#بدري نوئيل يوسف#
مقدمة
وفقا لما ترويه تقاليد اليهود الكورد، فأنهم يعودون بأصولهم الى عشرة اسباط بني اسرائيل، الذين تم اجلاؤهم في القرن الثامن قبل الميلاد، على ايدي الاشوريين من البلاد الى المناطق الكوردية، ومنهم من ينسبون اصلهم الى سبط (بنيامين)، الذي تم اجلاؤه الى تلك المنطقة بعد خراب الهيكل الاول، في القرن السادس قبل الميلاد على ايدي البابليين، وكان اليهود يقطنون في المدن والقرى المنتشرة في منطقة كردستان، وكانوا ينطقون باللغة الارامية، وقد افلح يهود كوردستان في الحفاظ على تراثهم ولغتهم والتقاليد الخاصة بهم، على الرغم من انهم لم يقيموا الروابط مع جاليات يهودية اخرى خلال مئات السنين، بسبب بعدهم الجغرافي عنها.
ونظرا لانعزال الجالية اليهودية في كوردستان عن الجاليات اليهودية الاخرى، فلا تتوفر معلومات عن تاريخها حتى القرن الثاني عشر الميلادي، حيث زار تلك المنطقة الرحالة اليهودي بنيامين توديلا (Benjamin Tudela
1130 – 1173) الذي يروي انه عثر فيها على اكثر من مائة جالية يهودية، ضمت عشرين الف نسمة تقريبا، وكانت تعيش تحت حماية رؤساء القبائل الكردية الكبيرة. كذلك تتوفر وثائق تاريخية من القرن الثالث عشر والسادس عشر، كما شيد اليهود في منطقة كوردستان العديد من الكنس التي تركزت حولها الحياة الدينية والاجتماعية لهذه ا لجالية، ولكنه على مر العصور، تضاءل عدد الحاخامين اليهود في كوردستان، فأصبح حاخامو مدينة بغداد المرجعية الدينية لهؤلاء اليهود. ومنذ القرن التاسع عشر توثقت روابط يهود كردستان مع جاليا يهودية اخرى، وزارها مبعوثون يهود من البلاد. وفي بداية القرن العشرين، اقامت شركة (اليانس- Alliance) اليهودية مدارس في بعض المدن التي قطنها اليهود في هذه المنطقة.
في بداية القرن التاسع عشر، هاجر جزء منهم واستقر يهود كردستان الذين قدموا الى فلسطين خلال ذلك القرن، وخلال بداية القرن العشرين، في القدس ثم في يافا وطبريا وفي عدد من قرى فلسطين ايضا.
تختلف لهجات اليهود الأكراد من منطقة إلى أخرى حتى تصل أحياناً إلى عدم فهم اللهجة بين سكان المناطق المختلفة. فعلى سبيل المثال، لا يفهم سكان بعض المدن لهجة منطقة السليمانية والعكس تماماً، ومن ناحية أخرى نجد في بعض الأماكن، حول مدينة السليمانية بأن اليهود والمسيحيين تحدثوا باللغة الآرامية كل منهم حسب لهجته ولكنهم كانوا يفهمون لهجات بعضهم البعض قدر المستطاع ويتحدثون فيها معاً.
المأكل عند يهود كردستان
قبل الحديث عن المأكل عند اليهود نتعرف عن الطعام الكوشير أو المباح أكله في الشريعة اليهودية، هو الذي يتم إعداده طبقاً لمجموعة من القوانين اليهودية المتعلقة بالتغذية، وعلى سبيل المثال، تحدد هذه القوانين أن الخبز يُباح أكله إذا لم يكن يحتوي على أي دهون مُحرمة، ولم يتم خبزه يوم السبت المقدس عند اليهود، وتُحرم هذه القوانين أيضا الأغذية المشتقَّة من حيوانات تعتبر نجسة، ومن هذه الأغذية لحم الخنزير والحيوانات الصدفية، وفضلاً عن ذلك فإنه لا يجوز إلا أكل أجزاء معينة من الحيوانات المباح أكلها كالماشية والأغنام.
يقطن اليهود الكورد في اراضي زراعية ومراعي تتعرض لكميات من الامطار تكفي لزراعة المحاصيل الديمية ، وظروفها ملائمة لإنتاج المحاصيل المروية كالفاكهة والحضر، فقد استفاد اليهودي الكوردي من موقعه بين الكورد الرحل والمزارعين الكورد والمسيحيين ويتمتع بمنافع الموارد الاقتصادية ، واليهودي الكردي اكول اللحوم وأطباقه حافلة بما يريد من انتاج حقول الحيوان، في الوقت ذاته تمثل الحبوب والخضروات والفواكه جزء من أطباقه وهو يستهلك كل هذه الاصناف من الاطعمة، لأن الطعام زهيد الثمن في كوردستان، فهو يحب الاكل والكمية التي يلتهمها الرجل الصحيح مذهلة، وتجد السمنة عندهم قليلة رغم كونهم مغرمون بالأطعمة الدسمة .
الخبز :
يعد الخبز من الاطعمة الاساسية بالنسبة للكورد اليهود، ويعتبر طعاما رئيسا حيث يتم شراء ما يكفي لسنة واحدة من حبوب الخبز من موسم الحصاد، وبصور عامة يحصل اليهود الكورد على الحبوب عن طريق المقايضة (قبل هجرتهم). تحفظ الحبوب داخل جرار عظيمة تحت الارض، يتسع كل منها حوالي مائة وخمسون كيلو غرام ، تغلق فوهة الجرة بواسطة الطين وفي بعض الاحيان تحفظ الحبوب في قراب من جلود الاغنام، أو داخل حفر معدة لهذا الغرض تسمى بالكردية (چاله)، قبل ان تطحن الحبوب تقوم النساء بتنظيفها من الشوائب ثم غربلتها بالغربال،
أما عملية الطحن فكانت تجري بواسطة الرحى (دستار)، وبعد نصب مطاحن الحبوب في المدينة تركت الرحى وأصبحت تستخدم في البيوت لطحن الجريش والبرغل ويتم خزن الدقيق في وعاء فخاري ضخم ذي اربع قوائم يسمى (كواره).
في المدن يصنع الخبز من القمح وعند العوز يستخدم الدخن والذرة، أما في الريف فخبز الذرة المفضل والأساسي، كما ان الفقراء يخبزون الشعير، هناك نوعان من الخبز الذي يخبز على الصاج أولهما لا تضاف الخميرة الى العجين الذي يخبز على الصاج، وهندما تقوم المرأة باستخراج الدقيق من الوعاء وتقول (يا بركة ايليانو حل عليه)، وعندما تصب الماء فوقه تقول همسا عدة مرات (بسم الله) ثم تعجن العجين في اناء العجن وتقول (لتكن يد امنا سارا فيه ولتكن فيه العون للفقراء والبائسين) .
يسمى هذا النوع خبز الفطير هو الخبز الذي لا تدخله خميرة، ويعبَّر عنه في العبرية بكلمة (متساه) وجمعها (متسوت)، وهو نوع من الخبز يمكن إعداده بسرعة وهو أيضاً (خبز الخروج) أو الخبز الذي يأكله اليهود في عيد الفصح الذي يُسمَّى أيضاً (عيد المتسوت) ومعظم تقاليد العيد مأخوذة من وصفة في التوراة مع التفاسير التي أضيفت إليها عبر العقود، ومن أبرز مميزات العيد هو الامتناع عن أكل الخبز أو أي طعام مصنوع من العجين المختمر، وبدلاً من الخبز يؤكل الفطير غير المختمر المختبز للعيد بشكل خاص، ويشرح سفر الخروج هذا التقليد كرمز لاستعجال بني إسرائيل عند خروجهم من مصر حيث لم يتمكنوا من الانتظار لانتفاخ العجين عندما أعدوا مؤونتهم.
حسب الشريعة اليهودية المعاصرة على كل يهودي التخلص من كل المأكولات المصنوعة من عجين مختمر قبل حلول العيد وأن يقوم بحرق ما يبقى من هذه المأكولات في طقس يقوم به عشية العيد عبارة عن استعداده لأداء وصايا العيد. وثانيا الخبز الرقيق الذي يستخدم للأكل عادة وخاصة في فصل الشتاء، عندما يصعب الخبز بالتنور يخبز منه كمية تكفي لأسبوعان وأكثر، ويرش بالماء عند استخدامه لتلينه،هو نوع من أنواع الخبز المعروف في كثير من البلدان حيث انتقلت صناعة خبز الصاج منذ القدم إلى زمننا الحالي، و خبز الصاج هو خبز رقيق وله طعم مختلف عن الخبز الآلي ، وطريقة صناعته يضاف الماء الدافئ أو الفاتر الى الدقيق تعجن العجينة مدة خمس عشرة دقيقة حتى تصبح العجينة متماسكة يسهل تشكيلها أي لا تكون رخوة يغطى الوعاء و ويضع في مكان دافئ حتى تتخمر العجينة، ومدة تخمير العجينة تكون ساعة تقريباً، بعد مضي السّاعة انتفخت العجينة ، تقطع على شكل كرات بحجم قبضة اليد يستخدم الشّوبك أو النشاب بترقيق العجينة على شكل قرص دائري، ثم يخبز فوق صاج حار .
الخبز اليهودي ال(حالاه) :
سيرة هذا الخبز ذو الجذور التوراتية واردة في التوراة، ويقول سفر العدد (الاصحاح ال15):
وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً: كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: مَتَى دَخَلْتُمُ الأَرْضَ الَّتِي أَنَا آتٍ بِكُمْ إِلَيْهَا، فَعِنْدَمَا تَأْكُلُونَ مِنْ خُبْزِ الأَرْضِ تَرْفَعُونَ رَفِيعَةً لِلرَّبِّ. أَوَّلَ عَجِينِكُمْ “الحَالَاه” تَرْفَعُونَ قُرْصًا رَفِيعَةً، كَرَفِيعَةِ الْبَيْدَرِ هكَذَا تَرْفَعُونَهُ.
في عصرنا هذا اكتسب هذا الخبز مدلولات اجتماعية، وهذا الخبز موجود في أيامنا هذه حتى في المخابز الاعتيادية ، وردت هذه القصة في (كتاب (تعانيت: 25) تعكس عناية الرب بالأبرار والمحسنين .
يُروى أنه قبل 2000 سنة، عاش في مدينة الجليل حاخام يهودي اسمه حنانيا بن دوسا.، وكان الحاخام فقيراُ جدا، لدرجة أنه كان يعيش على الخروب هو وامرأته، غير ان حاله هذا لم يؤثر على استعداده لمساعدة الآخرين والصلاة لأجلهم، وكانت زوجة الحاخام تغار من جاراتها اللواتي تخبزن خبز (الحالاة) في أيام الجمعة عشية يوم السبت، أقدس أيام الأسبوع عند اليهود، وكانت الجارات تتحدثن عن زوجة الحاخام وعن بيتها وحالتها الصعبة بسبب فقرها وعدم قدرتها على تحضير الخبز.
في أحد الايام أدخلت زوجة الحاخام لوحا خشبيا في الفرن لتوليد الدخان ومحاكاة شواء الخبز في بيتها، ورأت إحدى الجارات الشريرات الدخان واستغربت وكلمت نفسها: مستحيل أن تقوم زوجة الحاخام حنانيا بالخبز! لأذهب ولأرى ماذا يحدث هناك وفي نيتها الغدر وأن تحرجها أمام الجيران.
دخلت الجارة لبيت الحاخام حنينا وبدأت تستفز الزوجة قائلة: استعجلي فالخبز على وشك أن يحترق!
لكنهما تفاجئن عندما شاهدن الفرن مليء بأرغفة خبز الحالاة الحلوة الجميلة! بطبيعة الحال زوجة الحاخام اعتبرتها معجزة ولم تُضع دقيقة واحدة وأخرجت الحالاة من الفرن، ثم توجهت بالصلاة للرب وشكرته جزيل الشكر لهذه المساعدة ولتجنب هذا الإحراج المحتمل،وخبز الحالاه هو حاضر على المائدة اليهودية وله أبعاد دينية عديدة واجتماعية ورمز تاريخي قديم ويستخدمه اليهود في طقوسهم.
أصبح خبز الحالاه رمزا لليهود وطقوسهم فيتم تناوله في الموائد الاحتفالية خلال أيام السبت والأعياد، وقبل بداية الوليمة يوضع رغيفان من خبز الحالاه على لوحة خاصة مزينة وهما مغطيان بالحرير أو القماش المزين، إشارة إلى المنّ الذي كان بنو إسرائيل يأكلونه في الصحراء، والذي كان ينزل وفقا للتقاليد، مغطى من تحته و فوقه بطبقة من الندى السماوي.أما الرغيفان، فعددهما يشير إلى قطعتي المن اللتين كان بنو إسرائيل يجمعونهما في أيام الجمعة تمهيدا ليوم السبت (خلافا لقطعة واحدة في باقي أيام الأسبوع)، كما يشير إلى الأمرين المركزيين الذين أمِر بهم بني إسرائيل بالنسبة ليوم السبت ، وبعد دعاء تمجيد للرب بمناسبة الأعياد وأيام السبت يتم قطع الحالاه وإضافة القليل من الملح على كل قطعة، ثم توزع القطع بين المشاركين بالوليمة لتلاوة صلاة الشكر للرب على نعمته، ويعتبر الملح رمزا لإحياء ذكرى القرابين التي كان بني إسرائيل يقدمونها للهيكل وهي مملحة، ويلاحظ في السنوات الأخيرة ان مخابز كثيرة تبنت خبز الحالاه التي تسوق طوال أيام السنة.
وكان اليهود يتبرعون بقطعة من العجين خلال شواء الخبز لأجل الكهنة والهيكل. وهذا العمل يعود لأسباب مختلفة، بما فيها أن يتذكر اليهود أن كل ما لديهم ليس ملكا خاصا بهم بل يرجع للرب الذي أعطاهم إياه، كما أن التبرع بالخبز للكهنة يشير للعلاقات الاخوية التي تجمع الفئات المختلفة من الشعب.
أطباق اللحم :
تتألف قطعان الكورد الرحل في اغلبيها من الماعز والغنم في حين أن الابقار قليلة لعدم ملائمتها لمراعي البلد الجبلية في المدن يمكن الحصول على لحوم الحيوانات المذبوحة يوميا، لكن هذا غير ممكن في الريف فرغم وفرة الحيوانات ، نجد الشوحيط الذي يقوم بالزكاة الشرعية غير متوفر لذا لا يأكل اليهود القرويين اللحم غير مرتان في السنة .
ويعتمدون في ما تبقى من أيام السنة على اللحم المحفوظ الذي يخزنون منه كميات كبيرة .
والذابح الشرعي(شوحيط بالعبرية) هو الترجمة العربية للكلمة العبرية (شحيطاه)، وهو مُصطلَح يُستخدَم للإشارة إلى ذبح الحيوانات شرعياً حيث يجب أن يتم الذبح بسكين ذي مواصفات محددة وأن يتم الذبح بطريقة معينة بعد فحص الحيوان أو الطير فحصاً دقيقاً للتأكد من أنه طاهر، ونظراً لأن عملية الفحص والذبح تتبعان خطوات وإجراءات مركبة، فيجب أن يقوم بهما شخص مؤهل لذلك يُطلَق عليه الذابح الشرعي (شوحيط).
أفضل انواع اللحوم لحم الدجاج ولا تخلو موائدهم منه عشاء السبت أو طعام أي عيد ، كما انه هناك من بين احتفالات الزواج امسية تسمى (ليلة الدجاج )، بسبب العدد الكبير من الدجاج المستهلك في تلك الليلة، وتقدم قطع الدجاج البارد كمزة، المقبل الكوردي اليهودي الذي تبدأ به الاحتفالات.
هناك طائر اخر مستطاب وهو نوع من الحجل هذه الطيور يصطادها الاكراد حية ويبيعونها الى اليهود، يربونها في اقفاص كطيور داجنة اذا تغريدها يطربهم بل ان ولع بعض اليهود الكورد بهذه الطيور دفعهم الى اخذها معهم الى فلسطين. كما يؤكل العصفور الدوري وينبغي ان تكون زكاته شرعية ويتم اصطياد هذه العصافير بواسطة شباك.
اللحم المحفوظ
يحتل اللحم المحفوظ جزءا مهما من موائد الكورد اليهود، هناك انواع عدة من اللحم المحفوظ والذي يحفظ بكمية كبيرة يسمى قلية ويصنعه الكورد أيضا، والقاورمة وهو لحم بقر مملح يبقى صالح للاستعمال لأكثر من سنة ويستخدم في اطباق السبت، واستخدام اللحم المحفوظ يعود لسببان اولهما عدم توفر شوحيط في المجمعات السكنية الصغيرة وثانيا حفظ اللحم يمكنهم من الانتفاع بحيوانات الخريف السمينة وضمان توفير كمية من اللحم الجيد السمين للشتاء ولا يوجد مراعي في هذا الفصل.
على سبيل المثال عائلة كبيرة نسبيا تذبح حوالي ثمان نعاج سمينة لحفظ لحومها بطريقة القلية، وهي الطريقة المثلى والأكثر استخداما لحفظ اللحوم ، وتجري في الطابق العلوي من المنزل وتقطع اللحوم الى قطع صغيرة، وينبغي الاحتراز من عدم خلط سمن حيوان الذكر مع حيوان الانثى، إذ يقال أن الاجناس تتنافر، يذاب السمن السائل ويصب على قطع اللحم الناضجة التي سبق وان طبخت، ويوضع اللحم بعدما يبرد في اوعية كبيرة مدفونة تحت الارض، تملأ العائلة بين عشرة او اثنا عشر منها يكفي كل وعاء لمدة شهر. والقلية الخاصة بعيد الفصح يتم اعدادها بعناية فائقة تراعي فيها تعاليم الشريعة بدقة، يضاف اليها عدم حضور المرأة الحائض والطفل عند اعداها. وهناك نوع اخر من اللحوم المحفوظة وهو اللحم البقري المملح، وتصنع القاورمة من لحوم الثيران او الابقار السمينة وتهيأ كل عائلة واحدة من هذه الحيوانات بعد ذبحها يقطع اللحم الى شرائح تخلل داخل اوعية مدفونة تغطى بغطاء من الجلد، وفي الريف هناك عوائل تقوم بحفظ اللحوم عن طريق التجفيف ،تقطع لحوم الابقار المذبوحة وتملح وتعلق حتى تجف ويحفظ لعيد الفصح، وبعض العوائل تعلق جثة خروف كامل، يقطعون جزء منها من حين لأخر ، ويؤكل البعض من هذه اللحوم دون طبخ.
ومن التقاليد الاخرى لا يجوز بأي حال من الأحوال خلط اللحم باللبن في الطعام ، تنفيذًا لنص التوراة: (لا تطبخ جديًا بحليب أمه)، والمقصود عدم طبخ اللحوم مع الألبان في إناء واحد، كما يجب على الشخص الذي تناول لحومًا أن ينتظر قدرًا من الوقت بعد تناول اللحوم إذا أراد أن شرب الحليب، بل لا تُعرض اللحوم إلى جوار الحليب أو الجبَن في محال البيع، لابد مراعاة أحكام دينية أخرى مهمة كاستخدام أواني مخصصة للطعام لا تستخدم لغيره، وتُميز أحيانًا بالكتابة عليها أو وضع إشارة معينة تدل على تخصيصها لأنواع معينة من الطعام، أو عدم اشعال النار في المطبخ اليهودي يوم السبت، أو عدم استخدام الخمير في المخبوزات في عيد الفصح.
ومن أهم الطيور الشائع استخدامه على المائدة اليهودية أو مائدة الكوشير اليهودي: الديوك الرومية، والدجاج، والبط، والأوز، والحمام، فهى مفضلة للطعام خاصة في المناسبات والاحتفالات الكبرى.
أما الحيوانات المسموح بتناولها فالميزتان الرئيسيتان لها أن تكون من المجترات، وتكون حوافرها، أو أظلافها مشقوقة، كالأبقار والجاموس، والأغنام والماعز، والأيائل، وغيرها، أما غير مشقوقة الحافر أو الظلف كالحصان والحمار فلا يجوز أكل لحومها، والخنزير مشدد على حرمة لحومه.
فجميع المجترات مسموح بأكل لحومها، عدا ما نصت عليه نصوص التوراة أو المشنا، لافتقاده شرطًا من الشروط ، فلا يجوز أكل لحومه كالأرنب، والجمل.
السمك :
ذكرت التوراة أهم ما يميز الأسماك المسموح بتناولها في الطعام، فجاء أن أهم علاماتها الزعانف والقشور، وعلى ذلك تحرم الشريعة اليهودية أكل المحاريات ، والسرطانات ، والجمبري ، والكابوريا ، والأخطبوط ، وأسماك الثعبان، والأخطبوطات. كما يحظر تناول جميع الثدييات المائية، والجيلاتينيات، او الهلاميات كقنديل البحر وما شابهه.
الكورد اليهود نادرا ما يأكلون السمك رغم وفرته في مياه كردستان، يؤكل السمك عادة في عيد الفصح و پوريم2 (عيد الفور)، يؤكل السمك بالقلي بواسطة الزبد او بتحميصه، ويتم التحميص بوضع الماء في القدر، ثم توضع في قعر القدر عصي لتشكل حاجز قضبان وتوضع طبقة من السمك فوق العصي ثم تأتي طبقة اخرى من العصي فوقها طبقة من السمك ويغطى القدر بإحكام ويوضع فوق النار هادئة .
يتبع في الجزء الخامس.
المصادر .
يهود كردستان، إريك باور، أعاده وأصدره رافائيل باتاي، ترجمة : شاخوان كركوكي وعبدالرزاق بوتاني.
ويكيبيديا العربية.
المغرد .
1 المؤرخ الرحالة اليهودي بنيامين توديلا Benjamin of Tudela 1130 - 1173
رحالة إسباني يهودي في القرن الثاني عشر الميلادي ترك سرقسطة في عام 1160، وقام برحلة استغرقت ما بين خمسة وثلاثة عشر عاماً، زار خلالها نحو ثلاثمائة موضع من بينها: إيطاليا واليونان وكيليكية وفلسطين وبلاد الرافدين وإيران والهند، وعاد ماراً بعدن واليمن ومصر وصقلية. وقد دوَّن بنيامين التُطيلي ملاحظاته في كتابه رحلات الحاخام بنيامين وهي تتضمن عديداً من الروايات والتفاصيل الطريفة والمهمة. وقد انصب اهتمامه على حضارات البلدان التي زارها وعلى الجماعات اليهودية فيها من حيث أسلوب حياتهم ووظائفهم الأساسية وتنظيماتهم الاجتماعية وحياتهم الدينية. كما أورد إحصاءات عن عدد كل جماعة. ويُعَدُّ كتابه من المصادر الفريدة لعدد أعضاء الجماعات اليهودية في العالم، وإن كانت بعض الأعداد التي يوردها تبدو غامضة أو مبالغاً فيها. وقد تُرجم كتابه إلى معظم اللغات الأوربية وضمنها اللاتينية
2 پوريم أو فوريم بالعبرية تعني(القرعة) وهو ذكرى لخلاصهم في بلاد فارس من مجزرة هامان وزير الإمبراطور الأخميني أحشويرش، حين ألقى قرعة ليرى اليوم المناسب لتنفيذ قتل اليهود، لكن (أستير) اليهودية زوجة الملك استطاعت بتوجيه من مردخاي أن تنقذ اليهود وتفتك بهامان وأتباعه. أما الشعائر في عيد الپوريم يصوم اليهود يوم الثالث عشر من آذار من التقويم اليهودي، كما يقومون بقراءة سفر استير حيث تضطلع النسوة أحيانا بهذا الدور. كما يتسم العيد بالاستهزاء بهامان حيث يقوم الحاضرون بإصدار أصوات عالية من أداة خشبية أثناء قراءة اسم هامان، خلافا لما هو معتقد لا يقوم اليهود بحرق دمية هامان أو بالمبالغة في شرب الكحول احتفاء بالخلاص. يؤكّد الحاخامات على تجنّب كل ما من شأنه أن يقلّل الفرحة بالمناسبة الرمزية بخلاص الشعب اليهودي.[1]