الناشطة والكاتبة الكوردية الإزيدية، دوزن تكال، لها دور مشهود ومؤثر في صدور قرار إرسال مساعدات من الحكومة الألمانية للكورد الإزيديين والبيشمركة، بعدما صنعت فيلمها الوثائقي صرخة... رحلتي إلى الإبادة الجماعية في العام 2014، فكان أن قررت الحكومة الألمانية استضافة ألف ناجية كوردية إزيدية...
كان للناشطة والكاتبة الكوردية الإزيدية، دوزن تكال، دور مشهود ومؤثر في صدور قرار إرسال مساعدات من الحكومة الألمانية للكورد الإزيديين والبيشمركة، بعدما صنعت فيلمها الوثائقي صرخة... رحلتي إلى الإبادة الجماعية في العام 2014، فكان أن قررت الحكومة الألمانية استضافة ألف ناجية كوردية إزيدية. كما كانت تكال أول من أجرى مقابلة مع نادية مراد وعرضت قصتها على العالم. لتكال مشروع مشترك مع الحكومة الألمانية لمساعدة مئات الكورديات الإزيديات الناجيات من قبضة داعش.
* قبل ست سنوات، كنت أول صحفية عملت لصالح الإعلام الألماني في إقليم كوردستان، وأعددت للتلفزيون الألماني برنامجاً عن الإبادة الجماعية للكورد الإزيديين. هلا حدثتينا عن هذا؟
- صحيح، كنت أول صحفية ألمانية من أصل كوردي إزيدي، وأذكر هذا على وجه التحديد لأنه كان له دور كبير. لم يكن أحد حينها مهتماً بما يجري، ما حفزني للذهاب إلى إقليم كوردستان. كانت أصعب فترة في حياتي، كانت فترة خطيرة جداً. في آب 2014، انتشرت صور ما يجري في سنجار في العالم، عندما ذبح الدواعش (جيمس فولي). بعدها بأسبوعين عدت إلى كوردستان لأنني لم أرد أن أغمض عيني عما يجري كما لم أرغب أن أكون مجرد متفرجة، عدت رفقة والدي. الأمر اللافت هو أن تلك كانت المرة الأولى التي أدخل فيها منطقة حرب، كما كانت تلك زيارتي الأولى إلى كوردستان. لا أنسى لحظة هبوط الطائرة بنا في أربيل أبداً. شاهدت للمرة الأولى لوحة على الطريق كتب عليها إلى الموصل، سرت رعشة في كل جسدي، وكنت أفكر فيما قد يحدث إن وقعنا في قبضة داعش، كنا نسلك بالسيارة نفس الطريق الذي يسلكه الدواعش، وكلما رأيت النازحين رأيت الخوف. تلك المشاهد غيرت حياتي كلها.
* تمكنت من التأثير في الرأي العام الألماني. تحدثت بدقة عن أعمال القتل، والاتجار بالنساء والأطفال الكورد الإزيديين. كما كنت أول من أجرى مقابلة مع نادية مراد. ما مدى أهمية نقل الإعلام الألماني لعمليات الإبادة الجماعية تلك وإطلاع الرأي العام عليها؟
- عندما لا يشهد المرء حدثاً بعينيه لا يدرك ما يجري، لذا كان معلوماً عندي أننا بحاجة إلى صور، بحاجة إلى عرض الآلام الظاهرة على وجوه الناس، بحاجة إلى قصص حول ما يجري لهؤلاء الناس. كانت نادية مراد الناجية الأولى من قبضة داعش والتي روت ما أصابها أمام الكاميرا ولم تخف منه شيئاً، فحطمت التابوهات بذلك، وقمت أنا أيضاً بتحطيم التابوهات عندما عرضتها، فتراثنا يمنع إظهار نساء تعرضن للاعتداء عليهن مثل نادية مراد. الذي أغضبني هو أن وسائل الإعلام الألمانية لم تكن تشير إلى الضحايا عندما تتحدث عن جرائم داعش. لم نكن نعرف ماذا كان مصير هؤلاء الضحايا. الذي كان يهمني هو أن أتحدث عن أولئك الإرهابيين وأن أتحدث أيضاً عن الضحايا، والأهم من كل هذا كان عرض صورة ووجه يمثل شجاعة الضحايا من النساء، وأدى ذلك إلى كسر حاجز الصمت. في تلك الأثناء ولد فيلمي الوثائقي صرخة... رحلتي إلى الإبادة الجماعية، لكني لم أفعل كل هذا لوحدي، بل تلقيت الكثير من المساعدة في كوردستان لتنفيذ فيلمي الوثائقي.
* بعد عودتك، بدأت حملة لتعريف المجتمع الألماني بما جرى، كيف كان هذا؟
- لو كانت لنا كناشطين إنسانيين مهمة فهي أن تكون كلماتنا مؤثرة. نحن أبناء هذا البلد، كنا هناك، واستطعنا رواية القصص التي تجري هناك ولا يعلم بها الناس هنا. جمعت كل المواد، وبعين ألمانية كوردية إزيدية حاولت أن أذكر الناس بما جرى. قلت لهم إن كنا نريد مساعدة هؤلاء الناس، فعلينا أن ننبه المسؤولين وصانعي القرارات الحكومية إليها. رغم أن ذلك لم يكن سهلاً، لكننا واصلنا العمل عليه ولم نستسلم، علي أن أقول إن الحكومة الألمانية كانت مهتمة بتلك المسألة وكانت تريد معرفة ما يجري هناك. عندما عدت، كانت لي اتصالات وثيقة مع المؤسسات الأمنية في هذا البلد، بخصوص الدواعش الذين يعودون، وبخصوص المقابر الجماعية. حينها كانت كافة الأمور في بداياتها، والتقطت الصور في كوردستان كصحفية ألمانية، والمواد الكثيرة التي عدت بها لم تكن محط اهتمام القناة التلفزيونية التي أعمل بها لوحدها، بل كانت تهم كل الأجهزة الأمنية الألمانية، ومسؤولي كل الأحزاب. أذكر جيداً عندما اتصل بي د. ميشيل بلومر من إقليم بادن فورتمبيرغ وقال: سيدة تكال، نشر اليوم قسم من تقريرك في نشرة الأخبار، وشاهده الكثير من صناع القرار في حكومتنا، وقرر رئيس الوزراء، كريتشمار، استقدام ألف ناجية إزيدية إلى ألمانيا. هذا مثال على مدى قوتنا، ومدى التأثير الذي يمكن أن يحدثه كل واحد منا إن كنا مؤمنين بعملنا.
* في 2015، أسستم منظمة (هاوار هيلب)، وتتعاملون مع وزارة الاقتصاد والعمل الألمانية، ما الذي تستطيعون تقديمه للإزيديين؟
- لدينا مشروع للنساء مع وزير التنمية، د. مويلر، بعنوان العودة إلى الحياة. نساعد الناجيات من قبضة داعش على البدء بحياة جديدة، وننظم لهن دورات لتعليم الخياطة والعديد من الدورات التعليمية الأخرى، لكنهن مثلك ومثلي يردن دورات لتعليم الكمبيوتر واللغة الانكليزية. لدينا نشاطات كثيرة أخرى، ومن المقرر أن ندشن مشاريع جديدة، ونزيد من عدد المراكز النسوية في المخيمات. كما نريد العمل مع أصحاب القرار في حكومة إقليم كوردستان.
* صنعت فيلماً وثائقياً عن (نجلة متو) وذهبت معها إلى إقليم كوردستان ثم إلى سنجار. ما هي رسالة هذا الفيلم الوثائقي؟ وماذا تريدين أن تقولي للحكومة الألمانية بعد خمس سنوات؟
- تم عرض الفيلم في صالة ملأى بأصحاب القرار في هذا البلد. أردت أن أذكرهم بأن عملية الإبادة الجماعية لم تنته، وما شاهدتموه لم يكن مجرد فيلم بل حقيقة مرة. أردت أن أبين أن هؤلاء الناس مازالوا يائسين وهناك الكثير الذي يجب عمله. يجب أن نساعدهم حتى حصولهم على حقوقهم، لأنهم لا يستطيعون الحصول على العدالة لوحدهم.
أجرت الحوار: آلا شالي- شبكة روداو الاعلامية-برلين[1]