من ذكريات #ابراهيم احمد#
ترجمة: د. شعبان مزيري:
مجلة گلاوێژ التي صدرت عام 1939واستمرت إلى عام 1949وكانت توزع وتصل إلى معظم مناطق العراق وكردستان وحتى إلى طهران ودمشق وكان لها دور كبيرً في نشر الثقافة وتطوير المجتمع الكردي وكانت هي حجر الاساس في اقامة وتطوير الحركة الثقافية في كردستان وخصوصاً تطوير الصحافة الكردية وكان لها دور كبيرً في تطوير اللغة الكردية وصقلها وابعاد المفردات الاجنبية الدخيلة عليها،
وفي مجال الادب كان للمجلة دور مهم في نشر مقالات ادبية وترجمة نصوص الاجنبية ولاسيما القصة ومذكرات الرحالة.
منذ ان فكرت بمستقبلي الدراسي التعليمي،كانت الصحافة موضع اهتمامي وأحب شيء التي أن امتهنها واعمل فيها مستقبلاَ، لقد كان عمي رمزي فتاح هو الذي تكفلني في تعليمي وساعدني وحثني لإكمال دراستي وتعليمي الثانوي وكان يريد مني إكمال دراستي، التعليمي.. في الفرع العلمي وادخل الكلية الطبية وان لم اقبل في بغداد سيرسلني إلى بيروت،إلا أنني بقيت على أمنياتي وأماني وإصراري.. لذا بعد إكمالي المرحلة المتوسطة كان اختياري الفرع الأدبي،وبعد تخرجي أدخل كلية الحقوق واحصل على إجازة إصدار مجلة بعد تخرجي حقوقياَ لانال حق الامتياز ومهما كانت رغبة عمي إلا ان رغبتي كانت كما أردتها وبعدها جاءت قناعة عمي لثقافته الواسعة ورؤيته وترك لي حق اختياري.
وبعد تخرجي من كلية الحقوق كانت المواجهات والمحاكم وقضايا المحاكم بانتظاري إلا أنني كنت مع أفكاري وإصداري المجلة.ولكن ماذا اسميها؟!
وأثناء ولعي في الكتابة،كتبت كراساَ أو كتيباَ بعنوان((الأكراد والعرب)) وكانت سنة 1937وفي شهر حزيران منها، ونشرتها في آخر شهر من تخرجي، وأخذت المسألة بنجاح عام 1938، وعدت بعدها إلى السليمانية واتصلت بأصدقائي وأحبابي ومعارفي: كوران (الشاعر)، حامد فرج(الكاتب)، مصطفى صائب، كامل حسن،وغيرهم) وتباحثت معهم حول رغبتي وما أنويه بإصدار مجلة كردية فرحبوا بالفكرة وأبدوا استعدادهم الكامل مع رأي وثمنوه، ومؤازرتهم مالياَ وعينياَ وتوصلنا إلى تسمية المجلة وكانت المبادرة من(كوران) وسميناها ب(كلاويز) كما أرادها كوران ومن اختياره،وبعدها قدمت طلباَ إلى وزارة الداخلية لمنحي إجازة اصدار مجلة كردية باسم(كلاويز) وأكون صاحب الامتياز لها،ولم تمض فترة حتى تبلغت بان السيد المتصرف((مجيد اليعقوبي)) يريدني في مقر دائرته،لذا راجعت مدير تحرير اللواء المدعو(محمد باشقه)إخبار السيد المتصرف بذلك،قال لي السيد محمد باشقه قبل مقابلتي للسيد المتصرف،نحن طلبنا حضورك حول طلبك بمنحك اجازة إصدار مجلة.
ثم ذهبت إلى المتصرف وقابلني بوجه بشوش وترحيب وكأنه يريد ان يساعدني قائلا: ان من يريد ان يخدم شعبه وقوميته، فان مثل هذا الطلب لا يخدم أبدا والشيء الأحسن ان يقوم الإنسان على خدمة شعبه وقوميته من الناحية الوظيفية ومساعدتنا ومثال على ذلك ومنذ فترة ان منصب مدير ناحية سرجنار شاغر والى الآن لم أجد من يكون يستحق هذا المنصب وسعيت مراراَ إلا أنني لم اطمئن لأحد، والذي يدعي نفسه مخلصاَ للشعب والوطن ولقوميته لم أجده، وهذه فرصة لي ولك والآن ادعوك لاستلام منصب مدير ناحية سرجنار وراتبك(18) دينارا وأنت في مكان عملك داخل مدينة السليمانية ، هيا وبدون تأخير استلم الناحية ولا تقول لا..بل نعم.. وعن طريق وظيفتك لا عن طريق المجلة أو أشياء أخرى ستخدم شعبك وأمتك،هذا بالإضافة إلى ذلك ان الأيام تنتظرك..
فبعد هذه الكلمات عندما رأى السيد مجيد بيك إصراري على طلبي ورغبتي في العمل الصحفي قال لي:هذه رغبتك ومتعلقة بك،واني سوف أرسل طلبك إلى وزارة الداخلية والمطلوب منا سوف ننفذه ونرسل إليك الرد ..ان حصلت الموافقة أم لم تحصل وبعد ثمانية أو تسعة أيام ذهبت إلى السيد(محمد باشقه) مدير تحرير اللواء اخبرني ليس هناك إلى الآن أي جواب، وكان يعتقد ان طلبي سوف يرفض،فأخرج من منضدة مكتبه رسالة مرسلة من قبل مدير شرطة السليمانية،وقرأها لي، جاء فيها: ان طالب منح الامتياز وإصدار المجلة لمن هو من المؤيدين للفكر الكردستاني(الكردي) وأقوالاَ أخرى كانت ضمن الرسالة...
إلا ان الشيء الذي أدهشني من(محمد باشقه) تلك العصبية التي انطلق منها وبغضب لم أعهده منه قبلاَ قوله:..انظر ان مثل هؤلاء المسيطرين المهيمنين في السلطة كم هم في الدرك الأسفل يعيشون وكم هم بقدر ما يعيشون منهم كالحمير،عندما يصفون كردياَ ويشيرون إليه،بأنه من الذين يميلون إلى الفكر الكردي..ولم يعوا هؤلاء إلى أنفسهم ان مثل هذه الصفة لا تقال إلا لمن هو أجنبي.. فكان عليهم ان يفرحوا بأن نكون لهم هذه،إلا ان يصفونه بالإجرام،ويتهمونك به.
لأن الواضح منه، من مهام كل إنسان شريف ان يكون على استعداد دائم للفداء على طريق خدمة الشعب والأمة، ومن الخزي ان يكون فقط من المؤيدين،كانت هذه من أقوال((محمد باشقه)) في الوقت الذي كنت نظر إليه وبدهشة اسمع أقواله،انه رجل طيب،وبمرور أيام تبلغت بأن طلبي مرفوض من قبل الوزارة.
وبعد أشهر قليلة من طلبي لم أتطرق للموضوع كيف ولماذا..؟
ان الوزارة لم تمنحني الإجازة لكن كنت مع نفسي اقول ترى لماذا لم تدع الحكومة لي فرصة لاعيش رغبتي وآمالي؟
كنت دائماَ أقولها ل(محمد باشقه) من مصادفاتنا وأنا اذكره بذلك الموقف الجميل الجريء له من خلال تجوالنا في أحياء أطرف السليمانية (عندبنان الملك) ونقضي أوقاتنا،ولكن دون مشروب ثم يعود كل منا إلى بيته رغماَ ان بيوتنا كانت قريبة عند إسدال الظلام .
وذات يوم سمعت طرقاَ على الباب فقمت بنفسي وفتحت الباب،فكان(محمد باشقه) سألته: ماذا حدث..؟ قال جئتك ببشرى ان شخصاَ صديقاَ من معارفي عين بمنصب مديرَ للدعاية والنشر في السليمانية اسمه (طالب مشتاق) أريدك غداَ عندي في الدائرة وسوف اتصل به هاتفياَ أمامك لتهنئته واطرح عليه قضيتك ولاشك كل الذي يستطيع عمله سوف يقوم به لنا.
ولم يمض أسبوع على المكالمة حتى وصلتني الموافقة على منحي الامتياز وإصدار المجلة، وأسرعت بالذهاب إلى أصدقائي ومعارفي وأخبرتهم بالموافقة وما كان منهم الا الاستعداد الكامل والمساعدة والموازرة وتباحثنا حول المالية والصرف والطبع ومكان الطبع،أراد بعضنا طبعها في بغداد، مطبعة النجاح، وآخرون أرادوا طبعها في مطبعة(بيره ميرد) في السليمانية حيث انها مطبعة جديدة، ولكن ليس كما هي(مطبعة النجاح) بالإضافة إلى ذلك كنت مديناَ إلى بيره ميرد حيث طبع لي كتابي(الأكراد والعرب) في حينها وذهبت إلى بيره ميرد وكتبنا العقد بيننا وبدأنا بجمع المواد والمواضيع للنشر وأنا مشغول بهذه المهمة، وإذا بأمر صادر من وزارة الدفاع الكلية العسكرية،بوجوب التحاقي إلى الكلية العسكرية للتدريب(ضباط الاحتياط) فان مثل هذا الحدث وما أنا عليه أثر على نفسي وآمالي وأثر على حياتي وبشكل عام، وقيام هتلر في1/9/1939بالهجوم على بولونيا واحتلالها وإشعال نار الحرب العالمية الثانية.
لبيت نداء وزارة الدفاع وجهزت نفسي بما احتاج إليه وإلتحقت بالدورة بتاريخ 17/9/1939، ودخلت حياة جديدة لم أكن قد ألفتها وأصدقاء جدد لا اعرفهم ولم يدعوا لي شيئاَ أفكر فيه، وكانت لي مفاجأة أمام رسالة مرسلة لي يدوياَ من الأستاذ محمد باشقه يذكرني فيها بمرور شهر على إصدار منح إجازة لإصدار مجلة، ولم تصدر تلك المجلة،وبموجب القانون سوف يحجب عنكم منحكم الامتياز والإصدار، ويطلب في الرسالة الإسراع وقبل مرور الوقت المحدد وبأية صورة لإصدارها وحتى إن كانت عددا من الصفحات كأول عدد، وبعد ذلك حتى وان تأخرت المجلة عن الإصدار فذلك لايهم،و المجلة لم تكن مثلما كنت أتمنى لها ان تكون مثل شهرة مجلة(REAERS – DIGEST) إلا أنها وفي أي حال من الأحوال لم تكن قاصرة وأصدرنا العدد الأول ب(600) نسخة من مجلة كلاويز في كانون الأول عام 1939وأوصلناها إلى الأسواق والى المعارف والأصدقاء من الكرد في بغداد فأود هنا ان تطرق إلى رأي عجيب خاص بي وأقصه عليكم حول اعتقادي ب(المصادفات) ليس فقط في حياة الناس في الكتابة أو الشعر أو في المجلات والصحف،وحتى الكتابة عن الكلاب والقطط والأشجار...
وعلى سبيل المثال تلك الكتابات المضادة الكاذبة التي أحاطت بما نشرته في كتابي الموسوم ب((الأكراد والعرب)) والتي كان له صدى أثناء نشره وحتى بعد فترة من صدوره، بعدها أيضا فان إظهار ذلك الحب والتقدير الحار من الإخلاص والتقييم والمساندة والتثمين للعدد الأول من( گلاوێژ) دفع الناس كي يقفوا معي و يساندوني بحضورهم وباستعدادهم والذي لم أكن احلم به قط، وبأنهم سيقرأون مواضيعها ولم تمر فترة أسبوع على إصدار گلاوێژ حتى طلبني اللواء بهاء الدين نوري الذي كان حينها مديراَ عاماَ للسكك الحديدية، وعندما ذهبت إليه سألني كم تبلغ مصاريف طبع كلاويز وكيف تحصل عليها!!وقلت له الحقيقة.
ان مصاريفنا تقارب(6 7) دنانير أخذتها من بعض الأصدقاء ومن الكتاب المساهمين في الكتابة في المجلة، فعندما سمع مني هذا قال: لكي تكون المجلة على أحسن ما عليها الآن.. من النجاح لذا سوف أرسل لك شهرياَ مبلغ(10)دنانير اجمعها من أصدقائنا الكرد المعروفين في بغداد وأعطاني مبلغ(10)دنانير لمصاريف العدد القادم والى ذلك الوقت وتلك الفترة كان أكثرية المعروفين من الكرد في بغداد يبتعدون عن كل قضية ذات علاقة بالكرد وليس هو فقط إلا أنهم بدأوا بالتسابق نحو المساندة والمساعدة والاستقبال الحار، واعتقد وفي أي مكان كان أو يكون فان فرصة(المصادفات) لها دورها.. وان مثل هذا الإسناد والمساعدة كانت دفعاَ لي ان ابدأ بإصدار العدد الثاني حيث كان القراء ينتظرونها.
وان العرقلة الكبرى التي وقفت أمامي هي انه كنت ليلاََ ونهاراَ في الكلية ولم تكن لي فرصة التفكير،إلا أنني علمت ان البعض قد سمح له يوم الخميس بعد الظهر ويوم الجمعة النزول إلى أهله وتمكنت ومن خلال وضع خطة في ان أجد لي شخصاَ من معارفي مقيما في بغداد كي يسمحوا لي بالنزول إلى بغداد،وكانت تلك الفترة كافية بالنسبة لي وتمكنت من اصدار عدد آخر،من المجلة( گلاوێژ) وبعد هذه العرقلة التي انتهيت منها ظهرت عرقلة أخرى وهي أنها بعد تخرجي منحت رتبة ملازم وتوجب بقائي في التدريب لمدة ستة أشهر وبعدها نقلت ولمدة ثلاثة أشهر إلى إحدى السرايا من القوات المسلحة العراقية لأخدم فيها وهكذا اغلقت بوجهي كافة الابواب ليس فقط في إصدار المجلة بل في وقف كافة نشاطاتي الاجتماعية الخاصة ولا ادري ولا يدرون الى أي مكان سيرسلوني،فاضطررت ولمعالجة هذا الموقف لجأت إلى بهاء الدين نوري، لعله وعن طريق كبار الضباط أن يساعدني وينقلني إلى بغداد أو أبقى في بغداد لتكون لي فرصة لإصدار عدد آخر من مجلة ( گلاوێژ) فأخبرني عن بقائي في بغداد وبسبب فيضان نهر الفرات نقل فوجنا إلى الفلوجة لبناء سد بوجه الفيضان بقيت هناك مدة 15-20 يوماَ وكدت ان أصاب بالجنون إلا أن الحظ ساعدني كان هناك طبيبا من جملة الضباط الاحتياط كان معنا ولوجودنا معاَ ومراجعاتي له تكونت لي معرفة معه وصادفت ليلة كنا معاَ قصصت عليه قصتي مفصلاَ لكي يرسلني إلى بغداد، وبعد انتهائي مما عرضته عليه تحركت مساعدته الإنسانية فوعدني بأنه سيرسلني إلى بغداد والى المستشفى العسكري كمريض وأبقى فيها إلى حين انتهاء خدمتي العسكرية.. (الاحتياط) وسلمني رسالة إلى الطبيب الذي كتب له رسالة، وعندما سلمت الرسالة إلى الطبيب صديق صاحب الرسالة أمر بإدخالي المستشفى بسبب مرضٍ وكأحد من المرضى الراقدين وخصص لي غرفة ومعي شخص آخر، وباشرت بعملي في قضية إصدار العدد الثالث،ولكن مع الأسف لم أتمكن من ذلك عندها اتصلت هاتفياَ مع قادر قزاز وجاءني إلى المستشفى وعرضت عليه كل متطلباتي وبعدها أرسلت مواضيع ومواد عددين معه للمطبعة... وبعد انتهاء خدمتي العسكرية(الاحتياط) خرجت من المستشفى وذهبت إلى غرفتي في الفندق الذي قد نزلت فيه وسلمت ما كان علي من الإيجار اثناء مدة غيابي وكرست كل أوقاتي للمجلة..
ولم تمض فترة حتى قلت عندي المصاريف وبدأت لا تكفي،أجرة الفندق والمصاريف الأخرى،وفكرت ان ما استدنته أو استدينه سوف لا يكفي ولا يفي بالغرض، ولهذا عرضت الحال على قادر قزاز لعلنا نحن الاثنين نتمكن من ان نتجاوز هذا الضيق المالي للمجلة، أخذني معه إلى الأخ علي كمال قريبه وكانت فترة الحرب وغلاء المعيشة،كان إنسانا مساعداَ للفقراء الكرد في بغداد ولا مثيل له في المجتمع الكردي،فكان من المحبين والمخلصين والمعجبين بمجلة ( گلاوێژ) وعند وصولنا إليه وعرضنا عليه القضية مفصلة بأن مصاريف المجلة لا يمكن تغطيتها من خلال أثمان بيع المجلة كما وأنني لا يمكنني البقاء بلا عمل ودون عامل مساعد للحياة إلا مهنة المحاماة في السليمانية ولا يمكن ان اترك المجلة هكذا،وان عدم إصدار المجلة وغيابها يعني موتي، وذلك أحب إلى نفسي بدونها.
قال طيب.. ما هو رأيك وكيف تعالج القضية؟ قلت برأيي ان نبدأ أولا في ايجاد شخص للأشراف على الطبع وإصداره،أما أنا بإمكاني إحضار المواد إليه كل شهر وأن أرسل إليه عدداَ منها وأنت تقوم على مساعدة ذلك الشخص مع مصاريف طبع المجلة وعلى شرط: إذا تمكنا من ان ندفعه لك هنا. عاضدني كاكه علي وثمن ما عرضته أما بالنسبة له قال: إن أعدت المبلغ أم لم تعده لا يهمه، وبهذه الكلمات رفع معنوياتي،
ولم يمض وقت على ذلك حتى نقل لي خبر إيجاده لشخص معتمد عليه للقيام بما نبتغيه وهو احد الملالي في بغداد من مدينة(سنة) (كردستان ايران) يسكن في بغداد وكان في جامع الحاج الشيخ أمين في السليمانية والآن يسكن في منطقة (ميدان) في جامع المنطقة. ذهبنا سوياَ إليه إلى المسجد وبعد ان عرضنا الموضوع عليه أبدى استعداده،وفرح الملا علاء(علاء الدين سجادي) واتفقنا وقلت له: سأذهب إلى السليمانية وقبل كل يوم من السابع عشر من كل شهر أرسل إليه كافة المواضيع للمجلة وهي(72) صفحة ويجب اصدارها في الثالث والعشرين من كل شهر،أما إذا لم تصله المواد والمواضيع في الوقت المحدد أو لم تكف للإصدار يجوز له وفق ما يراه ان يكمل مواضيع المجلة بنفسه ويصدرها، أما في حالات أخرى لا يحق له التدخل في شؤون المجلة أو التصرف بمواد ومواضيع المجلة وكل كتابة يراد نشرها يجب إرسالها لي لقراءتها ليتم قبولها وحسب الموضوع إذا كان مناسباَ أعيده لنشره. وكل عمله هو الاشراف على الطبع والتصحيح وإدارة العمل، هكذا كان اتفاقنا وقص عليه وعود كاك علي.. هنا عرفت أن كاك علي هو الذي كان قد ساعده في هذا العمل،الملا في المسجد وبعد هذا الاتفاق نقل الملا علاء مكان عمله إلى غرفتي في الفندق ورجعت أنا إلى السليمانية.ومجلتنا بدأت بالإصدار وبصورة جيدة وبدون تأخير عن مواعيدها ودون أي عارض يعترضها في الداخل والخارج أو يؤثر عليها سوى ما ظهرت من الأحداث الأخيرة بسبب الحرب العالمية الثانية في إخفاء المواد الرئيسة للطبع وغلاء أثمانها ومنها بادرت الدولة لمعالجة هذه الظاهرة من الغلاء،وخاصة(ورق الطبع)على ان تباع بأثمان رخيصة للصحف والمجلات العراقية. حتى قام الملا علاء ومن خلال فكره النير نحو الحصول على الورق وأصر أن يقدم طلباَ بتمويل المجلة على قدر إصدارها الشهري بثلاثة آلاف نسخة، ومنها وجهت الدولة إليه بياناَ بان المجلة ليست مجازة، وليس فقط لا يحق لها الحصول على الورق بل يجب غلقها أيضا..
و لا اذكر عدد الإصدار وكما اعتقد كان ألفا نسخة واخبرني بالموضوع وقمت بالبحث عن الإجازة التي حصلت عليها وأرسلها إليه..ولكن الشيء المفاجئ كان لي هو ان الإجازة قد صدرت مع تلك الأيام التي كان الأستاذ(محمد باشقة) فاتح مدير الدعاية والنشر، ولم يخطر ببالي يوماَ لذا لم أر الإجازة وكذلك لم أطالبه ثانية بحصولي على الإجازة لان صداقتﮪم قد غابت وضاعت. وأنا كتبت لﮪم طلباَ وكما كان في شهر شباط 1938، وعلى أي حال وصلت الرسالة إلى ملا علاء وهكذا لم تتوقف كلاويز عن الإصدار حتى وصلت إلى (750 850) نسخة.
ففي بداية سنة 1942 عينت حاكماَ في السليمانية وكان آنذاك شقيق معروف جياوك حاكماَ عادلاَ محترماَ موزوناَ ونقياَ كانت علاقته مع المحامين أكثر واقرب ومع هذا كنا على معرفة بيننا وكان يتعامل معي كصديق.. وصادف كنا نجلس يوماَ في غرفة المحامين وإذا بمعين(فراش) المحكمة يناديني واندهشت من هذا النداء لأني لم تكن لي دعاوي في ذلك اليوم ولدى دخولي إلى غرفة الحاكم طلب من الفراش ان يسد الباب ولا يسمح لأحد الدخول علينا.
ويقول لمن يريدني بأنني في عمل خاص .. ثم التفت إلي ورحب بي بحرارة ونهض وجلس جنبي وعندما شاهدني وأنا مشدوه في الأمر قمت واحتراماَ مني له سلمني رسالة وقال لي وبصوت منخفض..هذه رسالة مدير الشرطة هيا اقرأها وقمت على قراءتها كان قد طلب إلقاء القبض عليّ وكأنه في عمله هذا سوف ينتعش ويبلغ ما يريده.. وبعد انتهائي من قراءتها نظرت إليه وكأنما أريد ان اسأله وقلت له.
وماذا تقول أنت!؟ فقال لي هذه ليست الرسالة الأولى حول الموضوع وطلبه ووصلتني والى الآن ولمرات لم أصغ إلى طلبه..إلا أنني فكرت أخيرا ان لم أعالج مثل هذه الطلبات ليس من البعيد ان ينقلوني أولا إلى مكان آخر وثم يلقون القبض عليك..وان هذا الموقف وكما أراه صعب لذا تكلمت مع وزير العدل(صادق بصام) وطلبت منه تعينك حاكماَ وما كان منه إلا بعد ربع ساعة خابرني واقتنع على تعينك حاكماَ، والآن أمامك طريقان، الطريق الأول إلى السجن.
والطريق الثاني سوف يحميك من كل شرور الأشرار لان بدون قانون لا يمكن إلقاء القبض عليك وأنت ستصبح حاكماَ..وبعد قليل من الكلام بيننا وحوارنا حول الموضوع ولم يترك الشك عندي لان كلماته كانت مصداقية الكلام والقول وفي ميزان الرجولة لذا خرجت وقدمت له شكري الجزيل ثمنت رأيه السديد.. إلا إنني وبعد خروجي من غرفته كانت فكرة( گلاوێژ) وصورتها أمام عيني وكأنني أمام اكبر وأعمق مسألة قبولي للحاكمية لان حسب قانون المطبوعات لا يجوز للموظف الحكومي ان يكون مسؤولاَ وصاحب امتياز إصدار صحيفة او مجلة.
لهذا أردت ان أعود إليه وابلغه برفضي ، إلا إنني راجعت نفسي وبسرعة وانتهت بقبول منصب الحاكم لكي أتخلص من السجن وإذا رفضته فسوف يعود غزلي وأتعابي إلى غزل هش وكأنما لم اغزل شيئاَ والعودة إلى ما كان غزلي عليه وصوفاَ هشاَ ، فإذا رفضت فسوف يلقي القبض علي واخسر المجلة معاَ وتتعطل عن الإصدار لذا راجعت تفسي ان أفتش عن شخص معتمد عليه ليكون مسؤولاَ عن المجلة ، هنا تذكرت الأخ السيد باقي نوري بك صاحبقران كان آنذاك يعمل في المحاماة وعرضت عليه الأمر جاء قبوله رأساَ ومتجاوباَ وكتبنا معاَ رسالة وعن طريق المتصرفية. متصرف السليمانية إلى وزارة الداخلية ببغداد ، وبعد أيام سمعت ان باقي بك عين مديراَ للناحية وعندما سألته قال لي صحيح ومنذ فترة طلبت ذلك تعيني مديراَ وكانوا يقولون ليس لدينا مكان شاغر، علماَ بعد ذلك عندما وصل طلبنا إلى المتصرف وقبل ان يرسل رسالة طلبنا إلى الوزارة كتب رسالة إلى الوزارة طلب فيها نقل احد مدراء النواحي و يعين باقي بك بدلاَ عنه، كانت هذه الخطة ضمن الخطط التي اتبعتها الحكومة أبعاد المثقفين والقراء والمتعلمين بصورة عامة عن العلم وبصورة خاصة الكورد من سياستها اللعوبة. وكانت هذه الخطة بصورة واضحة، لان الخريجين من كلية الحقوق كانت ترفض طلباتهم في حق إصدار الصحف والمجلات.. وكانت الحكومة تدعوهم وتبشرهم بطريقة تبشيرية لتعينهم موظفين كما كان يتخذها واتخذها مجيد اليعقوبي وكما أراد مني ذلك أرادها من الباقين بدلاَ من حق إصدار المجلات والمطبوعات وتعينهم موظفين وكانت من البداية تريد ذلك،
وفي عين الوقت وصلتني من إسماعيل أمين من البصرة كان ضابطاَ آنذاك من البصرة وعلى اثر انتفاضة رشيد عالي الكيلاني رسالة يخبرني بإلقاء القبض عليه طلب مني فيها ان أسرع إلى نجدته كمحامي له وكان من معارفي ، لإنقاذه من تهمته، وقد اتخذت من هذا الموقف فرصة لي لضرب عصفورين بحجر واحد ، اذهب إلى بغداد ، وأقابل الأخ علي كمال علني أجد محامياَ أسلمه مجلة كلاويز عن طريقه ومنها بعد ذلك أقوم بواجبي لاستجيب لنداء الرسالة.
وأبقى أنا بالنسبة إلى مجلة گلاوێژ صاحب امتياز فقط ، وكان لي ما أردته واتصلت بصديق لي اسمه فايق من المحامين المعروفين واستجاب لذلك ليكون مسؤولاَ عن المجلة ، وذهبت إلى البصرة.
حول مسألة كاكه إسماعيل وتمكنت من مسألته وخلاصه من التهمة المنسوبة إليه وقررت البقاء في البصرة لعدة أيام لأنني وهذه لأول مرة ازور فيها هذه المدينة(البصرة) ورأيتها جميلة كل الجمال وكما قال بعض الكورد الساكنين فيها ان مناخ البصرة مناخ جميل وخاصة في شهر شباط ولكن في هذه السنة(1942) أفضل من السنين الماضية، وعندما كنت في البصرة قرأت في الصحف البغدادية ان(( إبراهيم احمد فتاح)) عين بمنصب حاكم ، فوجئت وبمثل هذه السرعة في إصدار الإرادة الملكية في الوقت الذي لم أكن املك الجنسية العراقية لحد ذلك الوقت وكان لا يجوز التعيين لهذا المنصب إلا من يملك الجنسية العراقية، باستثناء المعلمين، أما بالنسبة لخريجي الحقوق فلا يجوز التعيين علماَ انه لم تكن لدي حتى وثيقة التخرج أيضا من كلية الحقوق والى الآن لا املكها... إلا ان عاملاَ واحداَ ساعدني هو الحصول على الوثيقة كانت تحتاج أشهر ان اتحاد الحقوقيين وبكتاب رسمي منحني وثيقة حق المحاماة وعلى غرار المحامين وبعد عودتي من البصرة وبسرعة ضرورية اتصلت بملا علاء على ان تبقى گلاوێژ وكما كانت سابقاَ في إصدارها.
وبعدها ذهبت إلى كركوك وكانت فيها المحاكم المركزية لمنطقة كوردستان أردت ان أتحدث مع المسؤولين حول مسألة حاكميتي ولهذا راجعت رئيس هذه الأعمال وكما أتذكر كان اسمه صديق مظهر حاكماَ كوردياَ ناجحاَ ومعروفاَ وبعد محادثة قصيرة حول المسألة وصلت إلى نتيجة تعيني حاكماَ للتحقيق في اربيل .. ولم يكن لمثل هذه الحاكمية حاكماَ في اربيل.. وبعد ان هيأت نفسي وفي أواخر أيام شهر شباط ذهبت إلى اربيل لتسلم وظيفتي وبدأت بعملي ، ومرات كنت أوفد إلى كوية بسبب نقل الحاكم منها ولم يعين احد بدله .
في بداية شهر مايس 1943 نقلت إلى حلبجة وبقيت هناك حتى بداية شهر آب 1944 .
وفي كل تلك الفترات كنت أرسل راتبا ومواد المجلة إلى ملا علاء وهنا أريد ان أقول ان الملا علاء ومن خلال هذه السنين بدأت كتاباته باللغة الكوردية تتحسن وبقدر كان يتمكن ومن خلال كتاباته ان يسد لي بعض الفراغات التي كانت تحتاج لملئها.[1]