خسرنا قائدا كوردستانيا متواضعا
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5527 - #21-05-2017# - 11:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
ان نظرنا الى تفاصيل حياة القائد نه وشيروان مصطفى منذ بدايات خوضه في السياسة اكاديميا، و من خلال تخرجه من قسم العلوم السياسية ومواقفه المعلومة حول القضايا العامة و ما عبر عنها بامكانياته الادبية العالية حينئذ، و من ثم تركه لشهادة الدكتوراه و هو في نهايات مراحلها و تضحيته بها من اجل العودة الى ارض كوردستان تاركا طموحا شخصيا و ضمانا للحياة الخاصة به من اجل الخوض في النضال السياسي و العسكري في جبال كوردستان، فهذا يدل على مدى ايمانه القوي و تمسكه بمبادئهطوال حياته، مهما كانت ملاحظاتنا نظريا على توجهاته و ليس على ما كان يتطلبه الموجود على ارض الواقع الذي كان يعلم كيف يتعامل معه، و الذي انبثقت شخصيته منه و تمسك بما تتطلبه الظروف السياسية الاجتماعية الثقافية من الفكر و الفلسفة الخاصة لجمع اكبر عدد من المنتمين الى تنظيمه من جهة، وامكانه التاثير عليهم و الخوض في نضالات متعددة بهم من جهة اخر، و في ظل عدم الابتعاد عن ما تفرضه الطبقية الكادحة مهما كان تعامله بواقعية و ما كان بهتجي بها في امرار القرارات السياسية العامة التي كان ملما بما يمكن ان تفيد بها الفقراء والمستعضفين الكورد في نهاية الامر . مرالسيد نه وشيروان مصطفى جراء نضالاته في منحيات كثيرة طوال مراحل الثورة المستديمة و الذي وصلت مدة خوضه للنضال الى نصف قرن تقريبا، و صارع و تحدى الكثير من الامور ان كانت شخصية لا تستند على اي امور فكرية او فلسفية اوعقيدية او ما له صلة بالمباديء العامة التي كان يؤمن بها . يمكننا ان نعتبره يساريا واقعيا متفتحا على افكار متعددة في تعامله مع الموجود على الارض بواقعية و براغماتية اكثر من الاخرين و انه كان سكرتيرا لعصبة الكادين لمدة حوالي عقدين . و لا يمكن ان نصفه بانه كان قويما صرفا في التعريف الماركسي للقائد الماركسي نظريا، الا انه ضحى بكل ما يملك في عمره و قدم حياته للطبقة الكادحة بسلوكه و عقليته و عقيدته الكوردستانية الخاصة، و عاش عمليا مع الفقراء و الكادحين و فيهم باحاسيسهم و اوضاعهم المعيشية الى حد كبير جدا، و له الكلمة الجميلة في هذا الجانب، اذ يقول ، ان لم نتمكن ان نخدم الفقراء فاننا على الاقل يمكننا ان نعيش مثلهم في الواقع، و فعل هذا بنفسه و عاش كما يعيشون، على الرغم من انه كان بامكانه ان يعيش حياة خاصة مترفة سواء قبل الانتفاضة او بعدها كما عاش اقرانه و يعيشون لحد اليوم .
اننا لا يمكن ان نعتقد بانه كان يطبق نصوص النظريات الماركسية و الاشتراكية بشكل عام بحذافيره، الا انه عمليا و بعد تقييمه الواقع الكوردستاني و ما يؤمن بانه ليست هناك ارضية يمكن ان تطبق او تترجم فيها نصوص النظريات اليسارية المختلفة سواء الماركسية كانت ام الاشتراكية الديموقراطية او حتى الليبرالية التي كانت الاكثرية متعلقة بها اثناء الثورة الجديدة و باسم الاشتراكية، انه كانت لديه نظرة خاصة في هذا الامر, و كان يعتقد بانه يمكنه ان يقرا الواقع بما فيه من الثقافة العامة و ما يمكن ان ينتج من عصارة الفكر الجمعي من المجتمع الكوردستاني كي يعتمد عليه في سلوكه السياسي و الفكري و يناضل وفقه . اي صارع و مر بمنحنيات و اتخذ اساليب مختلفة في المراحل المختلفة من حياته السياسية الا انه لم يتنازل عن ما يكن يؤمن به طبقيا، و علّم الناس بما يؤمن به بارادته و من خلال حياته الخاصة و تعامله مع الموجود في كوردستان اجتماعيا ثقافيا و سياسيا . انه عاش في ظروف الثورة التي فرضت على القادة ان يكونوا سياسيين و عسكريين و شخصيات اجتماعية في القرى و المناطق المحررة من قبلهم طوال مراحل الثورة الجديدة . الظروف العامة للعراق و التغييرات الكبيرة التي شهدتها كوردستان الجنوبية فرض على الاخ نه وشيراون ان يكون القائد المتعدد العمل و التخصص في النضال، اضافة الى انه كان اهلا للثقافة و المعرفة، و كانت له اليد الطولى في الصحافة و الكتابة بما كان لديه من المميزات النادرة في هذا المجال فلم تجدها عند الاخرين . على الرغم من الملاحظات المقتضبة هنا و هناك التي ربما سجلت عليه، و انه كان ضمن تنظيم الاتحاد الوطني الكوردستاني و خاض غمار المعارك المختلفة بامر حزبه و ليس بحريته الشخصية او بقراراته الخاصة كما هو المعلوم، فان الظروف الموضوعية و الذاتية لحزبه في اية مرحلة كانت تفرض ان لا تحسب عليه ما صدر من قبل حزبه و نفذه كقائد و امر حزبي، و ربما كانت بعض الامور المبالغة فيها يتطلبها الصراع الدموي و تخللها من الخطوات القاسية في حالات معينة، و من يقيّم ما كانت عليه الثورة وكيف مرت و الاخطاء الفادحة التي ارتكبتها كافة القوى، لا يمكن ان يحسب على القائد نهوشيروان بعض من ما تعامل به مع التكتيكات الخاطئة التي فرضت نفسها عليهم كحزب و قائد اثناء مسار السياسة التي اتبوعها و من ضمنها المعارك المختلفة مع الاطراف المتحاربة مع بعضها، و الجميع على علم بما جرى من تدخلات القوى الخارجية و المصالح العديدة التي كانت تفرض عادة بعض المساومات من اجل البقاء كحالة براغماتية اثناء النضال المعقد كما كانت حال الثورة الكوردستانية طوال مراحلها المختلفة القديمة كانت ام الحديثة .
ان تعامل الاخ نه وشيروان مع حال المستضعفين و الطبقة الكادحة بما كان يؤمن به و يعتقد بانه يخدم قضيتهم بما یفعل فانه نجح الى حد كبير في خدمتهم بقرارت عامة اصر عليها و هي من اجلهم ویقع لصالحهم في اخر المطاف، انه لم يدع ان يمر الدستور بما كُتب من اجل مصالح حزبية و شخصية على حساب مستقبل كوردستان و عموم الشعب و في مقمدمتهم الطبقة الكادحة، انه نادى و جاهد باجتهاداته بما كان يملك من الامكانية من اجل العدالة الاجتماعية و تجسيد القانون و الدستور المدني التقدمي و اصر على تطبيق مفهوم المواطنة و الاستناد عليه في القوانين و الافعال و التوجهات السلطات الثلاث التشريعية و التنفيذية و القضائية . و هذا حقا يقع في خدمة الطبقة الكادحة قبل الجميع، و انه بسلوكه و ما سار عليه في حياته الخاصة اصبح رمزا للفقراء و المستضعفين و الطبقة الكادحة جميعا.[1]