آمد دجلة: (#قضية كوباني# ) سياسية.. والحكومة تريد توسيع دائرة الحرب على الكرد
قدم المركز الكردي للدراسات برنامجاً حوارياً، باللغة الكردية، للحديث عن الأحكام التعسفية التي أصدرتها المحكمة الجنائية العليا في أنقرة بحق 108 سياسياً وناشطاً حقوقيًا من أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي.
واستضاف البرنامج، الذي أداره الزميل طارق حمو، الصحافي والمحلل السياسي الكردي آمد دجلة. واستعرض دجلة خلفية القضية والأحكام الجائرة التي صدرت بحق أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي وعلاقتها بموقف الحكومة التركية بعد الانتخابات البلدية، وكذلك السياسة المستقبلية تجاه الكرد داخل وخارج تركيا.
وفي بداية حديثه، لفت الصحافي دجلة إلى خلفية «قضية كوباني»، قائلاً إنه «تم فتح هذه القضية عام 2021 بعد اعتقال الرؤساء المشاركين لحزب الشعوب الديمقراطي وأعضاء الحزب والبرلمانيين عام 2016. في البداية، لم تكن هناك قضية باسم كوباني، بل كانت هناك اتهامات أخرى. لكن الدولة التركية فتحت قضية كوباني عندما لم يثبت على السياسيين أياً من تلك الاتهامات السابقة، وبدأت القضية على هذا الأساس».
وفي تقييمه لخلفية المسألة، أوضح دجلة أنه عندما هاجم تنظيم داعش الارهابي كوباني عام 2014، حدثت احتجاجات كبيرة في شمال كردستان وقام الناس بحراسة الحدود لمنع السلطات التركية من دعم التنظيم والحيلولة دون قمعها المدافعين عن كوباني. وفي يومي الخامس والسادس من أكتوبر/تشرين الأول 2016، كان الوضع في كوباني أصبح سيئاً للغاية. عندها، دعا حزب الشعوب الديمقراطي الناس إلى النزول إلى الشوارع والضغط على الدولة التركية ودفعها لفك الحصار عن كوباني، حيث أعلن القائد الكردي عبد الله أوجلان في نفس اليوم حالة النفير العام الكردستاني والعالمي من أجل الدفاع عن كوباني والحيلولة دون سقوطها. ونتيجة لذلك، توجه آلاف الأشخاص إلى كوباني، مجتازين الحدود بين شمال كردستان وغربها.
وأشار دجلة إلى أنه بعد تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول كوباني وحديثه عن السقوط الوشيك للمدينة في يد التنظيم، تعاظم غضب الناس وبدأ حراك أشبه بالثورة داخل تركيا، حيث فقدت الدولة سيطرتها على العديد من مدن شمال كردستان. كما تعرضت تركيا لهجوم من قبل أنصار «داعش» وأعضائه السريين. ونتيجة لذلك، قُتل 54 شخصًا ، 47 منهم من أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي. وألقت الحكومة التركية باللوم في كل هذا على صلاح الدين دمرتاش، لكن المحكمة برّأته من تلك الاتهامات. فأعادت الحكومة صياغة التهمة إليه بأنه يريد تقسيم الدولة وبناء دولة أخرى على أنقاضها. ونتيجة لذلك، صدر الحكم على دمرتاش بسجنه هو ورفاقه لمدة 42 عاماً. لكن هذه العملية لم تنته عند ذلك الحد، إذ ذهبت القضية إلى محكمة الاستئناف ثم إلى المحكمة العليا.
وأكد الصحافي دجلة أن «قضية كوباني» قضية سياسية بامتياز وليس لها أي بعد قانوني، معتبراً أن هذه الاحكام التعسفية يمكن أن ترفع غداً، كما يمكن كذلك حجز المحكومين في السجون إلى أجل غير مسمى وترك الموضوع مفتوحاً. ولأنها قضية سياسية، لا يمكن تفسيرها من الناحية القانونية.
وأشار آمد دجلة إلى أن الدولة التركية باتت تعلم أن سياسة الإبادة الجماعية لا تجدي نفعاً مع الكرد، لأن الدولة عالقة في الحرب منذ أمد طويل. وتابع: «يريدون بدء عملية جديدة في تركيا وإجبار الناس من خارج الحكومة على المشاركة في الحرب ضد الكرد. يريدون إشراك الجميع، من أحزاب سياسية وفعاليات مختلفة، وحسم الحرب ضد الشعب الكردي. هم يعلمون أنه وبسبب سياسة الحرب، لا تحصل تركيا على التمويل أو الدعم الاقتصادي من أي طرف، حيث باتت الدولة أمام طريق مسدود. وبهذا القرار، فإنهم يبعثون برسالة إلى الكرد مفادها أنهم ما يزالون مصرين على أسلوب الحرب والحل العسكري ومستمرون في ممارسة الضغط والعنف إلى أبعد حدّ».
ولفت دجلة إلى حالة الاستياء من هذه الاحكام، قائلاً: «أرسل حزب الشعب الجمهوري وفداً إلى المحكمة وأدلى ببيان، وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري إن هذا قرار سياسي. كما قال أكرم إمام أوغلو إن هذا القرار لا يفيد تركيا، لكن الجميع يعلم أن أردوغان وقصره هم من اتخذوا هذا القرار».
كما ذكر دجلة أن التعاون بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية بدأ يتصدع، وهناك اشتباك في العديد من الملفات، وأنصارهما يرفعون الدعاوى ضد بعضهم البعض. وأوضح أنه بالإمكان ملاحظة أن هناك حالة من التنافس والعداء بينهما، مستطرداً: «لكن أردوغان يعلم أنه لا يستطيع مواصلة سياسة العنف وحده. لذا، لا يمكنه أن يولي ظهره لحزب الحركة القومية ويتركه. ولذلك، فإن الأيام التي تنتظرنا مهمة جداً، لأن الدولة حالياً تمر بتحولات مصيرية».
وتحدث دجلة عن موقف أوروبا من هذه الأحكام، وقال إنه لا يوجد موقف أوروبي موحد وقوي من هذا القرار. ولفت إلى أن الاتحاد الأوروبي وإدارته مسؤولون عن سياسة أردوغان وتصرفاته. ورغم أنهم يدلون بتصريحات خجولة، لكنهم يواصلون تعاونهم الاقتصادي مع أردوغان.
وقال في نهاية حديثه إن حزب المساواة والديمقراطية للشعوب لم يعترف بهذه الاحكام، وأن جلّ اهتمام الحزب منصب حالياً على تنظيم البلديات التي فازوا بها في الانتخابات البلدية الأخيرة وخدمة المواطنين ومحو تركة الفساد والنهب الذي خلفه الأوصياء الذين عينهم الحزب الحاكم.
[1]