غالبية الكرد السوريين خارج اللعبة الحزبية
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 4979 - #08-11-2015# - 18:04
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
غالبية الكرد السوريين خارج اللعبة الحزبية
صلاح بدرالدين
اذاكانت شعوب العالم تهدف من وراء بناء الأحزاب اغناء الحياة السياسية وتنظيم الطاقات لتحقيق مصالح المجتمع أو أجزاء منه عبر الطبقات الاجتماعية والفئات والجماعات المتميزة والمتنوعة من أجل التقدم وترسيخ الاستقلال الوطني والسيادة والعدالة والمساواة ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية وارساء النظام الأمثل من خلال التنافس السلمي والحوار حسب الأصول والمبادىء الديموقراطية وقواعد – اللعبة – البرلمانية في البلدان المستقلة أما بخصوص بلدان وشعوب التحرر الوطني فللأحزاب مهام متشابهة من حيث المبدأ ومختلفة بحسب متطلبات مراحل اسقاط النظم الاستبدادية واجراء التغيير الديموقراطي أو انتزاع الحقوق القومية والوطنية وفي المقدمة ارساء الجبهات والتحالفات الواسعة بين الأحزاب والحركات والفعاليات المعبرة عن مصالح مختلف الطبقات والفئات والشرائح والتيارات السياسية .
وفي مختلف الحالات فان الشرط الأساسي لنجاح الأحزاب والتنظيمات في أداء وظائفها هو عملية التجديد المستمر عبر المؤتمرات والاجتماعات الدورية للعوامل الذاتية من قيادة وأساليب عمل ومواقف سياسية وبرامج وخطط وممارسة الشفافية والوضوح والمحاسبة والنقد والنقد الذاتي والعودة باستمرار الى الشعب واكتشاف مايرنو اليه من أهداف ومايحمل من طموحات وقبول التعاون مع الآخر المختلف على قاعدة التنوع في اطار الاتحاد بمعزل عن وسائل العنف والتهديد بالسلاح عند ذلك يمكن القول بأن هذه الكيانات المنظمة تشكل جزءا فاعلا مبدعا منتجا من منظمات المجتمع المدني .
في سوريا وبلدان ثورات الربيع الأخرى ومع بعض الاختلافات الخاصة بين طبيعة ودرجة تطور هذا البلد وذاك والتمايز في مسألة التعددية القومية والدينية والمذهبية وعدم التشابه في حالات طبيعة ووظائف ودور الجيش الوطني وموقعه من الثورة والتغيير هناك قواسم مشتركة متشابهة بين ثورات الربيع في جميع البلدان ومن أبرزها : 1 - تصدر الفئات العمرية الشبابية للتحركات الاحتجاجية والانتفاضات الثورية وتقديمها التضحيات 2 – تخلف القوى والأحزاب التقليدية ( القومية والاسلامية واليسارية ) عن اللحاق بتلك الانتفاضات بل فوجئت بحدوثها 3 – محاولة التسلل والالتفاف للسيطرة على مقاليدها بعد تحولها الى حالة جماهيرية على طريق الانتصار وازاحة القيادات الشابة بوسائل الترهيب والترغيب ومحاولات حرفها عن أهدافها الحقيقية .
الحالة الكردية السورية نموذجا
عشية اندلاع الانتفاضة الوطنية السورية كانت الأحزاب والتنظيمات الكردية التقليدية تعيش أسوأ أيامها من أزمات فكرية وسياسية وتنظيمية وانقسامات حادة الى درجة أن كل جماعة حزبية كانت عبارة عن عائلة أو تحالف بين مجموعات ذات مصلحة مشتركة حتى الصراع الفكري الذي أدى الى بلورة نهجين يساري قومي وطني ويميني انتهازي أواسط ستينات القرن الماضي لم يعد له حدود واضحة لأن مشروع النظام حول الحركة الكردية قد كتب له النجاح في عهد الضابط المسؤل عن الملف وعن جهاز المخابرات العسكرية في محافظة الحسكة ( اللواء محمد منصورة ) بعد أن نفذ مخططه في تفتيت – حزب الاتحاد الشعبي الكردي - واستمالة أعداد من قيادته بالجزيرة خصوصا في توظيف البعض ببرلمان النظام والبعض الآخر بمواقع أخرى واغرائهم .
بعد اضعاف وتقسيم الاتحاد الشعبي لم يعد هناك معارضة على المستوين القومي والوطني في الوسط الكردي وهذا ماكان يهدف اليه النظام بالأساس بعد أن عقد الاتحاد الشعبي تحالفات واسعة على الصعد الوطنية والعربية والكردستانية والأممية ووضع الخارج في حقيقة صورة المشهد الكردي السوري وخصوصيته القومية وحقوقه المشروعة وارتباطه العضوي بالحركة الديموقراطية السورية والمصالح المشتركة في ازالة الدكتاتورية والتغيير الديموقراطي وهذا ما كان يزعج النظام بل يهدد بحرمانه من التلاعب بالورقة الكردية واستخدامها كما يشاء عبر وكلائه المحليين من جماعة اليمين والمنشقين والأتباع .
بعد أن شعر النظام عشية اندلاع الانتفاضة بضعف وهزالة أتباعه السابقين من مجموعات الأحزاب والتنظيمات التي فاق عددها الثلاثين بهمة ( أبو جاسم – محمد منصورة ) وافتقارهم الى الحد الأدنى من المصداقيةوانكشاف أمرهم أمام الملأ وخاصة أمام الجيل الكردي الشاب الذي عاصر أو سمع وتابع قضايا الصراع الفكري والسياسي في الحركة عموما وبين اليسار واليمين على وجه الخصوص وتأثر بنهج كونفرانس الخامس من آب 1965 وأدبياته السياسية والثقافية ووثائقه الفكرية والبرنامجية عمد على الفور الى العودة الى حلفاء الأمس من جماعات – ب ك ك – واستحضار مسلحيها والبدء بعمليات التسليم والاستلام والاعتماد الكلي عليها من دون سواها مما أصبح اليمين والأتباع الآخرين بغير ذي قيمة واهتمام يذكر لدى أجهزة النظام وفي الدرجة الأدنى من الحظوة .
ومن هنا بدأت مرحلة جديدة في الوسط الحزبي الكردي أهم معالمها في عامي ( 2011 – 2012 ) التنافس حول من هو الأنفع للنظام والتزاحم على الموالاة على ضوء وقوف ( مجلس غرب كردستان مع النظام وضد الثورة ووقوف المجلس الكردي على الحياد وخارج الثورة ) وحصلت العديد من اللقاءات بشأن ذلك مع مداخلات اقليمية وتلا ذلك وبعد سيطرة جماعات حزب – ب ك ك – نهائيا وبقوة السلاح على مختلف المناطق أصبح الموقف الحزبي العام ضمن اطار محاولات التفاهم على اقتسام السلطة والمحاصصة من دون أي خلاف يذكر حول النظام والثورة والقضية الكردية وبمعزل عن أي استناد الى رأي الشعب الكردي وموقفه ومصالحه .
لذلك نقول بأن الشعب الكردي بغالبيته الساحقة غير معني بألاعيب الأحزاب .[1]