الحيدر: من مفاخر الثقافة الكوردية في بغداد
#احمد الحمد المندلاوي#
الحوار المتمدن-العدد: 4289 - #28-11-2013# - 00:42
المحور: سيرة ذاتية
بسم الله الرحمن الرحيم
**هو الموسوعي حيدر الحيدر من مواليد محافظة واسط / الكوت لعام 1950م،أنهى دراسته الإبتدائية والمتوسطة و الإعدادية في بغداد،حصل على شهادة دبلوم من معهد إعداد المعلمين – بغداد و بكالورويس فنون مسرحية (إخراج) جامعة بغداد،و هو عضو الهيئة الإدارية لفرقة مسرح اليوم،وعضو عامل في عدة نقابات فنية وأدبية،كما مارس مهنة التعليم في عدد من مدارس بغداد،لقد كتب مسرحيات مختلفة و قصصاً قصيرة و خواطر و بحوثاً عديدة،نشر قسم من أعماله في الصحف و المجلات العراقية،كما أخرج عدداً من الأعمال المسرحية للأطفال، يعمل في قناة تلفزيون الحرية منذ تأسيسها إدارياً و مخرجاً و معدّ للبرامج،كما يمارس نظم الشعر،من مؤلفاته المطبوعة:
1. الكورد و كوردستان في الشعر العربي - بغداد :2013م.
2. محطات الحزن و الفرح:مسرحيات - بغداد :2013م.
3. مختارات من دفتري القديم - بغداد :2013م.
4. حكايات و طرائف من رفوف الذاكرة - بغداد :2013م.
5. أصداء تدوي في فضاءات أحلامي / قصص قصيرة - 2007م.
نماذج من ابداعاته :
أولاً – في مجال الشعر نعرض في هذا الإطار قصيدة له بعنوان (خانقين):
خانقينْ ..
لكلِّ نبض ٍ بفؤادي حنينْ
للنرجس ِ الولهانِ للياسمينْ
وهودجُ الأفراحِ للحالمينْ
و كلُّ حرف ٍ منكِ يا خانقينْ
***
خانقينْ ..
يا خيمة َ الأفياءِ للعاشقينْ
وجمرةَ الأشواقِ للوالهينْ
وغيمةً تمطرُ عطرَ السنينْ
على رُبى الوندِ شفا الظامئينْ
***
خانقينْ ..
يا بنتَ كاوا وخطى الثائرينْ
يا أم( ليلى ) و بها تزدهينْ
يا شمسَ كوردستانَ نورَ الجبينْ
يا راية ً خفاقة ً كلَّ حينْ
***
خانقينْ ..
يا صخرة ً للطامعِ لا تلينْ
وقلعة َ الحُتوفِ للمعتدينْ
يا فرحة َ( النوروزِ) للكادحينْ
ونصرَ كاوا يوم فتح ٍ مبينْ
ثانياً – في مجال القصة القصيرة نعرض في هذا الإطار قصة له بعنوان (العجوز الشمطاء عند خط الشروع ) ،وقد ترجمت الى اللغة الكوردية من قبل الأديب محسن بني ويس :
كانت ليلةٌ غاب عنها القمر،ساعة أفزعتني تلك المرأة العجوز.
حينها كنت مستلقياً على ظهري فوق ذلك السطح الترابي الناعم لبيت بغدادي قديم،تُحيط معظم جهاته مستطيلات منتظمة من قطع (الجينكو) المخروم بين مسافة و أخرى في ليالي تموز آب.
أطلّت العجوز بثوبها الداكن المخيف من فتحة (البادكير)
كان أول ما ظهر منها أصابعها الطويلة التي تنبت في مقدماتها أظافر معكوفة الى الأسفل كأنّها مخالب حيوان مفترس.
ما لبثت أن دفعت بكتفيها الى الأعلى من الفتحة ،و أخرجت رأسها الأشمط الكثيف ،و ما أن نظرتُ الى عينيها الحمراوينِ اللتينِ يشعُّ منهما بريق مرعب حتى كشفت عن أنيابها المدببة البيضاء و أخذت تقهقه بصوت مرتفع متشنج أشبه بنعيق.تشقُّ بقهقهتها عنانَ السماء ،إلا أنَّ أحداًمن الجيران لم يسمعها سواي أنا المرعوب من هول تلك المفاجأة...
قفزت صوب مشربة الماء المصنوعة من الفخار،المثلومة من أعلاها. أمسكتُها بكلتا يديَّ ،ثمَّ رميتها باتجاه الشمطاء .لكنَّ المسافة القصيرة التي تفصلنا أفرغت تلك المشربة من ثِقلها،فسقطتْ أمامي كقطعة من اسفنج خفيف.
تعجبتُ من تلك الحالة الغريبة !
بيدَ أن العجوز إستمرت في نعيقها المخيف مشيرةً لي بأصابعها المرعبة ،و هو ما جعلني أهربُ منها راكضاً،تبتلع قدمايَ شوارع الليلِ هلعاً...
هرولتُ خلف حافلة نقل الركاب ذات الطابقينِ،لغرض اللحاق به فقد كانت آخر حافلة تتجه صوب المرأب في تلك الليلة.
لم يكن الشارع المفروش بالإسفلت الأسود يزدحم بالناس في آخر الليل ،إلا أنَّني كنتُ أصطدمُ بزُرافاتٍ من نساء ذوات عباءات سودٍ بالحافلة الحمراءِ..
ركضتُ غير مبالٍ بهنَّ ، و قد إزداد عددهنَّ غير المألوف في تلك الساعة المتأخرة.
و حين وصلتُ الى مقربة منها ،إذا بالعجوز الشمطاء تظهر أمامي من جديد مُقهقهة و هي تَحول بيني و بين ركوب الحافلة...عَكستُ اتجاهي فِراراً منها.
تركتُ الشارع و الحافلة و الناس و المدينة بأسرها...
عبرتُ مسافات حتى وصلتُ لحافات القضبان الحديدية الممتدة طولاً،و أنا بين الذهول و الإرهاق أُحاول أن أستجمع قواي.
سمرُّ قطارٌ سريعٌ من أمامي،أشاهد أصحابي ممسكين بأبواب عرباته.يلوِّحون لي بفرحٍ:
- إصعد..أُركض..أَسرع ..إِلحقْ بنا أسرعتُ راكضاً خلف قاطراته بتوازي تلك القضبان،حتى أمسكتُ بذيل آخر قاطرة،و إذا بالعجوز الشمطاء تدفعني بقدميها الصلبتينِ،و هي نتعقُ من على تلك القاطرة،تدحرجتُ بين القضبان ،شعرت بالحصى و هي تصطكُّ بظهري و أضلعي ..تقلّبتُ فةقها متألماً.
نهضتُ لعلّني أريحُ عظامي قليلاً من تلك الحصى الناعمات التي تفترشُ الثكنة القديمة في معسكر المنصورية،لم أتعوّد النوم فوق الحصى من قبل..
لكنّها كانت الليلة الأولى لإلتحاقي بكتيبة تدريب الدروع......
*البادكير:منفذ للهواء في البيوت البغدادية القديمة ،حيث يمتد بجوار الجدار من السرداب حتى أعلى سطح البيت.و السرداب:بناء تحت الأرض أي الطابق السفلي.
ثالثاً – في مجال النقدي الأدبي ، كتب عرضاً موجزاً لمجموعة قصصية بعنوان (بقايا ظمأ) ،للكاتب ندرجه ادناه :
اهداني الصدبق احمد الحمد المندلاوي مشكوراً اصداره الجديد ( بقايا ظمأ )
الصادرعن مركز مندلي الحضاري للتوثيق والدراسات ،
والكتاب عبارة عن مجموعة قصصية تضم (14) قصة قصيرة سنحاول عرضها
وتناولها بايجاز مع تمنياتنا لصديقنا بالتألق والنجاح الدائم .
1 الزهرة والفتى :
جميل ان يرمزالمؤلف للاوطان بالازهار البرية اليانعة ويشير الى السلطات الدكتاتورية الغاشمة بالاشواك في حين يرمز للتاريخ بالفتى الشاهد : ( نظر الفتى الى السماء نظرة تأمل فرأى قرص الشمس يسير نحو الزوال وهو عابر سبيل ولابد له من مواصلة المسير )
الا ان ما يثير الاستغراب وصف تلك الازهار البريةبانها نبتت بين هذه الاشواك في حين كان الاقرب الى الحقيقة ان تلك الاشواك هي التي نبتت واحاطت بتلك الازهار بخديعة واخرى او بغفلة من حارس الحقل في زمن ٍ رديْ .
بيد ان المؤلف يعود ثانية لتوضيح ذلك الايهام فيقول بلسان الفتى : ( آه ماذا ارى .. الاشواك والادغال تريد الزحف نحوها والسيطرة على حرمتها وتلويث نقاوتها (
وقد احسن في وصفها باليانعة المليئة بالحيوية والطموح ..وهنا اعطى الشعوب المستضعفة دورها في التخلص من تلك الانظمة المستبدة : ( تلك الزهرة شامخة تكافح من اجل بقائها والاعتناء بآصاصها ) ويعني بذلك المستقبل المشرق المنتظر .. ويأتي المؤلف في خاتمة هذه القصة ليربط بين التاريخ وثورات الشعوب ليقول: ( وفي صباح اليوم الثاني والشمس تعانق الافق .. تفاجأ الناس بنبأ ثورة الياسمين الذي واجههم مع نسائم الصباح العليلة (
2 أسوان :
يأتي اختياره في هذه القصة ل ( أسوان(
واسوان من الاسى وهو الحزن لتصوير سنوات المآسي والسجون وكبت الحريات وخنق الاصوات وصنوف الظلم والحرمان والعذاب الذي لحق بهذا الشعب المستضعف من جلاديه ..
ويأتي الأمل من خلال : ( الثور الهائج ) اي الثورة : ( لكن الثور انفلت من قيد الناعور ) وهو تحرر الشعب من قيد السجان : ( خبأ الحارس رأسه في جيب ثوبه الفضفاض لاهثاً (
وهو نهاية الطاغية ، فكانت القصة تعبير صادق عن الانطلاق والتحرر : ( مشت اسوان في احضان الطبيعة حيث الشمس المشرقة والنسيم العليل والحرية ورفيف الاوراق )
3 بقايا ظمأ :
قصة حملت هذه المجموعة عنوانها .. الهدوء يختزل الأثير ،وتجوال دائم ومستمر ونظرات تعبر الآفاق بحثاً عن قمر وبقايا ظمأ في سكك المدائن ومهاوي الريف وادغال الهضاب وفوهات الآبار المهجورة .... وأم قلقة على ولدها الوحيد ..انا خائف خائف ايها القمر .
4 تكريم متأخر لإمرأة مجهولة :
عرفان مقدس لصبر جميل واستذكار حزين لماضي ثقيل بشراسته ، وعذاب لذيذ في حب الوطن : (.... الوطن هواء قبل الماء وروح قبل الجسد ...! )
5 سياحة غراب :
تداعيات لتجوال ( غريب دار ٍ ) حنين الى الوطن الى :( تلك الربوع التي طالما تنفس من عبق نسيمها وارتوى من سلسبيل مائها ...)
وصدمة لغرابة الحياة في المهجر وحكاية عن تجوال ( غراب شؤم ٍ) يحاول ان يفسد كل ما هو جميل في تلك المدينة .. لعله ينجو من اذى ذلك الغراب ... لعله !
6 ليلة التهجير وتمزق الاثير :
مشهد من مئات المشاهد المُرّة التي رافقت عمليات التهجير القسري في زمن ( طاغوت اهوج لا يعرف الا الموت والنار والسجون والمقابرالجماعية ...)
كتبها احمد الحمد وهو يقول : (وانا في خضم هذه النفثات لم اجد في كياني حزناً لائقاً لهذا المشهد التراجيدي !! )
7 تداعيات سفرة :
حديث عن مفارقات لطيفة لسندباد( مندلاوي) يطوف البلدان بحثاً عن ( كبة السراي !).
وحسرة تأتي من جهل اولئك الذين لا يميزون بين لذّة الكباب ولذّة الكتاب !
8 حوار في الحافلة :
دعوة صارخة للتخلص من ادران التخلف تأتي عن لسان المستقبل المتمثل بالطفل :( ونحن لماذا لا نتخلص من الادران المتعلقة بنا حتى نصبح كالثلج ونرتفع الى اعالي الجو )
سؤال يبحث عن جواب... ويرن جرس الحافلة بقوة ٍ ....!
9 كائنات تبحث عن مملكة :
قصة يشتغل فيها الرمز بتأن ٍ وغموض ... يصعب تفسير شفرتها وسط ضجيج وضوضاء شوارع كانت جزءاً من حياة المؤلف في المهجر ،
ومن خلال ( صرير اجفانٍ يتساقط منها حروف مقطعة واسئلة محيرة لن تجد اجوبتها في قواميس المدينة ..)
وبلا وداعٍ يتركنا السائل والمجيب بلا وداع !
10 ذو هراوتين :
قصة من وحي حكاية كردية عنوانها : ( مامه دو گورز )وانا اتابع الاسطر الاولى لهذه الحكاية قفزت الى ذهني ( طواحين دون كيشوت )
وهي تداعب اجفاني بصراعها المرير مع الريح ، واذا بالمؤلف يستقر معي على تشابه دون كيشوتي طريف بين هذه الحكاية وتلك : (..وصناعة العدو الوهمي من اختصاص الحكام الطغاة ليسلبوا راحة المواطنين ويمتصوا خيراتهم في خلق معارك وهمية واصطناع الخطر )
الا ان ماما دوكورز وزميله دون كيشوت اشرف من اولئك الحكام الطغاة ، فالاول يبحث عن حبيبته الغجرية دون ان يؤذي احداً والثاني رغم طموحه الكبير لإستعادة القيم البالية فانه يفشل كصاحبه في تحقيق ما يريد
11 مذكرات جدار :
في هذه القصة يستنطق المؤلف جداراً من اسوار بغداد القديمة وكم هائل من الحكايات التي مرّت امام هذه الاسوار تزخ مطراً على الذكريات : (عابرو سبيل ، يتامى ، ارامل ، وعاظ سلاطين ، معارضون للسلطة ، مشاعل ثوار ، مغول وبرابرة ، مصلحون ودراويش .... وصمت رهيب !انها بغداد .. بغداد الشعر والشعراء والصور
12 نبوءة جمرة :
تحكي عن جمرة تلاحق الحاضر وتنبيءبمستقبل ساخن :
( لا بد من شيْ يحدث في هذه البلاد )انها نبوءة جمرة ..! وعلينا الانتظار .
13 نخلة كركوش :
ذكريات جميلة مطعمة بالحنين عن طبيعة خلدت في الذاكرة ..
رغم انها اندثرت بفعل سنوات ثقال من الالم ..
يقول احمد رامي :
(واذا قلبي يشتاق الى عهد شجوني .. واذا دمعي ينهل على رجع انينمي )
وتعاود احمد الحمد ذكريات مركبة ،وأمل في احياء واحة الذكريات ،
بنخيلات ثلاث في منتصف الطريق بين مندلي وبلدروز
14 عطر خاص للندى :
قصة تعني مسك الختام في هذه المجموعة الرائعة ..
انها قطرات تفضي جمالاً على قنينة خضراء يبتهج لها القلب والروح،،
وتفضي جمالاً على هذه المجموعة من ابداعات الأديب احمد الحمد المندلاوي
احمد الحمد المندلاوي
** لقاء خاص مع صاحب السيرة حيدر الحيدر عام 2009م في بغداد.
[1]