كيف يجب ان تتعامل الحكومة الفدرالية العراقية مع نوايا استقلال اقليم كوردستان
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4811 - #19-05-2015# - 14:01
المحور: القضية الكردية
الكورد، و كوردستان بشكل عام باجزائها الاربعة تتسم بالمقومات الاساسية لبناء دولة و كيان خاص بهم و هذا يعترف به القاصي و الداني قانونا و شرعا، و لا ينكرها المنصف مهما كانت خلفيته، فان وصل اقليم كوردستان العراق الى وضع اكثر تقدما من حيث المكانة و الموقع و من الامكانية في الوصول الى المكان الذي يمكن تحقيق الهدف الذي يحلم به الاكثرية المطلقة من الكوردستانيين، فليس بمانع ان يحققوا اهدافهم ان سمحت لهم الظروف المؤاتية الموضوعية و الذاتية و دون ان يفكر احد بوضع عصا في دولاب تقدمهم الذي ليس على حساب احد و هو ات بعد معانات و تضحيات كبيرة شتى .
ان فكرت السلطة العراقية و القائمين عليها بدقة و تمعن عميق و قرات التاريخ و كيف و من صنعه و وضع كل عامل في مكانه و من اجل ماذا، فلابد ان تكون معتدلا و عادلا او تصل الى ذلك في اخر الامر، العراق في عمره و تاريخه لم يكن دولة متكاملة و متجانسة و منسجمة المكونات منذ انبثاقه على يد مستعمرها و مابعد معاهدتي سيفر و لوزان و ما دخل فيهما من الامور التي قلبت الواقع و خربتها بحيث سارت المنطقة على رجل واحدة منذ الحرب العالمية الاولى .
ان تكلم اي منا وفق خلفية انسانية بحتة دون الاعتماد على ايديولوجية معينة او موقف مسبق من الكورد او من منطلق المصلحة الخاصة التي اصبحت عالة على حامليها قبل من يتضرر بها الاخرون، فاننا يمكن ان نصل الى شاطيء الامان و نصحح المسار الخاطيء الذي اطال به الزمن لاسباب و عوامل عديدة و كان لابد ان يُصحح منذ مدة . و هذا ليس تعصبا بقدر الحيادية التي تدفعني الى الكلام عن الموضوع من منطلق الحقوق المغبونة التي هي واضحة امامي عقلي وضوح الشمس، و بما افكر به انسانيا و ليس اي شيء اخر . طالما حلمتْ و ضحتْ الاكثرية الساحقة من مكون لتحقيق هدف معين على طول التاريخ، و طالما بقت الاكثرية الساحقة مؤمنة بما تحمل من تلك الامال و الامنيات وا لاهداف دون ان تضر باي احد اخر، و طالما فكرت الاكثرية الساحقة بانسانية و تصرفت بحنكة العفو عند المقدرة و النضال عند الضعف فانه يستحق ان ينال مرامه مهما تاخر او مُنعت من تحقيق اهدافه و اخطا من اعتلى زاما المور فيه او تجبٌر على شعبه قبل الاخر .
فنسمع عن اراء و مواقف مختلفة ازاء ما يُعلن و يُدعى من الخطو نحو الاستقلال بين فينة و اخرى من قبل الكثيرين، و بعضه ليس الا مزايدات داخلية كوردية من اجل مصالح حزبية شخصية ضيقة و على حساب هذا الشعب المسكين المغلوب على امره، نعم هذا الشعب الذي عانى من ايدي الدكتاتوريات الى ان وصل الى حال يعاني اليوم على ايدي سلطته و سلوكها و ما تسير عليه .
فهناك من الجانب الاخر من يدعي منع الكورد عن تحقيق اهدافهم و هو يتبع اهوائه الغريزية و نظرته الى الاخر من منطلق الاستعلاء و الغرور الذي يسيطر على الانسان الشرقي المقتدر في اكثر الاحيان . و الاخر يدعي التعامل معهم على اسس قانونية بما مضوا عليه هم من طلبهم لبقائهم ضمن حدود الدولة كما جاء في الدستور، ناسين انه كان طلب من السلطة و اقتناعها و ليس الشعب و كان استنادا على قرائتهم للظروف السياسية العامة و خوفهم من العواقب لو طلبوا ما يؤمن به الشعب بشكل عام ، و هم ساروا على اعادة بناء العراق على الخطا ذاته، اي اعادوا ما صنعه الاستعمار و الاعداء بنفسهم . و الاخر يدعوا الى الابتعاد عنهم ( و اكتفاء شرهم ) ليس حبا بهم و انما كرها او تعصبا و هذا شر بذاته . و الاخر يطلب منعهم من الخطو نحو الاستقلال لاسباب مصلحية ذاتية و منها خيالية من الايديولوجيا و اليوتوبيا التي يؤمن بها . و هناك من المنصفين المثقفين الانسانيين القارئين للتاريخ و هم النخبة الذي يقيٌمون واقع الكورد و تاريخه و ينصفونه في تحقيق اهدافه المستحقة .
و عليه من الواجب على الحكومة الرشيدة في العراق الاتحادي اتخاذ مواقف تفيده و الكورد معا، اي؛ لابد ان يستقل كوردستان اليوم كان ام غدا و كما تفرضه الظروف التي تعيش فيه و ما سارت عليها من قبل الى ان وصل الى ما اضر بنفسها و الدول التي التصق بها ايضا، كما فرضها لاستعمار في حينه لعوامل و اسباب عديدة ليس الكلام هنا على ذلك . و عليه يجب ان تتخذ الحكومة الاتحادية العراقية خطوات انسانية قبل السياسية في هذا الشان بحيث تفيد بها نفسها قبل الكورد من حيث البقاء او الانفصال بالتراضي و قناعة الطرفين و ان اتخذت، كوردستان موقف الانفصال كما هو المعلوم عنها من كافة النواحي، فان على الحكومة الاتحادية الرشيدة العاقلة التي من المفروض ان تسندها ليكون الطرفانجاران صالحان مستقبلا و يصححا الاثنان معا ما سار عليه التاريخ خطئا او فرضا من قبل الاعداء المشتركين لنا من اجل مصالح خاصة بهم دون اهل العراق بكل مكوناته .
اما داخليا في القيم كوردستان و ما ابتلى به هذا الشعب المسكين من السلطة و الادارة الفاسدة من جميع النواحي التي فرضت نفسها عليه، فلا يمكن تغيرها طالما بقت على هذه الحال من المزايدات و الادعائات حول استقلال كوردستان و التي تضلل بها الشعب و كما هو المعروف عنهم انهم يسيرون على كلمة حق يُراد بها الباطل طوال هذين العقدين من الزمن . و بعد تحقيق اهداف الكورد السامية و تحقيق الاستقلال، يمكنه بنفسه ان يتفرغ لتغيير هذه السلطة الفاسدة المضللة التي تاخذ الاستقلال شعارا لضرب الداخل به سياسيا و ليس هدفا حقيقيا له، و الشعب يصحح المسار الداخلي من تغيير السلطة التي هي على هذه الحال المعلوم عنها، دون ان يتردد نتيجة ما يخيفه من ما تدعيه السلطة اليوم و ما تسميه اعداء الخارج و مانعي الاستقلال و ما تتحجج به من اجل البقاء على زمام الامور باي شكل و طريقة كانت .
على الاسس الناجحة التي يمكن ان تُبني على الافكار الانسانية العقلانية، و بعيدا عن تكرار ما حصل طوال هذه العقود و ما نتج عنه من سفك للدماء و الضحايا الهائلة و تسلسل الويلات المتلاحقة نتيجة هذه الثغرة الكبيرة في كيان العراق و المنطقة منذ انبثاق الدولة العراقية، فلابد ان تتبع السلطة خطوة جريئة ناجحة مبنية على تصحيح التاريخ و لا يمكن ان تخطوها الا عقلية مفكرة استراتيجية بعيدة عن الايديولوجيا و المصالح الضيقة ، فهل لدينا في العراق من يفكر بهذا الشكل و من هذا المنطلق و يستبشر المستقبل بخطوات رائدة في هذا الشان و يتعامل وفق مصلحة الطرفين بعيدا عن نوايا و اهداف من فرض هذا الواقع على هذه المنطقة و يريد ان يكرر ما فعله بشكل و طريقة اخرى كي يقع الواقع لصالحه ايضا و يستمر فيه طوال عقود اخرى، اي يجب قطع دابر من يريد ان يلعب بالمنطقة و ما صنعته يده، و قطع الطريق عن تحقيق مرامه االخبيث و هو راس الفتنة التي وزع المنطقة على اشكال تبقى خاضعة لها و تكون ضعيفة بشكل يمكن ان يستمر في حال تحتاج اليه . هل نجد من منقذ ام يجب ان ننتظر اكثر ؟ سؤال يجيب عنه من له الصلة بما يقضي في العراق و المنطقة و ما يحدث مستقبلا قريبا.[1]