هل ستبتعد تركيا اكثر عن حلفائها ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4758 - #25-03-2015# - 17:27
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
لقد ياست تركيا من الاتحاد الاوربي نهائيا، و خلال السنتين الاخيرتين توجهت نحو مناطق اخرى بديلة في علاقاتها الديبلوماسية و الاقتصادية و اختلفت في كثير من الشؤون مع اقرب حلفائها في المنطقة والعالم ايضا. انها لم تنفذ الواجبات الملقاة على عاتقها كعضو فعال ضمن حلف الناتو و هي تساير داعش من جهة و تتلاقي مع محاربتها من جهة اخرى . لم تسمح للحلف الاطلسي استخدام انجرليك و تفتح حدودها مع سوريا لداعش و تطالب بما لا ترضى به امريكا من الامور الخاصة بالداخل السوري و العراقي . انها توجهت الى الدول البعيدة من الامريكا اللاتينية و الاقريقيا و الاسيا لتحيل بديل مناسب لما يمكنها ان ترسخ علاقات تفيدها على الامد البعيد من حيث الاستثمارات و المواقف السياسية ايضا . من جانب اخر، اختلطت الامر على نفسها عندما تسارعت كثيرا عن كيفية تعاملها مع الاخوان المسلمين و مجيئهم المؤقت الى السلطة في مصر و ما بعد رحيلهم ايضا و لم تهتم بالعلاقات الخاصة مع اكثر دول الخليج و الشرق الاوسط مما ودعت نفسها في عزلة ليست لها مصلحة فيها، و دشنت انفها في امور احست بنفسها انها اخطات و رغم محاولتها التراجع عنها الا انها مرغت في الوحل، و هي تعلم انها ليست لها فيها لا ناقة و لا جمل، و كان بامكانها التروي و التريث و الصبر على مواقف و قد اضرت بها حسبما اعلمت الان .
السياسية الداخلية التركية ليست على مايرام ايضا، انها السلطة التي تريد تغيير الحكم و السلطة جذريا و تتوجه نحو السلطنة و التعامل العثماني مع الداخل و المنطقة و الدول البعيدة ايضا . توجد قضية فاعلة و كبيرة فيها و هي تتعامل معها تكتيكيا لحد الان و يوزع الحزب الحاكم و قادته الادوار حول كيفية مسايرة الواقع و المرحلة دون ان ياخذوا بنظر الاعتبار التغييرات التي حصلت في المنطقة و كيف تاثر الداخل التركي نتيجة متغيرات العصر و لم يدرس الحال جيدا، وهذه التغييرات التي فرضت نفسها و لم تقدر اي دولة او سلطة ان ترغم راسها في الرمل ناكرة التغيير و معها ناوية انكار القضايا الداخلية في دولها و طالبة او فارضة نفسها من جانب و مطالبة للحل لتلك القضايا الشائكة و المواكبة مع العالم من اجل الحفاظ القيم الانسانية التي يدعيها العصر الجديد . انها ابتعدت الى حد كبير عن امريكا، و هي رعتها منذ عقود طويلة و لم تف بوعود و عهود كانت ملزمة بها نتيجة سياسات و توجهات جديدة لها ضيقة الافق، و لازالت افرازاتها مؤثرة على الدولة التركية من النواحي العديدة وفي مقدمتها دورها في المنطقة و ما تسير عليه امريكا و تلاقيهما، اي تركيا هي التي غامرت و سارت بخطوات قصيرة النظر نابعة من افكار ذهب عليها الزمن و منتهية المفعول .
اليوم نرى القطبين او المحورين المتنازعين في المنطقة، و لما فيه تركيا فانها كانت على راس المحور التي من المفروض ان تكون فعالة و قوية فيه او قد نجح في امالة زنتها بشكل ملحوظ نحو محورها، بينما بمواقفها المفاجئة فرضت ارضية ان توفر امكانية ان يصبح لمنافسها الشوك و القوة و التاثير و الهيمنة الاكبر في المنطقة و المنافسة ايضا، و ها هي ايران تتمدد يوما بعد اخر و تفرض سياساتها و هي في مرحلة المفاوضات النووية، فكيف تكون الحال لو انتهت و نجحت فيها .
المفاوضات الامريكية الايرانية وصلت لمرحلة حرجة، و تفرض نفسها على الدولتين لاسباب و عوامل عديدة، و تجعلهما ان تنهيان ما هما فيه و تصلا الى نهاية حاسمة، و هي قريبة حسبما يعتقد الكثير من المراقبين . ان توصلت المفاوضات الى النهاية الايجابية و هذا المتوقع، ستكون لايران ارادة و يد اقوى في المنطقة و ربما يعتقد الكثيرون بانها تعيد ايران الشاه مع امريكا و تنجح في ابعاد تركيا نسبيا دون مقاطعة نهائية عن الدول المؤثرة في العالم، و هذا ما تنويه ايران قبل النجاح في اهداف اخرى من المفاوضات .
اليوم و تمضي المفاوضات الايرانية النووية بخطى مسرعة و تظهر في الافق مجموعة من الاشارات التي توضح الخيط الرفيع من الامل على التواصل و الوصول الى النهاية و الاتفاق الذي يفيد الطرفين، اوباما يسجل مجدا بقطع و انهاء المقاطعة الامريكية الايرانية و تثبيت ركن اساسي لترسيخ سياساته مابعد حرب الباردة له في الشرق الاوسط طالما احتاجت لها اتمريكا، لتبتعد بنفسها عن التدخلات التي تمنع بها التخلخل لتجسيد سياساتها البعيدة المدى، و تخرج ايران ايضا من جانبها من عنق الزجاجة و الوضع الاقتصادي المميت و تتقدم خطوة لتحتل مكانة و مساحة اكبر و تنجح في بناء امبراورية فارسية دون الفصح عنها مسبقا كما تفعل تركيا . و كما هو المبين فان السياسة الايرانية، فهي مبنية على الاسس القومية الفارسية بمظاهر اسلامية و اهداف و استراتيجيات لا تختلف كثيرا عن تركيا في مضمونها، الا انها كما تؤد لنا تاريخها الغني و سياساتها الداهية في المراوغة و ما تسير عليه حريصا على امر على منع اي شيء ان يكشفها على العلن ما تنويه حقا، مع ما تفعله على الارض . و تعتقد امريكا انها تقدر على ان تجفع ايران لتمليء الفراغ الناشيء عن مماطلة تركيا، و توجهاتها التي لا تلائم سياسات امريكا البعيدة المدى في المنطقة . و الهدف الاكبر هو اخراج ايران من التحالف الروسي مع بقاء تركيا كما هي دون اي تحالف منتظر مع روسيا. هذه هي عملية ضرب العصفورتين بحجر واحد لامريكا الطامعة في هدفها الاكبر و الاستراتيجي في ترسيخ القطب الواحد في هذه المنطقة نهائيا، و دخلت الحلبة بكل ما تملك مخططة على ان تخرج منها باقل الخسائر المنتظرة و تفرض نفسها .
و من جانبها تركيا ربما تبقى في مكانها دون تقدم او تاخر و انما تتباطيء و هذا ليس بما يضر امريكا، و به يمكن ان تبتعد تركيا ليس نحو المنافس الخطر لامريكا بقدر توجهها لملي المناطق التي ليس لامريكا الا قدم بسيط فيها، اي توجهات التي تنبع من التمنيات التركية صادرة من افكار و عقائد عثمانية و هي تمضي بها نحو من تستطيع من بدلان المنطقة و الاقليم و منها نحو افريقية و امركيا اللاتينية و بعض دول اسيا . فتكون تركيا بذل البلد القريب البعيد من امريكا نهجا و خطى و هدفا، اضافة الى كسب ايران الى التوجه ذاته و تفرغ به امريكا ما يمكن ان تلعب فيها روسيا كساحة منفتحة على مصراعيها.[1]