هل يعود العراق الى محيطه التاريخي الطبيعي ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 6271 - #25-06-2019# - 20:54
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
منذ سقوط الدكتاتورية و انتقل العراق الى مرحلة لم يشهدها في التاريخ الحديث، و اصبح السقوط اعظم انعطافة في التاريخ العراقي و بداية ادراك الحقيقة التي اقبرت من قبل الجهات المعتدية طوال التاريخ و اصبحت عملية انعاش لاحياء الحقيقة الساطعة.
ينطق احيانا الكثيرون هنا و هناك حول ما يسير اليه العراق و يدعون بانه لا يصح في النهاية الا الصحيح و من يمتنع عن ذلك سوف تجرفه بحر الحقيقة التاريخية التي لا يمكن ان تعود مجراها الى ما كانت تسير عليه و تاثرت بفعل المصطنعات. العراق في تاريخه الغابر لم يكن ملكا لاحد مهما كانت قوته شرقا كان ام غربا ام جنوبا، و من يدعي بانه صاحبه من الشرق او الجنوب او الغرب منه فهو مزيف للتاريخ و يعمل وفق ايديولويا و تعصب اعمى، فان التغييرات التي حدثت له جذرية بالشكل الذي لا يمكن ان نرى الحقيقة الا بالمجهر االكتروني الحقيقي لفحص مجريات التاريخ و ثناياه و بعيون مستقلة محايدة صادقة غيير مصلحية.
قال احدهم ان العراق عاد الى محيطه الاصيل منذ لحظة سقوط الدكتاتورية، و من الواجب على اصحابه المزيفيين ان يعترفوا بانهم معتدون و غازين و ماحين لطبيعته الاصلية الاساسية، و على هؤلاء الظالمين المعتدين ان يغادروا الى ما كانوا فيه بعيدا عن العراق و تاريخه، و لا يمكن ان يستحوذوا بعد الان على من احتلوه و غزوه و هم ما اعتدوا عليه في وقت و بغفلة من التاريخ. و ليس هنا كلامنا عن صحة هذه الادعاءات و ان كانت صحيحة لمرحلة ما و لكن العراق بلد عريق مستقل اصيل بعيد عن كل امبراطورية و له تاريخ عميق و غابر و حدثت فيه تغييرات بحيث لا يمكن معرفتها الا بعد التمعن التدقيق فيها و ما قبلها و مقارنتها من كل الجوانب مع ما قبلها، اي لم تبق اصالتها الحقيقية بعد كل تلك الغزوات و الاعتداءات و التغييرات الديموغرافية الهائلة في كافة انحاءه، ولا يمكن معرفة الاصلاء فيه الا بعد اماطة اللثام عن كل تلك التغييرات التي احرقت الاخضر و اليابس و فرضت الغرباء عن الاصلاء، و ان سالنا اين هم الاكديون و السومريون و البابليون و الاشوريون في كافة مناطق العراق اليوم يمكن ان نقف لوهلة و تتراءى لدينا الحقيقة التي طمست بعد التغييرات الجارفة المطلقة عليه ان يمكننا انه نسميه انقلاب لارض الواقع.
ان الغزاوت الاسلامية في مرحلتها استاصلت المجتمعات الاصيلة في اية منطقة وصلت اليها ايدي الغزاة بكل الوسائل و الطرق باسم الدين الجديد، فان كان العراق القديم لم يكن فيه الا من كانوا اصلاء من ارض وادي الرافدين ( ميزوبوتاميا) من الاصلاء و ان كانت كوردستان منطقة خاصة بنفسها و لها مميزاتها التي لم تكن متصلة او متواصلة مع العراق القديم شعبا و ارضا وحغرافية و تاريخا، و ان تغيرت المساحات بين الفترة واخرى لصالح هذا او ذاك، فان الحقيقة التاريخة تؤكد لنا بان العرب ليسوا باصلاء او شعب ولدوا في رحم التاريخ العراقي، و لم يكونوا في العراق الا بعد الغزوات الاسلامية التي اتت بما كانوا في الصحاري و اصبحوا فيما بعد اصحاب البلد و محوا اثار الاصلاء، فان من غزا العراق قبل مجيء الاسلام اجبروا الاصلاء على الانسحاب و الرحيل بقوة السيف و استعرب العراق بقوة الايديولوجيا و الدين و السيف كليا. و لم يبق من اصحاب العراق الاصليين الا من اجبر ان يتغير بصفاته بفعل المتغيرات و بالقوة الغاشمة، و انسحب الغازون الاقدم الذي اباحوا ارض العراق ايضا قبل الاسلام اثر ضربات السيف الاسلامي, و ضاع العراق الاصيل بين الحانة وا لمانة اي بين الغزوات المتعددة المتتالية، و لم يبق منه الا الارض و ما فيه طبيعيا بعيدا عما كان عليه قبل الغزوات المتكررة.
و من غزا العراق قبل مجيء الاسلام كان له التاثير المباشر ايضا على تغييره و لكنه بشكل مختلف عن الدين الصحراوي، فلم تبق الاديان الاخرى و اضمحلت بشكل تدريجي و لم يصدق حتى العراقيين الاصلاء الذين استعربوا بانهم غير عرب صحراويين و ليسو من مخرج الصحراء القاحلة، و هكذا و لحد اليوم لم يبق من يعتمد اصله او يعرف الحقيقة التاريخية له و لاصله، و بالطبع فهناك العوامل الكثيرة و المصالح المتغيرة و المؤثرات المعيشية و الضغوطات الحداثوية للمعيشة تفرض على الفرد انكار حتى ما يعرفه من كينونته، فاصبح المال و المصالح عاملا فاصلا للادعاءات و الانتماءات المختلفة.
فالاسلام و معطياته و افرازاته المتنوعة قد يؤخر ادراك الحقيقة التاريخية كانت ام الجغرافية و معرفة المتغيرات المطلقة و المفاصل القاطعة للتاريخ، و لكن الاصح سيحل كل شيء و يعود الى ما كان عليه بفعل مؤثرات و مواريث العمق الذي حُفر في الكيان الذي كان عليه بفعل التاريخ الطبيعي، و لا يمكن ان يبق العراق على ما حدث فيه و هو التغيير المطلق لكيانه المختلف الشكل و التركيب الى الابد.
اذن و ما يجب ان نقوله بكل صراحة دون خجل و بالاخص من يدرك و له باع في التاريخ يجب ان يقول الصراحة المؤلمة ان العراق ليس عربيا في اساسه و اصله، و من كان صاحبه قد اضمحل او هو في طريقه الى الاستئصال الكامل بفعل الغدر و التغيير بالقوة لحين سقوط الدكتاتورية البعثية قريبا جدا، و اصبح التغيير مفصلا تاريخيا كبيرا لتمحور الحقيقة حول المرتكز الاصلي و الاساس القوي و العودة اليه و بدء الخطوة الاولى نحو اعادة بناء العراق كما كان عليه كعراق لا شرقية كان او غربية قبل الغزاوت الشرقية و الغربية و الجنوبية هي التي طمست الحقائق. فالآثار و التاريخ و الجغرافية العراقية تدلنا على الحقيقة و تبين لنا ماهو العراق قبل الغزاوت و كيف كانت كوردستان و شعبها في التاريخ، و عليه لا يمكن ان يعود العراق الى الوراء ابدا مهما فعل المعتدون و استمروا في غيهم التاريخي الطويل، فالحقيقة و ان تاخرت فسو تظهر و ها نرى افق شروقها من اخر النفق و التغييرات التي يمكن ان تفض غبار الغدر و الظلم عن الحقيقة التي الحق بها و غطتها نتيجة الغزوات و الاحتلالات، ها قد بدات التغيير المعاكس منذ التغيير المفصلي في العراق و تدوم العملية و تنصع الحقيقة التاريخية و تبينها و توضحها و تدلنا ما كان عليه العراق يوما بعد اخر، و يدرك الجميع تاريخ العراق الحقيقي و كيف غطت عليه الادعاءات الدينية الفكرية المزيفة التي لم تات الا من اجل مصالح حفنة حافية من اله الصحراء كما جاءت اليه الغزاوت الامبراطورية الشرقية من قبل رغم الاختلافات الكبيرة قبلها، و انتهكوا كل ما موجود فيه و لم يرحموه، و استبدلت كل الاصلاء بالمزيفات المادية منها و الروحية و تشوهت بفعل الزمن كل الصفات الاصيلة الحقيقية لسكان العراق بلد الرافدين العريق. و ما يثبته لنا االمنطق و الحق بان لا يصح في النهاية ابدا الا الصحيح الحقيقي غير القابل للتغطية بالزيف و الادعاءات الباطلة مهما طال التاريخ و الزمن عليه، و ان اثبتت المتغيرات المزيفة نفسها على ارض الواقع. و مختصر النتيجة الصريحة، نقول ان العراق ليس بعربي و لا فارسي و انه بلاد الرافدين و ارض الخيرات، وكوردستان جغرافيا و كيان تختلف عنه و منفصلة عنه بكل ما تمتلكه من المقومات التاريخية الجغرافية. فهل تدرك الشعوب العراقية هذه الحقيقة ام التعصب الذي زرع في كيانهم من قبل المحتلين سوف يمنعهم من التمعن لمعرفة الحقيقة الاصيلة لبلدهم و تاريخه. و نعم القول ان قلنا انه سيعود الى محيطه التاريخي الطبيعي كبلد مستقل و له صاحبه الاصيل و لا يمكن ان يبقى فيه المزيف المدعي بصاحبيته و الذي افتعل جراء الغزوات ما يمكن ان يضع السدود الصلبة امام معرفة الحقيقة، فسقوط الدكتاتورية العراقية سقوط لجدار الزيف الكبير الطويل العمر الذي الحق بالعراق لمئات السنين، و بدات مرحلة مغايرة بشكل مطلق و فضت ما كانت عليه من المقيدات و المغطات للحقيقة الساطعة التي بان بريقها في بداية المنعطف التاريخي الحديث.[1]