الإسلام بكفره، الإيزيدي لا يعتنق الإسلام
#محمود عباس#
الحوار المتمدن-العدد: 7570 - #03-04-2023# - 08:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا يتخلى الإيزيدي عن دينه ولا يعتنق الإسلام إلا بالترهيب، ليس خوفا من القتل، بل لإنقاذ شرفه وحماية أهله ومنع سبي نسائه، وقتل أطفاله، ومنع حدوث فرمان آخر لملته، يضاف إلى ال 74 السابقات، والتي تم فيها الإجرام الإسلامي بأبشع صوره.
منذ سنوات والجرائم مستمرة ضد أهلنا في منطقة عفرين، وقبل أسبوع كانت جريمة جنديرس، قتلوا فيها أربعة أفراد كورد من عائلة واحدة، من خلالهم حاربوا عيد نوروز، واليوم يحاولون قتل الإيزيدية بعملية فرض الإسلام على أخين من عائلة معروفة في المنطقة. فما يجري مخطط إجرامي متكامل، تقف خلفها الأنظمة المتربصة بالكورد حكومة أردوغان في المقدمة، يسخرون أدواتهم لضرب أمتنا وقضيتنا بتطبيق أبشع وأقذر الأساليب، وهو ما حصل لأجدادنا يوم فرض عليهم ترك دياناتهم الوحدانية، الزرادشتية والمانوية والمزدكية والمسيحية واليهودية واعتنقوا الإسلام أو فرض عليهم ذلك.
العنف والإجرام من جدليات الصراع بين الأديان، تبنى على الإمبراطوريات، وتتوسع على قدر كمية الدماء المسالة، والإسلامية منذ البدايات وطوال مراحلها التاريخية فرزت كإحدى أبشع الإمبراطوريات تدميرا وقتلا؛ ومن شبه المستحيل أن تعتنق الشعوب الحضارية وتترك أديانها المتلائمة مع حضارتها وثقافاتها مفاهيم مجموعات غازية لا تعرف سوى السبي والتدمير وتحمل معها الجهالة والتخلف. فالغزاة والدولة الإسلامية التي ظهرت على ركام الحضارتين، لم تخلق حضارة؛ وما يقال عن هذه ليست سوى محاولات للتغطية على ما خلفته من الجرائم والمآسي للبشرية في المناطق التي سادت فيها، بل وبالعكس دمرت الحضارتين ولم تبلغ كدولة وإمبراطورية بكل مؤسساتها سويتهما إلا بعد مرور عدة قرون، وكل ما خلفته من العلوم كانت من نتاج أحفاد علماء وشعوب الإمبراطوريتين. والمنظمات التكفيرية العابثة في المنطقة هي من مفرزات القرون الماضية، وهي لا تختلف عن مفرزات الأنظمة الفاشية والعنصرية والصراعات المذهبية التي أرسلت أوروبا إلى عصر الظلمات طوال قرون عديدة.
يفتخر أئمة الإسلام أنه دين الرحمة، واعتناقه بمعظمه تم عن قناعة، لكن التاريخ والحقائق من البدايات وحتى يومنا هذا تبين أن الترهيب والعنف والقتل كانت الأدوات التي بني عليها الإسلام، فقد كان الرعب يسبق وصول الغزاة إلى أراضي الأخرين، وكان اعتناقه عتق للرقبة من الجز وسبي النساء وقتل الأطفال، لم يكن لهم خيار: إما الإسلام، أو القتل، أو الجزية والعبودية، وما يقال غيره ليست سوى تأويلات ذاتية وتحريفات لحقائق التاريخ. فالتاريخ يتحدث وبأقلام المؤرخين المسلمين ذاتهم كيف أن المئات من الغزواة، والملايين الذين قتلوا فيها، والدمار الذي حل بالمدن والأوطان التي وطأتها أرجل الغزاة، كان لنشر الإسلام ومن ثم السبي والنهب وفرض الطاعة على الشعوب، وكيف أنهم لم يعاملوهم كمسلمين وظلوا موالي، ولم يسمح ولم يحق للموالي ركوب الخيل حتى في الحروب، فرض عليه السير إلى جانب الغزاة الأصليين. أليسوا هؤلاء هم أحفاد الذين ركبوا حفيدات الرسول عراة على ظهور الجمال والأحصنة ونقلوهم من كربلاء العراق مرورا بالبصرة والكوفة وبادية الشام حتى بلغوا مدينة دمشق عاصمة الخلافة والخليفة كان من أبناء العمومة.
جميع المؤرخين المسلمين من الطبري صاحب كتاب تاريخ الأمم والملوك، إلى اليعقوبي والبلاذري والواقدي وأبن سعد، وابن طيفور واليعقوبي وأبي حنيفة الدينوري، إلى الواقدي وابن إسحاق من الذين انتقلوا من الحديث إلى الأخبار، ومن بعدهم المسعودي وابن مسكويه، وابن الأثير وابن خلدون. وغيرهم. يذكرون كيف أن المدينة ومكة كانت تعج بألاف السبايا من نساء وأطفال شعوب الإمبراطورية الساسانية، والذي كان قد منع عمر بن الخطاب دخولهم المدينة ومكة، وبينهن بنات كسرى الثلاث، ورواية محاولة بيعهن في سوق النخاسة بالمدينة معروفة، وكان بينهم العديد من الأمراء وقادة جيوشهم أمثال (پيروز النهاوندي) أحد قادة جيوش الساسانيين الكبار، الذي قتل عمر بن الخطاب ثأرا لأطفال ونساء شعبه الذين كان يرى معاناتهم وعذابهم كل يوم.
ومن أطلع على قصة موسى بن نصير وطارق بن زياد وكيف دعاهم الخليفة وعاملهم هشام بن عبد الملك يوم بلغوا دمشق ومعهم قرابة أربعون ألف من سبايا الأندلس ونهايتهما والتي حرفها العديد من المؤرخين المسلمين للتغطية على إحدى أبشع الصفحات في التاريخ الإسلامي، سيجد كيف كانت عليه الأنظمة الإسلامية ومن أين تخرج هؤلاء التكفيريين، وكيف تعامل قادة العالم الإسلامي مع الشعوب الأخرى حتى الذين اعتنقوا الإسلام.
فما جرى اليوم على أرض عفرين، وحيث إعلان الأخين (حيدر عارف وشيخو عارف. ابني آل: عارف- المعروفة) على اعتناق الإسلام، وتحت رهبة سلاح التكفيريين والاحتلال التركي الإسلامي، والمجموعات التي تدمر المعابد والمقابر في القرى الإيزيدية، مخطط موجه لأبناء عائلة معروفة، ليرهبوا من خلالهم البقية الباقية من أهلنا الإيزيديين في منطقة عفرين.
إنها هي ذاتها، السيرة المماثلة لما حصل قبل سنوات في شنكال ومناطقها، حتى ولو كانت بصورة مصغرة، لكن بشكلها العام لا تختلف عن مجريات التاريخ الماضي، القتل والإجرام والسبي، ومن ثم عرض الاختيار على البقية الباقية، ما بين القتل والسبي أو الإسلام، وهو ما أقدم عليه داعش في منطقة شنكال، الجرائم التي لم تكفرها معظم المراكز العالمية الإسلامية، بل بعضهم افتخروا على أنهم أقنعوا الإيزيديين على اعتناق الإسلام، وتبنتها المنظمات التكفيرية السورية المعارضة، وطبقتها مع ليس فقط الإيزيديين بل والمسيحيين وبقية الطوائف الأخرى في منطقة عفرين. لا شك الجريمة الممنهجة تجري حتى بين المذاهب الإسلامية ذاتها، العلوية والشيعية والسنية، فالشعب السوري أمام جهالة فاجرة، ومجموعات إسلامية غارقة في الإجرام، تائهون ما بين التطبيق والنظرية، ما بين التأويل والحقيقة، ففي عمقه النص إلى جانبهم.
لم تكتفي تركيا الأردوغانية بدفع أدواتها، في تكريه الشعب السوري بثورته، وباليوم الذي سار في بالمسيرات السلمية ضد النظام المجرم، بل كرهتهم بكل المنظمات التي تحمل أسم الإسلام، وتخلط ما بين المعارضة للنظام المجرم والدعوة إلى الإسلام، وكرهت الكورد الواعين بمسلميه، وبإيزيدييه ومسيحييه، بالمنظمات التكفيرية السورية وبالجيش الوطني الفاجر، وبكل من لا يحاربهم ولا يعمل على طردهم من كوردستان وسوريا عامة.
ما يلاحظ من مسيرة الحياة في المنطقة ومن بينها الكوردية، في العقد الأخير، أن هناك جدلية مرعبة تفرض ذاتها وتتوسع يوما بعد آخر، وسماتها التخلف مقابل المظاهر الحضارية، انتشار الجهالة ضد التطور الفكري، تراعيها المنظمات التكفيرية الإسلامية وخاصة في المنطقة الكوردية، الذين يعملون بشكل ممنهج للقضاء على الأديان الأخرى كالمسيحية والايزيدية.
فما يجري في منطقة عفرين ومسيرة التجهيل الثقافي والقضاء على القيم والعادات الإنسانية وفرض الجمود الفكري الإسلامي ظاهرة بأبشع صورها، وما نشر في الفيديو وحيث تخلي الأخوين عن ديانتهم الإيزيدية واعتناق الإسلام، والذي جاء بعدما تراجع نسبة الإيزيديين في عفرين من قرابة 25 ألف إلى أقل من ألفين، وتدمير معابدهم وقبورهم والاستيلاء على أملاكهم وقراهم ومزارعهم، تبين على أن الاعتناق الاختياري للأخوين، كذبة أضيفت إلى أكوام من النفاق ومحاولات خداع الناس، ومن شبه المستحيل أن يعتنق الإيزيديون والمسيحيون؛ الإسلام عن قناعة، خاصة تحت سلطة منظمات تنشر الظلام الفكري والدمار في المنطقة.
الشعب الكوردي ومن بينهم أبناء الديانة الإيزيدية يواجهون خطر الإبادة من قبل الأنظمة المحتلة وأدواتهم من المنظمات التكفيرية إلى مجموعات المرتزقة، وبكل الأساليب، بدءً من التهجير إلى التغيير الديمغرافي، إلى فرض الإسلام التكفيري، إلى مخططات خلق الصراع الداخلي، السياسي والمذهبي والديني. فعلى الجميع، ومن بينهم الشرفاء الوطنيون من أبناء الشعوب الأخرى، العربية والتركية والفارسية، أن ينتبهوا ويدركوا أن ما يجري من المؤامرات ضد أمتنا الكوردية سيخلق دمار كارثيا للمنطقة بشكل عام ولن تنفذ منها الشعوب الأخرى، لذا على شعوب المنطقة أن يتكاتفوا بغض النظر عن الخلافات السياسية والدينية والمذهبية
[1]