تقرير/ آزاد كردي[1]
روناهي/ منبج: نظمت الجمعية التركمانية بمدينة منبج وريفها؛ المحاضرة الثانية التي حملت عنوان “التركمان أصول وجذور”، وذلك في صالة مركز الثقافة والفن الكائنة جانب المجمع التربوي، وألقى المحاضرة الكاتب القاص؛ جمعة حيدر.
أقامت الجمعية التركمانية بمدينة منبج وريفها؛ وضمن فعالياتها الثقافية محاضرة بعنوان “التركمان أصول وجذور”، وذلك في صالة مركز الثقافة والفن بمدينة منبج، وحضر المحاضرة العديد من اللجان والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب والمثقفين والعشرات من أهالي المدينة. وسبق وأن قدمت الجمعية التركمانية في الصيف الفائت محاضرة، حملت ذات العنوان، وألقاها أيضاً الكاتب القاص؛ جمعة حيدر.
التعريف بأصل التركمان
في المحور الأول من المحاضرة، استهل المحاضر محاضرته بحديثه عن أصل التركمان قائلاً: “التركمان، هم الشعب الذين يتحدثون اللغة التركمانية، وهي لغة للفرع الجنوبي من اللغات التركية، ويعيش معظمهم في تركمانستان، وفي أجزاء مجاورة لها من آسيا الوسطى. وهناك فرق بين الأتراك والتركمان، فالترك هم قبائل أورو آسيوية، تقيم في مناطق آسيا، ويُقسمون إلى نحو عشرين قبيلة مختلفة من أهمها وأشهرها “الأرغوز”، وهم الذين فتحوا الأناضول وأسسوا الدولة تركية الحالية. فأتراك تركية جميعاً من الأوغوز.
لما انتشر الإسلام بين أفراد هذه القبيلة عام 915م أسلم جميعهم، وأطلق العرب عليهم “ترك إيمان” لتمييزهم عن غيرهم من الترك، ثم أصبحت الكلمة تلفظ “تركمان” أي؛ التركماني. أما اللغة التركمانية، فهي لغة أو لهجة مستقلة قائمة بذاتها من حيث البنى اللغوية والأدبية، وهي أقرب إلى اللغة الأذربيجانية منها إلى اللغة التركية الحديثة”.
ذكر التركمان في أمهات الكتب
المحاضر أضاف: “هاجر التركمان على دفعات من موطنهم الأم آسيا الوسطى، وبشكل تدريجي نحو الجنوب،
فكانت حياتهم قبل الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط حالياً، عبارة عن ترحال مستمر وتدريجي، ولكنهم يختلفون عن البدو بطريقة الترحال، وأسسوا دولاً من خلال ترحالهم مثل الدولة الخوارزمية والكرخانات وغيرها وصولاً إلى السلاجقة والعثمانيين، بينما البدو يرتحلون بحثاً عن الكلأ والمرعى في وجهات عشوائية، ويحطون رحالهم أينما عثروا على واحة وتغذيهم وتمدهم بالماء، ولم يشكلوا دولة تخصهم. وورد أول نزوح للقبائل التركمانية إلى بلاد الشام، ونزولهم في دمشق وأطرافها في كتاب “معجم البلدان” للبلاذري، وكان يقال لهم “بنو المراق”، وكان ذلك سنة 105ه 722 م. وكانوا يرابطون على الثغور في حلب وحماة وإعزاز واللاذقية ودمشق، وذكره
م أيضاً الرحالة “ابن بطوطة” في كتابه المعروف “رحلة ابن بطوطة”، ويشير إلى سكنهم في جبال اللاذقية”.
التركمان والهوية السوريّة
وأردف المحاضر قائلاً: “التركمان في سوريا، ينقسمون إلى قسمين؛ أولهما؛ تركمان المدن أي الذي يقطنون المدن، ويطلق عليهم السوريون لقب الترك أو الأتراك، وهم في واقع الحال أسر تركمانية. وثانيهما؛ الأسر التركمانية التي تعيش في الأرياف والقرى، ويطلق عليهم السوريون صفة التركمان. وتركمان سورية: هم التركمان الموجودون ضمن السجلات العثمانية باسم تركمان، ويعرفون في حلب والرقة ب “تركمان جولاب”، أما تركمان الشام، فهم الذين يسكنون دمشق، أما تركمان اللاذقية، فيقال لهم “تركمان باير بوجاك” نسبة لجبال التركمان في اللاذقية. وفي أعقاب معاهدة لوزان عام 1922 -رسم الحدود السورية التركية- بقي قسم كبير من التركمان في سوريا، ومنحوا الجنسية السورية. أما بالنسبة للتعداد السكاني، فإنه لا توجد إحصائية رسمية حسب التصنيف العرقي للسكان في سورية”.
توزع التركمان في حلب وحمص
في المحور الثاني من المحاضرة، أشار الكاتب جمعة حيدر إلى مناطق وتوزع السكاني للتركمان وأشهر عائلاتهم في سوريا قائلاً: “يتوزع التركمان في مدينة حلب؛ ومناطق منها في الباب ومنبج وجرابلس والراعي وإعزاز، وتقدر عدد القرى ب 140 قرية تركمانية، كما ويتوزعون في المدينة بحي الهلك وبستان باشا والحيدرية والأشرفية وغيرها. ومن أشهر العائلات التركمانية، نذكر منهم: “عائلة المدرس، ومنهم الفنان الشهير”فاتح المدرس”، ومنهم أيضاً، عائلة، قوجة، نذكر منها الدكتور المهندس الأستاذ بجامعة حلب “بدر الدين قوجة”؛ ومنها أيضاً؛ عائلة “البابي”، نذكر منها؛ البالي الغزي، ومنهم: كامل البالي الغزي، صاحب كتاب “نهر الذهب في تاريخ حلب، ويقع في ثلاثة أجزاء”. وفي مدينة حمص، التي تعد من أكثر المدن كثافة للتركمان، فتقدر نسبتهم بنحو 65%، ويقدر عدد القرى بنحو 55 قرية تركمانية. وأشهر أحياءها “حي باب التركمان”، وهو حي نشأ منذ فتح السلطان سليم الأول لبلاد الشام، إذ جلب معه عدداً من الأسر التركمانية وسكنوا في هذا الحي، ومن أشهر العائلات التركمانية “أسرة الحسيني”، وتنتسب هذه الأسرة إلى الشيخ “حسين أفندي التركماني”، وكان إمام مسجد ومعلماً ومُحفظاً للقرآن، وبرز فيهم؛ الطبيب “فاروق الحسيني” و”عناد الحسيني”، ومنهم أيضاً؛ أسرة “الوفائي”، وينتسبون إلى جدهم العالم “عمر بن يوسف البقراصي التركماني”، وهو صاحب جامع البقراصي، وعرف منهم الشيخ المؤرخ “عبد الهادي الوفائي، ونديم الوفائي”. وكذلك من أشهر العائلات “آل الأتاسي”، وتنتسب هذه العائلة إلى الشيخ الصوفي “علي الأتاسي” الذي دخل مع العثمانيين إلى مدينة حمص في القرن العاشر الهجري في إبان حكم السلطان سليمان القانوني، واشتهر فيهم “الزعيم الوطني الشهير “هاشم الأتاسي” و”الفريق لؤي الأتاسي” و”الدكتور نور الدين الأتاسي”. ومنها أيضاً؛ “آل الصوفي” واشتهر منها “الشاعر الحمصي الكبير عبد الباسط الحمصي”، ومنها أيضاً “آل الدالاتي”، وهم فئة من الجنود المأجورة للدولة العثمانية، وجدهم باني جامع الدالاتي في أول سوق الحميدية بحمص، ومنها أيضاً؛ عائلة “التنقلي”، واشتهر منها الشيخ الصوفي الشهير “أحمد الطظقلي” الذي كان أستاذاً لكثير ولأعظم علماء حمص ومفتيها”.
توزع التركمان في دمشق
المحاضر أضاف: “في مدينة حماة، يتوزع التركمان ب 20 قرية تركمانية. وفي مدينتي مصياف والسلمية، ومن أشهر العائلات “آل العظم” وهي أسرة تركمانية قدمت من قونية، واستقروا في آخر المطاف في معرة النعمان وحماة ودمشق ولبنان، بحكم استلامهم مناصب عثمانية رفيعة. ومنهم أيضاً، آل الشيشكلي/ الجيجكلي، وهي عائلة تركمانية، برز منها الكثير من القادة العسكريين والآغاوات، وتعود فترة ظهورها إلى أوائل العهد العثماني، وبرز من هذه الأسرة؛ الرئيس السوري الأسبق العقيد “أديب الشيشكلي”. ومنها أيضاً “آل السراج”، وهي أسرة تركية الأصول وذات جذور عسكرية، فالسراج وظيفة عسكرية، تعني الجندي المرافق لأحد الضباط، واشتهر منها؛ الموسيقار والمطرب الفنان “نجيب السراج”. ومنها عائلة “الأظن”، وتعني الطويل، واشتهر منها “محمد آغا الأظن”، الذي عُيّن متولياً على أوقاف جامع السلطان في حي الدباغة بحماة عام 1871م”.
وأردف المحاضر قائلاً: “في مدينة دمشق؛ هناك خمس قرى تركمانية، وفي المدينة ذاتها، تتوزع مجموعات من التركمان في المناطق التي يسكنها نازحو الجولان؛ كحي القدم وبرزة والحجر الأسود والسيدة زينب، ومن أشهر العائلات “آل العمادي” وهي أسرة دينية عظيمة الجاه قدمت من مدينة بخارى في تركستان ونزلوا دمشق منذ أوائل العهد العثماني، ومنهم أيضاً “آل المرادي” وأصلهم من مدينة سمرقند، وينتسبون إلى جدهم “آل المرادي” في عام 1658م، وهم زعماء الطريقة النقشبندية. ومنهم أيضاً “آل العظم” أصلهم من قونية، وجدهم “إسماعيل باشا العظم”، ولها فرع في حماة أيضاً، وفي دمشق اشتهر منهم “أسعد باشا العظم” صاحب الخان والقصر الأثريين البديعيين. ومنهم أيضاً “آل العظمة” جدهم الأعلى “حسن بك التركماني” الذي قدم من قونية وسكن بدمشق وغدا زعيماً للقوات اليرلية، وقدمت هذه العائلة العديد من الشخصيات في مجالات مختلفة، منها وزير الحربية الشهيد “يوسف العظمة” وعضو بلدية مكة “والناقد الفنان الكوميدي” ياسر العظمة “والموسيقار “كنان العظمة” وغيرهم. ومنهم أيضاً “آل مردم بك” وهي أسرة تركمانية عريقة ترجع أصولها إلى القائد التركي “لا لا مصطفى باشا” فاتح جزيرة قبرص، ثم عُيّن والياً على دمشق عام 1563م، وهو صاحب جامع “لا لا مصطفى باشا” الأثري المشهور بدمشق، ومن أبرز معالمهم بدمشق “خان مردم بك”، ومنها الشاعر “خليل مردم بك” مؤلف النشيد الوطني السوري. ومنهم أيضاً “آل القباني” أو ما تعرف” آق بيق” وهي أسرة الشاعر الكبير “نزار قباني”. وتنحدر هذه الأسرة من “أكرم بك آقبيق”، وكان مستشاراً للسلطان “سليمان القانوني”، ومن أبرز أجداد هذه الأسرة “شادي بك آقبيق” الذي لقب في عهده بالقباني لأنه كان يملك قباناً، ولقبت هذه الأسرة فيما بعد بالقباني، واشتهر منها أيضاً الطبيب “صبري القباني” صاحب مجلة” طبيبك” المشهورة. ومنهم أيضاً “آل القوتلي” أسرة ثرية جاءت من بغداد ونزلت دمشق منذ حوالي ثلاثة قرون، وتعني كلمة” القوتلي “بالتركية” القفة”، وهو نوع من القوارب المطلية بالقار في العراق. ومنهم أيضاً “آل البزم” أسرة شهيرة ومنها شاعر الشام “محمد بن محمود بن سليم البزم”، واشتهر منها الفنان “نهاد قلعي” والفنان “عبد اللطيف فتحي”. ومنهم أيضاً “آل حقي” أسرة من أصل تركي قريب العهد، والمؤرخ “إحسان حقي” ومنهم الأديب والدبلوماسي الشهير “بديع حقي” والمخرج “هيثم حقي”.
توزع التركمان في الخارطة السوريّة
واختتم المحاضر محاضرته قائلاً: “يتوزع عدد من التركمان في مدينة الرقة؛ بنحو 20 قرية تركمانية، أكبرها؛ حمام التركمان، وعلي باجلية وقرية الدادت، وهناك أحياء في المدينة مثل؛ دكاكين البلدية والسباهية، وشارع أبو الهيس. كما يتوزعون في مدينة طرطوس؛ بنحو خمس قرى تركمانية. وكذلك في مدينة القنيطرة المحتلة، حيث يتواجد فيها 20 قرية وكانوا يتوزعون على قرى الجولان في عام 1967م. وكذلك في مدينة إدلب؛ حيث يتواجدون في جسر الشغور، وفي خمس قرى، وبعض أحياء المدينة. وكذلك في مدينة اللاذقية؛ حيث يتواجد التركمان في رأس البسيط ومرتفعات الباير، وهناك 70 قرية تركمانية، وهناك حارتين للتركمان في مدينة اللاذقية، هما علي الجمال والرمل الشمالي والبدروسية”.