#صباح كنجي#
في المقدمة التي يفتتح من خلالها السيد آزاد بحثه يقول :
( إن الطائفة اليزيدية من الطوائف المنتشرة في مناطق واسعة من كردستان العراق ، وتركيا ، وسوريا ، وجمهوريات الإتحاد السوفياتي السابق مثل: ارمينيا، وجورجيا. وفي البداية كانت هذه الطائفة طريقة صوفية تعرف بالطريقة العدوية، وكان لها اتباع كثيرون، سواء من الكرد ، او العرب، او غيرهم ، وكانت طريقة مستقيمة، وسليمة من الإنحراف في عهد مؤسسها الشيخ عدي بن مسافر الأموي.
ولكن بعد وفاة الشيخ عدي بفترة تولى حفيد إبن أخيه مشيخة الطريقة، وكان إسمه الشيخ حسن ، ويعرف عند اليزيديين ب ( تاج العارفين) ، وفي عهد هذا الأخير تحولت الطريقة إلى حزب سياسي معارض للحكم العباسي، فالشيخ عدي بن مسافر كما هو معروف من الأمويين، بل ينتهي نسبه الى مروان بن الحكم آخر الخلفاء الأمويين ، لذلك فالشيخ حسن بن عدي الثاني لم يكن يرضى بالخضوع لبني العباس وهو من سلالة خلفاء بني اميّة ، ولكن لم يكن في يده أية حيلة للخروج من سيطرة وحكم خصومه لإعادة مجد بني أميّة، وعندما إنتهت إليه مشيخة الطريقة العدوية، ورأى ما حوله من كثرة الأتباع والمريدين، الذين كانوا دوما ً رهن اشارته ، رأى في ذلك فرصته الذهبية كي يقوم بالإنقلاب على خصومه العباسيين، فبدأ بتقوية الصف الداخلي أولا ً ،وذلك من خلال إلقاء هالة من القداسة حول نفسه، فقد إنعزل عن أتباعه ست سنوات زاعما ً أنّه سوف يأتي بشيء جديد للملّة ، فجاء لهم بكتاب الجلوة لأهل الخلوة وأفهمهم بعد ذلك أنهم ليسوا كسائر البشر فهم من آدم فقط ، أما بقية الطوائف الأخرى من مسلمين ويهود،ونصارى، وغيرهم فهم من آدم وحّواء . وبعد ذلك قام بإحاطة تلك الأفكار والمعتقدات بسياج منيع من السرية والكتمان، حيث أمر أتباعه بإخفاء تعاليم الملّة عن الطوائف الأخرى، وعدم كشفها لهم ، كما امرهم بالإبتعاد عن التعّلم، والقراءة والكتابة، كل ذلك كي يسهل إنقيادهم له، والتحكم في مصائرهم كيفما شاء.
وبعد أن تأكد الشيخ حسن أن افكاره قد إنتشرت بين اتباعه، وأصبحوا يعتقدون بكل ما ينفثه فيهم،، قام بمحاولة تنفيذ مخططه لإعادة مجد بني أميّة، إلا أن الظاهر فيه أنه لم يكن سياسيا ً بالمستوى المطلوب، رغم كونه قائدا ً بارعا ً، ذا دهاء وفطنة ، وذا تأثير كبير على أتباعه، لذلك فقد إستطاع خصمه بدر الدين لؤلؤ القضاء على حركته بكل سهولة، حيث قتل الشيخ حسن شّر قتلة، وقام بملاحقة اتباعه حتى جعلهم شذر مذر.
والجدير بالذكر هنا هو أن الصراع بين الأمويين والعباسيين ( الهاشميين) هو صراع قديم، فقد كانوا في الجاهلية في نزاع مستمر على زعامة مكّة.
إذا ً فاليزيديّة في البدء كانت طريقة صوفية، ثم تحولت إلى حركة سياسية، واخيرا ً اصبحت ديانة مستقلة عن الإسلام ) ص7-8.
يختزل السيد آزاد منذ البداية الديانة الإيزيدية التي مازال مصرا ً على تسميتها باليزيدية إلى مجرد طائفة من تلك الطوائف التي انبثقت من الإسلام التي حدد إتجاهها بالصوفية العدوية ، المستقيمة ، والسليمة من الأنحراف في عهد مؤسسا عدي بن مسافر الأموي ، وهو رأي ليس جديدا ً ، في نطاق البحث العلمي ، حول منشأ الديانة الإيزيدية ،وأصولها وجذورها ، فقد ورد هذا الرأي في دراسات وبحوث سابقة ،تناولت الإيزيدية ،من خلال كتاب عرب ومسلمين شوفينيين ،إنطلقوا في تحديد رؤياهم لهذا الدين من خلال نظرة إسلاموية متعصبة ،إستندت على بعض المعلومات المشوهة ،في المصادر الإسلامية اللاعلمية ،التي اجترّها الدملوجي والحسيني وغيرهم ، منذ بداية القرن الماضي.
عاد ليستند عليها السيد آزاد ، رغم تجاوز الدراسات الجديدة والمعاصرة لمعطياتها ،لا لشيء إلا لكونها تُدخل الديانة الإيزيدية والإيزيديين في قوام الفرق الإسلامية ، لتكون أمام خيارين أحلاهما مر، إمّا العودة للإسلام، وهو غاية وهدف تلك الكتابات الشوفينية المتعصبة، التي لا تتقبل وجود تكتلات بشرية ذات خصوصية في أطر دينية خارج دائرة الإسلام الذي يسعى لفرض عقائده ِ الوحيدة على المحيط ،من خلال قناعة إسلاموية لا تقبل الجدل ،تستند على نص يؤسس لها بيقين متزمت ، يؤكد إن الدين عند الله هو الإسلام،وهو لا يكتفي بهذه الرؤية ،بل يسعى لدمغ الماضي ،بكل تشعباته الفكرية المنوعة قبل الإسلام ،ويجعلها مسلمة ، إبتداء ً من النبي ابراهيم الخليل ،بالإستناد الى مفهوم الحنفية ،بآثر رجعي ،جعل كل شيء مسلما ً في العهود التي سبقت الديانات التي توصف بالسماوية ،اليهودية والمسيحية ، التي توصف من أهل الكتاب ،وهي الأخرى لم تخلص من نطاق التهم التي توصفها وتصنفها في خانة الكفر والشرك بالله ،من قبل الدين الإسلامي، كونها قد حرفت كتب الله أو أضاعتها ، أو إنها تجسدُ مفهوم الله من خلال ثالوث ،غير مقبول لدى الإسلام والمسلمين، حيث تفْرضْ النصوص الإسلامية ما يمكن تسميته ،بالمسطرة الإسلامية ،في القياس، لتطبقه على كافة المفاهيم ،وبه تحدد إتجاه الفكر، وحركة العقائد لدى البشر، منذ نشوء الأسطورة ،وبواكير الفكر الديني البدائي - التقليدي ،وتقيسه بها ،لتحدد مدى تطابقه مع الخط الإسلامي ،أو درجة إنحرافه عنه، وبالتالي وصفه في خانة الكفر والشرك، أم هو من تلك الفرق التي نشأت في الإسلام، والتي تحدد ب72 فرقة ، بعظهم يقول73 ، إحداها تصل إلى الجنة ،ويحقُ لها الإقامة فيها ،بدرجة خمس إنجوم وبقوائم حساب مدفوعة الثمن، من رب العباد ،مع الحوريات والأنهار التي تسير من تحتها بالخمر بكافة أنواعه، بما فيه النبيذ الفرنساوي المعتق .
أمّا البقية فلا مكان لهم إلا الجحيم، الذي يتسع لبقية أبناء الله ،الذي خلقهم، وفق منطق الديانة الإسلامية ، للنارفقط ،ليكونوا وقودا ً لها ، يعذبهم فيها بلا رحمة او شفقة ،فالله هنا حسب التصور الإسلامي لا يشفع لهم ، لذلك يمكن أن تمارس إرادته على الأرض من قبل المسلمين المؤمنين من نمط السيد آزاد ممن يعتقدون بأنهم مخولين بفرض الدين الإسلامي على الآخرين وإن مهمتهم في هذه الدنيا تنحصرُ في نشر الدين الإسلامي وفرضه بين البشر بكافة السبل ابتداء ًبالترهيب والترغيب وإنتاء ً بالبتر والقتل، إنْ لمْ يستجيبوا لإرادة الله التي فوضتهم بنشر تعاليمه بين الناس بالقوة والبطش...
وما جاء به السيد آزاد في بحثه لا يتعدى هذا النطاق حيث انطلق من نظرة إسلاموية ،في تحديد موقفه من الإيزيديين ودينهم ، لذلك إستل تلك الكتابات وأعاد طبعها في بحثه ، ليس لغاية علمية ،هدفها تقصي اصول وجذور هذا الدين ،بقدر ما هي محاولة جديدة لأعادة وضع الصمغ على ملصق آيل للسقوط!! ..
لذلك تجاوز السيد آزاد كافة البحوث العلمية الجديدة ،وهي بالعشرات، ولم يتطرق إليها ،أو يذكرها لكونها تناقض مفاهيمه ،وتدحض غاياته ،ولا تتفق مع أهدافه، بل هدفه الوحيد الذي لا يخفيه، وقد طرحه بوضوح في ختام بحثه ألا وهو أسلمة الإيزيديين ، وقد حدد ،من خلال مقترحاته، إسلوبا ً وصيغة للعمل، كبرنامج لتحقيق هذه الغاية ، أباح فيها إستخدام كافة الوسائل واللجوء إلى الميكافيلية في التعامل مع الإيزيديين ، من أجل تحقيق هذه الغاية ،بتطبيق مفهوم الغاية تبرر الوسيلة ، لذلك أورد في، مقترحاته العملية ،لإرجاع الإيزيديين إلى الإسلام، البدء بإستخدام اللين، تناغما ً مع ديماغوجية إبن تيمية في وصيته الكبرى، وإشعارهم إنهم ليسوا بعيدين عن الإسلام ،رغم زيغهم من خلال إيجاد تشابهات ،وأصول إسلامية ،في كيان الديانة الإيزيدية وطقوسها ،حتى لو إضطر الباحث، إلى اللجوء للكذب وتزوير حقائق التاريخ بما فيها ، مسألة نشوء الديانات وتتابعها ، التي قلبها الباحث بشكل يثير السخرية ، وإنتهاء ً بإباحة قتلهم وهو ما إحتواه الكتاب من البداية وحتى النهاية ...
لهذا لجأ إلى اختزال الديانة الإيزيدية الى طائفة إسلامية، كي يعفي نفسه من عناء البحث عن أصولها ،فهو بالتالي لا يحتاجها ،في مسعاه الإسلامي لوصم أتباع هذا الدين بالعدوية ،و بهذا قد أخرجها من قوام الديانات القديمة ،بقطعه لجذورها، لتسهل مهمته في تعليق صفة العدوية التي إحتاج حسب اجتهاده إلى مؤسس ، فلا بأس أن يكون مؤسسها عدي بن مسافر الأموي ،وهنا نظرب أكثر من عصفور بحجر واحدة، نتخلص من آدي أو الشيخ آدي ،ونشطبه من التاريخ ،لنعوض عنه بشخصية عدي بن مسافر ،الذي كان همه الأول حسب السيد آزاد التأسيس لطريقة صوفية .
هنا تتحول الديانة الإيزيدية إلى مجرد طريقة صوفية لشيخ إسلامي ،كانت طريقته مستقيمة وسليمة من الأنحراف لغاية وفاته ،بحكم إنتساب هذا الشيخ إلى الأصول العربية ،فهو عدي بن مسافر الذي ينتهي نسبه إلى مروان بن الحكم آخر الخلفاء المسلمين من سلالة بني أميّة..
أما حفيده الشيخ حسن فقد واصل مهمته في تحويل هذه الطريقة إلى حزب سياسيي معارض للحكم العباسي ، وهو الذي أحاط هذه الحركة بالسرية التامة وأمر الايزيديين بالابتعاد عن القراءة والكتابة لا لشيء إلا لسهولة إنقيادهم له كخطوة اولى لإعادة مجد بني اميّة لكنه لم يكن سياسيا ً بالمستوى المطلوب رغم كونه قائدا بارعا ً، ويستذكر إن الصراع بين الأمويين والعباسيين هو صراع قديم على زعامة مكة ..
الطائفة ، الدين ، الحركة السياسية ، الفرق الإسلامية ،هل إستطاع السيد آزاد أنْ يفرق بين هذه المفاهيم ونقاط الإشتراك والإختلاف بينها عند وصمه للإيزيديه بها ؟ وهل إستند على معطيات علمية تاريخية ؟ أم إنها مجرد إستناجات وأوهام ؟ قد ساقها ليصل إلى نتيجة قد وضعها مسبقا ً أمام أنظاره ،كهدف وغاية من بحثه وإختار طريق الحصان المحجب الذي يدير ويحرك خشبة الناعور، لا يستطيع الرؤية إلا من خلال الزاوية المحددة له ...
هل تمكن بأقناعنا من أن عدي بن مسافر هو مؤسس هذا الدين من خلال الطريقة ؟ وهل تمكن من اقناعنا من أن الشيخ حسن هو الذي حولها الى حركة سياسية أموية ؟ .
ما الجديد في هذا الموضوع الذي تجاوزته الدراسات العلمية التاريخية ولماذا إختار السيد آزاد العودة لتلك الآراء وأعاد صياغتها ؟ .
هل كان يمارس دور الحصان الذي يجر خشبة الناعور المحدد الخطوات؟ أم إنه قد تطوع لإعادة إحياء تلك المفاهيم البالية ،التي ما زال البعض يوصفها ويصنفها في خانة ( العلوم الإسلامية ) ، في حالة من الإنسجام مع محتواها الذي بات يفرز الجديد من المفاهيم الدينية المتزمته التي تدعو لتكفير الآخرين من خلال المدارس الإسلامية التي تفتح أبوابها لهذا النمط من المفاهيم الدينية التي ُتشَرْعِنُ قتل العباد وتؤسس للفكر الإرهابي الذي بات يعلن عن نفسه بجرأة في هذا الزمن المنفلت الذي أصبحت فيه الأحزاب الدينية تتحدى الدول والكيانات الرسمية ،وأصبح فيه الشيخ يحرك رجل الدول العلمانية- المشوهة - التي تنزع حلة الرقص في الليل لتستبدله بالحجاب في الصباح ،كخطوة أولى نحو الدولة المحجبة ، التي لا تتقبل تواجد كيانات غير إسلامية في أطرها ، لذلك جاءت هذه الدراسة كخطوة في هذا الإطار، للتذكير بوجود من صنفهم الباحث بالمرتدين عن الإسلام ، وهو تصنيف لا يجهل عواقبه ولا نسقط نحن دوافعه الذاتية، من لدن الكاتب ،في هذا الظرف العصيب ،الذي ينتشر فيه الإرهاب كالسرطان ،وتعجز فيه كافة الجهود لتحجيمه ،أو الحد منه ، والباحث يؤدي من خلال بحثه مهمة زرع بذور الأرهاب ،وهو دور خطير، لم يخفي غايته المعلنة كونه قد نشأ وتربى على ثقافة إسلامية يتفاخر بها ، تبشره بالفوز بالدارين .
ولنعود للتساؤل هل نشأت هذه الديانة في زمن عدي بن مسافر؟ وهل كان عدي بن مسافر الهكاري أمويا ً ؟.
دعنا نقرأ فيما كتبه الشاعر والباحث الكردي المعروف السيد عبد الرحمن المزوري، في بحثه المركز والقيم الذي كان عنوانه تاج العارفين عدي بن مسافر الكوردي الهكاري ليس أمويا ً!! ، في رده على كتيب صدر في السعودية عام 1998 بعنوان( إعتقاد أهل السنة والجماعة ) للشيخ عدي بن مسافر ، من تحقيق الباحثين الكورديين حمدي عبد المجيد السلفي وتحسين إبراهيم الدوسكي .
الذي ركز فيه الباحث على مسألتين مهمتين هما النسب الأموي للشيخ عدي بن مسافر ،وإسلامية الطائفة الإيزيدية الكوردية ، حيث بين فيها، من خلال المصادر التاريخية ،بأن الشيخ عدي بن مسافر كوردي هكاري، من طائفة الدونبلية- الدوملية الكوردية ، الذائعة الصيت .
وإن أول من نسبه إلى الأمويين هو الصوفي المصري علي بن يوسف الشطنوفي المتوفي بعد عدي بن مسافر ب(156) عاما ً وإن هذا النسب المتأخر جاء سقيما ً في أسانيده ، مثله في ذلك مثل أغلب حكايات وأسانيد الشطنوفي الهزيلة ، بشهادة المؤرخ المحدّث إبن حجر العسقلاني ،الذي كتب قائلا ً:
بأن الشطنوفي ذكر في بهجة الأسرار.. غرائبا ً وعجائبا ً بحيث طعّن!! الناس في الكثير!! من حكاياته وأسانيده التي أوردها .
و أورد السيد المزوري هذا الرأي من منطلق إيمانه بأن تكون دراسة علمية تاريخية بعيدة عن الأهواء والأحقاد وقد إستعرض فيها ما ورد في مصادر إبتداءً من من إبن الأثير الجزري الذي عاش في فترة زمنية أقرب الى عدي من غيره حيث يذكره ضمن حوادث عام557 وفي محرم من هذه السنة توفي الشيخ عدي بن مسافر الزاهد، وهو من الشام من بلد بعلبك ولا يشير من قريب أو بعيد إلى أمويته!! أو نسله من مروان بن الحكم !! .
وينتقل المزوري إلى إبن المستوفي الأربيللي وهو من مؤرخي القرن الثاني عشر أيضا ً الذي إستقى معلوماته مباشرة من أحد اقارب عدي الثاني قائلا ً : إنه عدي بن مسافر بن إسماعيل بن موسى بن مروان بن الحسن بن مروان دون أن يذكر شيئا ً عن أمويته !! أو إنتسابه إلى مروان بن الحكم !!.
ويتساءل المزوري بحق:
إذ ليس من المعقول أن ينسى حسن وهو المشهور بالعلم والفضل والدهاء والأدب أن ينسى أمويته !! وجده الخليفة مروان بن الحكم !! لو كان لهذا النسب ذرة من الصواب .
ثم ينتقل الى ياقوت الحموي الذي ترجمه أثناء ذكره وتعريفه بلالش: ومنها أي لالش، الشيخ عدي بن مسافر الشافعي شيخ الأكراد وإمامهم دون ذكر لأمويته!! أو إنتسابه إلى الخليفة مروان بن الحكم !!.
ثم ينتقل الى ابن خلكان في القرن الثالث عشر الميلادي الذي ترجمه في وفيات الأعيان : عدي بن مسافر بن إسماعيل بن موسى بن مروان بن الحسن بن مروان ويضيف كذا أملي نسبه قرابته.
وفي كتابات على مرقد الشيخ عدي في (لالش) ، كتبت في القرن الثالث عشر الميلادي أيضا ً قرأها المؤرخ عبد الرزاق الحسني في عام 1925 م هكذا :
يا خالق السماء والأرض، إحفض هذا المنزل ، محل الشيخ عادي الهكاري، شيخ اليزيدية .
بينما يؤكد المزوري ترجمه الشطنوفي المتوفي1324م في بهجة الأسرار .. بأسم عدي بن مسافر بن إسماعيل بن موسى بن مروان بن الحكم الأموي وتعتبر عبارة :ابن الحكم الأموي هذا أول إضافة من الشطنوفي الى نسب الشيخ عدي بن مسافر دون أن يذكر من أين إستقى هذا النسب عكس ما فعله إبن المستوفي الأربيلي حين كتب ، بأنه إستقى معلوماته حول نسب الشيخ عدي مباشرة من أقربائه ..
وفي دعم رأيه يذهب المزوري الى تأكيده إن المؤرخين الذين عاصروا الشطنوفي أو أتوا من بعده لم يتأثروا بروايته تلك ، ويستشهد بإبن الفوطي المتوفي في عام1323 ، في الحوادث الجامعة .. بإسم عدي بن مسافر ، هكذا بلا أي لقب .
وفي القرن الربع عشر الميلادي ترجمه كل من : أبو الفداء الأيوبي المتوفي عام 1331 في المختصر في أخبار البشر بإسم عدي بن مسافر الزاهد.
والذهبي المتوفي علم 1348 في العبر وفي سير اعلام النبلاء ، باسم عدي بن مسافر بن اسماعيل بن موسى الشامي ثم الهكاري ، وفي دول الإسلام باسم عدي بن مسافر الهكاري، وابن الوردي المتوفي عام 1348 م في تتمة المختصر.. باسم عدي بن مسافر الهكاري ، والصفدي المتوفي عام 1362 في الوافي بالوفيات ، باسم عدي الكوردي- عدي بن مسافر بن اسماعيل بن موسى الزاهد الشامي الهكاري، وابن شاكر الكتبي المتوفي عام 1362 في كتابه الوافي بالوفيات ايضا ً ، خلال ترجمته للحسن بن عدي الثاني ، باسم عدي بن مسافر ، واليافعي المتوفي عام 1366 في مرآة الجنان .. بأسم عدي بن مسافر الشامي ثم الهكاري ، وابن كثير الدمشقي المتوفي عام 1372 م في البداية والنهاية.. باسم عدي بن مسافر بن اسماعيل بن موسى بن مروان بن الحسن بن مروان الهكاري.
وفي القرن الخامس عشر الميلادي ترجمه المقريزي المتوفي عام 1441 في كتاب السلوك .. تحت اسم عدي بن مسافر الهكاري، لكنه ادعى في كتابه هذا: إن بعض الهكارية تزعم !! بأنهم من ولد عتبة بن أبي سفيان ، لهذا اضاف في كتابه الآخر المسمى ( بالخطط المقريزية ) الى إسم إبن مسافر الهكاري ، لقبين جديدين هما: القرشي الأموي!! ، والظاهر ان بعض المؤرخين الذين جاؤا من بعده نقلوا منه ، كإبن تغري بردي المتوفي عام1470 في النجوم الزاهرة ، إذ أضاف بعد مضي اكثر من ثلاثة قرون !! على وفاة ابن مسافر لقب الأموي اليه لكن معاصروه من أمثال إبن عزم التميمي المتوفي عام 1486م ترجمه من جديد في دستور الاعلام.. باسم عدي بن مسافر الهكاري ، والعامري المتوفي عام 1448م ترجمه في غربال الزمان.. باسم عدي بن مسافر ، وعبد الرحمن جامي المتوفي عام 1492م في نفحات الأنس .. باسم عدي بن مسافر الشامي الهكاري.
وفي القرن السادس عشرالميلادي ترجمه كل من : التادفي الحنبلي المتوفي عام 1556 م في قلائد الجواهر .. بلقب الأموي ، وعبد الوهاب الشعراني المتوفي عام1565 م في لواقح النوار .. باسم.. عدي بن مسافر الأموي أيضا ً والوتري الشافعي المتوفي عام 1572 في روضة الناضرين بلقب الهكاري، والبدليسي المتوفي عام 1602 م في الشرفنامة باسم عدي بن مسافر.
وفي القرن السابع عشر الميلادي ترجمه كل من : حاجي خليفة المتوفي عام 1657 م في كشف الظنون.. باسم عدي بن مسافر الشامي ، وابن عماد الحنبلي المتوفي عام 1679 م في شذرات الذهب.. باسم عدي بن مسافر بن اسماعيل الشامي ثم الهكاري.
ومن المتأخرين ترجمه شمس الدين سامي في قاموس الأعلام ، باسم عدي بن مسافر الهكاري ، وإسماعيل باشا الباباني في هدية العارفين.. باسم عدي بن مسافر الهكاري ، وفي إيضاح المكنون .. أثناء ترجمته للحسن بن عدي الثاني ، يذكر عديا ً الأكبر بن مسافر الكردي الصوفي ، وعلي اكبر دهخدا في لغت نامة باسم عدي بن اسماعيل بن مسافر الهكتاري، والأرجح أن الهكتاري خطأ مطبعي فهو الهكاري، والقس إسحق البعشيقي في تأليفه عقائد اليزيدية المخطوط باسم عدي بن مسافر الهكاري ، وتيودور منتزل في الأنسكلوبيديا الإسلامية باسم عدي إبن مسافر، والدكتور شعبان خليفة في مداخل الأسماء .. باسم عدي بن مسافر الهطاري !! وأظن أن الهطاري خطأ مطبعي ، وهو يقصد الهكاري.
من هذا السرد التاريخي الذي شمل القرن الثاني عشر الميلادي، القرن الذي عاش فيه الشيخ عدي بن مسافر، فصاعدا ً حتى القرن السابع عشر ، ظهر لنا بأن معظم المؤرخين المعاصرين للشيخ عدي والذين عاشوا من بعده ايضا ً ، بعد استشهادنا بخمس وعشرين مؤرخا ً وباحثا ً جغرافيا ً منهم ، لم يذكروا له نسب الأموي سوى خمسة منهم فقط!! سنأتي الى ذكرهم فيما بعد، علما ً ان المقريزي ترجمه تارة بالأموي وتارة بالهكاري. رغم ذلك فإن المحققان الفاضلان - سامحهما الله - كتبا ظُلما ً بأن المؤرخين متفقون !! على هذا النسب .
2.قلنا بان هناك ( خمسة ) من المؤرخين الذين اضافوا لقب ( الأموي ) إلى نسب الشيخ عدي بن مسافر . أولهم هو الشطنوفي أحد مؤرخي القرن الثالث عشر ، وروايته مهمة لكونه أول من أضاف هذا اللقب الى نسب إبن مسافر، ولأنه لا يفصل بينهما سوى قرن ونصف من الزمان. نترك مناقشة روايته هذه الى حين الأستشهاد برأي العلامة إبن تيمية الحراني لا حقا ً .
وثانيهم هو المقريزي أحد مؤرخي القرن الخامس عشر الميلادي، وثالثهم هو إبن تغري أحد مؤرخي القرن الخامس عشر أيضا ً ، ورابعهم هو التادفي الحنبلي أحد مؤرخي القرن السادس عشر الميلادي ، وخامسهم هو الشعراني احد مؤرخي القرن السادس عشر ايضا ً.
ورواية هؤلاءالأربعة الأخيرين سقيمة هزيلة !! لا تستحق المناقشة، للبعد الزمني الفاصل بين وفاة إبن مسافر ووفاتهم إذ يفصل بينهم وبين إبن مسافر أكثر من ثلاثة أو أربعة قرون!! ..
أمّا قول المقريزي بأن بعض الهكارية تزعم!! الأنتماء الى عتبة بن أبي سفيان، فسننظر فيه لا حقا ً .
3- ( ينفي !!) إبن تيمية الحراني ، نسب الشيخ عدي بن مسافر (الأموي)!! ليس كما كتب المحققان إنه ( يُشكّك)!! هناك فرق بين الشك والنّفي!. يقول إبن تيمية ، إن نسب عدي بن مسافر بن إسماعيل بن موسى بن مروان بن احمد بن الحكم الأموي كذبٌ قطعا ً!! ويضيف بأنه يمتنع أن يكون بينه وبين مروان بن الحكم خمسة انفس !! .
يعلق المحققان على كلام إبن تيمية بقولهما ( لعلَّ ) طول المدة الزمنية التي تفصل بين مروان بن الحكم المتوفي سنة 65 هجرية وولادة عدي 467هجرية هو سبب الأمتناع الذي أورده الشيخ ابن تيمية.
نعم! إنه طول المدة الزمنية وبدون ( لَعَلَّ ) إذ يفصل بين ولادة إبن مسافر 467هجرية ووفاة مروان بن الحكم 65هجرية ، إثنتان وأربعمائة 402سنة ، فلو فرضنا بأن كل أب بعد مروان بن الحكم رزق بولد بعد زواجه وبلوغه (العشرين) من العمر ، ثم وفاة ذلك الأبن بعد أن عاش (خمس وستون ) عاما ً كمعدل تقريبي..
تبقى هناك ثلاثة قرون( 300عام!! ) تفصل بين وفاة( مسافر) وولادة ( عدي ) !! وهذا غير جائز قطعا ً، لهذا قطع الشيخ إبن تيمية - رحمهُ الله- الشك باليقين قائلا ً:
هذا كذبٌ قَطْعا ً!! ..... المزوري ص7-14.[1]