كوردستان تعني أرض الكورد ، وهي المنطقة الجغرافية التي يقيم فيها الكورد في الشرق الأوسط. المنطقة موزعة على أربعة دول هي: تركيا، إيران، العراق، سوريا. بالاضافة إلى وجود الكورد في كل من لبنان وأرمينيا وجورجيا، ومن الصعب تحديد المنطقة الجغرافية لكوردستان لعدم اعتراف الدول آنفة الذكر بهذا الكيان. وتم تقسيم كوردستان علي الدول الأربعة( تركيا، إيران، العراق، وسوريا) قسرا في اتفاقية لوزان المبرمة بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى.
(الكورد)
مصطلح يستخدم للتعبير عن الشعب الكوردي، والذي وبشكل عام يعتبر نفسه الشعب الأصلي لمنطقة يشار إليها في كثير من الأحيان بإسم كوردستان، والتي تشكل أجزاء متجاورة من العراق، تركيا، إيران وسوريا. والكورد بحسب المؤرخ الكوردي محمد أمين زكي (1880 – 1948) في كتابه “خلاصة تاريخ الكورد وكوردستان” يتألف من طبقتين من الشعوب، الطبقة الأولى التي كانت تقطن كوردستان منذ فجر التاريخ “ويسميها محمد أمين زكي” شعوب جبال زاكروس” وهي وحسب رأي المؤرخ المذكور شعوب “لولو، كوتي، كورتي، جوتي، جودي، كاساي، سوباري، خالدي، ميتاني، هوري، نايري” وهي الأصل القديم جدا للشعب الكوردي والطبقة الثانية: هي طبقة الشعوب الهندو- أوربية التي هاجرت إلى كوردستان في القرن العاشر قبل الميلاد، واستوطنت كوردستان مع شعوبها الأصلية وهم ” الميديين و الكاردوخيين”، وامتزجت مع شعوبها الأصلية ليشكلا معا الأمة الكوردية .
هناك نوع من الأجماع بين المستشرقين و المؤرخين و الجغرافيين على إعتبار المنطقة الجبلية الواقعة في شمال الشرق الأوسط بمحاذاة جبال زاكروس و جبال طوروس المنطقة التي سكن فيها الكورد منذ القدم ويطلق الكورد تسمية كوردستان على هذه المنطقة وهذه المنطقة هي عبارة عن أجزاء من شمال العراق وشمال غرب إيران وشمال شرق سوريا و جنوب شرق تركيا ويتواجد الكورد بالأضافة إلى هذه المناطق بأعداد قليلة في جنوب غرب أرمينيا و بعض مناطق أذربيجان و لبنان ويعتبر الكورد من إحدى أكبر القوميات التي لا تملك وطنا او كيانا سياسيا موحدا معترفا به عالميا. وهناك الكثير من الجدل حول الشعب الكوردي إبتداءا من منشأهم وإمتدادا إلى تأريخهم وحتى في مجال مستقبلهم السياسي وقد إزداد هذا الجدل التأريخي حدة في السنوات الأخيرة وخاصة بعد التغيرات التي طرأت على واقع الكورد في العراق عقب حرب الخليج الثانية وتشكيل منطقة حظر الطيران التي أدت إلى نشوء كيان إقليم كوردستان في شمال العراق.
تعرضت الدراسة الأكاديمية لتأريخ الكورد إلى صعوبات عديدة بسبب الواقع السياسي للاكراد مما أدى البعض إلى الإستناد إلى روايات تأريخية غير أكاديمية عن الكورد كانحدار الكورد من الجن والعفاريت على سبيل المثال ولم يكن هناك إشارة إلى اسماء الدول والامارات الكوردية التي كانت قائمة في العهد الاسلامي كالروادية (230 – 618 للهجرة) والسالارية (300 – 420 ) و الحسنوية البرزكانية (959 – 1015) والشدادية (951 – 1199) والدوستكية المروانية (990 – 1085) والعنازية (990 – 1117) والشوانكاره واللورية الكبرى واللورية الصغرى وامارة اردلان (1169 – 1867) وعشرات الامارات الكوردية الاخرى منها امارة بوتان و امارة سوران و امارة باهدينان و امارة بابان، وهذه الاخيرة استمر حكمها حتى 1851
السؤال الجدلي حول منشأ الكورد الذي كان ولايزال موضوعا ساخنا للنقاش تدور حول فرضيتين:
-جذور الكورد نشأت من الشعوب الهندو – أوروبية.
-جذور الكورد نشأت من شعب مستقل ليست هندية ولا أوروبية و تسمى شعوب “جبال زاكروس” التي كانت تقطن كوردستان منذ فجر التاريخ وهم شعوب “لولو، كوتي، كورتي، جوتي، جودي، كاساي، سوباري، خالدي، ميتاني، هوري، نايري” وإنظم إلى هذا الشعب حسب إعتقاد هذا التيار الشعوب الهندو- أوربية التي هاجرت إلى كوردستان في القرن العاشر قبل الميلاد، واستوطنت كوردستان مع شعوبها الأصلية وهم ” الميديين و الكاردوخيين”.
من المفارقات في تأريخ هذا الجدل إن الغرض الأساسي منه لم يكن أكاديميا بل سياسيا حيث كان الهدف منه إثبات إن منشأ الكورد يرجع إلى مناطق خارج بعض الدول التي يستوطنوها في الوقت الحاضر ونتيجة لإنعدام الغرض العلمي في هذه المناقشات الغير مثمرة فقد نشأت 3 تيارات فكرية:
-تيار مكون من القوميون العرب و أصحاب حضارة وادي الرافدين القديمة وبعض المستشرقين و المؤرخين مقتنعون بأن إصول الكورد هي هندوأوروبية وإنهم قدموا من مناطق خارج البقعة الجغرافية التي يقطنونها حاليا.
-تيار مكون من القوميون الكورد مقتنعون إنهم شعب مستقل بذاته ولهم خصائص تميزم عن بقية الشعوب وقد حافظوا على جميع مظاهر هذه الخصوصية من الزي و اللغة و العادات و التقاليد و على الرغم من التشابه في بعض النواحي اللغوية مع الشعوب المجاورة ويورد الكورد الأحتفال بعيد نوروز كمثال فعلى الرغم من إحتفال الشعوب المجاورة بهذا العيد إلا إن الكورد لهم مفهوم مختلف تماما عن هذا العيد مقارنة بمفهوم إيران و أفغانستان و ألبانيا و باكستان لهذا العيد.
-تيار مكون من الكورد أنفسهم مقتنعون بأن إصول الكورد هندوأوروبية وهذا التيار نشأ كوردة فعل لما إعتبره هذا التيار تهميشا و محاربة من قبل الشعوب المجاورة فولد هذا التيار الذي يحاول إرجاع إصول الكورد إلى عروق آرية او أوروبية.
لإتباع المنهج الأكاديمي في البحث عن جذور الكورد لجأ الباحثون و علماء الآثار إلى البحث عن شعوب قديمة في المناطق التي كانت مسكونة من الكورد منذ القدم وفكرة البحث كانت التعرف على الشعوب التي كانت مستقلة من ناحية اللغة و كانت تربط أفرادها خصائص مشتركة تميزهم عن بقية الشعوب المعروفة في بلاد ما بين النهرين وتم من خلال هذه الأبحاث التعرف على بعض الشعوب التي قد تكون عبارة عن الجذور القديمة للاكراد, وهذه الشعوب هي:
-الشعب الذي سكن منطقة تل حلف التي كانت موقعا للمدينة-الدولة الآرامية غوزانا وتقع هذه المنطقة شمال شرق سوريا، في محافظة الحسكة وتعود تأريخها إلى العصر الحجري الحديث وتقع بالقرب من نهر الخابور. توجد مخطوطات في أرشيف الملك الآشوري عداد نيراري الثاني ان هذه المدينة – الدولة كانت مستقلة لفترة قصيرة قصيرة إلى ان سيطر عليها الملكة الآشورية سمير أميس [9] في سنة 808 قبل الميلاد.
-الهوريون أو شعب هوري الذي كان يقطن شمال الشرق الأوسط في فترة 2500 سنة قبل الميلاد و يعتقد إن اصولهم كانت من القوقاز او مايسمى القفقاز التي هي منطقة آسيو – أوروبية بين تركيا و إيران و البحر الأسود و بحر قزوين وسكنوا ايضا بالقرب من نهر الخابور وشكلوا لنفسهم ممالك صغيرة من اهمها مملكة ميتاني في شمال سوريا عام 1500 قبل الميلاد ويعتقد إن الهوريون إنبثقوا من مدينة أوركيش التي تقع قرب مدينة القامشلي في سوريا . إستغل الهوريون ضعفا مؤقتا للبابليين فقاموا بمحاصرة بابل والسيطرة عليها في فترة 1600 قبل الميلاد ومن هذا الشعب إنبثق الميتانيون او شعب ميتاني ويعتبر المؤرخ الكورديم محمد أمين زكي (1880 – 1948) في كتابه “خلاصة تاريخ الكورد وكوردستان” شعبي هوري و ميتاني من الجذور الأولى للشعب الكوردي . كانت نهاية مملكة شعب هوري على يد الآشوريين.
-ذكر المؤرخ اليوناني زينوفون (427 – 355) قبل الميلاد في كتاباته شعبا وصفهم “بالمحاربين الأشداء ساكني المناطق الجبلية” وأطلق عليهم تسمية الكاردوخيين الذين هاجموا على الجيش الروماني اثناء عبوره للمنطقة عام 400 قبل الميلاد وكانت تلك المنطقة إستنادا لزينوفون جنوب شرق بحيرة وان الواقعة في شرق تركيا . ولكن بعض المؤرخين يعتبرون الكاردوخيين شعوبا هندوأوروبية إنظمت لاحقا إلى الشعب الكوردي الذي بإعتقاد البعض يرجع جذوره إلى شعوب جبال زاكروس الغير هندوأوروبية.
الكورد في إقليم كوردستان العراق
الكورد في إقليم كوردستان العراق هم جزء من الشعب الكوردي الذي يستوطن الحدود الحالية لجمهورية العراق. يعتبر مسألة اكراد العراق الأكثر جدلا والأكثر تعقيدا في القضية الكوردية لكونها نشأت مع بدايات إقامة المملكة العراقية عقب الحرب العالمية الأولى وكان الطابع المسلح متغلبا على الصراع منذ بداياته ولكون العراق دولة ذات خليط عرقي و ديني و طائفي معقد فإن الكورد العراقيين غالبا ما وصفوا بكونهم أصحاب نزعات إنفصالية و إنهم لم يشعروا بالإنتماء إلى العراق بحدوده الحالية. نشأت نتيجة هذا الصراع الطويل تيارات تؤمن بأن الكورد الذين يستوطنون العراق قد قدموا من خارج العراق.
في مقابلة مع الزعيم الكوردي جلال طالباني أجراه تلفزيون هيئة الأذاعة البريطانية يوم 8 ابريل 2006 صرح طالباني إن فكرة إنفصال اكراد العراق عن جمهورية العراق امر غير وارد و غير عملي لكون اكراد العراق محاطين بدول ذات أقليات كوردية لم تحسم فيها القضية الكوردية بعد وإذا ماقررت هذه الدول غلق حدودها فإن ذلك الإجراء يكون كفيلا بإسقاط الكيان المنفصل من العراق. تم إستعمال القضية الكوردية في العراق كورقة ضغط سياسية من الدول المجاورة فكان الدعم و قطع الدعم للحركات الكوردية تعتمد على العلاقات السياسية بين بغداد و دمشق و طهران و أنقرة وكان الزعماء الكورد يدركون هذه الحقيقة وهناك مقولة مشهورة للزعيم الكوردي مصطفى بارزاني مفاده “ليس للكورد اصدقاء حقيقيون”.[1]