صبحي سالَيي
الكورد والتركمان
نحن الكورد نتشارك مع الشعب التركماني في الوطن والمصالح، وفي التاريخ السياسي الحديث تجمعنا عوامل عدة، أولها، أن كل الذين تولوا حكم العراق، إعتبروا أنفسهم على حق وعلى الآخرين الخضوع لهم، وجميعهم عانوا من عقدة اسمها كوردستان وأهلها، وسخروا المال والسلاح ضدنا، ليشفوا غليلهم. أحدهم تعامل معنا كقوميات من الدرجة الثانية أو حتى العاشرة، وأنكر علينا حقوقنا وأذاقنا العلقم ووصلت به الوقاحة الى استخدام أخطر اسلحة الدمار الشامل ضدنا، وآخر جاء من بعده مستندا على أيديولوجيته المذهبية القومية، متعالياً بغيضاً مقلداً ممارسات صدام الانتقامية والشوفينية، راغباً في بسط سيطرته المطلقة على كل شيء، واستكثر علينا ما يعتبره الآخرون حقاً مشروعاً، وأراد إجهاض تجربة الكوردستانيين النموذجية بكل الطرق، فمارس أخبث اساليب الاستفزاز والتحريض تجاه تطورنا وتقدمنا، وقطع الرواتب عن الموظفين والعمال والمتقاعدين، ولو كانت الظروف كظروف الحرب الباردة، ولو كان يملك أسلحة وجيش صدام، لما توانى عن استخدامهما ضدنا.
نحن الكورد لنا مع الشعب التركماني وبعض السياسيين التركمان تجارب حلوة ولذيذة كالعسل، ومع بعض آخر من الساسة التركمان تجارب مرة كالحنظل، ألحقت بنا أضراراً بالغة، وأحدثت إشكالات كثيرة، وأوقعت آثارا مؤسفة إستوجبت دفع الثمن باهظا. وهؤلاء البعض لايفقهون أن السياسة خيارات، وأحسنها الاعتدال والتعاون والتفاهم وقراءة الواقع كما هو، وسياسة كل شيء أو لاشيء سياسة ساذجة وفاشلة ومخادعة للذات, بالنسبة لكل الأطراف السياسية والقومية في كل مكان، وفي الوقت ذاته، لايعرفون أن إطالة مدة الصراع ستؤدي إلى ردود أفعال ربما تكون عنيفة، ولم يتوصلوا حتى الآن الى قناعة مفادها إستحالة بقاء الأوضاع على حالها.
التركمان في كوردستان (لا أقول في العراق لأن غالبية مناطق سكناهم تقع في كوردستان) منقسمون بين المذهبين السني والشيعي، وسياسيوهم متوزعون بين الداعمين لهم من الجهتين السنية والشيعية، وبعض تلك الجهات تغذي الانقسامات التي تفرضها الانتماءات والمصالح ولاتهمها سوى مصالحها الآنية. وخلال السنوات السابقة سعى الساسة الكورد وكافة الأحزاب الكوردستانية، الى منح المزيد من الزخم للسياسة الواقعية تجاه التركمان والمكونات الاخرى، وفي المقابل حاول الساسة التركمان الذين يكنون عداءً دفينا ضد الكورد، ولهم مواقف خاطئة وغير مسؤولة في التعامل مع المستجدات بشكل واقعي وصحيح، للحصول على مكاسب غير مشروعة ومناصب لا تقدم ولا تؤخر من حزب الدعوة ومختار العصر، للمتاجرة بدماء التركمان الذين وقعوا ضحية التعصب المذهبي والقومي. وما حدث في خورماتو، خلال الأيام الماضية من إشتباكات مسلحة وإراقة للدماء، دليل واضح على أن هؤلاء يتحملون وزر ما آلت اليه أوضاع التركمان، عموماً، لانهم إنقسموا حسب مذاهبهم وركضوا وراء مصالحهم الخاصة ولم يتفقوا بشأن مطالب قومهم ..
ترى، هل يدرك التركمان أن مستقبلهم مع الكورد الذين يؤمنون بالمساواة والعدالة و القانون والدستور وسيحمونهم مع المكونات الأخرى أثناء المحن و يعترفون بحقوقهم؟ وهل يتعاطون مع أمورهم السياسية بإيجابية، ويبتعدون عن الإحساس بأنهم ضعفاء، وهل يختارون طريقهم الصحيح بما يفيد نهوضهم وتقدمهم و تقوية وتعميق علاقاتهم مع الذين يعيشون معهم منذ مئات السنين؟
أم يستمرون في الإتكال على سياسيين فاشلين فاسدين باحثين عن الفوضى؟[1]