شدد الباحث والمفکر والداعية الإسلامي العربي الدکتور طارق السويدان، أنه من حق الکورد أن يقرروا مصيرهم مثل کل الشعوب، مشيراً إلى أن الکورد شعب له لغة وهوية وتاريخ عظيم.
جاء ذلک خلال مشارکته في الحقلة الثانية من برنامج الکورد في عيون معاصرة الذي يقدمه الدکتور علاء الدين آل رشي.
وقال الدکتور طارق السويدان، إنها لفرصة طيبة أن أکون مع جمهورنا الحبيب في کوردستان، مشدداً على أن الأحباب في کوردستان لهم محبة خاصة، وأنا دائماً سعيد عندما أزور کوردستان، وإن شاء الله قريباً سأزور کوردستان مرةً أُخرى.
وأضاف: مما أدهشني هو مستوى العلم الشرعي الموجود لدى علماء کوردستان، لکن هذا ليس غريباً لتاريخ کوردستان المعروف، کما أن الذي أدهشني وأعجبني أکثر هو عمق علماء کوردستان بدراسة اللغة العربية، إلى درجة لم أکن أتخيلها أن تکون موجودة لدى شخصٍ غير عربي.
وتابع: أنا أعرف أن علماء اللغة العربية العرب دخلوا في الأعماق، وغير العرب دخلوا لکنهم لم يستطيعوا أن يصلوا إلى الأعماق، إلا الکورد و#الأمازيغ# استطاعوا أن يصلوا إلى أعماق اللغة العربية حتى صاروا أساتذة فيها.
وأشار إلى أننا أمة تخلفت 400 سنة، وللأسف خلال فترة تخلفنا تمزقنا وأصبحنا دويلات ورجعنا إلى أيام الطوائف مرةً أخرى، مبيناً أما اليوم فبدأنا ننهض، وخلال فترة غيابنا، البشر تقدموا وصلوا إلى معادلات يستطيعون من خلالها معالجة مشاکلهم، ومن هذه المعادلات التي استقرت في البشر اليوم هي الأنظمة السلمية لحل المشاکل، مثل محکمة العدل الدولية، والأمم المتحدة.
وأردف: لکن ضمن هذه الأنظمة التي رأيتها بعيني عدة مرات هي مسألة التصويت (القرار الشعبي) الناس تختار مصيرها، وحق تقرير المصير هذا هو حق مکفول لکل الشعوب.
وذکر السويدان أن کندا دولة عريضة، والولايات التي فيها ليست مثل أمريکا متوزعة وإنما متوازية، وفي واحدة من الولايات التي في الوسط واسمها کويبيک، هذه ولاية فرنسية تطالب بالاستقلال، فکيف يکون حل هذه المشکلة؟، حلها هو بالتصويت، وأثناء زيارتي إلى هناک کانت عملية التصويت جارية، فکانت النتيجة أن الذين وافقوا على الاستقلال 45 بالمئة، ولو صوت 51 بالمئة بنعم کانت ستصبح هناک دولة جديدة اسمها کويبيک، وهذه الدولة کانت ستقسم کندا إلى قسمين، وهذا هو قرار الناس، وأنا أعتقد أن هذا هو النظام المتطور العاقل لمعالجة مشاکلنا.
وشدد على أن الکورد شعب من حقه أن يقرر مصيره مثل کل الشعوب، ومن حقهم أن يصوتوا على هذا المصير، وبناء على هذا سيتحملون نتائج قرارهم، فهذه هي الفکرة التي أدعو إليها باستمرار.
ولفت إلى أننا الآن 57 دولة إسلامية، و22 دولة عربية، وإن أصبح عدد هذه الدول 58 دولة هل هذا سيفرق بين أُمتنا؟!، وهل ستصبح أمةً عظيمة أو أمةً متخلفة، مبيناً أن العدد غير مهم، بل النوعية هي المهمة، وأحياناً دولة واحدة يکون لها مکان 20 أو 30 أو 50 دولة، فالولايات المتحدة الأمريکية کلها دولة واحدة في النهاية.
وأوضح: أنا درست في أمريکا 17 عاماً، وجزء من هذه الأعوام درست الثانوية هناک، وأثناء دراستنا للثانوية کان هناک إلزام بأن ندرس تاريخ أمريکا ودستورها، والولايات المتحدة لم تکن ولايات، بل کانت دولاً، تکساس کانت دولة، وأوکلاهوما التي کنت فيها کانت يوماً ما دولة، وأوکلاهوما نفسها لم تنضم إلى الولايات المتحدة إلا في عام 1920.
وأکد أن التقدم هو هذا الذي يسمح بانضمام دول جديدة، ويوجد في الدستور الأمريکي مادة تشير إلى أنه من حق کل ولاية أن تصوت على الانفصال وتصبح دولة مستقلة، متسائلاً: لماذا فعلوا ذلک؟ لأن البديل هو إما الحروب وقتل الناس بالقوة، أو الظلم والإجبار کالذي يحدث للکورد، وما يحدث للکورد اليوم هو من أکبر المظالم التي في العالم، فشعبٌ کامل ممنوع من ممارسة هويته بشکل حقيقي، إلا في الفترة الأخيرة سُمح لهم بشيءٍ من ذلک، لکن في دولٍ أُخرى هم ممنوعون حتى من هذه المسألة.
وفي جانب آخر من حديثه، قال الدکتور طارق السويدان، نحن کأمة أمرنا الله تعالى برفع الظلم عن البشر، وأول من يجب أن نرفع الظلم عنهم هم المسلمون أنفسهم، فمن باب الظلم هذا لا يجوز، ومن باب العقل هذا سيؤدي إلى الحرب والصراع، والشيء الآخر أن الإنسان العاقل يتعظ بغيره، البشر وصلوا إلى مستوى عالٍ جداً في حل مشاکلهم، لماذا نبدأ من البداية، دعونا نبدأ من حيث انتهى الناس، والناس وصلوا إلى مستوى عال في أن حل هذا النوع من المشاکل (الاستقلال) هو التصويت وتقرير المصير، وهذا سيقرره الکورد في اعتقادي.
وبخصوص اتهام الکورد بأنهم انفصاليون، أشار السويدان إلى أنه حتى لو کان الکورد انفصاليون، أين تکمن المشکلة؟!، هذا قرارهم هم وليس قرارنا، هذا شعب له لغته وهويته وتاريخه العظيم، وهو من سيقرر مصيره، لماذا نحن من سنقرر لهم مصيرهم؟!، لماذا هذا الحق مکفول للأمريکي والکندي وليس مکفولاً للکوردي؟!، أنا أعتقد أن هذه المسألة اليوم متروکة للکورد.
وأضاف: في نفس الوقت الذي نقول فيه هذا الکلام، نقول لإخواننا الکورد أيضاً، أنتم ادرسوا مصلحتکم، هل من مصلحتکم هو الذهاب نحو الاستقلال؟، هل من مصلحتکم أن يکون لکم دولة ليس لديها منفذ بحري؟، هل من مصلحتکم أن تکونوا في صراع مع الدول المجاورة لکم؟.
وأکد أن لکل شيء إيجابياته وسلبياته، مشدداً على أن الکورد شعبٌ عاقل، ولديه قيادات عاقلة تدرس المسألة، وتقرر هل الإيجابيات أکثر أم السلبيات، فالقرار عندهم أولاً وأخيراً وليس عندنا.[1]