هي أميرة من عائلة كردية عريقة، عائلة #بدرخان# التي كانت تحكم جزيرة بوتان وعرفت بعطائها الكبير فيما يخص الادب والثقافة الكرديين. بحكم انتمائها العائلي وزواجها من الكاتب الكردي صلاح سعد الله لم تكن ابدا بعيدة عن عالم الفكر والكتابة، كما ان اعتزازها بقوميتها لا حدود له.
فلم يكن غريبا اذا ان تواصل على درب اجدادها.في بداية هذا العام، قامت الحكومة الفرنسية بمنح #سينم بدرخان# وسام الشرف الوطني الفرنسي برتبة فارس، خلال حفل تم تنظيمه في باريس، لتكون بذلك اول امرأة كردية تتحصل عليه.عن حصولها على هذا الوسام وعن مسيرتها وجهدها للحفاظ على تراث عائلتها، تحدثنا معها خلال هذا اللقاء الذي دار ببيتها في أربيل، بيت اشبه بمتحف يضم كل اشياء العائلة من صور ووثائق واثاث. تتجول بك فيه وكأنها تاخذك في رحلة بين ثنايا الذاكرة.
هي اليوم المؤتمنة على ارشيف العائلة وتسعى جاهدة لحفضه ونشره حتى يستفيد منه الجميع وتبقى ذاكرة آل بدرخان حية.
تحصلت مؤخرا على وسام الشرف الوطني الفرنسي ماذا يمثل ذلك بالنسبة لك؟
تحصلت عليه في حزيران 2013. السيد فريديريك تيسو، القنصل السابق لفرنسا في اربيل طلب من ابنتي معلومات عني. ثم فوجئت انه تم منحي هذا الوسام. عائلتي لديها علاقات قوية مع فرنسا. ابي وجدي كانا يتكلمان الفرنسية بطلاقة. وانا درست عند الراهبات الفرانسيسكان. تحصلت ايضا على منحة من فرنسا. درست الفرنسية في المدرسة الدولية في بغداد وأرسلوني لأقوم بتربص بيداغوجي لمدة شهر في جامعة السوربون سنة 1983. كنت اتردد على فرنسا بين الحين والآخر.
منحت هذا الوسام من احل علاقة عائلتك القوية بفرنسا او من اجل مسيرتك؟
اعتقد ان العاملين لعبا دورا في منحي الوسام. كنت رئسية اتحاد نساء كردستان في كركوك من 1970 الى 1974. بعد 11 آذار من نفس السنة تم طردنا من كركوك، انا وزوجي لاننا اكراد ولاننا ناشطون. من 1974 الى 2006 عشنا في بغداد و كنا دائما مراقبين. دخلت الى المعهد الفرنسي في بغداد للحصول على شهادة تمكنني من التدريس. في سنة 1980 بدات بالعمل في المدرسة الدولية ببغداد كمدرسة للغة الفرنسية الى سنة 1995، حيث تم طردي من مقر عملي بسبب نشاطي في المجتمع المدني و بسبب قوميتي. اضطررت بعد ذلك الى ان اعطي دروسا خصوصية في منزلي في العربية والفرنسية والانقليزية. كنت ايضا اساعد زوجي، وهو كاتب، في اعداد قاموس انقليزي – كردي و قد كان الاول من نوعه، وكذلك في ترجمة بعض الكتب القديمة الكردية.
ماذا شعرت عندما تم الاتصال بك للحصول على هذا الوسام؟
عندما اتصل بي القنصل الفرنسي ليسألني ان كنت اريد ان احصل على الوسام في كردستان او في فرنسا، اجبته بانني اريد الحصول عليه هنا في بلدي. ولكن بسبب الظروف والاحداث الي حصلت أخيرا في العراق لم يكن ذلك ممكنا. عندما ذهبت في بداية هذه السنة الى فرنسا تم منح الوسام لي يوم 6 يناير. كان ذلك مفاجئة جميلة. كان ذلك شرفا لي و للعائلة، خاصة وانني كنت اول امرأة كردية تحصلت عليه. الآن احضر نفسي لاتحصل على جائزة نوبل! ( تقول مازحة).
كيف كانت معاملة ابيك لك و لاختك؟ هل كان يشجعكما على مواصلة تعليمكما؟
لقد فقدت ابي عندما كان عمري 13 سنة لكنني اتذكر كيف كان يتعامل مع اختي التي كانت تكبرني ب7 سنوات. كان يعلمها الرقص. كان يريد ان نكون اكراد متقدمين. لم يكن يفرق بين الذكور والاناث. نحن ثلاثة ابناء: انا واختي واخي. في صغري، كان يأخذني بنفسه الى المدرسة في دمشق. واثناء الطريق كان يحدثني عن جزيرة بوتان واماكن في كردستان، واعدا اياي بأن نزورها. كان يحاول ان يزرع فينا حب التاريخ والامة الكردية. كان ايضا يحكي لنا قصصا للاطفال، مستوحاة من الموروث الكردي.
تعتبرين ان عائلتك اعطت الكثير للثقافة الكردية؟
بالطبع. لأن اول جريدة كردية صدرت سنة 1898 اصدرها عم ابي في القاهرة. ورغم الصعوبات التي تعرضت لها عائلتنا من نفي و تهجير، الا انها بقيت دائما محافظة على انتمائها الكردي وعلى اللغة والثقافة المحليتين.
ماذا فعلت انت لنشر الثقافة الكردية؟
انا حاليا بصدد كتابة مذكراتي التي اذكر فيها قصة عائلتي. كما انني، منذ اتيت للاستقرار في كردستان، في 2006، بدأت باعادة طباعة كل منشورات ابي وعمي وأمي وزوجي. هذا العمل ياخذ مني وقتا كبيرا. انا ايضا اساعد مجموعة من الطالبات الكرديات اللواتي يأتين من ديار بكر الى كر دستان العراق للدراسة و تحديدا في اربيل. بل ان واحدة منهن تزوجت بإبن اخي.
هل هناك باحثون وطلبة يأتون الى منزلك للقيام بأبحاث حول تاريخ عائلتك؟
طبعا. كثير منهم اتوا وساعدتهم. هناك باحث تركي يقيم في الولايات المتحدة، هو بصدد اعداد رسالة دكتوراة حول عائلة بدرخان.
لم تفكري بتأسيس منظمة تهتم بتراث عائلتك؟
اجل ولكن الامر ليس سهلا. ليس لدي الامكانيات لتأسيس منظمة، رغم انه عندي ارشيف كبير ومتنوع. لا اعرف ماذا سافعل به.
لماذا لا تطلبين من حكومة كردستان ان تساعدك على الحفاظ على هذا الارشيف؟
لا أريد فعل ذلك، لأنه في 1970، بعثت امي القاموس الذي كتبه ابي الى بغداد ليتم نشره. في احد الايام ذهبت انا وزوجي للاكاديمية الكردية في بغداد وماذا وجدنا؟ قاموس ابي مرميا على الارض. فأخذناه و نشرناه في 2010. لذلك لم يعد عندي ثقة في الاجهزة الحكومية. رغم ذلك تقابلت مع مجموعة من المسؤولين ووعدوا بالمساعدة.
لدي فكرة ان انجز موسوعة بدرخان ستجمع كل كتابات العائلة بالكردي والعربي والتركي والفرنسي والانقليزي والألماني. انا اعمل على تجميع الاموال اللازمة لتحقيق ذلك.
يتهمك البعض بأنك متعصبة للثقافة والهوية الكردية؟
بعد مجيئي الى العراق سنة 1960، حضرنا أنا وزوجي الذي كان يعمل في شركة نفط، حفلا في كركوك وقلت خلاله انني كردية، فردت امرأة : استغفر الله! سألتها : وما لهم الاكراد، تنقصهم رجل ام ساق؟. فأجابت: لا ولكنك لا تبدين كردية. لذلك أصبحت اكثر فاكثر متعصبة لهويتي.
كيف ترين وضعية الاكراد اليوم؟
أول شيء يجب عليهم ان يتوحدوا. يكفي من التشتت الحزبي. نحتاج ان نوحد جهودنا لاستعادة كامل اراضي كردستان في العراق وتركيا وسوريا وايران. عندما ننجح في ذلك، وقتها يمكن التفكير في تأسيس احزاب عديدة. كانت امي دائما تقول : اعطوني اتحادا للاكراد، اعطيكم كردستانا موحدا.
لكن وضع الاكراد تحسن كثيرا عن السابق؟
نعم. فانا مثلا لم اكن ابدا احلم ان آتي الى اربيل وارى العلم الكردي وأتكلم الكردي بحرية، دون ان اكون مجبرة ان اتكلم لغة اخرى غيره. عندما اتيت الى اربيل في 2006 كان ذلك شيئا عظيما بالنسبة لي. فنحن كأكراد كنا مجبرين ان نعيش وسط العرب او الاتراك او الفرس او في المهجر. لاول مرة اجد نفسي في مكان استطيع ان اتحدث فيه بالكردي فقط. كان ذلك حلما وتحقق.
ماهو رأيك في المرأة الكردية اليوم؟
اتمنى ان تتحرر اكثر وتكون عندها المبادرة للقيام بالكثير من الاشياء. مثلا لاحظت ان قليلا من النساء المسؤولات في الحكومة او من الناشطات في المجتمع المدني ذهبن لزيارة مخيمات اللاجئين وتقديم المساعدة لهم. وأغلب من ذهبن الى هناك فعلن ذلك رغبة في اظهار انفسهن امام الاعلام. يجب ان تتوقف النساء الكرديات عن الاهتمام بالاشياء التافهة في الحياة وتكون نظرتهن للواقع اعمق حتى تستطعن تغييره.[1]