أ. د.#فرست مرعي#
نشاط الإرساليات الغربية بُعَيد حرب الخليج الثانية 1991م
بعد انتفاضة آذار عام 1991م، وما أعقبها من الهجرة المليونية للشعب الكوردي، وعودته إلى أرضه؛ بدأ الإعلام العالمي (الغربي) يركّز على القضية الكوردية، التي كانت منسيّة إلى حدٍ ما، وبدأت المنظمات (الإنسانية) بالدخول شيئاً فشيئاً إلى منطقة كوردستان الآمنة. وهكذا دخلت عشرات المنظمات إلى كوردستان، أمثال: منظمة شلترناو انترناشنال الأمريكية، ومنظمة كاريتاس الكاثوليكية، ومنظمة الكنائس العالمية، ومنظمة مساعدة الشعوب المضطهدة، ومنظمة العالم بحاجة، ومنظمة رعاية الكورد، ومنظمة الفريق الطبي الأمريكي، ومنظمة الهجرة الدولية، ومنظمة الصليب الأحمر السويدي، ومنظمة الكنيسة الأسقفية الإنجيلية، ومنظمة كير الأسترالية، ومنظمة الشركاء العالميين، وغيرها([1]).
وأخذت هذه المنظمات توزع الطحين والأرز والزيوت على الكورد، مع كتب تنصيرية، كالأناجيل الأربعة، وكتب تخص حياة السيد المسيح عليه السلام، من وجهة نظر الكنيسة، وبعض الكتب التي تلقي ظلالاً من الشك والريبة حول صحة القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.
كما بدأت هذه المنظمات تتوغل، شيئاً فشيئاً، داخل النسيج الاجتماعي للمجتمع الكوردي المسلم، وأخذت تحثّ الشباب المراهق على الهجرة، وترك كوردستان فارغة، تعبث بها المنظمات كيفما تشاء. وهكذا تسابق مئات الشباب نحو الالتحاق بمنطقة (سلوبي) التركية، القريبة من الحدود العراقية(=مدينة زاخو)، تمهيداً لنقلهم إلى الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ودول أوروبية أخرى.
وقامت كنيسة النعمة الرسولية الإنجيلية بفتح أول فرع لها في مدينة دهوك عام 1992م، وأسّست مكتبة (ينبوع الحياة)، قرب دير مريم العذراء في شارع نوهدرا، وتمّ تزويدها بكتب تنصيرية قادمة من دول أوروبا، كألمانيا وسويسرا و لوكسمبورغ وتركيا؛ بقصد إدخال الشبهات والشك حول العقيدة والشريعة الإسلامية في عقليات الشباب الكوردي، كما تمّ تزويد هذه المكتبة بأشرطة الكاسيت والفيديو، كالكاسيت الخاص بالسيد المسيح، وآباء الكنيسة.
وهناك تنسيق تام بين منظمة WIN (العالم بحاجة)، والمكتبة، بواسطة المدعو (يوسف متّى)(وهو مسيحي من أهالي الموصل، خريج قسم الجيولوجي – كلية العلوم – جامعة الموصل)، الذي يشرف على مكتبة ينبوع الحياة، ويقوم بتزويدها بالتوجيهات اللازمة بخصوص العمل التنصيري. فعند ارتياد بعض الشباب لهذه المكتبة، يقوم طاقم المكتبة المؤلف من أربعة أشخاص، وهم: المدعو (ألبرت عوديشو)، المسؤول عن المكتبة، يساعده ثلاثة أشخاص آخرون، هم كل من: المدعو غالب، وهو مسيحي كلداني من أهالي دهوك، وكريم و أنويا، وهما مسيحيان آثوريان- آشوريان، تحوّلا إلى المذهب البروتستانتي، بمنح بعض الكتب الصغيرة، مع بعض الهدايا التي تصوّر السيد المسيح إلهاً أو ابن إله، وهذه الهدايا عبارة عن بوست كارت ملون ومزركش، بحيث يؤثر في القارئ، ومكتوب عليه بلغة عربية جميلة، مع ترجمة باللغة الإنكليزية، فضلاً عن إهدائه نسخة من كتاب العهد الجديد، أو إحدى الأناجيل المتفرقة، مثل: إنجيل لوقا، المطبوع باللغات العربية، والكوردية، باللهجتين الكرمانجية الشمالية والجنوبية، وبالحرفين العربي واللاتيني .
وإذا رأى طاقم المكتبة من هؤلاء الشباب ميلاً إلى دراسة المطبوعات النصرانية، فإنهم يقومون بإسداء عبارات الترحيب والمجاملة الزائدة، تمهيداً لإدخاله في مشيئة الرب، حسب مصطلحهم. بعد هذه الفترة يقومون بزرع بذور الشك في عقله، وتقريب بعض المفاهيم النصرانية إلى ذهنه: كالقربان، وهو عبارة عن عملية صلب السيد المسيح، لغفران ذنوب البشر؛ وهذا ما يعاكس المصطلح الإسلامي، وينافيه بصورة تامة. بعد هذا يزّود ببعض المطبوعات الأخرى، مثل: كتاب (عصمة التوراة والإنجيل)، حيث يؤكدون على صحة الكتاب المقدس، بعهديه القديم والجديد([2]).
ويشيرون من طرف خفي إلى تناقض بعض آيات القرآن الكريم، من الناحية الإعرابية أو اللغوية، ومدى صحة جمعه في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان. ويستأنسون في هذا المجال ببعض الدراسات الشاذة حول القراءات القرآنية، أو ما كتبه بعض كبار أصحاب التصوف الفلسفي عن الإسلام، كأمثال: محي الدين بن عربي، المتوفى سنة638ﮪ/1240م، في كتابه: (فصوص الحكم)، بخصوص الروح والسيد المسيح. وكتابات المستشرق الفرنسي (لويس ماسينيون)، المتوفى سنة 1962م، عن الصوفي (الحلاج)، صاحب فكرة الحلول، والذي أعدم على يد الخلافة العباسية عام 309ﮪ، لاتهامه بالمروق عن الدين الإسلامي. وبعض مؤلفات الشيعة الخاصة بتحريف القرآن، كالكليني، في كتابه (الكافي)، والطبرسي في كتابه (تحريف كتاب رب الارباب). بعدها يسلّم هذا الشاب إلى القس (يوسف متّى)، لكي يزّوده ببعض الكتب الأخرى، الأشد خطراً، وبعض أشرطة التسجيل والفيديو كاسيت. وهذا الشخص يتلقى الدعم من الكنيسة الأسقفية الإنجيلية، التي مقرها في نيويورك، ومن منظمة WIN (العالم بحاجة). وأغلب مطبوعات هذه المكتبة تأتي من سويسرا وألمانيا ولوكسمبرغ، ومن مكتبة إستنبول في تركيا([3]).
وفي تلك الحقبة صدرت ردود فعل غاضبة من رئاسة الكنيسة الكلدانية في أربيل، بسبب محاولة هؤلاء الإنجيليين البروتستانت إدخال شباب وشابات من الطائفة الكلدانية إلى المذهب الإنجيلي. وغنيّ عن القول إن الكلدان هم الطائفة المسيحية الأكثر عدداً في العراق وكوردستان، وتشكّل ضاحية (عنكاوة)، الواقعة شماليّ غرب مدينة أربيل، إحدى مناطق تمركزهم الرئيسية في كوردستان العراق. وقد استغلت المنظمات التبشيرية الغربية هذه الضاحية مقراً لتمركزها؛ لأنها منطقة مسيحية خالصة، لا يواجهون فيها مشاكل اجتماعية أو ثقافية، فيما لو تواجدوا في منطقة كوردية خالصة (= إسلامية)، بسبب الاختلاف الديني والثقافي والاجتماعي.
وأدناه وثيقة من رئيس أساقفة الكلدان، وتوابعها، في أربيل (= إيضاح) إلى المسلمين، بأن الكنيسة الكلدانية غير مسؤولة عن النشرات والنشاطات التي تقوم بها جهات أخرى (= البعثات الإنجيلية)، ويعقبها جواب، أو ردّ، من مركز إحدى هذه الإرساليات في الولايات المتحدة الاميركية، إلى رؤساء الكنائس المسيحية الكلدانية والنسطورية (= الآشورية) في أربيل ودهوك والسليمانية، وإلى أشخاص معينين يعملون في الإرساليات التبشيرية، حول الدفاع عن اثنين من أتباعهما، وهما كل من:
1- القسّ يوسف متّى.
2- أندريه نوريو.
لأن أساقفة المدن الكوردية الثلاث قد وجهوا اتهامات، وكلمات سيئة، وحقائق محرّفة، بحقّ هؤلاء، حسب الوثيقة.
الوثيقة 1:
رئاسة أسقفية أربيل الكلدانية
أربيل عنكاوة
التاريخ: 05-12-1995م الثلاثاء
إيضاح
سلام أخوي من الرب:
منذ مئات السنين ونحن نعيش في هذه المنطقة جنباً إلى جنب مع إخوتنا المسلمين الأعزاء، ولم تحدث بيننا مشكلات أو نزاعات دينية أو طائفية، بل كنا - ولا نزال، وسنستمر - نعيش كإخوة في منطقة واحدة، لكي تزدهر إيمانياً وثقافياً واجتماعياً، رغم كل المحاولات التي تريد زرع المشاكل بيننا. إننا جميعاً أبناء إبراهيم، أبي المؤمنين، نؤمن بإله واحد، القادر على كل شيء، نؤمن بحياة أبدية، وبقيامة الموتى. لذا نؤكد لإخوتنا المسلمين الأعزاء بأن الكنائس المحلية لا علاقة لها مطلقاً بتوزيع النشرات الدينية في الشوارع والمحلات والدوائر الرسمية؛ إذ إننا لم ولن نقوم بمثل تلك الأعمال، ونريد أن نعلن لإخوتنا المسلمين بأننا، في مؤتمراتنا الكنسية، ندعو دائماً إلى الحوار الأخوي بين النصارى والمسلمين، وإلى التعاون للعمل ضد الإلحاد والتفرقة الدينية.
عاشت الأخوة الإسلامية النصرانية في كل مكان. والله هو الموفق، وعليه اتكالنا دائماً. وبعد هذا الإيضاح القصير الذي كان لا بد منه في هذه الظروف، تقبلوا فائق تقديرنا واحترامنا، راجين منه - تعالى - أن يكون في عون كل المخلصين والعاملين من أجل التآخي والمحبة والسلام. أدامكم الرب.
أخوكم ومحبكم
حنا مرخو - رئيس أساقفة أربيل وتوابعها عن الكلدان
وفيما يلي الوثيقة الثانية الجوابية، من مدير منظمة رعاية وإغاثة الأكراد، السيد لويس فيلي:
الوثيقة 2:
مدير منظمة رعاية وإغاثة الأكراد
الكنيسة الأسقفية
لويس فيلي/ كينتاكي - الولايات المتحدة الأمريكية
رحمة واسعة من الكنيسة الأسقفية
إلى/ المطران عبد الأحد يعقوب (السليمانية)
المطران حنا قلو (دهوك)
المطران حنا مرخو (أربيل)
الخوري فيليب (دهوك)
الأخ غالب بطرس C.F.T.K. (دهوك)
الأخ إيليا يعقوب C.F.T.K. (دهوك)
أصدقائي الأعزاء المحترمون
سلام ونعمة من الله أبينا وربنا يسوع المسيح السليمانية.
يرجى الإصغاء إليّ بانتباه الآن. أنا أسمع وبصورة مستمرة كلاماً فيه نميمة وافتراء وأنصاف حقائق محرفة و...إلخ من الكلدان والآشوريين في شمال العراق، ضد الأخ يوسف، والأخ أندريه نوريو. إن القس يوسف متّى، وأنا، لا نعمل معاً، ولكنه صديقي، وأنا أبدي احتراماً لعمله، بالرغم من وجود اختلاف كبير بين عمله وعملي. أما الأخ أندريه نوريو، فهو يعمل معي، لكنه لديه الحرية الكاملة للقيام بعمله في دهوك، كما يأمره الروح القدس.
يقول (ربنا يسوع المسيح): (أوصيكم بأن تحبوا بعضكم بعضاً، كما أحببتكم أحبوا أنتم أيضاً بعضكم بعضاً، بهذا يعرف الناس أنكم تلاميذي إذا أحببتم بعضكم بعضاً: يوحنا 13/34 35). وقال المسيح أيضا: (هذه وصيتي: أحبوا بعضكم بعضاً، كما أنا أحببتكم. ليس لأحد حبٌ أعظم من أن يبذل نفسه عن أحبائه، فإن عملتم بما أوصيكم به كنتم أحبائي: يوحنا: 15/ 13 14).
إني أسمع دائماً عن تقارير مطران الكلدان حنا قلو (دهوك- متوفى)، والمطران حنا مرخو (أربيل- متوفى)، والخوري الآشوري فيليب (دهوك)، تتضمن كلمات سيئة، أو أنصاف حقائق محرفة، ضد القس يوسف متّى، والأخ أندريه نوريو، وكذلك ضد كل المسيحيين الأجانب، الذين يعملون في شمال العراق.
إني التزمت الصمت لمدة ثلاث سنوات ونصف، ولكن إذا استمر المطارنة والقسس، من الكلدان والآشوريين، في مضايقة المسيحيين الآخرين العاملين هنا، عندئذ سوف أقوم بكتابة تقرير واضح إلى البابا يوحنا بولص الثاني في الفاتيكان(= بابا الفاتيكان سنة 1995م)، وإلى البطريك مار دنخا الرابع (= بطريرك كنيسة المشرق) في شيكاغو، وكذلك إلى الرئيس الأمريكي (بيل كلنتون)، وإلى النائب (إيل غور)، وإلى وزير الخارجية (وارن كريستوفر)، وإلى سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة (مادلين أولبرايت). أقدّم شكوى ضد الكلدان والآشوريين، عن أحاديثهم، وافتراءاتهم، وعن عدائهم الذي يحدث هنا. وكذلك أوصي بإيقاف كافة المساعدات الغذائية، والكتب، والتجهيزات الأخرى، عن الكلدان والآشوريين العراقيين.
أرجو أن تعلموا بأن C.F.T.K لا ترغب بجعل أي من الكلدان والآشوريين بروتستنتياً، نحن نأمل ونريد أن يبقى جميع الآشوريين والكلدان في الكنيسة الآشورية، والكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، وأن يحبوا المسيح من كل قلبهم وذهنهم وروحهم، ويزداد إيمانهم بقوة روح القدس الإله بالمسيح ربنا: (مرقس 11/29 31، لوقا 11/9 13، يوحنا 3/1 21). آمين.
على كل حال، فإنه إذا رغب أي نصراني عراقي، على سبيل المثال، أن يترك الكنيسة الآشورية، أو الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، كما يرشدهم الروح القدس للانضمام إلى الكنيسة الأرثوذكسية، أو الإنجيلية، أو البروتستنتية... إلخ، فهذا اختيارهم الحر، وحقهم الممنوح من الله، ولا يحق لأحد أن يقوم بمضايقتهم، أو التمييز بينهم.
لكن الافتراء، والنميمة، أو أنصاف الحقائق المحرّفة، هي إثم عظيم ضد الله والإنسان. وسوف يدين الله الناس الأشرار على أقوالهم السيئة (القساوة، الخبث، والإثم)، اقرأ بطرس: 4/17، يعقوب: 3/1 12، متى: 12/ 31 37.
يقول ربنا يسوع المسيح: إن خرافي تسمع صوتي، وأنا أعرفها، وهي تتبعني، وأنا أهب لها الحياة الأبدية، فلا تهلك أبداً، ولا يختطفها أحد من يدي (يوحنا: 10/27 28). وهكذا فالمشكلة ليست إلى أية طائفة كنسية ينتمي شخص ما، أو يعمل، لكن هل الأشخاص (المسيحيين) يتبعون السيد المسيح حقاً، وينفذون كلامه بقوة روح القدس، آمين.
قدمت بفائق الاحترام مع المحبة بالمسيح.
أخوكم الأصغر وليم براون
مدير منظمة رعاية وإغاثة الأكراد
الكنيسة الأسقفية الولايات المتحدة الأمريكية
نسخة إلى:
ملف C.F.T.K. الأخ أندريه نوريو دهوك. القس يوسف متّى دهوك([4]) .
مشروع نشر المسيحية في كوردستان
وندرج أدناه بعض المعلومات بخصوص تنصير الكورد من قِبَل وحدة التبشير العالمي (Gbba I Mission Unit )، والكنيسة البروتستانتية، وهي عبارة عن مذكرة لفهم شهادات أقليات الشعوب المسلمة. تبدأ هذه الدراسة بمقدمة حول تغلغل الإرساليات التبشيرية في منطقة كوردستان، حيث يحدّدها التقرير سنة 1851م، عندما أبحر (صاموئيل أودلي ريSamuel Audley Rhra ) إلى كوردستان .
ويذكر بأن هدف هذه الكنيسة في النهاية: هو الوصول إلى جميع البشر، ونحن نضع أنفسنا جنوداً لهذا الهدف. ثم يذكر التقرير الأهداف الأولية للتبشير، بعنوان:
(خواطر لفهم أعمال المبشرين بين الأقليات القومية الإسلامية)، ويتطرّق إلى الأهداف الأولية: حول تشكيل فريق عمل من المبشرين، للوصول إلى أهداف التنصير بحلول سنة 2000م. وتدعم أعمال هؤلاء من قِبَل الكنائس والمؤسسات التبشيرية العالمية.
ويسرد التقرير أسماء أعضاء الفريق، وهم كل من:
1 - بوب بلين كوي Bob Blinco .
2 - بيل كوبس Bill Koops.
3 - تيري بوس Teri Busse .
4 - تيريزا ستلينكر Teresa Sullenger .
5 - روث تيسدال Ruth Teasdale.
ومن ثم أضيف إليهم أشخاص آخرون، للوصول إلى هدف مؤسسة (دعم متطوعي التبشير للكنيسة البروتسانتية- PresbyTerian Frontier Mission Fand) .
أما المدخل الاستراتيجي لفريق العمل، فيتضمن الواجبات الآتية:
1 - تعلم اللغة (من قِبَل أعضاء الفريق)، ويقصد بها اللغتين العربية والكوردية.
2 - بيع المواد لهم، وإقامة أعمال تجارية معهم .
3 - تدريس اللغة الإنجليزية لغة ثانية.
4 - إيجاد أعمال صغيرة في منطقة الشرق الأوسط .
ومن الكتب التي وضعت للتدريس:
Kenneth Cragg- كينيث كراج، أميركي(1913-2012م) مؤلف كتاب : (نداء المئذنة)، The Call of the Minaret، الذي صدر سنة 1956م[5].
Montgomery Watt- مونتغمري وات، اسكتلندي، مؤلف كتاب: (محمد: النبي ورجل الدولة) Muhannad : Prophetand Statment .
- Phil Parshallفيل بارشال، مؤلف كتاب: (طرق جديدة لتنصير المسلمين)،New Pathin MuslimEvangclism، ومؤلفه الآخر: (الجسور إلى الإسلام)، Bridges to Islam
C .Marsten Speight – مارتين سبايت، مؤلف كتاب: (الإسلام من الداخل) Islam from Within.
Parvinder- بارفيندر، مؤلف كتاب: (عيسى والقرآن) Jesus and the Quran .
وهذه المطبوعات يمكن الحصول عليها عن طريق الاتصال بمعهد زويمر([6])، الواقع في ولاية Aladend في الولايات المتحدة الأمريكية([7]).
التبشير المسيحي في كوردستان العراق بعد عام2000م
لقد تركت عملية قتل المبشر الأمريكي (المشيخي) (كامبرلند)، في مدينة دهوك، على يد سليم مصطفى آغا البيسفكي الدوسكي في12-06- 1938م، آثاراً بعيدة في التراث والوجدان الشعبي الكوردي، من جهة، وأدت في الوقت نفسه إلى وقف نشاط الإرساليات التبشيرية في منطقة دهوك، إلى ما بعد انتفاضة 1991م، حين سيطرت الأحزاب الكوردية العلمانية على مقاليد الأمور في كوردستان العراق، وانسحبت الإدارة الحكومية العراقية من كوردستان، حيث عادت الإرساليات الإنجيلية الغربية (الأمريكية والأوربية) إلى كوردستان العراق مرة أخرى. حينها بدأت تقوم بعمليات الإغاثة والدعم، التي كان الشعب الكوردي بأمسّ الحاجة إليها، نظراً للحصارين الدولي والعراقي عليهم. فضلا عن قيامها بنشاطات تبشيرية تعيد إلى الاذهان ما قام به (كامبرلاند)، وزملائه المنصّرين، من مشاريع - تؤتي ثمارها ولو بعد حين –، حين بدأت أعداد لا بأس بها من الكورد تعتنق النصرانية، دون خوف أو وجل، رغم بعض الاعتراضات من قبل الأحزاب الإسلامية الكوردية، واتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان، فضلاً عن الحركة الديمقراطية الآشورية، وبعض الكنائس الكلدانية والسريانية.
وفي السياق نفسه، فقد تمّ تأسيس كنائس أجنبية بتسميات إنجيلية بروتستانتية مختلفة، تبعاً لمرجعياتها الأمريكية والأوربية؛ من معمدانية، ومشيخية، ومصلحة، وميثودية، وأسقفية، في كوردستان العراق، لأول مرة. فضلاً عن كنائس ناطقة باللغة الكوردية، في أربيل والسليمانية ودهوك، في ظل الانفتاح والعولمة والديمقراطية وحقوق الإنسان! التي بشّرت بها الولايات المتحدة الأمريكية، وتمّ الدعاية لها في وسائل الإعلام المختلفة.
ولا زالت ذكرى قتل (سليم مصطفى آغا بيسفكي) للمبشر الأمريكي (كامبرلاند) باقية في أذهان المسلمين الكورد، لذلك عندما جاء المبشّرون الجدد إلى كوردستان العراق، في أعقاب حرب الخليج الثانية 1992م، كانوا على حذر شديد، خوفاً من تصفيتهم، ولكنهم لم يدروا بأن المجتمع قد تغيّر، وأن السنوات التي تلت مقتل (كمبرلاند) حدثت فيها تغيّرات سياسية وثقافية واجتماعية عديدة؛ فالأفكار العلمانية والحداثية قد غزت المجتمع الكوردي، مثله في ذلك مثل بقية المجتمعات الإسلامية المحيطة به، فضلاً عن ذلك فالأحزاب الكوردية العلمانية، بشتى أصنافها؛ من قومية وليبرالية وإشتراكية وماركسية، كان لها دور كبير في تعزيز القيم المناوئة للإسلام، كدين وكنظام حياة، خاصة بعد سيطرتها على مقاليد الأمور في كوردستان العراق، اعتباراً من سنة 1992م([8]).
أما بشأن وجود نشاط للإنجيليين في كوردستان العراق، فلهم تواجد في المحافظات الكوردية الثلاث: دهوك وأربيل والسليمانية، من خلال وجود كنائس إنجيلية مرتبطة بها، وهي:
1- كنيسة النعمة الإلهية.
2- كنيسة الانتقال.
3- كنيسة الناصري.
4- كنيسة قداسة النهضة.
5- الكنيسة المعمدانية (كنيسة العهد الجديد).
6- كنيسة الرسل.
7- كنيسة الاتحاد المسيحي الأمريكي الكوردي. ويدعم هذه الكنيسة أشخاص أمريكيون مخضرمون في الحركة الإنجيلية العالمية، كالمنصّر الأمريكي (فرانكلين غراهام)، والذي يلتقي برؤساء العالم، وكان من الداعمين والمؤيدين الأقوياء للرئيس الأمريكي السابق (جورج بوش). والده (بيل غراهام) يملك أكبر مؤسسة إنجيلية تبشيرية في العالم.
8- كنيسة كورد زمان (الكنيسة الناطقة باللغة الكوردية)، وتعد هذه أحدث الكنائس التي تمّ تأسيسها في المدن الكوردية الرئيسية الثلاث: أربيل والسليمانية ودهوك.
9- كنيسة السبتيين.
بالإضافة إلى مكتبات متخصصة في المحافظات الثلاث، لبيع الكتاب المقدس (التوراة والإنجيل)، وغيرها من كتب التبشير، التي تعود في معظمها إلى مؤلفين أمريكيين، مترجمة بواسطة إنجيليين عرب، من المصريين واللبنانيين، فضلاً عن وجود كتب إنجيلية مترجمة باللغة الكوردية، باللهجتين الكرمانجية الشمالية (البهدينانية)، والكرمانجية الجنوبية(السورانية). والعديد من هؤلاء الكتابات تتحدث عن تبشير مزعوم لعدد من المسلمين، يتبعون جنسيات خليجية، كالمملكة العربية السعودية، باعتبارها قلعة الإسلام، فضلاً عن كتابات بعنوان (نبي وقس)، مؤلفها المدعو رفيق الحريري (= جوزيف قزي، من أهالي منطقة حماه في سوريا). كما توجد مدارس أمريكية ثلاث في كل محافظة كوردية، ملحقة بهذه الكنائس، مهمتها: إنشاء جيل كوردي جديد، مبني على أسس الليبرالية والانفتاح والحداثة وحوار الأديان وتقبل الرأي الآخر، بجانب وجود دروس في الكتاب المقدس، ودراسة تاريخ الكورد من وجهة نظر الكنيسة. أي بعبارة أخرى: إن نشاط الكنائس الإنجيلية في كوردستان العراق، يشبه إلى حدٍ ما نشاطهم في منتصف القرن التاسع عشر في إنشاء الجامعة الأمريكية في بلاد الشام، وتحديداً ببيروت، التي سبقتها الكلية الإنجيلية السورية، حتى يتخرج جيل كوردي جديد يبني قيمه على ركائز الحضارة الغربية الحديثة، التي تتقاطع في كثير من بديهياتها مع أسس ومرتكزات العقيدة والحضارة الإسلامية، فضلاً عن إثارة الشبهات، التي كان أسلافهم المستشرقون قد أثاروها من قبل، لذا يحاولون من جديد اجترارها عن طريق بثّها بين الناشئة الكورد، بلغتهم ولهجاتهم العديدة، كأنها أفكار جديدة، بقصد إبعادهم عن الفضائين العربي والإسلامي.
وفي سنة2007م تمّ - لأول مرة -إنشاء جامعة أمريكية في مدينة السليمانية، على غرار الجامعات الأميركية في الوطن العربي([9]).وقد تمّ جمع التبرعات اللازمة لإنشاء بنايات الجامعة، ومختبراتها، بواسطة الدعم السخي من قبل الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني، وتبرعات بملايين الدولارات من عدد من أغنياء مدينة السليمانية. ولذا يرى الداخل إلى المدينة، من جهة الغرب على الجانب الأيسر من الشارع العام الرئيسي، بنايات وعمارات جميلة، تحيط بها الحدائق والساحات، في إشارة إلى الجامعة الأمريكية في السليمانية.
وبعد عدة سنوات، وتحديداً في سنة 2014م،أنشئت جامعة أمريكية أخرى، في مدينة دهوك، تقع في منطقة استراتيجية واقعة في مدخل قضاء سميل غربيّ دهوك، وبناياتها جميلة، وفخمة، مبنيّة وفق طراز الكنائس الأمريكية([10]).
ومما تجدر الإشارة إليه، أن الكثير من المطبوعات الإنجيلية تصل إلى كوردستان، قادمة من مراكز الإنجيليين الرئيسية، في عمان والقاهرة وبيروت، أي أن الكثير من مراجعهم وكتّابهم من أصول عربية، وتحديداً من مصر ولبنان والأردن، حيث للإنجيليين نشاط واسع فيها، في مجال التأليف والترجمة وإلقاء المحاضرات في النوادي والمحافل والفضائيات، التي تستقر قسم من محطاتها في قبرص.
أما قبل سقوط بغداد بيد الأمريكان، فإن غالبية المؤلفات كانت تأتي إلى كوردستان العراق قادمة من ألمانيا وتركيا، وبالتحديد مدينة استنبول.
ومهما يكن من أمر، فإن الإنجيليين يدعمون إسرائيل بكل قوتهم. ولا غرابة في ذلك، فغالبية الإنجيليين ينتمون إلى الصهيونية المسيحية، التي سبقت الصهيونية اليهودية في محاولتها إنشاء وطن قومي لليهود على أرض فلسطين. لذلك، فالمنظمات والإرساليات الإنجيلية هي عيون إسرائيلية في مناطق تواجدها، وقد اتهمت بعض الشخصيات العائدة للحركة الآشورية، وبعض آباء الكنائس العراقية المتعددة، الإنجيليين، بأنهم جواسيس لإسرائيل، وقد جاءوا إلى المنطقة بقصد زرع الشقاق بين المسلمين والمسيحيين، الذين تعايشوا بسلام لمئات السنين.
كما أن كنيسة الدوبارة المصرية، وهي كنيسة إنجيلية بروتستانتية تدعم الإنجيليين في كوردستان العراق، عن طريق إقامة الدورات والمحاضرات، في كل من أربيل، والسليمانية، ومنتجع دوكان السياحي، الواقع غربيّ السليمانية.
نعم اعترفت الصحافة الكوردية بأن عدة مئات من الكورد قد تنصّروا على يد الكنيسة الإنجيلية في كوردستان، ولكن يبدو أن الأمر مبالغ فيه. وإذا ما دخل بعض الكورد في النصرانية - إن وجدوا -، فهذا يرجع في حقيقة الأمر إلى أنهم كانوا أصلاً لا يفهمون شيئاً عن الإسلام، أو أن بعض هؤلاء كان يدخل لغرض مادي بحت، نظراً للعوز الذي كان الشعب الكوردي يعانيه من جرّاء الحصارين: الدولي والعراقي، وحتى أن البعض من هؤلاء كان يريد عن طريق الدخول في النصرانية السفر، عن طريق المنظمات الإنجيلية، إلى أمريكا وأوروبا، والاستقرار فيهما. كما لا يمكن نسيان الانتهاكات والجرائم التي اقترفتها الأنظمة الإيرانية والتركية والعربية بحقّ الكورد في القرون والعقود السابقة، رغم أن الإسلام يجمعهم مع الكورد. وقد استفاد المبشرون من هذه الزاوية كثيراً، في دقّ إسفين بين الكورد وبين غيرهم من الشعوب الإسلامية المحيطة بالكورد، وفي الترويج لبضاعتهم.
في يومي 6-7/4/2006 عقدت الكنيسة الكوردية الحديثة المنشأ، مؤتمرها الثالث في مدينة أربيل، عاصمة إقليم كوردستان العراق، بمشاركة أكثر من ألف كوردي مسيحي؛ لم يمر على تنصرهم سنة واحدة!، حيث كانوا في العام المنصرم أربعمائة شخص، فقط حسب تقديرات المنصرين. ونجم عن هذا المؤتمر ردود أفعال متباينة، من حيث التشجيع من البعض، والإدانة من الحركات الإسلامية، والشخصيات الاجتماعية. وهم يتزايدون باستمرار، بحيث وصل هذا الأمر إلى أن تنصّر أحد المرافقين لزعيم إسلامي سياسي، في إحدى المناطق المجاورة لحلبجة، المعروفة بالتزامها الديني القريب إلى التشدد، وفق زعم بعض مصادر المبشّرين!.
ومؤتمرات الإنجيليين مستمرة الانعقاد عدة مرات في السنة، بصورة دورية، في مدن كوردستان: أربيل – ضاحية عينكاوه، ودهوك، والسليمانية، ومنتجع (مصيف) دوكان، على التوالي.
منذ أكثر من ثمانين سنة انتشرت الأفكار الماركسية في العراق عامة، وفي كوردستان خاصة، ولم تتمكن الحركات الماركسية من التأثير على إيمان هؤلاء، بل حتى المنتسبين لهذه الأحزاب كثيراً ما يشاهدون وهم يصلون ويصومون، وهم أعضاء في الحزب الشيوعي، أو غيرها من الحركات الماركسية، لأنهم دخلوا في هذه الأحزاب إيماناً منهم بأنها سوف تحقق العدل الاجتماعي، وتقضي على التفاوت الطبقي، ولكنها بدلاً من ذلك اتجهت وجهة أخرى نحو محاربة الإسلام، ودعم الإلحاد!.
في كل قرية كوردية كان يبنى المسجد قبل البدء ببناء أول بيت، وكان التشكيك بالإسلام من الخطوط الحمراء عند الكورد، وعدم القيام بالصلاة والصوم خلق مشاكل كثيرة بين أفراد العائلة الواحدة، وحرم الكثير من الأبناء من حق الوراثة لهذه الأسباب. إذن، من الذي يجبرهم أن يتحولوا إلى النصرانية، ويتركوا دينهم؛ دين الآباء والأجداد؟.
من الغريب والعجيب أن جلّ هؤلاء من مدينة أربيل (هولير)، المعروفة بالالتزام الديني، وهي مدينة المساجد؛ بحيث وصل عدد المساجد فيها إلى أكثر من 300 مسجداً، وهذا العدد نظائره قليلة، قياساً بالمدن الأخرى في العالم الإسلامي. مع العلم أن السلطان (مظفر الدين كوكبري)، صهر الناصر صلاح الدين الأيوبي، وأول من احتفل بالمولد النبوي في العالم الإسلامي بالصيغة المعروفة، ينحدر من هذه المدينة! وقد برّر بعض العلمانيين الكورد هذا التحول بالقول: ان استغلال الشعوب الفارسية والعربية والتركية للكورد، وانتهازية علماء المسلمين! والكيل بمئات المكاييل، وعدم إظهار موقف مشرف لمساندة الشعب الكوردي المظلوم، وهجوم المثقفين والنخب الإعلامية العربية يومياً على الكورد، يدفعهم ليس إلى الابتعاد عن كل ما هو عربي، بل إلى هجر الإسلام، والتحول لدين آخر!.
حملة تنديد بتبشير الأكراد العراقيين
عبّرت الحركة الديمقراطية الآشورية (المسيحية) في العراق، عن مخاوفها من الآثار السلبية المترتبة على حملة تجري في إقليم كوردستان العراق لتبشير أكرادها المسلمين. وأكّدت الحركة الديمقراطية الآشورية، في بيان مشترك مع الاتحاد الإسلامي الكوردستاني، إدانتها واستنكارها لأية محاولة تبشيرية استفزازية في كوردستان.
وقال البيان إن للتعايش السلمي، الديني والقومي، بين المسلمين والمسيحيين، والكلدوآشوريين والكورد، جذوراً تاريخية راسخة، على أساس احترام الأديان والعقائد، والتآخي، والوطن المشترك، والتعاون، والتنسيق، من أجل تحقيق الأهداف والمصالح المشتركة. وقال إنه ظهرت في الفترة الأخيرة حركة غريبة جاءت من خارج البلاد، باسم تبشير الكورد المسلمين، وحتى إعادة تبشير المسيحيين. وشدّد البيان على أن هذه الممارسات تستفزّ المسيحيين والمسلمين في إقليم كوردستان، وتتسبب في خلق التوتر، وتسيء إلى التعايش والوئام بين الجانبين، ولا يستبعد أن تستغل من قبل الجماعات الإرهابية، وأعداء بناء العراق الجديد، في هذه المرحلة الحساسة.
وفيما يلي نص بيانهما المشترك:
من المعروف أن التعايش المشترك، الديني والقومي، بين المسلمين والمسيحيين، الكورد والكلدوآشوريين والسريان، له تاريخ طويل، مبني على الاحترام المتبادل، والأخوة، والمشاركة في الوطن الواحد، والتعاون لتحقيق الأهداف والمصالح المشتركة. وهذا موضع فخر للجميع، ومثال جميل للتعايش المشترك في المجتمع. ولكن، وفي السنوات القليلة الماضية، بدأت حركة مشبوهة، جاءت من خارج البلاد، تعمل بالضد من مبادئ وقيم جميع الأطراف، وتهدف إلى تشويه حالة الانسجام والتآخي الديني في كوردستان، باسم تبشير المسلمين، والمسيحيين أيضاً، من أتباع الكنائس العريقة الموجودة في البلاد. حتى وصلت إلى عقد مؤتمر، قبل أيام، مؤدية إلى ضجةإعلامية، مستغلين الوضع الحالي في العراق. وفي الوقت الذي تؤدي هذه الأعمال إلى استفزاز الجميع، مسلمين ومسيحيين، في إقليم كوردستان، فإنها تؤدي أيضاً إلى تشويه حالة الانسجام والتعايش المشترك، وتتسبب في إشاعة الفوضى في المجتمع، واستغلالها من قبل المتشددين، المتربصين بالعراق الجديد، في توجهاتهم المعادية للسلم والاستقرار .
لذا، فإننا في (الحركة الديمقراطية الآشورية)، و(الاتحاد الإسلامي الكوردستاني)، ومن منطلق حرصنا، ومسؤولياتنا أمام جماهيرنا، نعلن عن قلقنا من هذه التصرفات، وندعو كافة الأطراف ذات العلاقة، لسدّ الطريق أمام هذه الأعمال، والقيام بدور إيجابي ومسؤول، من أجل الحفاظ على وحدة الصف في كوردستان، والتعايش بين مكوناته .
الحركة الديمقراطية الآشورية
الاتحاد الإسلامي الكوردستاني
كنيسة (كورد زمان)، أو الكنيسة الناطقة بالكوردية
بناءاً على ما تقدم، فقد تمّ- لأول مرة - تأسيس كنيسة كوردية إنجيلية خاصة، تدعى (الكنيسة الناطقة باللغة الكوردية)، في مدينة أربيل، يشرف عليها قساوسة كورد. وتحاول هذه الكنيسة إنشاء فروع لها في المدن الكوردية الرئيسية الأخرى، وهذا ما حدث في مدينتي دهوك والسليمانية. والغريب أن اختيار الشيوخ والقسس، الخاص بهذه الكنيسة، يتم بمواصفات خاصة: أن لا يكون الشخص المرشح يشرب الخمر، أو يدخن السكاير، وهذا ما خلق لهم إشكاليات عديدة، فهذه المواصفات من الصعوبة بمكان الحصول عليها من الكورد الذين انحرفوا عن دينهم الأصلي الإسلام، لأنهم أساساً كانوا يشربون الخمر، ويرتكبون الموبقات، لهذا دخلوا في النصرانية لا لشيء آخر، فجاءت المذاهب الإنجيلية لتحاول بطريقة مكيافيلية ساذجة تربيتهم من جديد!.
فضلا عن ذلك، تمّ تأسيس رابطة للكنائس الإنجيلية في المدن الرئيسية الثلاثة، حيث ظهر خلاف في من يتولى رئاسة هذه الروابط بين الكورد الذين تنصروا وأصبحوا إنجيليين، وبين النصارى الأصليين، الذين تحولوا من مذاهبهم الكاثوليكية والنسطورية والأرثوذكسية، إلى الإنجيلية البروتستانتية. فضلا عن ذلك فقد أمر الرئيس العراقي الأسبق جلال الطالباني، بتأسيس كنيسة خاصة بالأقباط الأرثوذكس في مدينة السليمانية، بسبب تواجد بعض العمال والفنيين المصريين العاملين في معمل إسمنت السليمانية، رغم عدم وجود طائفة الأقباط أصلاً في كوردستان؛ ويبدو أن الرئيس الطالباني اقتدى في ذلك ببعض الدول العربية الخليجية التي لها عمالة مصرية، فسمحوا بتأسيس كنائس للأقباط المصريين([11]).
ويشرف على هذه الكنائس الإنجيلية، مبشّرون أمريكيون وأوربيون من الكنائس الإنجيلية، مثل: رابطة الكنائس الإنجيلية الأوربية، منظمة انترست الأمريكية لدراسة الكتاب المقدس، وورد مشن آلاينس الأمريكية (World Missin Alliance)، منظمة الاتحاد الأمريكية ، منظمة هلينكتري الأمريكية (Healingtree International)، منظمة سولت فاونديشن الهولندية (Salt foundation)، بالإضافة إلى الجمعية الدولية للكتاب المقدس، التي يشرف عليها (اسكندر رسول ريت/ اسكتلندي)؛ يعملون في منظمات؛ ظاهرها إنساني، وباطنها العمل على زعزعة القيم الإسلامية، بواسطة شبهات المستشرقين، وتلامذتهم، ومحاولة اجترارها من جديد، ومن ثم زرع مفردات التبشير المختلفة: كالمخلص، والفادي، وحمل الله، والذبيح، في تلك القلوب الخاوية، والإيحاء لمثقفي الكورد بأن الإسلام كان السبب في تأخر الكورد! وأنهم ظلموا من قبل العرب والفرس والترك، على حد سواء، ومحاولة المجيء بأساطير وخرافات حول ظلم العرب المسلمين للكورد الزرادشتيين (المجوس)، في بداية فتح المنطقة الكوردية، في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد تولى ذلك احد الكورد الإيرانيين، وهو المدعو (الدكتور سعيد كوردستاني بن ملا رسول)، من أهالي مدينة سنندج (سنه) الإيرانية، وابن إمام الجامع الكبير فيها، وكان قد اعتنق النصرانية على المذهب الإنجيلي، في نهاية القرن التاسع عشر، حيث كان الإنجيليون قد افتتحوا لهم مركزاً في مدينة (أورمية) الإيرانية، الواقعة شماليّ غرب إيران، عام 1835م، في العصر القاجاري.
وقد أصبح (سعيد) طبيباً فيما بعد، بجهود المنصّرين، وقد حاول الأخير - بشتّى السبل - دعم طروحات المنصّرين الأمريكان والأوربيين حول حيثيات الفتح الإسلامي لديار الكورد، في فجر الإسلام، واعتباره غزواً. وقد مات هذا المرتد عن الإسلام عام 1942م في إيران، ودفن في إحدى المقابر المسيحية في مدينة همدان. وقد ساعده في جهوده تلك الباحث الكوردي الإيراني البروفيسور (رشيد ياسمي)، الأستاذ في جامعة طهران، الذي ينتمي ل(عشيرة الكوران) الكوردية، المنتمية لطائفة العلي إلهية(= اليارسان)، وكان - في الوقت نفسه - أحد منظّري الشاه الإيراني رضا بهلوي(1925- 1941م)، حول دعم وإحياء الأديان الإيرانية القديمة؛ من الميثرائية، والزرادشتية، وغيرها، واعتبار الشاه (آريامهر)، أي: شمس الآريين، في إشارة إلى الشعوب الفارسية والكوردية والبلوشية والمازندرانية والطاليشية والديلمية، التي تعيش ضمن خارطة إيران، والمناطق المحيطة بها.
وهكذا كانت لكتابات هذين الاثنين، وغيرهم من الكتاب الإيرانيين الشيعة؛ من العلمانيين، وغيرهم، تأثير كبير على الرواد الكورد الأوائل، من كتاب وصحفيين، حيث لا يزال العديد منهم، من العلمانيين، بشتى أطيافهم، من الليبراليين واليساريين والماركسيين، يردّدون أفكارهما في كل من إيران والعراق، لأسباب طائفية وعنصرية: نكاية بالإسلام والمسلمين، وخاصة من أهل السنة والجماعة([12]).
ومما تجدر الإشارة إليه أن أحد المبشّرين الأمريكان، من الذين عملوا في كوردستان العراق، وقدم من الأردن، بعيد حرب الخليج الأولى عام 1991م:( بيل سكوت)، ألّف كتاباً باللغات الثلاث: الإنكليزية والكوردية والعربية، تحت عنوان برّاق: (الكورد في التوراة والإنجيل)، رغم عدم وجود لفظة الكورد بتاتاً في التوراة والإنجيل، لا تلميحاً ولا تصريحاً، ولكنها دغدغة العواطف، ومحاولة دق أسفين بين الكورد من جهة، وبين بقية الشعوب الإسلامية، وتحديداً العرب؛ حملة رسالة الإسلام الاوائل، من جهة أخرى، في إشارة إلى أن القرآن الكريم لم يتطرق البتة إلى لفظة الكورد.
وعلى السياق نفسه، فإن الحكومة المحلية تمنح قطع أراض لهؤلاء المنصرين لبناء كنائسهم عليها، وتمنح مؤسساتهم الموافقات الأصولية لفتح المعاهد والمدارس والمكتبات، وطبع الكتب باللغات العربية والكوردية، بلهجتيها الرئيستين (الكرمانجية الجنوبية والشمالية)، وإن غالبية أبناء المسؤولين يتعلّمون في هذه المدارس التبشيرية، بحجة تعليم اللغة الإنكليزية. حتى وصل الأمر بأحد المسؤولين الكبار في حكومة الإقليم إلى القول: إنه يريد أن يرى كورداً دخلوا في المسيحية، على أن يراهم مسلمين متشددين.
ومن جهة أخرى، فإن الهيئات التبشيرية تحاول بشتى السبل الضغط على المؤسسات التشريعية والتنفيذية ومنظمات المجتمع المدني في إقليم كوردستان العراق؛ بقصد تغيير قانون الأحوال الشخصية المبني على الشريعة الإسلامية، للسماح للكورد المرتدين عن الإسلام (المتنصرين) لتغيير هويتهم الإسلامية إلى الهوية المسيحية، وكذلك الأمر بالنسبة لعوائلهم التي تنصرت، ومن ثم جعله قانوناً ساري المفعول في - إشارة إلى حرية المعتقد والضمير- وعدم اعتبارهم مرتدين وفقاً لأصول العقيدة الإسلامية التي لا تزال سارية المفعول في جميع أنحاء العراق.
[1]- ملف المنظمات الأجنبية في محافظة دهوك في كوردستان العراق.
[2]- من هذه المطبوعات، على سبيل المثال لا الحصر: جوش مكدويل، ثقتي في الكتاب المقدس. أبو داود، الكتاب المقدس (دراسة موجزة في معرفة ووحي وعصمة الكتاب المقدس). اسكندر جديد، هل الإنجيل واحد أم أربعة؟. عوض سمعان، الله بين الفلسفة والمسيحية؛...إلخ.
[3]- بحث ميداني قام به الباحث من خلال تجواله على الأحزاب والهيئات والمنظمات والكنائس المسيحية في محافظة دهوك، في كوردستان العراق، خلال سنوات 1992-1993م.
[4] - جابان الكوردي، صفحات من التنصير في كوردستان العراق، مجلة البيان، السنة التاسعة عشرة ، العدد 206، شوال 1425ﮪ ، تشرين الثاني/كانون الأول 2004م.
[5]- وهو الذي خلف المبشّر الأمريكي المشهور (صموئيل زويمر) في رئاسة تحرير مجلة العالم الإسلامي، بعد وفاة الأخير عام1952م.
[6]- نظراً للدور الكبير الذي قام به المبشّر (= المنصّر) الأمريكي (صموئيل زويمر)(1867-1952م) في تأسيس وقيادة الإرسالية العربية للتبشير، التي كان مقرها البحرين، والتي كانت مكلفة بالتبشير في شبه الجزيرة العربية، مهد الإسلام، على حد وصف (زويمر)، اعتباراً من سنة 1898م. أنشئ هذا المعهد، وسمّي باسم (زويمر)، تخليداً لأعماله في سبيل التبشير، وكان الهدف الأول والأساسي من إنشاء المعهد هو تنصير المسلمين.
[7]- مختصر وثيقة سرية باللغة الإنجليزية، حصل عليها الباحث من أحد العاملين الكورد في إحدى هذه المنظمات .
[8]- فرست مرعي، تاريخ التبشير المسيحي في كوردستان العراق، السليمانية، أكاديمية التوعية وتأهيل الكوادر، 2011م، ص106-107.
[9]- لقد تمّ إنشاء الجامعة الأميركية في بيروت عام 1866م، باسم الكلية الإنجيلية السورية، وتمّ تغيير اسمها إلى الجامعة الأميركية سنة1920م. أما الجامعة الأميركية، فقد تأسست في القاهرة سنة 1919م.
[10]- ويكيبيديا الموسوعة الحرة: عن الجامعة الأمريكية في دهوك https://ar.wikipedia.org/wiki
[11]- فرست مرعي، تاريخ التبشير المسيحي في كوردستان، مرجع سابق، ص119.
[12] - فرست مرعي، الكورد وكوردستان، جدلية الدين والأسطورة والتاريخ، أنقرة، مؤسسة بانكى حق، 2006م، ص121-123.[1]