ٲ.د. فَرسَت مرعي
بدأ النشاط التنصيري البروتستانتي – الانجيلي في كردستان العراق بعد حرب الخليج الاولى وتحرير الكويت من براثن الغزو الصدامي، وانطلاق الانتفاضة الشعبية التي قادها الشيعة والكرد ضد نظام الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين في شهر آذار/ مارس عام1991م، حيث بدأت المنظات الانسانية الغربية بشقيها الأوروبي والأمريكي بالتواجد في كردستان العراق، لا سيما بعد سحب الحكومة العراقية لاداراتها من منطقة كردستان بحلول نهاية عام1991م. وهكذا بدأت المنظمات بالتواجد اعتباراً من عام1992م. وبحلول نهاية عام 2000 تأسستكنيسة المسيح الناطقة بالكردية (كورد زمان) في أربيل،وأنشأت لها فروع في محافظات: السيلمانية، دهوك. وتعد هذه أول كنيسة كردية إنجيلية في العراق، يتكون شعارها : من شمس صفراء وصليب يتصاعد خلف سلسلة جبال،ووفقًا لأحد الكرد الذين تحولوا إلى المسيحية، تحول ما يقدربنحو 500 شاب مسلم كردي إلى المسيحية منذ عام 2006م في جميع أنحاء كردستان العراق، ويبدو أن هذا العدد مبالغ فيه؟.
ومن الجدير ذكره أن جزءاً من العهد الجديد باللغةالإنكليزية قد ترجم لأول مرة باللغة الكردية عام 1856م.ولأول مرة تم نشر ترجمة كاملة للكتاب المقدس إلى اللغة الكردية – اللهجة السورانية التي يتكلم بها أكراد مناطق أربيل والسليمانية وكركوك، بعد وجود ترجمات جزئية فقطفي اللغة الكردية، بلهجتيها السورانية والبهدينانية.
وقال (كارل مولر) المدير التنفيذي لمجلة للشرق الاوسط وشمال أفريقيا :Biblica“ إنها مناسبة تاريخية للغاية،إنجاز رائع …”واستطرد قائلا:”… أن العمل في الترجمةبدأ في خمسينيات القرن التاسع عشر، ولكن تم تأجيلهبسبب الحروب وعدم الاستقرار. أعاد فريق الترجمة المبادرةفي أوائل التسعينيات، وقال المدير التنفيذي لمنطقة الشرقالأوسط وشمال إفريقيا في بيبليكا: “هذه هي المرة الأولىفي التاريخ التي يحدث فيها مثل هذا الشىء”...
هناك ما يقدر بنحو 15 مليون شخص يتحدثون باللغة الكردية – اللهجة السورانية في العالم
ويعتقد مصور لغات الشرق الأوسط بمكتبة الكونغرس فيواشنطن العاصمة أن هذه هي أول ترجمة كاملة للكتابالمقدس إلى اللغة الكردية – اللهجة السورانية.
وقال (مايكل شيت) لفضائية روداو الكردية بالانكليزية:” لمأر سوى أجزاء صغيرة تُترجم إلى اللهجة السورانية قبلذلك، لقد ترجم العهد الجديد بأكمله إلى اللغة الكردية –اللهجة الكرمانجية في القرن التاسع عشر وتحديداً سنة 1856م بالحروف الأرمنية، مع وجود أخطاء نحوية كبيرة.”
يعيش حوالي 200000 مسيحي في إقليم كردستان، 200 ألف آخرين فروا من العراق إلى بلدان أخرى بعد أن جاءتنظيم الدولة الإسلامية، حسب شلومو، وهي منظمة غيرحكومية مسيحية يقع مقرها في ضاحية عينكاوه ذات الغالبية المسيحية – الكلدانية الواقعة شمال غرب مدينة أربيل.
وتجدر الاشارة الى أن هناك خمسة طوائف مسيحيةأساسية في كردستان العراق: الكلدان، والسريانالأرثوذكس، والسريان الكاثوليك، والنسساطرة- أتباع كنيسة المشرق(= الأشوريون)، والأرمن، بالاضافة الى المسيحيين الجدد من أتباع الكنائس البروتستانتية الانجيلية، يتكلم غالبية مسيحيي العراق باللغة العربيةواللغة السريانية التي هي احدى فروع اللغة الآرامية ، بينمايجيد معظم مسيحيي اقليم كردستان من الكلدان والأرمن والآشوريين اللغة الكردية.
وبعد سنوات من العمل، أكمل مترجمين للكتاب المقدس فياقليم كردستان، وأنهوا بنجاح أول نسخة من الكتاب المقدس (= التوراة والانجيل وأعمال الرسل وغيرها)علىالاطلاق باللغة الكردية – اللهجة السورانية في نهاية شهر نيسان/ ابريل عام2017م.
وعملت جمعية البعثة الكنسية (CMS) عن قرب مع بعضالمواطنين المحليين من الكرد ومختلف الجنسيات لإنهاءالمشروع بالتعاون مع جمعية الكتاب المقدس العالمية (Biblica)
واستلزم العمل الاستقصائي مسودات النصوص وأساليبالكتابة والتحقق من الاسماء ومراجعة شاملة للعهدين القديموالجديد لضمان دقة الترجمة بقدر الامكان.
واستغرقت عملية الترجمة لوحدها حوالي 28 عام.
ومع نشر أول نسخة من الكتاب المقدس باللغة الكردية –اللهجة السورانية، تأمل جمعية البعثة الكنسية اشراكحوالي 6 مليون من المتحدثين بهذه اللغة ويتمكنوا من قراءةالكتاب المقدس بلغتهم الام لأول مرة.، في إشارة الى كرد العراق وايران.
وقال (باول ثاكستر) من جمعية البعثة الكنسية لوكالة(بريمر نيوز اور):” أنه لم يكن ممكنا ان تنتهي الترجمةالجديدة في وقت أفضل من ذلك“. واستطرد بالقول ” أنامتلاك الكتاب المقدس يرسخ ايمانك ويمكن الناس منالانخراط بطريقة بحيث لا يمكنك ببساطة فعلها من دونوجود الكلمة مكتوبة وبدون وجود القصص مروية لكشفهيا”.
وكشف (ثاكستر) انه بالرغم من الاضطهاد الذي يتعرض لهالمسيحيون في المنطقة والاضطرابات المدنية في العراقوالتي اثرت سلباً على المترجمين، إلا أنهم حافظوا علىالتزامهم بإنهاء المشروع. وأضاف قائلاً:” لقد تمكناصدقائنا هناك من القيام بالأمر رغم تغير الظروف، سواءًكان هناك اجواء حرب او سلام، استطاع المترجمون انيكونوا اوفياء للسكان المحليين، ولذلك استغرق الامر وقتاطويلا ليصبح جاهزا”.
وقال الدكتور (كارل مويلر) الرئيس التنفيذي لجمعية الكتابالمقدس العالمية ان المشروع هو بمثابة (حدث تاريخي)للأكراد، واضاف مويلر للجمهور في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان اثناء حفل اطلاق الكتاب المقدس:” تخيلانك لا تملك الكتاب المقدس بلغتك الام! معظمنا لا يمكنناذلك لكن هذا كان واقع حال الاكراد لغاية اليوم”.
وبين الدكتور مويلر: ” ان عملية الترجمة هذه هي محصلةسنوات كثيرة من الصلوات وقدر كبير من التضحية من قبلفريق الترجمة، إنها ايضا تذكير بإخلاص الله العظيم. واضاف “ان الله يقوم بأشياء رائعة في كردستان. نصليلكي يكون الكتاب المقدس هذا بركة ونعمة للكنيسة الكردية،ويساعد في زيادة ايمان المؤمنين الاكراد، وان يستخدمه اللهمن أجل سحب المزيد من الاكراد ليدخلوا في علاقة معيسوع المسيح”.
وتجدر الاشارة الى أن الكتاب المقدس المترجم الى الكردية– اللهجة الكرمانجية الجنوبية – اللهجة السورانية قد طبع منه (8000) نسخة في جمهورة كوريا الجنوبية.
وفي السياق نفسه تمكن فريق من جمعية الكتاب المقدس بالتعاون مع بعض الكرد العلمانيين والكرد الذين اعتنقوا المسيحية من ترجمة العهد الجديد (= الانجيل وأعمال الرسل) الى اللغة الكردية – اللهجة الكرمانجية الشمالية –البهدينانية بعد أكثر من عشر سنوات من العمل الشاق والمضني.
ويتكلم أهالي محافظة دهوك وبعض المناطق الكردية التابعة لمحافظتي أربيل والموصل مثل: أقضية ميركه سور والشيخان وسنجار وناحية زمار باللغة الكردية – اللهجة البهدينانية.
وقد جرى بهذه المناسبة إطلاق احتفال رعته جمعية الكتاب المقدس العالمية في المركز الثقافي التابع لجامعة دهوك، في 25/تشرين الثاني/نوفمبر عام2019م حضره السيد (مايكل موليج) رئيس جمعية الكتاب المقدس الدولية ومساعده الاسكتلندي (اسكندر رسول ريت) وعدد من أعضاء المنظات الاجنبية الغربية العاملة في دهوك، ورؤوساء الكنائس الانجيلية في المحافظة، فضلاً عن مدير عام أوقاف محافظة دهوك، ومدير الوقف المسيحي في دهوك، بالاضافة الى شخصيات ثقافية كردية عَلمانية من الليبراليين واليساريين، وبعض الكرد المتحولين الى المسيحية والزرادشتية وغيرها من الديانات السماوية وغيرالسماوية المتواجدة في إقليم كردستان العراق بصورة رسمية، مع تغطية شاملة من قبل القنوات الفضائية الكردية الرئيسية : رووداو(= الحدث)، وكوردستان 24، ووار(= الأرض).
وقد ذكر رئيس جمعية الكتاب المقدس الدولية (مايكل موليج) في كلمته التي افتتح بها الحفل، أنه بترجمة الانجيل الى اللغة الكردية، فإن الانجيل قد ترجم الى (1501) لغة حولالعالم.
وكان غالبية أعضاء الكنائس الانجيلية من الامريكان والأوروبيين يرتدون الزي الكردي الشعبي كدلالة على تعاطفهم مع هذا الشعب، وقام رئيس وأعضاء جمعية الكتاب المقدس والمترجمين الكرد المسلمين المتحولين الى المسيحية بقراءة مقاطع مختارة تدعو الى السلام والتسامحمن الانجيل باللغة الكردية كدلالة رمزية؟.
بعد انتهاء الحفل تم توزيع الاناجيل المترجمة الى اللغة الكردية – اللهجة البهدينانية على الحضور. وتجدر الإشارة الى أنه تم طبع (5000) نسخة من الانجيل المترجم الى الكردية – اللهجة البهدينانية في لبنان.[1]