$الأزمة السورية تدخل عامها 13.. المعاناة مستمرة والحلول لا تزال غائبة (1-2)$
=KTML_Underline=يحيى الحبيب=KTML_End=
الخيار العسكري وانهيارات وتبني استراتيجيات غير مخطط لها
بعد 12 عاماً من بدء الأزمة السورية، لا تزال البلاد غارقة في أزمات سياسية وعسكرية واقتصادية ومعيشية من دون النجاح في تمهيد الطريق لحل دائم ينهي الأزمات التي تعاني منها، فما هي أهم حيثيات الخيار العسكري للأزمة؟
تداخلت عوامل داخلية وخارجية لإدامة الأزمة القائمة، من تمسك السلطة الحاكمة بالحلول القمعية والذهنية الإقصائية إلى تحول ما تسمى المعارضة السورية لمجموعات تتحرك وفق تعليمات الاحتلال التركي بالإضافة إلى أنها مع الوقت باتت تتقاتل فيما بينها.
ولعل أبرز صور فشل الحلول التي فرضتها السلطة الحاكمة في دمشق؛ هو استمرار الفوضى والاقتتال في معظم المناطق التي أعلنت السيطرة عليها أو إجراء ما تسمى بالتسويات فيها بالتزامن مع عودة الاحتجاجات إلى مناطق عديدة أبرزها السويداء ودرعا، أما عن أبرز صور فشل ما تسمى المعارضة السورية هو الاقتتال بينها إلى جانب انطلاق مسار التقارب بين حكومة دمشق والاحتلال التركي والذي سينتهي ببيع الاحتلال لأدواته.
لكن على الرغم من الأزمات وصور الفشل التي كانت خلال سنوات الأزمة السورية، إلا أن هناك صور من شمال وشرق سوريا تبعث على الأمل والتفاؤل؛ حيث تحولت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وعلى الرغم من حملات التشويه إلى منطقة جذب لمختلف السوريين والعالم لذلك يسعى الطرفان المتصارعان على حكم البلاد؛ للقضاء على هذه الإدارة.
وفي هذا التقرير المؤلف من جزأين، سنلخص مسار الأزمة السورية بشكل مقتضب، منذ انطلاقتها عام 2011 وحتى دخولها عامها 13.
=KTML_Bold=انطلاقة الأحداث=KTML_End=
مع انطلاق رياح ما يسمى الربيع العربي كان السوريون يراقبون تطور الأحداث والحركات الشعبية في تونس ومصر لينطلق حراكهم الشعبي في 15 آذار عام 2011 وتكون البداية من درعا في الجنوب السوري حيث كانت حادثة إقدام بعض الأطفال على كتابة عبارات مناوئة لحكومة دمشق على الجدران ورد القوات الأمنية على هذه الحادثة بشكل قمعي وتعسفي، شرارة أشعلت الحطب الذي ظل يتيبس منذ أكثر من 40 عاماً، إلا أن الأمر تحول إلى حرب أهلية لم تنته على الرغم من أنها تدخل عامها 13.
وسرعان ما توسعت هذه المظاهرات، إذ شهدت مدينة حمص وريف دمشق مظاهرات ضخمة تم مواجهتها من قبل قوات حكومة دمشق بالعنف؛ ما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا، ودخل الحراك السوري مرحلة جديدة تلوّح بالدموية، بعد دخول قوات حكومة دمشق إلى مدينة حمص وسقوط المزيد من الضحايا.
=KTML_Bold=تصاعد العنف.. دمشق تلجأ إلى خيار الحسم العسكري ولكن=KTML_End=
في بداية 2012 دخلت الجامعة العربية لحل الأزمة وقدمت مبادرة؛ تتضمن تشكيل حكومة وطنية على أن يسلم بشار الأسد لاحقاً كامل صلاحياته إلى نائبه بالتعاون مع هذه الحكومة إلا أن حكومة دمشق رفضت ذلك؛ ما أدى لازدياد مستوى العنف.
وفي آذار/مارس من العام نفسه، وجهت حكومة دمشق ترسانتها العسكرية إلى حمص وهاجمت حي بابا عمرو وأعلنت السيطرة عليه بعد قتال عنيف استمر قرابة 26 يوماً، فيما أعلن المدعو رياض الأسعد قائد ما يسمى الجيش السوري الحر أن جنوده نفذوا انسحاباً تكتيكياً من الحي بعد أن حل فيه الدمار وسقط العديد من الضحايا.
وفي شهر تموز/يوليو، أخذت الأزمة السورية منعطفاً آخر بعد أن أعلن تلفزيون حكومة دمشق مقتل كل من وزير الدفاع داوود راجحة ونائبه آصف شوكت، وحسن تركماني معاون نائب بشار الأسد في تفجير استهدف مبنى الأمن القومي السوري في حي الروضة بدمشق.
زيادة توافد المرتزقة عبر الحدود التركية
مع انعدام الحلول السياسية ولجوء الأطراف إلى القتال والحرب بشكل أكثر ازداد الدعم الخارجي وخاصة من قبل تركيا للمجموعات المسلحة، كما تنامت بشكل كبير أعداد المجموعات المرتزقة، والمرتزقة الأجانب الذين توافدوا من مختلف الدول ودخلوا عبر الحدود التركية إلى الأراضي السورية.
وفي أيار/مايو من العام ذاته، سيطرت قوات حكومة دمشق وعناصر من حزب الله على مدينة القصير الإستراتيجية في ريف حمص، بعد 18 يوماً من القتال العنيف.
وشهد شهر آب/أغسطس، أحد الفصول الأكثر إيلاماً في الأزمة السورية، حيث سقط مئات الضحايا من سكان الغوطة الشرقية بعد استنشاقهم لغازات سامة ناتجة عن هجوم بغاز الأعصاب، بعد ثلاثة أيام من وصول بعثة المفتشين الدوليين إلى دمشق.
وعلى الرغم مما حققته المجموعات المسلحة من تقدّم على حكومة دمشق ودخولها العديد من المدن، إلا أن دمشق غيّرت من إستراتيجيتها وخططها؛ هرباً من الاستنزاف، مُركّزة سيطرتها على المدن الاستراتيجية ذات الأهمية والتي سميت سوريا المفيدة لكن الدعم الإيراني وإرسال المجموعات الشيعية، ومن بينها حزب الله اللبناني، وكذلك تنامي المجموعات المرتزقة مثل جبهة النصرة وداعش، شكلوا عبئاً مضافاً على الحراك في سوريا؛ مما خلط الأوراق وجعل المشهد يبدو ضبابيّاً.
وفتحت تركيا مطاراتها لاستقبال المرتزقة من كافة أنحاء العالم وسهلت عبورهم إلى الأراضي السورية، كما حوّلت حدودها إلى معابر يتدفق منها السلاح إلى المرتزقة في سوريا، وقدمت كافة أشكال الدعم المادي والمعنوي والطبي لهم. أما إيران فحشدت الشيعة أينما كانوا، وأرسلتهم إلى سوريا للقتال إلى جانب حكومة دمشق.
داعش يطل برأسه
مع تزايد قدوم المرتزقة الأجانب من كل أصقاع العالم واستخدام الشحن الطائفي والقومي في المنطقة كوسيلة لتجنيد المسلحين، احتل مرتزقة داعش صيف 2014، مساحات كبيرة من سوريا والعراق، إذ احتل في بداية شهر حزيران مدينة الموصل العراقية، وفي الشهر ذاته، مدينة الرقة وأعلنها عاصمة لخلافته المزعومة 29 حزيران.
كما احتل داعش الغالبية العظمى من دير الزور، بالإضافة إلى وجوده في كل من حلب، وإدلب، وحماة، وريف دمشق وعدد من المناطق السورية الأخرى، وبذلك بات يحتل ما يقارب نصف مساحة سوريا.
قوات دمشق تنهار وروسيا تتدخل
عام 2014 شهدت قوات حكومة دمشق انهياراً كبيراً، حيث احتلت المجموعات المرتزقة وخاصة جبهة النصرة مساحات كبيرة من حلب، وإدلب، وحماة، ودرعا، وحمص، والقنيطرة، وانحصر وجود قوات حكومة دمشق في المدن الرئيسة فقط.
ونتيجة لهذا التدهور وعلى الرغم من الدعم الإيراني ووصول المجموعات المسلحة إلى وسط العاصمة، دمشق واقترابها من القصر الجمهوري، تدخّلت روسيا ووقّعت اتفاقاً مع دمشق، آب/أغسطس 2015، يمنح الحق للقوات العسكرية الروسية باستخدام قاعدة حميميم في كل وقت من دون مقابل، ولأجلٍ غير مسمى، وابتداءً من أيلول/سبتمبر 2015، عززت روسيا حضورها العسكري في سوريا.
وسط الانهيار والذهاب نحو المجهول.. تنظيم للمجتمع في شمال وشرق سوريا
بالتزامن مع الانهيار الذي شهدته قوات حكومة دمشق وانسحابها من المناطق السورية وتركها للأهالي لقمة سائغة أمام أمام المرتزقة وخاصة داعش وجبهة النصرة حملت وحدات حماية الشعب والمرأة على عاتقها؛ مهمة الحفاظ على مقاطعات الإدارة الذاتية الثلاث التي أعلنت في روج آفا، كانون الثاني 2014 والمتمثلة في مقاطعات الجزيرة وعفرين وكوباني، لتتوسع هذه الإدارة وتشمل مناطق شمال وشرق سوريا.
وعملت هذه الإدارة على تطبيق نظرية الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب حيث تمكنت من جمع كافة مكونات المنطقة وعززت السلم الأهلي كما تمكنت من الحفاظ على المنشآت السورية الحيوية وطورتها عبر تشكيل مؤسسات مدنية اعتمدت على تطبيق الاقتصاد المجتمعي وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين كما أنها عززت دور المرأة عبر تطبيق نظام الرئاسة المشتركة لكل مؤسسة وهيئة.
وتعمل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا على تطوير مؤسساتها وهيكليتها على الدوام، حيث قاربت على الانتهاء من صياغة عقد اجتماعي جديد يناسب تطورات المرحلة، إلا أن هذه الإدارة تواجه تحديات عديدة أبرزها الحصار الذي يفرض عليها من كافة الأطراف المحيطة بها كالحزب الديمقراطي الكردستاني وحكومة دمشق والاحتلال التركي الذين يعادون مشروع الإدارة الذاتية وينظرون بقلق إلى نجاح هذه التجربة وخاصة أنها بدأت تتردد في المناطق السورية الأخرى.
=KTML_Bold=القوات الأميركية رسمياً في سوريا=KTML_End=
بحثت الولايات المتحدة الأميركية منذ بداية الأزمة السورية عن مجموعات سورية مسلحة، وقامت باختبار بعض المجموعات المسلحة، ففي 4 آذار/مارس وصلت مجموعة من 50 شخصاً، مزودين بجميع أصناف الأسلحة الحديثة من اللواء 51 بعد تلقيهم تدريبات ضمن إطار البرنامج الأميركي لتدريب المعارضة المسلحة إلى سوريا، عبر معبر باب السلامة في مدينة أعزاز، ولقي أفراد هذه المجموعة وخلال أيام معدودة مصرعهم، فيما فرّ آخرون وسلموا أنفسهم لمرتزقة داعش مع أسلحتهم.
إلا أن الإدارة الأميركية كانت تراقب جدارة وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة في محاربة داعش؛ لذا وبعد الإعلان عن تشكيل التحالف الدولي المناهض لداعش عام 2014، اضطرت قوات التحالف الدولي؛ لتقديم الدعم الجوي لوحدات حماية الشعب والمرأة، وخاصة في معركة كوباني، أيلول عام 2014، ليستمر هذا الدعم فيما بعد حتى إعلان تشكيل قوات سوريا الديمقراطية وإلى الآن.
وحررت قوات سوريا الديمقراطية عموم شمال وشرق سوريا من داعش، وأبرز المناطق التي تم تحريرها؛ هي منبج والرقة ودير الزور وصولاً إلى الباغوز. حيث أُعلن عن القضاء على الخلافة المادية لداعش.[1]