أنشطة الحركة القومية الكردية قبيل تأسيس خويبون
للكاتبة وسام حسن
تقرير من فرع الإستخبارات في بغداد في 14 حزيران 1928- 407 يتعلق بأنشطة الحركة القومية الكردية ومتابعة الاجتماعات بين الجمعيات الكردية وجمعيات أخرى وتواصل جماعات أرمنية مع بعضها البعض. يتتبع التقرير تاريخ آخر المفاوضات والاتصال بين المجموعات المستفيدة.
منذ صدور التقرير رقم 407 بتاريخ 30 آذار 1927, يبدو أن الحركة القومية الكردية تقوم بتوسيع دائرة أنشطتها ودخلت في شراكة مع جمعيات قومية وسياسية مختلفة أهدافها وسياساتها وتوجهاتها ،تماماً ،عن أهداف وتوجهات الكرد, إلا أنها ستدعم أي هجوم على الجمهورية التركية.
تعتبر باريس بدون شك مركز الأنشطة الكردية, لكن هناك سياسيون بارزون وذوو خبرة يعملون في حلب وبيروت والقاهرة وتبريز وبغداد.
الجمعيات التالية المتحالفة مع الكرد لها أيضاً مقرات في باريس:
.لجنة طاشناق الأرمنية
.اللجنة التركية الملكية
.المنظمة الروسية البيضاء
ظهرت أول إشارة إلى العمل المشترك بين طاشناق الأرمنية واللجنة الكردية في تقرير من تبريز في أيار عام 1927 يقول أن المقر الرئيسي للرابطة الكردية طلبت من أعضائها في تبريز التأكد من حقيقة فيما إذا كانت طاشناق جدية في مسألة تقديم الدعم اللوجستي للكرد (خبراء تقنيين وموظفين مدربين). بهذا الخصوص زُعم بأن رد الأرمن في تبريز كان يتضمن أن لجنتهم العليا لن تسمح لهم بتقديم أية مساعدة. ومع ذلك, وبالرغم من هذا الرفض, وصل مبعوث لجنة طاشناق الأرمنية في حلب إلى بغداد في أيار 1927, يدعى أريس أوهانس قال أن اللجنة الأرمنية قد وافقت على العمل مع اللجنة الكردية, وكأعضاء في مهمة سابقة, قام الدكتور أحمد صبري (ديرسم) والدكتور مراديان اللذين زارا العراق في صيف 1926 حيث تبنا نظرية الأصل المشترك للكرد والأرمن وأن الدين هو الذي فرق بينهم.
في الوقت نفسه زار العراق واهام بابازيان النائب السابق عن وان في البرلمان العثماني والعضو الفعال في جمعية طاشناق, حيث تم إرساله من باريس في مهمة سرية. أشار هذا الرجل أن لديه الصلاحيات ليبذل أقصى جهوده لتوحيد الكرد والأرمن واليزيديين
التقى بممثلي اللجنة الكردية في بغداد بمن فيهم الدكتور شكري محمد. تم إبلاغهم بأنه على علم بأن طاشناق المعادية للبلاشفة قد عقدت اتفاقية سرية مع حكومتي اليونان وإيطاليا حيث تعهد الحزب بتنظيم أنشطة كردية-أرمنية معادية لتركيا, وإذا أمكن التوصل إلى بعض ترتيبات العمل في العراق, فإنه سيناقش عند عودته إلى باريس المسألة بأكملها مع اللجنة المشتركة الكردية-الأرمنية بهدف الحصول على الدعم المادي والعسكري من اليونان وإيطاليا من أجل إنجاز المخطط.
غادر بابازيان بغداد إلى الموصل في 6 حزيران برفقة ليفون باشا, أرمني من وان, لكن من المحتمل أنه لم يتمكن من التوصل إلى أي اتفاق مع الكرد في شمال العراق لأنه عند العودة إلى حلب عبر عن خيبة أمله وقال أنه كان من المستحيل تنظيم أي أحزاب سياسية أو جمعيات ذات أهمية بإمكانات بسيطة.
قامت اللجنة الكردية في بغداد بمتابعة المفاوضات وأرسلت رسالة إلى علي حلمي في بيروت (الذي زار ،أيضاً،العراق مؤخراً) وطلبوا منه أن يتأكد من بابازيان عن طبيعة المساعدات التي يمكن أن تقدمها كل من اليونان وإيطاليا وكذلك السؤال عن التعليمات التي يجب اتباعها وماذا يتوقع الأرمن من الكرد.
جاء الرد على هذه الرسالة بأنه في حال وافق الكرد على تشكيل منظمة مركزية بسلطة منفردة تمثل بأكثريتها العشائر المهمة, فإن جميع أنواع الدعم سيتم تقديمه من قبل اليونان وإيطاليا. أكد على أنه من الضروري لكرد العراق أن يكونوا على تنسيق مع سيد طه, حيث أن سيد طه يملك تأثيراً قوياً بين الكرد على الحدود الشمالية وقادر على حشد الرجال المسلحين في ساحات القتال, بينما أعضاء اللجنة الكردية هم سياسيون ولا يملكون تأثيراً قوياً على العشائر الكردية.
في حزيران 1927 غادر الدكتور شكري محمد بغداد متوجهاً إلى باريس عبر بيروت ومارسيليا. لم يخف حقيقة رحلته التي كانت ظاهرياً لدراسة طرق المستشفى في أوروبا. بالإضافة إلى أنه سافر إلى برلين أيضاً وبروكسل ولندن. عاد إلى بغداد عبر القاهرة وبيروت في تشرين الثاني 1927.
في 12 تشرين الثاني, غادر بابازيان سوريا متجهاً إلى باريس. ولكنه قبل مغادرته كان قد ناقش المسألة برمتها مع ممدوح سليم وعدد من الأعضاء في اللجنة الكردية وأبلغ الكرد بأنه سوف لن يحصلوا على نتائج مفيدة مالم يقم القادة الكرد بإصلاحات في المنظمة وكسب أعضاء من فئة الشباب وضمها للجنة وإطلاق حملة دعائية أكثر فعاليةً لكي يدرك جيل الشباب من الأكراد واجبهم تجاه الحركة القومية. قال بابازيان أنه سيسعى لجمع المال وذكر بأن لجنة طاشناق على صلة وتعاون وثيق مع روسيا البيضاء على أمل الحصول على الدعم المادي من الدوق سيريل.
من الجدير بالذكر أن بوغوص نوبار باشا أيضاً ممول للحركة من ثروته الخاصة.
بعد عودة بابازيان إلى باريس، يذكربأنه قد تم التوصل إلى اتفاق شامل بين الطاشناقيين والروسية البيضاء والملكية العثمانية ولم يبق سوى اللجنة الكردية لتنضم إليهم. تم إبلاغ الدكتور توتونجيان رئيس لجنة طاشناق في سوريا بأن حكومتا اليونان وإيطاليا متعاطفتان مع الحركة المعادية للكمالية وأن اللجنة الكردية في باريس قد استلمت منحة مالية من الإيطاليين وتم إرسال جزء منها إلى جلادت بدرخان لمساعدته في إصدار مجلة بالكردية.
بعد ذلك أرسلت اللجنة الملكية التركية ممثل لها إلى سوريا ويدعى اسماعيل حقي أومولجينا, وهو أحد قادة الحركة ليضمن تعاون قادة العشائر ويبلغ الكرد استعداد قادة الحركة الملكية التركية في التعاون مع الكرد ولكن شريطة قبول القادة الكرد بعضو من العائلة العثمانية كرئيس فخري في حال نجحت المباحثات.
كان قد تم زيارة إسماعيل حقي من قبل رفعت بك مولانا زاده في 1925 وذلك بعد عودته من العراق, وكانت هناك مساع لحثه على إقناع اللجنة الملكية لتقوم بتنظيم إضراب في تركيا بالتزامن مع الهجوم الكردي وذلك بغية تشتيت قوات الجيش التركي وبالتالي تخفيف الضغط على الكرد.
ومن سوريا كان على اسماعيل حقي التوجه إلى العراق وإيران ليتأكد من وجهات نظر جهات مختلفة وعلى وجه الخصوص موقف الشاه والحكومة الإيرانية تجاه تركيا. لم يتم إنجاز هذا الجزء من المهمة وتم استدعاء اسماعيل حقي إلى باريس.
في الواقع يبدو أن مبادرة الوحدة بين الكرد والأرمن جاءت من قبل الطاشناقيين، وبالرغم من أن القادة الكرد كانوا بين الحين والآخر يلتقون بالقادة الأرمن إلا أنهم بشكل عام لديهم شكوك تجاههم, ومع ذلك أسفرت محادثاتهم عن تشكيل جمعية عرفت بإسم جمعية خويبون في عام 1927 والتي كانت مركزها في بداية الأمر في باريس وتم نقلها فيما بعد إلى حلب ويترأسها جلادت بدرخان.
يوجد حتى الآن ميل لدى الكرد تجاه بريطانيا العظمى ولم يفقدوا الأمل نهائياً بأنهم إذا تمكنوا من إظهار أنفسهم أقوياء فإن بريطانيا ستظهر دعمها لهم لنيل استقلالهم. لم يكن لديهم ميل للتحول إلى روسيا, إلا أن خويبون كانت بحاجة قصوى إلى المال ويقال أنها حصلت على مبلغ من المال من حركة الأقلية الدولية في أوديسا ويقال أيضاً أن هذه الجمعية وعدت بمساهمة أكبر بشرط ان يقوم كرد العراق بحركة ضد بريطانيا. هناك دليل آخر على تدخل البلاشفة جاء من إيران حيث أن ضابطاً من يريفان يدعى تاسسوف حضر اجتماعاً قبل يضعة اشهر وعين شخصاً يدعى أردشير(ممثل عن الأرمن البلاشفة) كمنسق مع الروس. هذا التحالف الكردي مع الروس ربما جاء بسبب مخاوف الكرد من هجوم مشترك للأتراك والإيرانيين على الثوار الجلاليين الكرد في منطقة أرارات, وذلك لأن الأراضي الروسية هي المكان الوحيد الذي يمكن أن يلجأوا إليه.
جرت محادثات في باريس السنة الماضية خلال مجيء الدكتور شكري محمد مع ممثل التجارة السوفيتي وأُفيد في سياقها أنه قد تم التوصل إلى اتفاقية يتم بموجبها منح كل أنواع الدعم من الحكومة السوفيتية للكرد في حال قيامهم بثورة ضد بريطانيا. وكتعبير عن حسن النية قامت حركة البلاشفة بمنح مبلغ 1200 روبل للكرد و700 روبل إلى الجمعية الأرمني.
بعد الإجتماع غادر الدكتور شكري محمد باريس إلى برلين حيث يقال بأنه سيلتقي البلاشفة هناك مجدداً.
إيران: يشار إلى تأسيس لجنة قوية في إيران وأن الشاه على دراية بذلك. خلال زيارته إلى تبريز أجرى محادثتين عن هذا الموضوع مع قس أرمني طاشناقي شجاع, ولكن على وجه العموم فإن الحركة الكردية في جنوب كردستان و بالرغم من أنها مفعمة بالروح القومية إلا أن صلتها بالتنظيمات المعادية لتركيا ضعيفة.
ملخص:
خويبون ليست جمعية سرية. تتجلى أهدافها في تعزيز الروح القومية الكردية و التعبيرعن المظالم الكردية ضد الكمالية, على أمل أن تتعامل الأطراف المعنية مع قضيتهم بنفس الطريقة التي تتعامل بها مع قضية الأرمن. أساليبهم واتصالاتهم لا يمكن الاعتراض عليها على الاطلاق.
الإعتقاد بعدم الحصول على الدعم اللازم من قادة كرد العراق ربما دفع جماعة خويبون إلى إهمالهم. ونتج عن ذلك تشكيل حزب يضم مجموعة قليلة من المتطرفين وبدعم ضئيل أوبالكاد يكون معدوماً, وهي على الأرجح نفس الجماعة التي تم ذكرها في تقرير حديث باسم ”لجنة رواندوز“. يبدو أن أعضاء رواندوز خائفين من المواجهة مع السوفيت ويعملون بشكل مستقل الآن. يمكن أن يُقال عن هذه اللجنة أن اهتمامها يرتكز بالدرجة الأولى على العراق أكثر من اهتمامها بأنشطة جمعية خويبون الأوسع نطاقاً ، ولم تتخذ هذه الحركة شكلاً واضحاً في الوقت الحالي.[1]