الأستاذ آمازيا بارام الذي كان أحد الباحثين المعروفين والعالميين في مركز سابان لدراسات الشرق الأوسط. في معهد بروكينكز العالمي ويعتبر أشهر المحللين في الشأن العراقي وأحد الذين أستشارهم الرئيس بوش والأدارة الأمريكية قبل حرب تحرير العراق كان موضع لقائنا هذا بشأن الأوضاع المعقدة في العراق ومعضلات أقليم كوردستان مع بغداد و موقف الأدارة الأمريكية بصدد تلك الأحداث.
ترجمة: دارا صديق نورجان
* تسير أوضاع العراق بعد الأنسحاب الأمريكي نحو أزمة سيئة مع تزايد تعقيد المشكلات بين أقليم كوردستان وبين بغداد فكيف تقرؤون هذه الأحداث في وقت يقوم فيه رئيس أقليم كوردستان بزيارة واشنطن؟
- أنا أرى في الواجهة عدة تقاطعات ستراتيجية سواء بالنسبة لأقليم كوردستان أم بالنسبة للولايات المتحدة أبتداء من حقيقة وجود خلافات بين سنة العراق والقائمة العراقية مع رئيس الوزراء نوري المالكي, هنا ليس بودي أن أتحدث عنه بسوء فهو يمر في مرحلة صعبة إلا أن قناعتي هي أنه يسعى ليصبح شخصا غير ديمقراطي.. وهذا بحد ذاته هو نبأ أو حدث سئ وبأمكان البارزاني والولايات المتحدة الضغط عليه ليعود ثانية الى أجراء مباحثات جدية مع السنة وبرأيي أن الكورد لا يثقون بالسنة غير أنني هنا أتحدث عن(العراقية) أصلا رغم وجود بعض الشيعة فيها... وهي بالأساس حليف طبيعي للكورد.. وأقولها صراحة أن أتخاذ المالكي خطوات بينة بأتجاه أن يكون شخصا غير ديمقراطي، هو مسألة يجب التحدث بشأنها وأيجاد سبيل مؤثر يمكن عن طريقه التأثير على المالكي لتنفيذ الأتفاق الديمقراطي الذي تم التوقيع عليه منذ سنة من الآن.. والذي تم على أساسه تشكيل الحكومة الحالية وهي مسألة مهمة بالنسبة للولايات المتحدة واليكم أنتم الكورد، لأنكم بأمس الحاجة أيضا الى رئيس وزراء يستمع اليكم أنتم والى(العراقية) وإذا ما تمكن المالكي الآن ايجاد شرخ بينكم وبين العراقية فأنه سيستطيع أن يعمل بكم ما يشاء و يولد مشكلة أخرى قد ترغب الولايات المتحدة التحاور معكم بشأنها وعليكم أن تفكروا بما ترغبون فيه.. وهناك مسألة أخرى قد تطرح خلال الزيارة وهي مختلف عليها حيث يقدم المالكي مساعدات سخية لبشار الأسد، وذلك ليس لأنه راغب في ذلك بل لأن ايران تمارس الضغط عليه، وأعود وأكرر ثانية أن بأمكان الكورد والولايات المتحدة أيجاد طريق حل يضمن أيقاف المالكي عند تلك الممارسة وهي مسالة لها أهميتها بالنسبة اليكم وللولايات المتحدة أيضا لأنكم لا تنوون مساعدة الأسد... هنا يتوجب علينا الأنتقال الى مشكلات الكورد لأن ما ورد ذكرها آنفا كانت مسائل عراقية بالدرجة الأساس.. وتحليلي الواقعي في ذلك هو أن هناك نسبة جيدة لا تقل عن 50% من أحتمال تتفكك سوريا خلال سنة أو سنتين أو ثلاث وهنا لا أقصد بالطبع أن تتحول الى دولة ديمقراطية بل أن يكون لمختلف مناطقها حكم ذاتي قوي ، وقد لا تبقى حدود سوريا على حالها، غير أنها في كل الأحوال لا تبقى كدولة ذات مركزية قوية وستكون لكورد شمال شرق سوريا علاقات أقوى، مما هي الآن، مع كوردستان العراق. وهو أمر أرى أن يتباحث فيه البارزاني خلال هذه الزيارة. وبعبارة أخرى أعتقد أنه سيكون من المفيد جداً أن يقنع البارزاني الولايات المتحدة بمنع حكم ذاتي لكورد سوريا شبيه بما يتمتع به كورد العراق.. ومع أن كورد سوريا والعراق لا يتحدثون من الناحية السياسية غير أنه ستكون لهم علاقات أقرب وليس هناك أي سؤ في ذلك. فأنا لا اساند تفكيك سوريا غير أنني على قناعة بأنها ستكون بلدا لا مركزيا في كل الأحوال وفي هذه الحالة فأنه من الأفضل أن تكون للكورد علاقة أو ثقة مع شرق سوريا .... وبالنسبة للولايات المتحدة فهي لا تتمكن الآن من عمل أو تقديم الشئ الكثير غير أنه لو كنت أنا مكانكم لسألتها عن رؤيتها الواضحة أزاء المسألة وتلك الأوضاع كما أن أفضل نتيجة بالنسبة للولايات المتحدة هي أن تصبح سوريا دولة لا مركزية وهو شأن مقبول و ستؤول الأمور اليه عاجلاً أم آجلا- وهناك شئ آخر هو أنني، في مقابلاتي معكم ومع المجلات الكوردية الأخرى، انتقد البارزاني، أنا أحبه فهو موضع أعجاب وقائد فذ وكنت أحب والراحل أيضاً إلا أن هناك مسألة أخرى هي: يتوجب على البارزاني والطالباني أيضا تفهم واقع أن هناك نظاماً شبه ديمقراطي يحكم كوردستان وليس دكتاتوريا، أو فرديا.. غير أنهم عندما يتباحثون مع البارزاني فهم (أي أوباما وأدارته) على الأرجح يقولون له عليكم أن تتبعوا وتمارسوا بالتدريج ديمقراطية أعم في ضرف(5) أو(10) سنوات وذلك لأنك تلاحظ(الربيع العربي) ومناهضة التفرد في الحكم وسأكون أول شخص أقول لهم أن البارزاني والطالباني هم أكثر ديمقراطية بكثير من رؤساء الدول العربية وعليكم السير حثيثا نحو الديمقراطية وأن أقليم كوردستان هو الذي وجه العراقيين على الطريق ، فلكم أقتصاد جيد وتديرون شؤونكم بشكل جيد والسلم سائد في أقليمكم ويعيش شعبكم وينتقل بحرية مع وجود أستثمار أجنبي جيد وأنتم الذين علمتم أقسام العراق ألاخرى كيف السبيل الى أدارة شؤونهم وبوسعكم الآن أيضا أن تنجوا للمالكي أن بأمكانكم أن تكونوا أكثر ديمقراطية منه وهو أمر مهم يجب أن يتحقق في ظرف السنوات القريبة القادمة كما أن لديكم مسائل ليس بأمكان الولايات المتحدة مساعدتكم فيها فلديكم خلافاتكم مع بغداد على قضية النفط وهو أمر يتطلب منكم أجراء مباحثات حثيثة مع بغداد... وبالعودة الى مسألة(القائمة العراقية) وكيفية العمل معها.. أقول سيكون عندها بأمكانكم مساعدتهم في تحقيق ما يتطلعون اليها ويتعاونون معكم بالمقابل في مسألة النفط والغاز وهو أمر جيد بالنسبة للطرفين أي عليكم أن تمارسوا لعبة ذكية بين المالكي وبين(العراقية) غير أن الأهم هو طريقة ممارستها فالهاشمي لايضعه المالكي في السجن وهو أمر جيد وعليكم التعامل مع الأحداث بهذا الأسلوب، ومع أطلاعي على ما ينوي البارزاني بحثه مع الولايات المتحدة، أتمنى له الموفقية على توجهاته غير أن عليه أن يدرك أنه يطلب مساعدة الولايات المتحدة ومساندتها لأستقلال كوردستان، وهو أمر لا تقدم عليه في هذه المرحلة على الأقل،بل بأمكانها أن تعمل أو تقدم له غيرها من الطموحات.
* أنا أعلم ذلك جيدا وأشاطركم الرأي إلا أن المشكلة تكمن في أن الولايات المتحدة لا تستطيع التعاون معكم في العودة الى الدستور إلا أنها تستطيع فعل ذلك نيابة عنكم بل عليكم بناء التحالف داخل العراق ومن بينها العمل مع(العراقية) والذي يمكنكم من ممارسة الضغط على المالكي للعودة الى الدستور، وهم مستعدون لهذا التعاون وقد تولدت لدى القناعة بضرورة تغيير المالكي تحت الضغط وذلك بسبب كونه في موقف صعب عندما يفقد أكثريته البرلمانية وهي على الأساس والأقل من المسائل التي يجب أن تخضع للأختبار من قبلكم وبعكسه فأنكم إنما تخسرون فرصة جيدة فهو يتطلع الى الظهور بمظهر قائد ديمقراطي غير أنه لم يعد بعد الآن رئيسا ديمقراطيا إلا أنكم لو تمكنتم من حرمانه من هذا الظهور وأظهاره كدكتاتور بسبب فقده للأكثرية البرلمانية ومع ذلك هو مسيطر على السلطة فهذا هو المهم في الموضوع. وذلك لأن هذا التوجه سيكون بداية لضغط دولي على المالكي من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة والأتحاد الأوروبي والضغط العربي أيضا وستقدم ايران بلا شك على التعاون معه إلا أن المالكي لا يود أن يسير على خطى الأسد ويمر بذات الأوضاع مربها...أي أنكم بحاجة الى ضغط دولي، من سياسي و دبلوماسي وأقتصادي إن تطلب الأمر ، وإذا ما فقد المالكي تلك الأكثرية وبقى رئيسا للوزراء دون أجراء أنتخابات جديدة وهي مسألة دستورية، في ظرف الشهور القليلة القادمة وظل يحكم بشكل دكتاتوري مستبد، عندها ستتمكن الدول العربية من مساعدتكم والتعاون معكم في ممارسة تلك الضغوط عليه وبالأخص إذا ما عملتم مباشرة مع (العراقية) ومع بعض الجماعات الشيعية أيضا، مع ضرورة أبلاغ المالكي بأنه سيسحب منه الثقة مالم يغير سياسته ولم يلتزم بالدستور عندها سيكون اللجوء الى الضغط الدولي أفضل من الأقتتال الداخلي .
* لم يكن الكورد لحد الآن جزءا من المشكلة غير أنها، أي المشكلة أخذت تشمله، ترى ما هو بديل الكورد في مثل هذه الحالة؟
- أؤكد يجب أن تحاولوا وتتوصلوا الى ترتيبات عملية مع الحلفاء.. هذه هي الديمقراطية حيث عليكم البحث عن تحالفات جديدة عملية يكون أساسها التخلي عن بعض الأولويات من قبل الطرفين وبالأخص عند العمل مع... العراقية... وكذلك الحال بالنسبة اليها.. أي أن عليكم العودة الى مكونات النظام السياسي الراهن والمهم أن لديكم دستورا هو لصالحكم لذا فعليكم السعى لأستخدام قدراتكم السياسية لمعالجة مشكلاتكم وقضاياكم ومازلت لا أتفق على أن الكورد قد أصبحوا جزءا من المشكلة بل أنهم قد تصرفوا بشكل جيد بأن علموا العراقيين سبل الحكم بشكل سلمي وبعيدا عن الدكتاتورية، وبأمكان الكورد عمل الكثير والسير حثيثا نحو الديمقراطية وعليهم أيجاد حلفاء داخل النظام السياسي العراقي والعمل على توطيد علاقاتهم مع كورد سوريا مع بقاء علاقاتكم الجيدة مع تركيا، لأن هناك حاجة مشتركة فيما بينكم وأؤكد، ضرورة العمل مع العراقيين أولا وأحراز تعاون الأمريكان معكم للعمل ضد المالكي لأن الولايات المتحدة هي الآن غير مرتاحة معه ما يعني أمكانية الحصول على الدعم الأمريكي، ثم أن زيارة البارزاني الى واشنطن هي مهمة جدا وجاءت في وقتها المناسب وأؤكد ثانية أهمية العمل مع العراقيين ضمانا للضغط عليه في السير وفق نهج سليم ومعالجة قضية كركوك وعدم الركون الى حليف يعمل نيابة عنكم مثل واشنطن.[1]