*فرهاد محمد احمد
شهدت الصحافة العراقية ومنها الكوردية بعد ثورة 14-07- 1958 تطوراً كبيراً، على أثر أجواء الحريات العامة التي سادت الجمهورية العراقية، فصدرت في العام الأول للثورة ما يقارب (45) صحيفة يومية وأسبوعية و (20) صحيفة أخرى في مدن العراق، تمثل مختلف الاتجاهات السياسية. وباشرت الصحف الكردية التي كانت تصدر قبل الثورة صدروها بعد اندلاع الثورة وهي ثيَشكةوتن/ التقدم و هيوا/ الأمل وذين/ الحياة و هةتاو/ الشمس و شةفةق/ الفجر بامتياز جديد
وبحلة جديدة وشعارات تؤيد الثورة وتندد بالاستعمار والنظام الملكي. بل شهدت الصحافة الكردية بعد الثورة ازدياداً كبيراً في عدد الصحف إذ بلغت حوالي (29) جريدة ومجلة. وتعددت أنماطها بين سياسية وحزبية وأدبية فضلاً عن صحافة المنظمات الجماهيرية.
فمن الصحف التي صدرت ثيَشكةوتن/ التقدم، ومجلة نه وروز وجريدة الحقيقة وجريدة صوت الأكراد ومجلة روذى نوىَ/ اليوم الجديد وجريدة ئازادى/ الحرية وجريدة راى طةل/ رأي الشعب وجريدة بروا/ المبدأ ومجلة شةفةق/ الفجر وجريدة ذين/الحياة ومجلة هيوا/الامل ومجلة هةتاو/ الشمس ومجلة روناهى/ النور وغيرها.
وبما انه استأنف الأحزاب والتنظيمات السياسية في العراق نشاطها بعد قيام ثورة 14-07- 1958 بصورة علنية رغم عدم إجازتها رسمياً معتمداً على تاريخها النضالي وشعبيتها في العهد الملكي فانطلقت تعمل بجدية من أجل كسب الجماهير، فكان لابد لها من الاعتماد على صحف سياسية لبث آرائها وأفكارها.
فعندما صدرت جريدة الجمهورية والتي مثلت في اتجاهاتها السياسية حزب البعث العربي الاشتراكي، أثارت حفيظة الأحزاب والقوى السياسية. التي طالبت بصحف لها على غرار جريدة الجمهورية وعندها قرر الزعيم عبد الكريم قاسم وعبد السلام محمد عارف التخلص من مطالبة الأحزاب باعتبار جريدة الجمهورية صحيفة تصدر عن قيادة الثورة ،وفعلاً صدر العدد الرابع من الجمهورية وظهر صاحب امتيازها عبد السلام محمد عارف، عندها ثارت ثائرة القوى السياسية وازداد انتقادها باتهام عبد السلام محمد عارف بالانحياز لحزب البعث لكون الجمهورية أصبحت لسان حاله.
ومن جهته مارس الحزب الشيوعي العراقي ضغطاً جماهيرياً واسعاً على الحكومة لحملها على منحه الامتياز لإصدار جريدة باسمه فجمعوا الآلاف من التواقيع التي أرفقوها بطلب منح الأجازة، فمنح لهم الامتياز لإصدار جريدة باسم اتحاد الشعب والتي صدرت في 25-01- 1959.
وجرت محاولة فاشلة من قبل الحزب الديمقراطي الموحد لكردستان العراق للحصول على امتياز إصدار جريدة ناطقة بلسانه بعد الثورة، لذا قدم إبراهيم احمد وعضوان من الحزب طلباً في 19-08- 1958 إلى العقيد الركن عبد السلام محمد عارف ،نائب رئيس الوزراء ووكيل وزارة الداخلية ،الذي رفض الطلب ونصح زائريه بالاستفادة من جريدة الجمهورية وذكر لهم بأنه سيأمر بنشر كل المواد التي يقدمونها.
ويذكر#ابراهيم احمد# كيفية حصوله على امتياز جريدة خةبات فيقول: اتبع عبد الكريم قاسم سياسية التفرقة بين الحزب ورئيسه، فعندما كنت اذهب إليه، كان يستقبلني بحفاوة وباحترام، وكان الملا مصطفى أيضاً يلقى لديه نفس المعاملة، ففي أحد المرات سأل عن ماذا اطلب، فقلت إذا أمكن امتياز جريدة سيكون شيء جيد.. فقال ماذا تسميها، فقلت اسميها خةبات.بعد ان أستحصل إبراهيم احمد من الزعيم عبد الكريم قاسم الموافقة على إصدار جريدة خةبات/النضال، تقدم بطلب في 23-10-1958 إلى وزارة الإرشاد لإصدار جريدة سياسية، فوافقت الوزارة في 11-01-1959 على منحه إجازة لإصدار جريدة يومية سياسية باسم خةبات – الجهاد تصدر في بغداد باللغتين العربية والكردية على ان يتولى هو رئاسة تحريرها. وطلبت وزارة الإرشاد في 14كانون الثاني1959 بموجب الفقرتين (أ) و (ب) من المادة (6) من مرسوم المطبوعات رقم 24 لعام 1954،من إبراهيم احمد، صاحب الامتياز، تقديم تأمينات (الكفالة) بمبلغ (500) دينار إلى الوزارة قبل إصدار الجريدة.ولكنه لم يستطع من إصدارها بالرغم من انتهاء المدة القانونية لصدورها، وتأخر صدورها إلى الرابع من نيسان 1959 باللغة الكردية فقط وبثمانية صفحات من الحجم المتوسط للجريدة 30 × 45سم. جاء في ترويستها أنها جريدة يومية سياسية صاحبها ورئيس تحريرها إبراهيم احمد المحامي، بدل الاشتراك في جميع أنحاء العراق (3) دنانير وخارج العراق (3.5) دينار، سعر النسخة الواحد (16) فلساً، طبعت بمطبعة النجاح في بغداد.
تميزت جريدة خه بات/ النضال في البداية بعدم الانتظام في صدورها، رغم امتيازها بأنها يومية، وأرجعت السبب إلى عدم امتلاكها لمطبعة خاصة بها، لذا أوضحت بأنها تصدر يوم السبت والثلاثاء من كل أسبوع. في الحقيقة ان السبب في ذلك يعود إلى الخلافات والصراعات الداخلية التي بدأت تظهر من جديد داخل قيادة الحزب، ولهذا نجد ان الجريدة تستقر أمورها بعد التخلص من هذه الصراعات، بل حاولت ان تكون جريدة يومية فالأعداد (13 – 24) صدرت متسلسلة وباللغة الكردية، مما يعطي انطباعاً بأول محاولة لإصدار جريدة يومية باللغة الكردية ، وبعد امتلاك الجريدة لمطبعتها الخاصة بدأت تصدر بشكل يومي، وأحيانا يتخلل بين عدد وأخر يوم واحد فقط، إلى ان عطلت الجريدة. صدر منها في العام الأول (194) عدد، ومن السادس من نيسان 1960 إلى حين غلق الجريدة في 28-03- 1961، صدر منها (268) عدداًَ(العام الثاني) وبذلك بلغت مجموع الأعداد التي صدرت منها (462) عدداً.
اما لغة الجريدة، ففي بداية صدروها صدرت باللغة الكردية من العدد (1 – 5) والعددان (6،7) باللغة العربية، والعددان (8، 9) باللغة الكردية والأعداد (10، 11، 12) باللغة العربية، بينما الأعداد (13 – 24) صدرت باللغة الكردية، وبعد ذلك أصدرت عدداً باللغة الكردية وأخر باللغة العربية حتى استقرت على اللغة العربية ابتداءً من العدد (112) ولغاية غلق الجريدة، وأرجعت الجريدة سبب استقرارها على الصدور باللغة العربية إلى تعدد اللهجات في كردستان العراق بالدرجة الأولى وإلى خطة الحزب الرامية إلى توضيح قضايا ومشاكل الشعب الكردي للشعب العراقي وخارجه بالدرجة الثانية. وبذلك يكون مجموع ما صدر منها باللغة الكردية (42) عدداً وباللغة العربية (420) عدداً.
تنقلت، جريدة خةبات / النضال بين المطابع العراقية الموجودة في العاصمة بغداد قبل ان تستقر في مطبعتها الخاصة (صلاح الدين)، فطبعت في بداية صدروها بمطبعة (النجاح) ولغاية العدد (97) الصادر في تشرين الثاني 1959، ثم تحولت إلى مطبعة (دارالتمدن) وتوالت الطبع فيها حتى العدد (105) الصادر في 25-11 1959، ثم تحولت إلى مطبعة (الرأي العام) وتوالت الطبع فيه حتى العدد (200) الصادر في 21-04- 1960 ، ومن العدد (201) الصادر في 23-04- 1960 ولغاية غلق الجريدة طبعت الجريدة بمطبعتها الخاصة (صلاح الدين).
وبعد اجازة الحزب الديمقراطي الكردستاني في التاسع من شباط 1960 أعلمت هيئته المؤسسة في العاشر من نيسان 1960 وزارة الإرشاد تنازل إبراهيم احمد المحامي عن جريدة خةبات/ النضال لكي تصبح جريدة الحزب. كما طلب إبراهيم احمد المحامي بدوره الموافقة على تنازله عن الجريدة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني وتصحيح الامتياز إلى اسم (كردستان) فوافقت وزارة الإرشاد.ونسب المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني في 23-08- 1960 إبراهيم احمد المحامي ليكون رئيس تحرير المسؤول لجريدة خةبات/ النضال لسان حال الحزب فوافقت الوزارة على الطلب.[1]