رينيه موريس
ترجمة: جرجيس فتح الله
دراسة وتحلیل:جواد ملا
كتاب للصحفي الفرنسي رينيه موريس مترجم من قبل المحامي جرجيس فتح الله(1921-2006) نشره المؤلف للمرة الاولى عام 1967 لتدوين رحلته الى كردستان العراق عام 1966 في خضم الحرب مع حكومة بغداد اثناء الحكم العارفي،وقد ترجمه فتح الله عام 1973 ثم عام 2012...
يتالف الكتاب من تصدير للطبعة الثانية وفيها ذكر المؤلف معاناته بداية السبعينيات في العراق ولبنان ثم في ايران وصولا الى لجوءه الى السويد،ثم مقال حول طبيعة نضال الشعب الكردي في العراق وفيه رد المترجم على الباحث سليم الحسني في مقال له حول طبيعة ذلك الصراع،والمترجم مسيحي الا انه يميل بشدة للاكراد في اطروحاتهم ونضالهم بسبب دعمهم له اثناء اعتقاله واصرارهم على الافراج عنه في الستينيات مما جعله يدافع بشدة عنهم اعترافا بفضلهم عليه وعليه لا يمكن وفق ذلك التأكيد على صحة ارائه رغم ان ترجمته ومؤلفاته وثقافته تدل على باع طويل لا يمكن نكرانه...
تلا ذلك مقدمة للمترجم حول المؤلف ثم 9 فصول وبعدها فهرس للاعلام والاماكن ويضم المجلد ايضا صور لتلك الرحلة امتازت بعدم وضوحها...تحدث المؤلف عن الصراع الدموي في كردستان واعتباره منسيا من قبل القوى الكبرى لانها حسب زعمه ورأي الاكراد ايضا انها تفضل مصالحها النفطية في العراق ويمكن اعتبار ذلك ضعفا في البرهان لان بعض الدول الكبرى لم تكن لديها اصلا مصالح نفطية...!
وصف المؤلف رحلته بدقة وتحدث عن دموية الصراع واعتبار الاكراد اقلية مضطهدة وفق رأي زعيم التمرد مصطفى البرزاني واتباعه متجاهلا اراء معارضيه الاكراد الاخرين ومن ضمنهم جناح الطالباني والزيباريين وبقية الشخصيات والقبائل الاخرى...
سقط نتيجة هذا الصراع الاف عدة من الضحايا من الجانبين والخاسر الوحيد هو العراق،واعتبر الحكومة المركزية العارفية هي المسؤولة الوحيدة عن ذلك...وبالرغم اعتباره نتيجة المعارك انتصارات متوالية للمتمردين الا ان ذلك كان وفق الخسائر البشرية للمدنيين المرتفعة مقللا في الوقت نفسه من خسائر المتمردين...
ورد في الكتاب امثال شعبية وكلمات ورموز وابراز للثقافة الكردية وطبيعة المجتمع الكردي وبساطته وترحيبه بالضيوف بكرم بالغ...
حضر المؤلف بعض المعارك الكبرى التي خاضها الجيش العراقي وفقد الاف الضحايا اثناء الحكم العارفي...
وردت في الكتاب اخطاء كثيرة وقع المؤلف فيها وذكرها المترجم وعلق عليها مصححا لها او موضحا ولكنه نقلها امانة للترجمة الحصرية...
تنتهي قيمة الكتاب فقط خلال تلك الفترة القصيرة التي لم تدم سوى عام وبالتالي تغيرت امور كثيرة بعد ذلك...
ايد الكثيرون النضال الكردي في شمال العراق وبخاصة اثناء وجود الانظمة القمعية في بغداد قبل عام 2003 الا ان ذلك التأييد فقد بريقه بفضل خيانات القيادات الكردية للعراق وتفرعنها مستغلة الظروف المأساوية التي مر فيها خلال فترة التمرد السني بعد عام 2003 والذي غلب عليه الطابع الارهابي التكفيري،وكان توسعهم الجغرافي وسرقة النفط والاموال مثار للسخط والاستنكار وتحطيم لدعاواهم في تمرداتهم السابقة...لقد كان عدائهم الواضح للعراق كبلد وللعرب كشعب واضح ويستند على ضعف ثقافي ومعرفي لا يمكن تجاهله خاصة وان اغلب القيادات المتمردة هي من القيادات القبلية الضعيفة ثقافيا واكاديميا،وتداول المؤلف في الكتاب نماذج من ارائهم من قبيل تحميل بريطانيا مسؤولية خلق العراق واعتباره صنيعة...!! رغم ان العراق وشهرته كبلد حضارات قديم تجاوز الاف السنين حتى اعتبر الاقدم في العالم قبل مجيء الاكراد انفسهم للجبال وقبل خلق بريطانيا والدول الغربية الاخرى،اما عدائهم للعرب فقد توارثه ابناء المتمردين الذين التقى بهم المؤلف في الستينيات رغم ان اغلب العرب في العراق مضطهدون اكثر منهم وبخاصة العرب الشيعة الاغلبية والذي حرموا قتال الكرد كذلك من الامور التي شوهت الاكراد وبخاصة قياداتهم خياناتهم المتكررة للحركات السياسية العراقية وبخاصة في عقدي الثمانينات والتسعينات والتي فقد فيها الاف المعارضين حياتهم بفضل التحالف مع صدام الذي اباد قسم كبير منهم...ليست الزعامات الكردية على نسق واحد بل هنالك صراع بيني واختلاف في اللهجات والاكثر هو الغموض في اصولهم وكيفية مجيئهم وتمددهم في العراق...
كان من الممكن للحكومات الطائفية المتعاقبة قبل عام 2003 ان تحل الكثير من مشاكل الكرد وبخاصة تلبية المطالب المشروعة الا ان التحالف مع الغرب والعمل على خلق دويلة انفصالية ظهر في تطور عملهم السياسي الانتهازي...
الكتاب يمثل وجهة صحفي فرنسي ولا يمكن الاستدلال على قيمته المعرفية بقوة حتى المترجم اقر بذلك...وعليه يمكن اعتباره ضمن فئة القيمة المتوسطة او ادنى من ذلك بقليل...