يعرف الفولكلور: (الأدب الشعبي) بأنه عنصر من عناصر تحديد هوية الفرد وانتمائه إلى جماعة معينة، ويشكل حقيقة عميقة الجذور، في اللاشعور الجماعي ومغذية لمادته, وهو سبيل ثقافي للطبقة الشعبية , يتصل بعاداتهم وتقاليدهم وطقوسهم ومعتقداتهم وفنونهم , وهو من أهم المصادر لدى للباحثين والشعراء والفنانين والمبدعين , وهذا ما يجعله جدير بالاهتمام و المتابعة , كونه المدرسة الإنسانية الأولى , و الذخيرة الحقيقية للشعب , والثقافة المتداولة في الكثير من جوانب الحياة .
دراسة الفولكلور تعني دراسة الإنسان من كل النواحي , وميدانه واسع جدا , وسع مجالات الحياة , كونه عريق كعراقة تاريخ الإنسانية , فهو يشمل جوانب متعددة منها : الأدب - الفن – التاريخ – الفلسفة – اللغة – الصناعة , ومجالات أخرى لا حصر لها ، وهناك أشكال التعبير الفولوكلوري المجسدة (المادية) ، وأشكال التعبير الفولكلوري غير المادية, والتي تعرف بالتراث الشفوي مثل : الغناء- الحكاية- الشعر الشعبي- الأهازيج- الألغاز- الأمثال- الأحاجي - الموسيقى الخ ......
أما أشكال التعبير المجسدة في شكل ما هي : السجاد - الأنسجة - الأحجبة - رسومات الأقمشة – النحت – الحلي - الآلات الموسيقية – صناعة الدمى - المهارات اليدوية الشعبية - الأزياء الشعبية وغيرها الكثير ، أي كل ما يمت بصلة إلى الفنون التشكيلية والتطبيقية . حيث ترى في كل خط من خطوط النسج الشعبي , فلسفة وحضارة تنادي العقول والأبصار, وفي كل لون مغزى ,وفي كل رمز من رموزه ترجمة لحكاية كانت حلقة اهتمام , تلف في طياتها آلاف من الأمنيات والأحلام , وفي كل أغنية ملحمية تاريخ مشرق حفظه الأجيال وتداولوه منذ مئات السنين, وآلات تمخضت من يد المبدعين فجراً نحو الحضارة , وتمرداً على قانون الطبيعة .
من ناحية أخرى دراسة الفولكلور وحفظه , من أهم أسس تطوير الحركة الفكرية والاجتماعية لدى الشعوب , وعلى هذا الأساس كانت القصة والرواية , والرّواية الشعرية وغيرها من فنون الأدب . الشعب الكوردي منذ مئات السنين وهو يحافظ على هذا الإرث الثقافي الغني بكل رموزه ومفرداته , رغم كل ما تعرض له أدبنا الشعبي من غبن وتهميش وتزوير وسرقة منهجية , من قبل الحكومات التي اقتسمت كوردستان منذ أكثر من خمسمائة عام على وجه التقريب , بقي هذا التراث شاهدا على أصالة الشعب الكوردي وعراقته في المنطقة .
وبما أن الفولكلور مرآة الحضارة التقليدية للطبقات الشعبية في الشعوب المتقدمة ، فهو لابد زائل بزوال الطبقات الشعبية وعاداتها وتقاليدها ، فالحياة العصرية وتأثير التكنولوجية , وتطور وسائل الإعلام وإنهاء عزلة الريف عن المدينة، قد وضع حداً للتقاليد الشعبية التي هي أساس الفولوكلور . وهذا ما يدفعنا للاهتمام بما تبقى من هذا التراث الشعبي الجميل بكل الوسائل المتاحة ، من إعادة صياغته وتطويره , وإدخاله في مجالات عدة تخدم الناحية الجمالية والتربوية في حياتنا اليومية , للتقرب من المتلقي وحثه على التعامل مع هويته الثقافية ومتابعة رسالته الحضارية , من خلال إقامة معارض محلية لكل ما هو مادي من تراثنا الشعبي, والمشاركة في معارض دولية للترويج لهذا الفن الأصيل وهذا الإرث الجميل الذي حافظ على هويته منذ آلاف السنين , وتشجيع الجانب الشفوي أيضا من خلال المهرجانات والأمسيات والمحاضرات , حتى نكون أهلا لهذه المادة الغنية , والأهم من ذلك هو الاهتمام بحاملي هذا الأدب الشعبي . ولا يفوتنا أن دراسة الفولكلور, تعني دراسة الإنسان وتاريخه , ويقع نشر هذا التراث الشعبي على عاتق الطبقة المثقفة, وعلى القائمين بإدارة المجال الثقافي في الدولة بالدرجة الأولى , كون هذا التراث منبع من منابع الإلهام والفن والحكمة , وهو مصدر الشخصية الوطنية وقوتها . وقد قال الباحث الروسي يوري سوكولوف :من المستحيل فهم الشخصية الوطنية على حقيقتها دون النظر في ثقافتها الشعبية التي أرضعت أبناءها عناصر البناء النفسي والعقائدي والاجتماعي .[1]