الصحافيون الكرد السوريون محرومون من الاعتراف الدولي
* هشام عرفات
هناك مشكلة حقيقية في مناطق الإدارة الذاتية في سوريا، والمعروفة باسم روج آفا، نشأت على مدار العقد الماضي، ألا وهي أن أكثر من 500 صحافي كردي سوري مكرسين لنشر الحقيقة وسط فوضى الصراع السوري يجدون أنفسهم يواجهون عقبة كبيرة في عملهم تتمثل في عدم الاعتراف الدولي بأوراق اعتمادهم الصحافية.
منذ اندلاع الصراع عام 2011، برزت روج آفا كمنطقة إدارة ذاتية خارج سيطرة الحكومة السورية ولها مؤسسات حكمها الخاصة. ومن بين هذه المؤسسات، اتحاد الإعلام الحر (المعروف باللغة الكردية بإسمYekitiya Ragihandina Azad ، YRA)، والذي يعمل كنقابة للصحافيين الكرد السوريين. ومع ذلك، على الرغم من جهودهم الحثيثة لتقديم تقارير دقيقة وغير منحازة، فإن البطاقات الصحافية التي يصدرها الاتحاد لم يتم الاعتراف بها دوليا، ما يترك هؤلاء الصحافيين في حالة من عدم اليقين.
وتعتبر وزارة الإعلام التي تديرها الدولة السورية ونقابة الصحافيين التابعة لها الجهتان الوحيدتان المخول لهما إصدار البطاقات الصحافية. ولكنهما تمتنعان عن منح أوراق الاعتماد هذه إلى الصحافيين الكرد. إن لهذه السياسة الإقصائية عواقب بعيدة المدى، كما أنها تحد من فرص المراسلين الكرد للاعتراف بعملهم على الصعيد العالمي وإعاقة وصولهم إلى الموارد الأساسية والتدريب.
تشي الإحصائيات بخطورة الوضع، وفقاً لاستطلاعٍ حديث أجرته نقابة الصحافيين الكردية السورية، إذ يواجه الصحافيون الكرد السوريون العديد من التحديات بسبب عدم الاعتراف الدولي بهم. و من بين 500 صحافي في روج آفا، أكد العشرات صعوبة الحصول على تأشيرات السفر في الأعوام الخمسة الماضية، في حين أعرب الغالبية عن إحباطهم من محدودية وصولهم إلى المؤتمرات الدولية وبرامج التدريب. تسلط هذه الإحصاءات الضوء على الحواجز التي يواجهها الصحافيون الكرد السوريون في سعيهم للتطور المهني والقدرة على مشاركة قصصهم على نطاق أوسع.
توضح التجارب الشخصية حجم المشكلة. فبصفتي صحافياً كردياً سورياً طموحاً، واجهت هذه المشكلة شخصياً عندما تقدمت بطلب للحصول على زمالة مع برنامج برلين للبحوث في منظمة مراسلون بلا حدود (RSF) في ألمانيا. في حين قبلت المنظمة طلبي، واجهت عقبة كبيرة عندما تقدمت بطلب للحصول على تأشيرة في القنصلية الألمانية في إقليم كردستان العراق. طلبت القنصلية بطاقة صحافية. لكن البطاقة الصادرة عن الحكومة السورية هي الاعتماد الدولي الوحيد المعترف به للصحافيين السوريين. وللأسف يمنع النظام الصحافيين الكرد من الحصول على هذه البطاقة، ما وضعني في موقفٍ محرج للغاية.
تمتد عواقب هذا الوضع إلى ما هو أبعد من مجرد الأعمال الورقية، إذ يعيق عدم وجود أوراق اعتماد صحافية معترف بها دولياً قدرة الصحافيين الكرد السوريين على حضور المؤتمرات الدولية والحصول على تأشيرات السفر والتدريب والموارد الأساسية. ونتيجةً لذلك، فإن أصواتهم، التي يجب أن تُسمع بصوت عالٍ وواضح، تظل غير مسموعة إلى حدٍ كبير في المشهد الإعلامي الدولي.
أصبح اتحاد الإعلام الحر (YRA)، وهو إحدى المؤسسات الأولى التي نشأت مع نشوء الإدارة الذاتية الكردية السورية عام 2012، مؤسسةً حيوية للصحافيين في روج آفا. كما أنه يوفر منصةً لهم لعرض أعمالهم ومشاركة قصصهم. ومع ذلك، ومن دون المصادقة على بطاقاتهم الصحافية دولياً، يواجه هؤلاء الصحافيون عقباتٍ كبيرة في عملهم وتطورهم المهني.
لكن إن ساعدهم المجتمع الدولي في الحصول على حقوقهم، سيرسل رسالةً قوية مفادها أن حرية الصحافة والحق في نقل الحقيقة يجب أن لا تعرف حدوداً.
ولتحقيق ذلك، يجب على الحكومات والمنظمات الدولية وجمعيات الدفاع عن الصحافة أن تجتمع معاً لمعالجة هذه المشكلة وضمان حصول الصحافيين الكرد السوريين على التقدير الذي يستحقونه.
من خلال الاعتراف بالصحافيين الكرد السوريين وتمكينهم، يمكننا التمسك بمبادئ الصحافة الحرة والمستقلة والتضامن مع أولئك الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم القصص التي يتوجب أن تروى. ومن خلال أصواتهم، نكتسب فهماً أعمق للعالم ونعزز مجتمعاً عالمياً أكثر تعاطفاً واستنارة.[1]