعار الشاعر الكوردي الخالد ( حاجي قادر كويي) الثورية وكان يجيد اللغات الفارسية والعربية والتركية و الانكليزية بالاضافة الى الروسية ... في 16-08-1945 اعلن عن تاسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني في ايران والذي كان امتدادا شرعيا لجمعية ( ﮊيانه وه ى كوردستان , اي جمعية انبعاث كوردستان ) وانتخب القاضي رئيسا للحزب ....وفي عام 1946 اعلن عن تاسيس اول جمهورية كوردية ديمقراطية ذات الحكم الذاتي والتي عرفت بجمهورية مهاباد واصبح رئيسا لها ... والجدير بالذكر ان تلك الجمهورية الفتية كانت فعلا جمهورية حرة وديمقراطية حيث لم تكن هناك اي سجين للراى ولا معارض ولا مقاوم للجمهورية الا انها اسقطت بسبب التقاء المصالح الدول المنطقة والعالم واصبح الكورد كبشا للفداء ....
(5) راجع مذكرات الشاعر احمد دلزار ....
كوبنهاكن
2007-02-17.[1]