$عفرين تحت الاحتلال (146): قرية “قطمة” المستباحة، سجن الراعي المرعب وعشرة شهداء ضحايا التعذيب، اعتداءات على المدنيين وفوضى حمل السلاح$
إن ما يعاني منه سكّان منطقة عفرين الأصليين المتبقين أكثر مما يُذكر في التقارير ويتصدر عناوين الأخبار، ضغوط ومضايقات يومية تُمارس ضدهم، تبغي تهجيرهم واستباحة ما تبقى من ممتلكاتهم، دون أي ضمير أو أخلاق أو مبادئ؛ وإذ نواصل تسليط الأضواء على الانتهاكات والجرائم المرتكبة:
= قرية قطمة:
الاستيلاء على منزلين في قرية “قطمة” بالكتابة عليهما “أحرار الشام”.
تتبع ناحية شرّا/شرّان وتبعد عن مركزها ب/4/ كم، وهي مؤلفة من حوالي /800/ منزل، وكان فيها حوالي /3200/ نسمة سكّان كُرد أصليين (25% إيزيديون والبقية مسلمون) وبقي منهم بعد الاحتلال حوالي /150 عائلة 450 نسمة فقط/ أغلبهم كبار السن، وتم توطين حوالي /3250/ نسمة من المستقدمين فيها، علاوةً على التوطين في مخيمات شمال وجنوبي القرية؛ أثناء الاجتياح تم تدمير مئذنة مسجدها وحوالي /7/ منازل بشكلٍ جزئي، وسرقت الميليشيات محتويات معظم المنازل من مؤن وأدوات وتجهيزات واسطوانات الغاز وأواني نحاسية وغيرها، وكذلك جرار زراعي عائد للمواطن “حميد ويسي” وسيارة بيك آب هونداي للمواطن “أحمد نبيل”، وإلى جانب حوالي /650/ منزلاً استولت الميليشيات على معصرة زيتون عائدة للمواطن “إسماعيل عبدو”، وعلى أكثر من /30/ ألف شجرة زيتون (منها /5/ آلاف ل إسماعيل عبدو) وحقول من أشجار الكرز وشجيرات العنب، بالإضافة إلى فيلا المرحوم القاضي “حسن حساني” من قطمة وآلاف أشجار الزيتون العائدة لأبنائه.
هدم مئذنة مسجد قرية “قطمة” بالقصف من الجيش التركي، شباط 2018م
قطع أشجار حراجية وإضرام النيران في غابة بالقرب من قرية “قطمة”، 28-06-2020م.
وقد تعرض المتبقون من السكان الأصليين لمختلف صنوف الانتهاكات، منها اعتقال معظم الرجال ونساءٌ أيضاً بمدد وغرامات وفدى مختلفة، وقطع /60/ شجرة زيتون عائدة للمواطن “صادق حسين علو” و /400/ شجرة عائدة للمواطن “حج أحمد قاسم” وعشرات الأشجار للمواطنين “علي كوجو، يحيى دادا، بشير معجونو” والكثير من أشجار الغابة الحراجية شمالي القرية والتي أٌضرمت فيها النيران أيضاً، وبقصد إنشاء قاعدة عسكرية شمالي قرية المالكية وبموقع “بحوار” تم قلع حوالي (270 شجرة زيتون عائدة للأشقاء حمدوش وأحمد وأمين قاسم من أهالي قطمة، و 100 شجرة بجوارها عائدة لمواطن من قرية المزرعة)؛ وتم تدمير أبراج شبكة اتصالات الهاتف النقّال في القمة المطلة القرية.
وفي إطار الحركة الدينية المتشددة تم تحويل منزل المواطن الإيزيدي “حنان عمر” في مفرق القرية إلى مسجد، وقامت “جمعية الأيادي البيضاء” ببناء مسجدٍ آخر جديد في القرية.
ومن أهالي القرية، ليلة 27-06-2018م، استشهدت السيدة “فاطمة حمكي /66/ عاماً- زوجة حنان بريم”، إثر إلقاء قنبلة يدوية إلى داخل منزلها في القرية من قبل مسلح. واستشهد المواطن “محي الدين أوسو /77/ عاماً” ليلة السبت/الأحد 25-08-2019م، نتيجة اقتحام منزله في حي الأشرفية بعفرين من قبل مجموعة مسلحة وضربه بشكل مبرح، وتوفيت زوجته “حورية محمد بكر /74/ عاماً” في 6 أيلول 2019، إثر الضربات التي تلقتها تلك الليلة وتدهور حالتها الصحية.
وكانت القرية قد تعرضت لعدة هجمات من جهة منطقة اعزاز، لقربها منها، حيث قصفت في نيسان 2016م من قبل ميليشيات الجيش الحرّ، وأسفر عن إصابة /9/ مدنيين بينهم نساء وأطفال وعن أضرار مادية، وفي أيار 2016م أيضاً؛ علاوةً على هجمات أخرى في أعوام سابقة.
ميليشيات “الجبهة الشامية وأحرار الشرقية وصقور الشام وأحرار الشام” تسيطر على القرية، وهي التي قامت بتفكيك سكك الحديد بالقرب من محطة “قطمة” الشهيرة وسرقة عربات منها، واستولت على كامل منطقة “المفرق” من القرية وشارع الفيلات ومبنى مقصف “ميديا” وصالة “أوريا” ومنعت ماليكها من العودة إليها (رغم تواجد بعض الأسر في عفرين)، وحوَّلت بعض المنازل فيها إلى مقرّات عسكرية (جلال عزو، منان ياسين، حميد دادا في المحطة، حسين مراد، زياد أحمد مختار)، ومنزل ومحلات المواطن “نوري معمو” إلى منشأة لتربية الأبقار.
وهناك أنباء عن تعرض مزار “بريم صادق” الإسلامي- شمال غربي القرية ومقبرته للنبش والتخريب، وكذلك تل “قطمة” الأثري إلى الحفر والنبش لسرقة كنوزه الدفينة.
= الشهيد “مسعود يوسف” وسجن الراعي المرعب:
الشهيد “مسعود يوسف يوسف”
يوم الأربعاء 19-05-2021م، أعلنت مؤسسة عوائل الشهداء لدى الإدارة الذاتية وذويه نبأ استشهاد المواطن “مسعود يوسف يوسف /42/ عاماً، متزوج وأب لطفلتين” من أهالي قرية “ماسكا” – راجو وأقاموا مراسم عزاء برحيله في مدينة حلب؛ اعتقل الراحل أثناء الحرب على عفرين في آذار 2018م ونُقل إلى سجنٍ في تركيا، ثم أُعيد إلى سجن بلدة الراعي- منطقة الباب (الطابق السفلي)، ووفق عدة مصادر أخفي فيه قسراً مع أكثر من /1500/ آخرين بينهم نساء من أبناء عفرين وريفها، تم اعتقالهم بشكلٍ عشوائي وتعسفي من قبل ميليشيات “الجيش الوطني السوري” المرتبطة بالائتلاف السوري- الإخواني وبإشراف الاستخبارات التركية خلال ربيع وصيف 2018م، ما عدا الذين اقتيدوا إلى سجون مارع وأعزاز وأخرى سرية لدى مختلف الميليشيات، بتُهم العلاقة مع الإدارة الذاتية السابقة.
سجن بلدة الراعي المركزي- منطقة الباب شمال حلب.
معظم المعتقلين وصلوا إلى سجن الراعي منهكين بسبب التعذيب منذ الساعات الأولى من احتجازهم وأثناء التحقيق الأولي معهم، وبعضهم كانوا يعانون من كسور في عظامهم؛ لم يعرفوا مكان وجودهم إلاّ بعد مضي مدة، ولم يكونوا قادرين على معرفة الزمن والتاريخ أو الليل والنهار بسبب الظلمة الدائمة التي عاشوا فيها، ولكل واحدٍ منهم رقم بدلاً عن اسمه، ولأكثر من عامٍ ونصف كانت وجبة غدائهم شوربة العدس ورغيف خبز، ولا يسمح لهم بالذهاب إلى المراحيض إلاّ مرتين في اليوم، فيضطر من لا يقدر على الانتظار للتبول في عبوات بلاستيكية أو التبرز في أكياس.
أما أساليب التعذيب فلم تقل بشاعةً عن أسوأ المعتقلات السورية الشهيرة، فالجلاد كان يلبس قناعاً بعد أخذ وجبة حبوب مخدرة، ثم ينهال على السجين بالضرب العشوائي المبرح، علاوةً على حالات اغتصاب وفظائع أخرى.
أٌصيب جميع المعتقلين في أواخر عام 2019م بأمراض صدرية ومعوية حادة، ونتيجة حالتهم الصحية المزرية سلفاً، توفي حوالي العشرة منهم خلال شهر كانون الثاني 2020م دون أن يُنقلوا إلى مشافٍ للمعالجة، وكانت جثامينهم تُنقل ليلاً من قبل إدارة السجن لتدفن في مقبرةٍ بشكلٍ سري ودون إبلاغ ذويهم إلى الآن، وكان من بينهم جثمان الشهيد “مسعود يوسف”.
منذ صيف عام 2020م، أي بعد مضي حوالي العامين من الإخفاء القسري بمعتقلات جماعية وفي ظروفٍ قاسية، بُدء بالإفراج عن المخفيين قسراً على دفعات وإلى الآن، ولا يزال قسمٌ منهم مجهولي المصير في سجن الراعي المرعب وبقية السجون، حيث لم نتمكن من معرفة أعدادهم.
لم ينجُ ذوي المعتقلين الملهوفين على أخبار أحبائهم من النصب والاحتيال والابتزاز المادي، فأغلبهم دفعوا مبالغ طائلة لقاء معرفة مصيرهم أو لإجراء اتصالات هاتفية معهم أو لأجل الإسراع في إجراءات نقلهم والإفراج عنهم، حيث يُنقل المعتقل من المعتقل إلى سجن سري بالقرب من قرية “قطمة” – عفرين للتحقيق معه عدة أيام، ثم إلى سجن ماراتِه “الرسمي”، ليبدأ مشاور ذويه خلال أشهر في دفع الرشاوى و”الأتعاب” للسماسرة والمحامين و”المحكمة” التي تطلق سراحه بعد تحصيل غرامات مالية أيضاً.
أغلب المفرج عنهم يعانون من مشاكل نفسية وصحية، وينفرون من الحديث عن العذابات والأيام الحالكة التي مرّوا بها، ويحجمون عن البوح عمّا تعرضوا له، ويخشون من الاعتقال ثانيةً.
إن هذه الاعتقالات والممارسات المرافقة لها تُعدُّ جريمة ضد الإنسانية وانتهاك للمادة /70/ من اتفاقية جنيف الرابعة /1949/ التي لا تجيز “لدولة الاحتلال أن تقبض على الأشخاص المحميين أو تحاكمهم أو تدينهم بسبب أفعال اقترفوها أو آراء أعربوا عنها قبل الاحتلال…”، وتتحمل سلطات الاحتلال التركي ومنظومة “الائتلاف السوري وحكومته المؤقتة وجيشها الوطني السوري” المسؤولية عنها، وعليها الكشف عن مصير المتبقين من المخفيين قسراً وإطلاق سراحهم، وعن سجل المتوفين في السجون وتسليم رفاتهم إلى ذويهم.
= انتهاكات وفوضى:
– في بلدة راجو مؤخراً، اعتدى مسلح من الميليشيات على المواطن “أمين محمد حنيف شيخ عبدي /40/ عاماً” من أهالي قرية “شيخ” وصاحب محل بيع أدوات صحية في سوق راجو، مما حدا به الدفاع عن نفسه، إلاّ أن عناصر “الشرطة العسكرية” تجمعوا حول المواطن وانهالوا عليه بالضرب وأجبروه على التصالح مع المعتدي. كما اعتدى مسلح آخر بداية هذا الشهر على المواطن “محمود علي إسماعيل” من أهالي قرية “مَمالا” صاحب محل في سوق راجو، بسبب رفضه البيع له بالدين، ودون أن تتخذ الشرطة أي إجراء ضد المعتدي، رغم تقديم المعتدى عليه شكوى لديها.
– بعد أن قام متزعم ميليشيات “لواء صقور الشمال” المدعو أحمد غويان (أبو عبدو) في قرية كمروك- مابتا/معبطلي بتشغيل عمال في حصاد الجلبان التي زرعها في حقول الزيتون المستولى مدة يومين دون أن يدفع لهم أجورهم، وامتناعهم عن الاستمرار في العمل، لجأ إلى جمع رجال في القرية عنوةً وإجبارهم على الذهاب إلى الحصاد يومين قبل العيد دون دفع أية أجور.
– بتاريخ 16-05-2021م، اعتدى شخص من المستقدمين الذين تم توطينهم في قرية “كيلا”- بلبل على المواطن “محمد علي علو /37/ عاماً” من أهاليها بالضرب والتهديد بالسلاح، بعد أن حاول الأخير منعه من رعي أغنامه على كومة من أغصان الزيتون جلبها لماشيته، كما أن متزعم ميليشيات “فيلق المجد” في القرية أقدم على احتجاز المواطن “علو” لساعات وتعريضه للتعذيب وفرض فديةٍ لقاء الافراج عنه، بعد أن تقدم بشكوى لديه بخصوص الاعتداء الذي تعرض له، ودون أن يحقق مع المعتدي أو يعاقبه بشكلٍ ما.
– أكد “الدفاع المدني” في عفرين أن عبوة ناسفة مزروعة بسيارة في حي الصناعة بالمدينة، فجر الأربعاء 12-05-2021م قد انفجرت، فأدى إلى احتراق السيارة دون وقوع إصابات.
– ذكرت وسائل إعلام محلية أنه مساء الأربعاء 19-05-2021م، ألقى مجهولان يستقلان دراجة نارية قنبلة يدوية قبالة جامع “أبو بكر” بالقرب من دوار “نوروز”- مدينة عفرين، فأدى انفجارها إلى إصابة شاب بجروح؛ كما أن رجلان من المستقدمين ظهيرة نفس اليوم قد تعرضا لطعن بالسكاكين على يد مسلح من ميليشيات “فرقة السلطان مراد”، في شارع راجو بمدينة عفرين.
– وفي إطار فوضى حمل السلاح وارتفاع نسبة الجرائم، وحسب وسائل إعلام محلية، بتاريخ 18-05-2021م وُجد المستقدم “محمود نعمة” من أهالي بلدة مارع مقتولاً بالقرب من قرية “أناب” – روباريا، وبتاريخ 16-05-2021م وُجد المستقدم “محمد الشرشوط” من إدلب مقتولاً في قرية باسوطة.
– يوم وقفة عيد الفطر 12-05-2021م، أقدم مسلحون من الميليشيات على إطلاق الرصاص الحي في الهواء وسط سوقٍ شعبي بمدينة جنديرس، فخلق حالةً من الهلع بين الباعة والمتسوقين وجعلهم يتراكضون ويتركون ما بين أيديهم، فتبعثرت البضائع وهام المسلحون واللصوص على سرقة ما تيسر بين أياديهم من أموال وبضائع، إضافةً إلى إصابة امرأتين بشكل طفيف.
إن أهالي عفرين يناشدون القوى الدولية الفاعلة على الساحة السورية وهيئات الأمم المتحدة المعنية بسوريا للضغط على حكومة أنقرة كي تعمل على كشف مصير أبنائهم المعتقلين المخفيين قسراً وإطلاق سراحهم، وتكفّ عن الاعتقالات التعسفية التي تطال الكُرد في المنطقة.
المكتب الإعلامي-عفرين
حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)
[1]