16.11.2022
عاودت طهران قصفها مواقع معارضيها الأكراد في عمق مدن #إقليم كردستان# العراق في تصعيد جديد من شأنه أن يزيد الضغوط على بغداد لاتخاذ إجراءات دبلوماسية فعالة ضد الهجمات المتكررة.
ودعا حزب كردي معارض المجتمع الدولي إلى وضع حد للنظام الإيراني الذي بات يشكل خطراً على أمن الشرق الأوسط، وسط هواجس من أن يتخطى التهديد الهجمات الجوية.
وكانت سلطات الإقليم أعلنت مقتل شخصين وإصابة ثمانية آخرين خلال قصف إيراني بالصواريخ والطائرات المسيرة استهدف مقار ومكاتب تابعة للقوى الكردية المعارضة لطهران في قضاء #كويسنجق# التابع لمنطقة زركويز بمحافظة السليمانية، رافقه قصف مدفعي على مناطق حدودية شمال شرقي #أربيل# في ثاني هجوم من نوعه منذ نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي أسفر عن مقتل 18 شخصاً وإصابة و26 آخرين.
وتتهم طهران القوى الكردية المعارضة بإذكاء الاحتجاجات التي تشهدها المدن الإيرانية بخاصة ذات الغالبية الكردية منذ أواسط سبتمبر الماضي بعد وفاة الشابة مهسا أميني خلال توقيفها من قبل شرطة الأخلاق بتهمة مخالفة قواعد لباس المرأة، وخيرت حكومة الإقليم بين تجريد هذه القوى من السلاح أو طردها من أراضي الإقليم.
تهديد أمن الشرق الأوسط
وحول الموقف من الهجمات قال ممثل #الحزب الديمقراطي الكردستاني# المعارض لطهران في أربيل محمد صالح قادري إن حزبه سيواصل نضاله السياسي ودعمه للانتفاضة الشعبية التي يحاول حكام طهران التغطية عليها عبر خلق أزمة خارج الحدود، بغية إشغال المجتمع الدولي الذي يتحتم عليه وضع حد لسياسته المتراخية تجاه نظام لا يفهم سوى أسلوب القوة والعنف، لأن هذه الاعتداءات ليست انتهاكاً للسيادة العراقية، بل هي تهديد لأمن الشرق الأوسط.
وحذر قادري من أن طهران تجرب مع كل هجوم نوعاً جديداً من الصواريخ مما يعني أنها قد لا تتوانى في أن تستخدمها سواء ضد العراق أو دول المنطقة.
وكانت الخارجية الإيرانية بررت شنها الهجمات بكونها تأتي في إطار الدفاع عن النفس لعدم اتخاذ بغداد وأربيل إجراءات لمواجهة تهديدات الجماعات الكردية.
ونفى قادري هذه المزاعم بالقول كنا ملتزمين دائماً باحترام سيادة العراق، ولم يستغل الإقليم لشن هجمات ويقتصر نضاله على الجانب السياسي حصراً، وتقديم الدعم المعنوي للاحتجاجات التي تشارك فيها كل الشعوب الإيرانية.
وأضاف أن النظام يمارس سياسة التضليل ويحاول تحريف قضية الاحتجاجات عبر حصرها بمنطقة بكونها مدفوعة خارجياً، وأنها لا تعبر عن الرأي العام الإيراني، بخاصة أن المجتمع الدولي بدأ يصعد ضغوطه.
تضليل واستفزاز
ووصف قادري الضغوط التي تمارسها طهران على الإقليم لطرد المعارضين الأكراد بأنها أعذار واهية، وقال نحن نوجد في هذه المناطق منذ عقود عدة قبل أن يتشكل كيان إقليم كردستان، ووجودنا شرعي وفق القوانين الدولية طالما أنّا لا نشن هجمات مسلحة، وبالعكس فإن طهران هي التي اغتالت العشرات من رفاقنا في الإقليم وتحاول اليوم أن تدفعنا لاستخدام السلاح، على رغم أنه حق مشروع، لكننا نتحمل لكيلا يتحول الإقليم إلى ساحة حرب، وقد ابتعدنا من المناطق الحدودية في حين أن النظام يقصف مخيمات اللاجئين المدنيين.
اقرأ المزيد
وشدد على أن مطلب طهران بحصرنا وجودنا ضمن نطاق ضيق مرفوض قطعاً، طالما أن النظام يستخدم أسلوب الترهيب والقتل.
وفيي شأن تلويح الخارجية العراقية باتخاذ إجراءات دبلوماسية عالية المستوى، أكد قادري أن بغداد تفتقد الإرادة في اللجوء إلى مجلس الأمن على رغم تعرض سيادة البلاد للانتهاك، لأن طهران خلقت لها أذرعاً مسلحة داخل المكونات العراقية التي تؤثر بدورها في مواقف الحكومة العراقية، ولا سبيل سوى القنوات الدبلوماسية لوضع حد لهذه الاعتداءات المتكررة.
وجاءت الهجمات الإيرانية بعد أسبوعين من نشر صحيفة وول ستريت جورنال معلومات أفادت بقيام الرياض وواشنطن ودول مجاورة برفع مستوى التأهب لقواتها العسكرية بناء على تبادل الرياض لمعلومات استخباراتية مع الإدارة الأميركية تحذر من وقوع هجوم إيراني وشيك على أهداف في السعودية وأربيل.
تصدير الأزمات الداخلية
وفي تفسيره للدوافع الإيرانية يعتقد المحلل العسكري والاستراتيجي العميد إحسان قيسون بأن نظام طهران يعاني مشكلات داخلية جمة ويحاول جاهداً تصديرها، فمعلوم أن أربيل لا تسمح بشن أي عمل عسكري على أية دولة جارة انطلاقاً من مناطق نفوذها، سواء على تركيا أو إيران، وفعلياً لم تطلق رصاصة واحدة من الإقليم تجاه القوات الإيرانية.
وقال قيسون إن وجود الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة في إقليم كردستان ليس جديداً بل يعود لعقود عدة خلال فترة حكم النظام العراقي السابق، ولم تأت بها حكومة الإقليم مما يعني أن طهران تحاول رمي كرة النار من ساحتها على الإقليم، كما تفعل في مناطق أخرى مثل سوريا، وأحياناً تطلق تهديدات للسعودية.
وصدرت محلياً ودولياً مواقف إدانة واسعة، إذ أكد رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني عدم وجود مبررات لاستهداف الإقليم بالصواريخ والطائرات المسيرة، داعياً بغداد إلى وضع حد للاعتداءات.
وأكدت البعثة الأممية إلى العراق رفضها استخدام العراق كساحة لتصفية الحسابات، وطالبت البلدين بإجراء حوار حول الشواغل الأمنية المشتركة كخيار وحيد الوحيد للمضي قدماً.
بينما دعت الخارجية الأميركية إيران إلى وقف انتهاكها المتكرر والفاضح لسيادة ووحدة العراق.
الهجوم البري وارد
ويتفق قيسون مع قادري على أن دعم المعارضة الكردية للاحتجاجات في إيران لا يتعدى الدعم المعنوي، إذ قال إن هذه الجماعات لا تملك تلك الإمكانات العسكرية لكي تهابها طهران، ثم إن جميع قوى المعارضة للنظام الإيراني في الخارج من غير الأكراد أيضاً قدمت الدعم المعنوي، فلماذا يتم اتهام هذه الجماعات فقط؟.
وتوقع ألا يتعدى موقف الحكومة العراقية إطلاق بيانات الشجب بالقول هذا ما كان يحصل دائماً، وتساءل ما هي الأوراق التي تمتلكها بعض القوى السياسية الحاكمة وهي أساساً توالي طهران؟ ولو كانت هناك حكومة وطنية تهمها سيادة البلاد كان عليها استدعاء سفيرها في طهران وأن تخفض التمثيل الدبلوماسي من سفارة إلى قنصلية أو الذهاب إلى مجلس الأمن، لكننا لا نرى تقديم أي شكوى على رغم تكرار الاعتداءات.
ولم يستبعد قيسون أن تذهب إيران إلى أبعد من شن هجمات جوية بالقول إن طهران قد لا تتوانى عن تنفيذ تهديداتها بإدخال قوات برية إلى داخل إقليم كردستان بغية إلقاء كرة النيران الداخلية التي بدأت تهدد النظام الإيراني إلى داخل الأراضي العراقية، بذريعة أن هناك دعماً عسكرياً ولوجيستياً من داخل كردستان إلى الثوار والمحتجين الإيرانيين.
انتهاك للقوانين الدولية
ومن جهة الخيارات القانونية المتاحة أمام حكومة بغداد يؤكد الخبير القانوني علي التميمي أن الهجمات الإيرانية تعد انتهاكاً للسيادة العراقية بموجب ميثاق الأمم المتحدة، خصوصاً المواد (1) و(2) و(3)، كما أن المواد (24) و(34) و(39) من الميثاق أجازت لمجلس الأمن فرض العقوبات على الدولة المعتدية.
وأوضح أن هذه المواد أجازت اللجوء إلى مجلس الأمن وتقديم الشكوى ووضع الدولة المعتدية تحت طائلة الفصل السابع كونها تهدد السلم والأمن الدوليين، وهذا متاح للعراق مع سقوط عدد كبير من الضحايا.
وأشار التميمي إلى أن هذه الهجمات تدرج ضمن جرائم ضد الإنسانية والإبادات الجماعية وفق القانون الدولي والمادة (6) من ’اتفاق روما‘ الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية وأيضاً ’اتفاق منع الإبادة الجماعية‘ لسنة 1948، مشدداً على أن بغداد لها حق الدفاع الشرعي عن سيادتها وفق المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، ويمكنها طلب المساعدة من الولايات المتحدة الأميركية وفق المادة (27) من الاتفاق الاستراتيجي بين العراق وأميركا لسنة 2008.
ونوه التميمي إلى أن موقف العراق في حال لجأ إلى رفع الشكوى سيحتاج إلى أن يكون حازماً وقوياً بعيداً من الدبلوماسية، على اعتبار أن إقليم كردستان جزء من البلاد وشعبه مواطنون عراقيون.[1]