ايٌ الاسلام هوالحقيقي مقابل عادات و تقاليد و ثقافة ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4572 -#12-09-2014# - 14:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بعيدا عن افعاله على الارض التي تعتبر وسائل متشددة عنفية وارهابية لتحقيق اهداف اعمق و اشمل و النظرة الى البعد الفكري الفلسفي له فيما يريده عند تحقيق ما ينويه الوصول اليه في النهاية، و بعيدا عن الشروط العلمية الاكاديمية ايضا، يمكن ان ندرج داعش ضمن القوى الساعية لنشر و تطبيق مابعد الحداثة كفكر و فلسفة لما تضمن افكاره و توجهاته و تنظيراته ركائز اساسية لفلسفة ما بعد الحداثة من قبيل عدم اعترافه بالحدود و تجاوزه العرق و الطبقة والتعدد الديني و الفروقات الفردية و الاصرار على الانتماء الوحدوي لفكر و فلسفة و عقلية واحدة مستندا على السيادة، و على الضد من تلك الفلسفة اي مابعد الحداثة فهو بعيد عن العمل لضمان الاعتراف الدولي و ليس لديه اي توجه نحو فصل السلطات و بناء دولة موحدة تضمن امة متجانسة ثقافيا و اجتماعيا، فهذا خلاف ما تضمنه مابعد الحداثة كفلسفة من اسس و ركائز، و يمكن ان يبعدنا عن ضم داعش كفكر ضمن الساعين لهذا المفهوم على الارض ، و عليه يمكن ان نقول ان داعش فلسفة جديدة غير مسبوقة الاكتشاف لما يجب ان يكون فيه الانسان في هذا العصر، الا انه يطبق ما اصر عليه الاسلام فكرا و تاريخا و لم يتمكن من تطبيقه السابقون لهشاشة الفكر و عدم انسانيته في زمن لم يعد هناك وسائل الحرب المتقدمة كما هو الان، فكيف به اليوم ويريد داعش النجاح في ظل التطور المتعدد الجوانب لحياة الانسان .
الخروج من معضلات الحياة و الشعور بالانتماء و تحقيق هدف و انقاذ الذات من الصعوبات و المعوقات الحياتية من الاسباب الرئيسة لدخول افواج من الشباب الى داعش مغامرين و مضحين، و خاصة من يعيشون في الدول الديموقراطية الغربية، و به يجدون انفسهم منسلخين من الاحساس بالاغتراب مؤجلين ما لم يتحقق الى الاخرة و الاتكال على اللله و الايمان به عقليا و بشكل مطلق، مما سهل الطريق امام المنتمين في سلك هذا الفكر وا لفلسفة دون جهد يُذكر . بناء مجتمع اسلامي يوفر ما يشبع الغرائز البشرية بعيدا عن وسائل التقدم خير طريق للانتماء و التضحية و خاصة لمن يعيش في التناقض الحياتي و مر بالصعوبات و التعقيدات و له المام بالفكر و الفلسفة شيئا ما و تعمق بالحياة و الدنيا الى حد ايضا، هذا الكلام يخص الداعشيين الحقيقيين و ليس من اتبعهم جرفا اثناء اجتياحهم للمساحات الكبيرة للعراق و السوريا و اخضاع المجموعات لهم بالقوة المفرطة .
اصبح الاسلام لدى الاكثرية الساحقة عادة و تقليدا لا فكرا و فلسفة كما يقول داعش و له الحق في ذلك، الجهاد واجب ديني الى يوم القيامة وفق اسس الاسلام و نصوص القران الكتاب المقدس لديهم، و ما يفعله داعش تكرار لما حدث في التاريخ الاسلامي في صدر الاسلام و اثناء الفتوحات على الارض، و ما حمله محمد و خلفائه و اصحابه و من مثله لم يفرق عما يفعله داعش و يحمله بقيد انملة.
اما ما يتسم به اليوم داعش بالطرق المعلومة عنه و هو ما يجعلنا ان نعيد السبب في ابرازه الى فراغات سياسية و فكرية يشد اليه الشباب الضائعين لاسباب ثقافية و اقتصادية و سياسية هالكة والتي يعيشها الشرق و الفراغ الذي يعيشونه في الغرب، و هذا ما يجعلنا ان نضع داعش في درج افرازات الثقافة و الاقتصاد غير المكتمل الاوجه او الناقص وما ينتج عنه التهميش المتقصد لطبقات ساحقة، فاوجدوا المنقذ الروحي و موقع الانتماء الجديد للتخلص من اللاانتماء الذي عاشوه عند داعش.[1]