عيد القربان ظهر في الايزيدية قبل ظهور الاديان السماوية
#قاسم مرزا الجندي#
(Qasim Algindy)
الحوار المتمدن-العدد: 8011 - #17-06-2024# - 05:28
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
عيد القربان(قرباني) وجد في الديانة الايزيدية قبل ظهور الاديان الكتابية(السماوية) بآلاف السنين، أنه تأكيد على وجود الديانة الايزيدية قبل زمن النبي إبراهيم، كما تؤكد النصوص الدينية الايزيدية قدمية الايزيدية تمتد الى زمن النبي نوح والطوفان وقبلهما بكثير.
الكثير من الايزيدية يسألون عن سبب وجودها, لان عيد القربان ظهر في الديانة الايزيدية قبل ظهور الدين الاسلامي والأديان الاخرى، ومازال يعرف باسمها الكُردي عيد القرباني ويعني التضحية، ومراسيم طقوسها خاصة تقام في لالش تختلف كلياً عن مارسيمها في الدين الاسلامي، ولكن نجد أن تسميتها في الايزيدية قد تغيرت الى عيد الحج او حجيا، رغم أن طقوسها المقامة في لالش توكد عدم علاقتها بهذا المصطلح، وربما ظهر مصطلح الحج (حجيا) في فترة التجدد.
عيد القربان هي عيد الملاك(خودان) شيشم صاحب نور الشمس، وقد مارس طقوس هذا العيد منذ القدم في الديانة الايزيدية، وهي أولى الديانات التوحيدية القديمة جداً في هذه الأرض، ترجع أصولها إلى مراحل تاريخية سحيقة تمتد إلى ما قبل العصر السومري بآلاف السنين حينما بدأت المعتقدات الدينية تنحو نحو الظواهر الطبيعية, واعتبرت الشمس والقمر والنجوم والضوء والنار وكل ماله علاقة بالضياء والنور من التجليات المقدسة.
ومن جانب آخر ترجع تاريخ عيد القربان الى القصة الشهيرة عن النبي ابراهيم، والتي يتداولها الشعوب حول هذا العيد في ميثولوجيا الاديان أن النبي إبراهيم والد الأنبياء حكا لولده إسماعيل (سمائيل) رؤيته، أنه يذبح أبنه ويقدمه قربانا لخالقه، ان هذه الرؤيا قد حلم به لمرات عديدة في المنام، فلم يأبى أبنه البار.
وفي يوم من الأيام صعد النبي إبراهيم ومعه أبنه على جبل عرفات المطل على مدينة مكة ألمكرمه، وجاء ليذبح أبنه قربانا لله، فلم يستطيع، فأتاه صوت من السماء لا تذبح أبنك.. أنظر إلى خلفك، ستجد كبشاً اذبحه بدلاً من ابنك وتقدمه قربانا، فذبح ذلك الكبش بدلا من أبنه وشكر ربه بهذه الهداية وإلى أخر القصة المتداولة في الدين الاسلامي. وعرف هذا العيد بعيد القربان (قرباني)وهي كلمة كردية تعني التضحية.
إن الكٌتاب والباحثون يقولون أن عيد القربان في الديانة الايزيدية قد أقتبس من الإسلام، رغم إن هذا العيد بقي كما هو في الديانة الايزيدية منذ القدم قبل ظهور الإسلام وإلى يومنا هذا، ودخل الى الدين الاسلامي بعد آلاف السنين، وان بعض الكتاب يذهبون بعيدا في تحاليلهم الغير الصحيحة لأصل وحقيقة الديانة الايزيدية.
أما المراسيم التي تقام في هذا العيد في لالش تختلف كلياً عن المراسيم المقامة في الدين الاسلامي، إن طقوس مراسيم عيد القربان يقام في كل سنة في لالش النوراني، عند حلول العيد يذهب رجال الدين الأيزيدي إلى لالش، والبابا جاويش يأخذ طبقا من (خبز الرقاق)في صباح يوم العيد مع رجال الدين ومن حضر من الرجال والشباب في هذه الطقوس للمشاركة.
يصعد البابا جاويش ومن معهم الجبل الذي يشرف على وادي لالش من الجهة الشمالية، وهو جبل عرفات ويرتقي البابا جاويش حجرا في أعلى الجبل، فيرمي ذلك الخبز من مكان عال في الفضاء، فيتهافت عليه الرجال والشباب الذين ذهبوا معهم إلى جبل عرفات، وكل من حصل على قطعة من ذلك الخبز, يرجع مسرعا إلى نبع الماء(كانيا سبي) لكي ينقعها في ماء (العين البيضاء) فالذي جاء قبل غيره ومعه قطعة خبز الرقاق, وهذا ما يعرفه سادن العين البيضا, هو الذي سبق رفاقه في الوصول إلى العين البيضاء(كانيا سبي).
وكل من فاز بهذا السباق يقال أنه ينال خيرا وبركة في موسم الحصاد, وأيضا المكان الذي يسكنه ومن حوله أقربائه وأصدقائه وأهله وينوبهم من ذلك الخير والبركة في تلك السنة، أن هذا النزول من الجبل من قبل الرجال والشباب وهم يتسابقون للوصول إلى ماء العين البيضاء(كانيا سبي)ومعهم قطعة من الخبز لينالوا الفوز، كأنه ينال حياة جديدة أن هذا التقليد المقدس أحياء لذكرى طقوس عيد القربان عند الايزيدية في لالش.
إن طقوس مراسيم عيد القربان يشير الى الخبز وهو غذاء الانسان في هذ الدنيا، والى ولادة وانبات جديد في موسم زراعي في سنة جديدة، ودنيا جديدة تختلف عن السنوات السابقة، وخيرا وبركة يناله الانسان ومن حوله، معنى ذلك إن مراسيم هذا العيد له علاقة بموسم الزراعة والحصاد.
ينبغي على المجلس الروحاني الايزيدي تغيير وتصحيح وتثبيت تاريخ عيد القربان الى تاريخ التقويم الشمسي الايزيدي، بدلاً من التقويم الهجري واقامتها في نهاية فصل الخريف من كل عام كي يتوافق مع موسم الزراعة، لان رمي الخبز في هذا العيد وعلى جبل عرفات ما هي ألا أشارة إلى علاقتها بالزراعة والحصاد, ونزول الانسان من الجبل الى العين البيضاء لينال الخير والحياة في هذه الدنيا.[1]