عنوان الكتاب:الاقتصاد السياسي للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا
اسم الكاتب: سنان حتاحت
اسم المترجم(ة): مايا صوّان
مؤسسة النشر: medirections.com
تأريخ الأصدار: 2020
تنتهج #الإدارة الذاتية# لشمال وشرق سوريا نظرياً سياساتٍ تستند إلى مستوى عالٍ من اللامركزية والمشاركة الشعبية، ومع ذلك، تمارس هيئاتها ومكاتبها المركزية قدراً كبيراً من السيطرة على قطاعات رئيسية في الاقتصاد. وفي حين أن #حزب الاتحاد الديمقراطي# يحتفي بالتعاونيات الزراعية والصناعية باعتبارها ركائز لبنيته الاقتصادية الاجتماعية البديلة، لم تستطع هذه التعاونيات أن تحلّ محلّ الملكية الخاصة، ويبقى تأثيرُها على اقتصاد المنطقة هامشياً. هذا ولم تحُل السيطرة الحصرية الظاهرة لحزب الاتحاد الديمقراطي على الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، دون فرض النظام السوري هيكلية سلطةٍ موازيةٍ في القطاعات الاقتصادية الرئيسية في المنطقة، التي لا تزال تعتمد نسبياً على دمشق.
يصعب تعقّب كيفيّة تحصيل وإنفاق إيرادات الميزانية الخاصة بالإدارة الذاتية، إلا أن الموارد الأساسية لهذه الأخيرة تتأتّى عن مبيعات النفط، والضرائب والرسوم على الدخل، والرسوم على المواد والبضائع المستوردة. هذا ويستفيد رجال الأعمال المحليون الذين تربطهم صلاتٌ بمسؤولين نافذين في حزب الاتحاد الديمقراطي من التبادل التجاري مع النظام، والمناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وحكومة إقليم كردستان، ويشكّلون ركيزةً من ركائز النظام الاقتصادي الجديد. ويشمل إنفاق الإدارة الذاتية كلّاً من الجيش، ومشاريع الإنعاش المبكر، وإعادة تأهيل البنية التحتية مثل قنوات الريّ والطرق، وصيانة شبكة الكهرباء، إضافةً إلى تكلفة إدارة مؤسسات الصحة والتعليم والإدارة المحلية. والواقع أن الإدارة الذاتية تقدّم خدمات ذات نوعية جيّدة نسبياً، ولكن بتكلفة غير متكافئة مع حجم الضرائب والرسوم في نظر السكان المحليين، ناهيك عن أن هذه الضرائب تتفاوت من منطقة إلى أخرى، ما يؤدّي إلى وجود تباينات كانت ولا تزال تثير احتجاج بعض السكان من حين إلى آخر.
لم يسجّل القطاع الخاص في شمال شرق سوريا تطوّراً ملحوظاً منذ إنشاء الإدارة الذاتية، ويبقى مُوجَّهاً إجمالاً نحو الإنتاج الغذائي. في المقابل، شهد قطاع البناء فورةً، حيث ارتفعت أسعار العقارات بشكل ملحوظ جرّاء تدفّق الحوالات المالية من المغتربين وأبناء المنطقة المهاجرين، فضلاً عن ازدياد عدد النازحين داخلياً إلى المنطقة، الأمر الذي أدّى إلى ارتفاعٍ على الطلب. كما ساهمت المساعدات المُقدَّمة من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية للفئات السكانية الضعيفة في تخفيف عبء هذه الأخيرة على الإدارة الذاتية، فيما تخضع تلك المنظمات لرقابة هيئات الإدارة ومكاتبها.[1]