ما مصير المناطق المحتلة خارج اقليم كوردستان؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5676 - #22-10-2017# - 19:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
شاهدنا في الايام القليلة الماضية كيف تصرفت القوات العراقية بجميع تركيباتها و في مقدمتهم الحشد الثوري العراقي و ملأت اعتاداتهم المشينة المناطق المحتلة خارج اقليم كوردستان بشكل شنيع سواء في احتلال وسلب و نهب و احتراق بيوت المواطنين الكورد او الاعتداء على اعراضهم و ممتلكاتهم بكل ما لديهم من قوة و من رباط الخيل . انهم اثبتوا ما يضمرون و ليس الكلام عن تطبيق الدستور و الاخوة العربية الكوردية الا هراء و اعادوا التعصب العرقي الى قمة الصراعات و لا يمكن ان يعود ما كان الى الحالة التي احس فيه الشعب الكوردي بالمظلومية المشتركة مع هؤلاء بعد كل هذه الاعتداءات و التعرض لكل مقدس يؤمن به هذا الشعب الامن, و لم يبق الا العودة الى المربع الصفر في التعامل مع البعض بين الشعوب العراقية المختلفة ارضا و مجتمعا و تاريخا و جغرافية عن بعضها. اعاد هؤلاء الى الاذهان كل ما سلكته الدكتاتورية السابقة من التعدي على كل ما يمتلكه الكورد ماديا و معنويا بل فعلوا الصفويين الجدد اقسى و اسوا و اشنع من عمليات الانفال السيئة الصيت و اثبتوا انهم سواء و لا فرق بين عمر و حسين في تعامله مع غمكَين .
من هنا لابد ان يعلم المعتدي بان المناطق التي اعتدت علهيا هذه القوات السائبة المنطلقة من افكار و مباديء عرقية مذهبية ضيقة مدفوعة من بلدان المنطقة ليس الا حالة مر بها الكورد كثيرا في حياتهم، الا انهم في نهاية الامر عادوا سالمين و لم يتنازلوا عن حقوقهم مهما طال الزمن بهم، فان ما حدث في كركوك و توز خورماتو بشكل خاص يوضح للجميع مدى الحقد المكنون في جوفهم العفن ازاء شعب مسالم لا يريد سوى حقوقه الطبيعية و حق تقرير مصيره.
هذه الازمة و نكسة صغيرة و مؤقتة لو قارنناها مع ما حدث من قبل، و لكن هل يمكن ان يستمر هذا في عصر لا يمكن ان يخفى على احد كل هذه العمليات اللاانسانية و ان تكالبت القوى العالمية و الاقليمية و الداخلية العراقية من جانب منها على شعب اعزل، فهل يمكن ان يستمر هذا دون ان تكون له ردود افعال، هل من المعقول ان تستمر الاعتداءات و الظلم الدامي كثيرا، ام يصل الكورد الى ما يتوقعه من الامر الواقع لاتخاذ ما يمكن ان لا يدع اي طرف معتدي ان يؤمن مستقبله ولا يمكن ان تستمر الحال و يدفع المعتدون الضريبة المستحقة لافعالهم، فهل تتذكر السلطة العراقية انها فقدت نصف شط العراب بعد النكسة السابقة و لصاحب تلك الاتفاقية اليوم دورها الرئيسي في تقديم العون لها و الجميع يعلم بان هذا لا يكون لسواد عيون العبادي و العراقيين، و الجميع يعلم المذهبية التي تدعيها ايران ليست الا من اجل تامين مستقبل العرق الفارسي و وقوفه ضد المذهب الاخر وليس من اجل جاره العربي مهما كان مذهبه الذي يعتبره معاديا و ملتهما له لو لم يبتدع هذه الفكرة و المذهب في حينه . اليوم كما هو في التاريخ، فان العراق سيكون تابعا خانعا مطيعا لمن يامره اليوم و سيكون متنفذا في بغداد لعقود اخرى، و لكن كوردستان ستبقى مرفوع الراس و لم تخضع لمن خضعت له السلطة العراقية المركزية الغشيمة.
من هنا يمكن ان نستدل لما يمكن ان تصل اليه المناطق المحتلة خارج اقليم كوردستان . فالصراع سيكون قويا بين المكونات الثلاث في هذه المناطق و لا يمكن ان تدع ايران المكون السني ان يحصل على حقوقه, لانها تريد ان تطبق ما فرضته في ايران و تعيد التجربة بعد الثورة الايرانية في العراق وهي تامل و تعمل على ذلك و هي تعلم كيف اطبقت على من اشعل الثورة الايرانية في حينه و ضحى من اجلها و قدم كل ما لديه، و لكن بعد ان هدات الامر احتلت السلطة الجديدة و بحرسها الثوري الايراني المناطق الكوردستانية و لم تصبر كثيرا على ضرب و انهاء دور الثائرين الحقيقيين و اليوم تعيد الكرة بالحرس الثوري العراقي على العراق و شعوبه .
لا يمكن في الظروف الحالية و ما نراه من الصراعات المعقدة بين المكونات و على الرغم من تراصف المذهبين بشكل مؤقت على الكورد في محنته نتيجة مصالح و اخطاء الكورد بانفسهم، و لكننا متاكدون باننا لن نرى كركوك و المناطق المحتلة خارج الاقليم ان تهدا يوما, نتيجة المعادلات التي تفرض نفسها، فستكون هذه المناطق الرحم الطبيعي لحروب و ولادة للازمات بين المذهبين نتيجة الصراعات الاقليمة عليها و لا يمكن ان تبقى على ما هي عليه، نعم ستتغير طبيعة الصراعات و اشكالها و ستقوى الخلافات بين المذهبين نتيجة سيطرة مذهب لا يمكن ان يتحملها الاخر في نهاية الامر, فالمنطقة المحتلة ستشهد صراعا بين المذهبين بدلا من العرقين الذي كان . ولا يمكن ان تستقر ايران على هذه الحال فانها ستدفع السلطة في العراق ان تطبق على المناطق الغربية و موصل باي شكل كان، في تلك الحالة فان تركيا و ايران ستلعبان لعبتهما بشكل علني هناك و لن تكون كركوك و المناطق الغربية بالاخص هادئة طالما بقت على تلك الاحوال التي اقدمت السلطة العراقية ان تحتلها بالقوة الغشيمة بمساعدة ايران و الحشد الثوري العراقي.
عدم الانسجام في هذه المناطق بين المكونات هو اساس الصراع المقبل بين الجميع. فالصراع في هذه المناطق يعود الى بداية تاسيس الدولة العراقية و لم يكن بقدرة الدكتاتورية ان تحلها فكيف بحكومة و سلطة هشة تابعة غير قادرة على حل المشاكل في بغداد اصلا ان تحل هذه التعقيدات . و ما يحصل ليس الا امتدادا لما حصل من قبل و سيدوم مهما كانت الدوافع و الاطماع لمن احتل بالقوة هذه المناطق. و بناءا على الموجود ستقوم الحرب المعقد بين جميع المكونات لا محال في اي وقت كان مهما حالت السلطة العراقية من منعها، لانها لم تتمكن من السيطرة على الموصل لحد اليوم و ما يجري هناك دليل على ان الامر الذي حصل في هذه المناطق المحتلة ستضيف امورا اخرى الى جميع المناطق الغربية و السنية باكملها . ان نجحت السلطة العراقية عسكريا فانها لم تحسب الاختلال الذي حصل في هذه المنطاق المحتلة التي اضيفت الى الاختلالات التي حصلت من قبل في المناطق السنية في الموصل و الانبار و صلاح الدين و المناطق الاخرى. لا يمكن ان تستديم الامر على منوال واحد الا ان استمرت الحكومة العراقية ان تستنزف كل امكانياتها على المدى البعيد من خلال الفرض العسكري و منع المكونات الاصيلة في هذه المناطق من استدامة حياتهم الطبيعية، اي المناطق المحتلة خارج الاقليم و المناطق السنية معا، و لا يمكن للسلطة العراقية بهذه الشاكلة ان تستمر لانها اثقلت كاهلها باضافة المشاكل المستعصية، و هكذا دواليك في المشاكل التي يمكن ان تدور كالكرة المتدحرجة .
اهم الدوافع و العوامل التي تدفع الى استمرار الخلل و المشاكل دون ان تتمكن من حلها السلطة ةالعراقية جذريا هو انعدام التلائم المطلوب من الناحية الاجتماعية في ظل عدم وجود قواعد عرقية و مذهبية يمكن ان تساند او تتوائم مع السلطة المركزية التي تسيطر عليها دولة خارجية تعمل على ان تخضع هذه المناطق تحت سيطرتها من اجل اعتلاء امرها في المعادلات الاقليمية و هذا بعيد المنال في المستقبل القريب. فالنصر المؤقت المبني على التقاء المصالح لن يدوم لان ليست هناك التقاء دائم للمصالح و ستاتي التغييرات التي تؤدي الى هذه المشاكل و الخلل التي تؤدي الى الخلافات المتصاعدة لحد الاحتراب. ان خوفي في سكب دماء اكثر بعد ان تهدا امور النشوة الصغيرة الامد بعد انتصار الحشد الثوري العراقي على الشعب الكوردي في لحظة من الزمن الذي التقت فيها المصالح جميعا لهذه الحال و احتلت المناطق المحتلة خارج اقليم كوردستان.
و اخيرا اقول ان جميع المكونات لا ترغب ان تعيش مع بعضها و هي تؤمن بالاستقلال في قرارة نفسها و هذا ما يمكننا ان نعتقد بان ثمن فرض وحدة الاراضي العراقية اكثر بكثير من ثمن حق تقرير المصير لهذه المكونات، و ننتظر كي نرى ما يحصل و في حينه نقول لقد اعذر من انذر.[1]