ترجمة/بهاءالدين جلال
قبيل بدء عملية التصويت في العراق و اقليم كوردستان عقد برلمان كوردستان اجتماعه الاعتيادي و انتخب هيئته الرئاسية، وحدد يوماً لعقد اجتماعه الثاني بغية تكليف رئيس الوزراء رسمياً لتشكيل الحكومة الجديدة( التشكيلة الثامنة)،كما اعلنت حكومة الأقليم بعد انتهاء الأنتخابات بيع النفط بالشكل المباشر دون العودة الى بغداد، وبعد هذه التطورات نحن الآن بأنتظار الأعلان عن نتائج الأنتخابات، من اجل البدء بالحوارات مع الأطراف العراقية بغية تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، ولكن تلك العملية ليست هينة بل تحتاج الى اشهر عدة، كما هناك توقعات بظهور سيناريوات عديدة في هذا الجانب، ما يخص الجانب الكوردستاني هو في حال عدم نجاح المحاولات في التوصل الى حل المشكلات أمام عملية تشكيل الحكومة هل هناك سيناريو آخر امام الكورد؟ للحديث عن هذا الموضوع و مسائل أخرى التقت كولان الدكتور روز نوري شاويس عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني و عضو هيئة مفاوضات الحزب لتشكيل حكومة الاقليم( التشكيلة الثامنة) و نائب رئيس الوزراء العراقي:
* بعد الأعلان الرسمي لنتائج الأنتخابات، تتجه الأطراف العراقية لأجراء التحالفات الرامية لتشكيل الحكومة الجديدة في العراق ، ما يخص الجانب الكوردستاني هو ضرورة وجود توحيد الصفوف و المواقف قبل كل شيء، و ان اساس وحدة الصفوف هذه يبدأ من تشكيل حكومة اقليم كوردستان، السؤال هو :ماهي اجراءاتكم و استعداداتكم من اجل اعادة ترتيب البيت الكوردي قبل الذهاب الى بغداد؟
- قبل كل شىء، اهنىء مجلة كولان بمناسبة الذكرى السنوية لصدورها متمنياً لكم دوام التقدم و الموفقية، و حول سؤالكم أود التطرق أولاًً الى المشكلات القائمة بين الأقليم و بغداد، و هذه المشكلات معروفة لدى الجميع، الكورد لازال يؤمن بالدستور و الأتفاقيات، وعندما يجري الكورد المفاوضات ليس الهدف منها تسلم السلطة في بغداد، بل هو بناء عراق اتحادي ديمقراطي و تعددي، ليطمئن الكورد في ظل مثل هذا النظام و يصل الى اهدافه المشروعة، ولكن ماهو واضح حتى الآن هو محاولة الأطراف العراقية احتكار القوة العسكرية و الأموال و السلطة لوحدها، و انها غير ملتزمة لا بالدستور و لا بالأتفاقيات المبرمة معنا أو مع الأطراف الأخرى، ان هذه السياسة و التعاملات مؤشر خطير لمستقبل البلاد، لذا علينا الأستفادة من تلك التجارب من اجل عدم السماح لتكرار مثل هذه السيناريوات مستقبلاً، علينا اختيار سيناريو جديد و هدفنا الأول هو اعادة ترتيب البيت الكوردي، ولكن بالنسبة لهذا الأمر و مع كل تلك المساعي الحثيثة التي يبذلها الحزب الديمقراطي الكوردستاني و المرونة الكبيرة التي يبديها الرئيس البارزاني ازاء الأحزاب الأخرى، نجد أنّ الأطراف و الأحزاب الكوردستانية – ومع الأسف الشديد- تتصرف من منطلق الزاوية الحزبية الضيقة و لاتراعي المصلحة العامة ، وبالرغم من ذلك يبذل الحزب الديمقراطي الكوردستاني قصارى جهوده من اجل مواجهة المرحلة الجديدة و اتمنى ان نلقى فيها النجاح.
* انكم كعضو في الوفد المفاوض لتشكيل حكومة الأقليم الجديدة مطلعون على جلسات المفاوضات مع الأطراف السياسية، والمعروف انّ البارتي و كوران( التغيير) و الجماعة الأسلامية و الأتحاد الأسلامي قد عقدت اتفاقيات، المشكلة القائمة حتى الآن تخص فقط جانب الأتحداد الوطني الكوردستاني، هل انكم كالحزب الديمقراطي الكوردستاني لازلتم ملتزمين بالأتفاق الستراتيجي المبرم بينكما أم انكم تعتمدون على نتائج الأنتخابات كمعيار في هذا المجال؟
- عندما نتحدث عن تشكيل الحكومة فإننا نواجه معيارين، الأول وهو الأمر الواقع، و الثاني هو معيار الديمقراطية و الأنتخابات، وفي اطار هذين المعيارين عندما يشارك أي حزب سياسي في عملية الأنتخابات و التصويت فهو يشارك كحزب يؤمن بالديمقراطية، وبما أنّ عموم الأحزاب الكوردستانية تنادي بالديقراطية فإن نتائج الأنتخابات هي التي تحدد احجامها و مواقعها في العملية السياسية، وفي ظل نتائج الأنتخابات تشارك الأحزاب في الحكومة أم تختار صفوف المعارضة، و في حال عدم تحقيق هذا الهدف، علينا اللجوء الى طريق آخر بين الأمر الواقع و نتائج الأنتخابات، و بالنسبة للوضع الحالي لأقليم كوردستان لو كانت الديمقراطية راسخة بيننا لكانت نتائج الأنتخابات تكفي لتشكيل الحكومة الجديدة، أي قيام بعض الأحزاب ووفق نتائج الأنتخابات بتشكيل الحكومة فيما تتحول الأخرى الى المعارضة و كانت العملية تشهد تغييراً كل أربع سنوات و من ثم يجري تداول السلطة، ولكن ما نلاحظه في مجتمعنا ان الأمور ليست بهذا الشكل، فبعض الأطراف تطالب بأكثر من مستحقاتها من الديمقراطية، ولكن وفق كل الأسس الديمقراطية فإنّ على الأطراف فهم معنى الديمقراطية، لأنه برأي الحزب الديمقراطي الكوردستاني أنّ نتائج الأنتخابات هي المعيار الوحيد لتداول السلطة بشكل سلمي، كما يراعي الأمر الواقع و نتائج الأنتخابات ومعرفة مصادر القوة واين تكمن، اذاً من حق البارتي القيام بتشكيل الحكومة( التشكيلة الثامنة) لأنه الفائز الأول و حصل على اكثر الأصوات، ولكن تقع مسؤولية تشكيل تلك الحكومة ايضاً على الأطراف الأخرى، ان المسؤولية تتطلب من الكل ترتيب البيت الكوردي قبل التوجه غداً الى بغداد، ووفق الأنتخابات فإن الأمور قد تشهد تغييرات عدة، يمكن أن تكون سيئة أو تشهد الأوضاع استقراراً نسبياً، والبارتي يظهر مرونة كبيرة وقد يخسر بعض من مستحقاته ويتنازل عن بعضها الآخر من اجل المصلحة العامة، لذا الأمر يتطلب تعاون الأطراف الأخرى و اتباع سياسة وطنية تراعى فيها المصلحة العليا للشعب.
* الأطراف الكوردستانية لم تسبب مشكلات شخصية لأي شخص أو طرف في العراق، بل دافعت عن حقوقها الدستورية لشعب كوردستان، ومما لاشك فيه أن النتائج الأولية اظهرت أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني حصلت على اكبر نسبة من المقاعد في البرلمان العراقي بين الأطراف الكوردستانية الأخرى، ما هي استعداداتكم لهذه المهمة الوطنية من اجل خلق اجماع لشعب كوردستان؟
- حصل الحزب الديمقراطي الكوردستاني في الأنتخابات العراقية السابقة على اكثر من 30 مقعداً، وكما تظهر النتائج الأولية انه يحصل هذه المرة على اكثر من هذا العدد، وبالرغم من هذه النتيجة فإنّ البارتي لم يصب بتعالي أو الغرور، بل انه راعى كل الأحزاب و الأطراف الأخرى، من جانب آخر صحيح ان مشكلة الكورد ليست مع شخص معين، بل ان جميع مطالبها شرعية و يتركز نضاله من اجل ايجاد نظام اتحادي يستفيد منه عموم العراقيين، ولهذا لن يسعى الكورد الى تسلم السلطة في بغداد بل أنه يحاول جعل النظام يساير الدستور، ولكن كما اشرت اليه سابقاً فإن الأطراف الأخرى تسعى الى احتكار السلطة، وهذه احدى المشكلات المتفاقمة على الساحة السياسية العراقية، ان الخلاف الكوردي مع تلك الأطراف هو في هذا الأمر، وهذا يستوجب اتخاذ موقف موحد لمواجهة الأحتمالات العديدة في بغداد، و لو نظرنا الى شعارات عموم الأحزاب نجد ان بعضاً منها تطالب بتطبيق الدستور و الفدرالية، بل تتجاوز الأخرى الى اكثر من ذلك والمطالبة بالكونفدرالية لتحقيق مطالبها، كما ان الجميع تصر على كركوك و حقوق و مستحقات البيشمركة ورسم الحدود الحقيقية لكوردستان، و الكل يطالب بتأمين الموازنة المشروعة للكورد وعدم التلاعب بها حسب اهواء الأشخاص او الأحزاب، اذاَ كل هذه الأمور عليها اجماع كوردي موحد، ولكن بالرغم من ذلك علينا تفعيل دورنا في بغداد لمواجهة السيناريوات المحتملة، وعلى الأحزاب الكوردستانية العمل وفق الأسس الديمقراطية و التعامل كقوة واحدة، صحيح ان المنافسة ضرورية و واردة ولكن كأصدقاء و ليس كأعداء.
* يجري الآن الحديث عن تشكيل حكومة الأغلبية، ولكن من الصعب انْ تستطيع حكومة الأغلبية حل مشكلات العراق في الوقت الحاضر، و بالنسبة الى عقد التحالفات، تبين ان تحالفنا مع الشيعة لم يكن كما ينبغي، كيف يتعامل الكورد مستقبلاَ من حيث التحالف مع الأطراف العراقية؟
- كان الكورد كأحزاب كوردستانية عموماً يعتقد قبل 2003 أنه ليس من الممكن ادارة حكم العراق من قبل طرف واحد، وهذا يعني الدكتاتورية، وحتى لو حكم العراق طرفان فهذا يشير الى الأجحاف بالطرف الثالث، ولهذا السبب يسعى الكورد الى تشكيل حكومة في العراق تلتزم بالديمقراطية و تكون اتحادية أو كونفدرالية، و يجب ان تضم ممثلي المكونات الثلاثة، وما لاحظناه من قبل أنّ الشيعة قبل الأنتخابات كانت تضم عدة قوائم ، أما بعد الأنتخابات فأنها تحولت الى قائمة واحدة، وبهذا شكّلت الأغلبية، و استطاعت تشكيل الحكومة، و على عكس الأطراف الأخرى فالسنة كانت متحالفة ضمن قائمة العراقية و بعد الأنتخابات تشتت ولم تستطع المحافظة على كيانها، ما فسح المجال الى الشيعة للسيطرة على معظم مفاصل الدولة، واذا ماتكرر السيناريو ذاته من قبل المكون الشيعي يعني عودة الدكتاتورية، وما يسعدنا هو أنّ الأطراف الكوردستانية لازالت متحدة، عدا في بعض المسائل السياسية التي قد اضرت بالكورد بصورة عامة.
* ماهي تلك المسائل على سبيل المثال؟
- كمسألة سحب الثقة من المالكي حيث لم يكن للكورد فيها موقف موحد، وخسرنا فيها كثيراً، يجب عدم ظهور مثل هذا الأتجاه بين الكورد مرة اخرى، المهم مشاركة الشيعة والسنة و الكورد في اي حكومة عراقية لتتحول الى مرآة حقيقية تعكس الشراكة الحقيقية، وبالنسبة للتشكيلة الجديدة هناك عدة سيناريوات و تتضح اتجاهاتها بعد ظهور النتائج الرسمية للأنتخابات، احد هذه السيناريوات هو فوز دولة القانون و اضعاف الأقطاب الأخرى، أو بالعكس، والسيناريو الآخر هو توحيد البيت الشيعي او تشتته، و في الواقع هناك خلافات بين الأطراف الشيعية ذاتها، واعتقد ان تلك الخلافات سوف تتفاقم بعد اعلان النتائج ، ولهذا السبب يتطلب من الكورد توحيد مواقفه لكي يواجه كل الأحتمالات التي تظهر على الساحة العراقية.
* لو فرضنا أنّ نوري المالكي و دولة القانون حصلا هذه المرة على غالبية الأصوات و استمرا على نهجهما السابق ازاء اقليم كوردستان، كيف سيكون موقف الأقليم حيال هذه المسألة بصراحة؟
- على الكورد ايجاد خيارات اخرى، و لهذا اقول دائماً أنّ نتائج هذه الأنتخابات مصيرية بالنسبة للعراق و لأقليم كوردستان، وفي هذا المنحى نسعى الى وضع الحالة على مسارها الصحيح من خلال انشاء دولة عراقية فدرالية ديمقراطية، وفي حال لم تكن النتائج في صالح الكورد و الأطراف العراقية بقيت على سياساتها السابقة حينها على الكورد الأعتماد على خيارات اخرى ومنها التفكير في عقد تحالفات.
* يرى الكثير من المراقبين انّ الولايات المتحدة الأمريكية سوف تدخل العملية بكامل قوتها، هل ترى أننا سوف نرضخ للضغوط الأمريكية وما هو برنامجكم في حال حصول مثل هذا التدخل؟
- كل الحكومات التي تم تشكيلها عليها الطابع الأمريكي أو الدول الأخرى، لا اعتقد أنْ يتم تشكيل الحكومة هذه المرة من دون دور امريكا و الدول ، أما بصدد الكورد فإن مسألة منصب رئاسة الجمهورية مهمة جداً بالنسبة للكورد لأنها من استحقاقه و هناك دعم كبير من الأطراف العراقية لتولي الكورد هذا المنصب و لا أخفي عليكم قد يكون السيد مسعود بارزاني واحد من بين الذين يتولون المنصب المذكور، ولكن بالرغم من ذلك نجد ان صلاحيات رئيس الجمهورية في العراق هي في الواقع اقل من صلاحيات رئيس الوزراء ويجب انْ يجري توازن بين صلاحيات كل من رئيس الوزراء و رئيس الجمهورية، وبالنسبة للكورد هناك سمة خاصة لمنصب رئيس الجمهورية حيث ان العراق يتكون من مكونين رئيسيين وهما الكورد و العرب، ومن بين العرب هناك السنة و الشيعة، ولهذا نحن مصرون على تولي منصب رئيس الجمهورية، واعتقد ان الأطراف العراقية الرئيسة سوف تقبل بهذه الفكرة.
* يعتقد البعض ان للمرجعية الشيعية دوراَ مهماً في العملية السياسية بالعراق، و يتوقع بعض آخر ان المرجعية تتدخل هذه المرة في تشكيل الحكومة الجديدة من خلال حث الطرف الشيعي في العملية، هل تعتقد أنّ دور المرجعية الشيعية يسهّل عملية تشكيل الحكومة في العراق؟
- في الحقيقة دخول المرجعية على الخط سوف يكون له الدور الكبير، ولكن هذا قبل الأنتخابات، و لا أظن أن تحدد المرجعية الشيعية صراحة شخصاً معيناً ، قد تكون المرجعية الكبيرة و على رأسها السيد السيستاني الذي يملك خبرة طويلة يسعى الى أنْ يعيش المكون الشيعي في وئام و سلام مع الآخرين، ولكن اعتقد اان سيادته قد يتدخل في حالة من الحالات و يختار شخصية وفق مؤهلات و شروط معينة، و بعد الأنتخابات سوف يكون للمرجعية الدور ايضاً لأنه مَنْ يناط اليه منصب رئيس الوزراء ينبغي أنْ توافق عليه المرجعية و يكون ذا شخصية مرغوبة من قبل عموم الشيعة كما هو الحال في الدورات السابقة.
* في المرة السابقة استغرق تشكيل الحكومة قرابة 10 اشهر، ويتوقع منذ الآن ان تشكيلها هذه المرة يكون اصعب و قد يستغرق فترة أطول، اذا تأخر تشكيلها كما في المرة السابقة و استمرت حكومة المالكي المنتهية ولايتها في الحكم على موضوع قطع رواتب موظفي اقليم كوردستان و حصة موازنة الأقليم، ماهي اجراءاتكم لمواجهة هذه المشكلة من حيث تأمين الرواتب و انجاز المشاريع؟
* في هذه الحالة أمام اقليم كوردستان خياران ويمكن تنفيذهما معاً، قطع المالكي رواتب الأقليم حتماً سوف يستمر فيه حتى بعد الأنتخابات، الخيار الأول هو بيع النفط دون العودة الى بغداد، و يخصص جزء من وارداته لصرف الرواتب، والثاني هو طلب القروض من بعض الدول خاصة من الأصدقاء أو من بعض البنوك التي لها مصالح في الأقليم وحتى من الشركات العاملة فيه وسيما الشركات النفطية، و نأمل أنْ تتمكن الحكومة الجديدة من ايفاء الديون، ولهذا السبب فإنّ هذين الخيارين يمكن الأعتماد عليهما من اجل مصلحة شعب كوردستان.[1]