ماوراء استمرار الاغتيالات في اقليم كوردستان
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4298 - #07-12-2013#- 09:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
قبل الانتخابات البرلمانية الكوردستانية، كنا نعيش حالة قلق كبيرة من ما يمكن انن تحصل من الاحداث التي من الممكن ان تضر بالعملية الانتخابية و سمعة الاقليم و مستقبله. و حدثت حالات هامشية و راحت ضحايا من الممكن ان نحسبها غير مقصودة او من دون تخطيط مسبق او عرضية. و نجحت عملية الانتخابات بنسبة مقنعة على الرغم مما شاهدته من التزييف و التزوير و التلاعب السري والعلني للنتائج و من قضم للاصوات و منح اخرى للجهات التابعة للقوى الكبرى و سرقة اخرى من غير الموالين من الجهات المستقلة . و ظهرت النتائج على ما نراها، و لم تكن من ضمن توقعات البعض او بالاحرى لم تكن ضمن اطار تنبؤات القادة المسيطرين على زمام الامور و هم على عرشهم العاجي في هذه الاحزاب الكلاسيكية التي تعيش اليوم و كما هم في اواسط القرن العشرين بكل عقلياتهم و سلوكياتهم و نظراتهم و تعاملاتهم و تصرفاتهم و تحزبهم . الجميع على علم و دراية بما تفعله هذه الاحزاب مع الفروقات الواضحة من كيفية تسيير الحياة السياسية في اقليم، حيث يمكن الميز بين المنطقة الصفراء و الخضراء من الاقليم لحد كبير جدا من كافة النواحي، و هذا نتيجة طبيعة و خصائص و تاريخ الحزب المتسلط في كل مساحة من الاقليم المنقسم على نفسه بين الاصفر و الاخضر. الاختلاف في مساحة الحرية التي كانت ممنوحة و كيفية تعامل السلطة و الحزب المتنفذ في اي من المنطقتين واضحة للعيان لحد كبير الى ماقبل اجراء الانتخابات .
بعد انتفاضة اذار 1991 كان توازن القوى على حال لم يدر ببال احد ان يصل الى ما نشاهده اليوم خلال العقدين، و ما تغير و انقلب راسا على عقب، فالحزب الديموقراطي الكوردستاني لم يكن له الدور و النفوذ الا في منطقة بادينان، اما بقية المناطق فكانت تحت سيطرة الاتحادالوطني الكوردستاني و الاحزاب الاخرى. و سياسة حزب الديموقراطي اعتمدت على جمع اكبر عدد من المؤيدين مهما كانت صفاتهم و تاريخهم، فاحتضن المجرمين و البعثيين و الجحوش و استفاد منهم كثيرا في صراعه مع الاتحاد الوطني و في الانتخابات البرلمانية و حتى في الحرب الداخلية ، و اتبع سياسة الغاية تبرر الوسيلة نصا و تطبيقا. اما الاتحاد الوطني الكوردستاني بحكم وضعه الداخلي الهش و عدم قوة مركزيته او بالاحرى الصراع الدائم الدائر للكتل المسيطرة فيه و اتخاذه للقرارات الحاسمة ضد البعثيين و الخونة منذ الانتفاضة فخسر العديد من الاصوات و تراجع يوما بعد يوم في جميع الانتخابات( هذا هو الوضع الثقافي و الاجتماعي لشعب كوردستان) الى ان وصل الى حال اصبح القوة الثالثة بعد انبثاق حركة التغيير و فوزه بالمرتبة الثانية في الانتخابات الاخيرة . و هذا ما لم يتحمله القادة المتنفذين البارزين و الحلقة المسيطرة على زمام الامور، بدلا من انتقاد انفسهم و تقديم الاستقالات نتيجة اخطائهم فاصابهم نوع من الهستريا و ارادوا ان يخرجوا بنتيجة معينة لبقاءهم على سدة السلطة في قيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني و ان يبقوا الاتحاد على حال تبقيه على ما هو عليه بعيدا عن الانهيار و تؤهله لخوض الصراع من جديد و يكون اهلا له. و بدلا من ان يعيدوا النظر في سياساتهم و تعاملهم مع الواقع بخصائصهم و مميزاتهم و تاريخهم و شعبيتهم و يقيٌموا حالهم بمقياس و ادوات العصر و مكانتهم التاريخية، جاءوا ليبينوا سبب فوز الديموقراطي الكوردستاني بالمرتبة الاولى و لماذا لم يحصلوا هم على هذا و بامكانهم فعل ما يفعله الديموقراطي الكوردستاني و اكثر. غير ابهين بظروفهم و خصائصهم و نظرة المجتمع اليهم و لم يحسبوا حساب وضعهم الداخلي و وضعوا كل اللوم على تعاملهم مع الجماهير و صراعاتهم اللينة مع الاخرين و ابناء الشعب وعلى العكس من الديموقراطي الكوردستاني و لم يدركوا بانهم قوة عصرية ينتمي اليهم المستوى الثقافي المتنبه الواعي و يدعمهم من يرفض الدكتاتورية و الخشوع و من يستنكر العشائرية و العائلية للقيادة . لذا بدلا من ان يجدوا الطريق السليم السوي و يقيموا وضعهم و ينهضوا بنفسهم و يتخذوا الاجراءات العلمية السليمة الداخلية اعتمدوا على الترقيع و الابتعاد عن الحل الجذري لما هم فيه من المشاكل العويصة و الظروف التي لا يحسدون عليها، و ربما قرروا ان يتخذوا الخطوات التي اتخذها الديموقراطي الكوردستاني في تعامله مع الجماهير في منطقة نفوذه، و هذا خطا كبيرجدا ينعكس على نفسهم و يتضررون منه كثيرا بدلا من ان يستفيدوا كما استفاد الديموقراطي الكوردستاني لاسباب عديدة لا مجال لذكرها بسهولة هنا .
و عليه يجب القول ان سلسلة الاغتيالات المتتالية و في وقت حصري معين و تحت منطقة نفوذ الاتحاد الوطني الكوردستاني تثير تساؤلات عدة، و خاصة بعد الانتخابات البرلمانية الاخيرة. لماذا في الوقت هذا، لماذا في منطقة نفوذ الاتحاد الوطني الكوردستاني، لماذا المنتقدين و الصحفيين النشطين البارزين، هل للجهات الاخرى يد في هذا الامر و تريد ان تلبس الوطني الكوردستاني لتحطيمه اكثر مما يمر به اليوم من فشل في الانتخابات، من المستفيد اصلا من هذه الاغتيالات، لماذا توجيه الانظار الى منطقة نفوذ الوطني الكوردستاني على الرغم من حدوث مثل هذه الجرائم في نفوذ الديموقراطي الكوردستاني لاكثر من مرة و على مراى و مسمع العالم، هل لهذه الافعال اهداف استراتيجية بعيدة المدى لمن يريد ان يبني مملكته و يسيطر على كوردستان باية طريقة كانت، هل هذه الاغتيالات افعال فردية،و هذا بعيد جدا لانها مخططة بدقة و كيفية اجراءها قريبة من البعض .
لذا يمكننا ان نقول ان ما وراء هذه الاغتيالات اهداف كبيرة و قوى ظلامية مصلحية، لا يهمها الا نفسها . و لم تثمر هذه العمليات الا خيبة منفذيها و تسقيط لاهدافهم و نواياهم و يتضرر منها الاقليم و سمعته و الشعب الكوردي على العموم.[1]