الكرد.... والتهديد التركي المستمر 5
#شكري شيخاني#
الحوار المتمدن-العدد: 7293 - #2022-06-28# - 00:36
المحور: القضية الكردية
الوجود الكردي ف معلوم أن التاريخ دائما عرضة للجدل والتساؤل والتحليل وعلى هذا الاساس فقد عرف عن الشعب الكُردي ورموزه التاريخية سعيهم الثابت والمُؤثل الى بذل جهود حثيثة للاقتراب والانفتاح على المحيطين العربي والغربي سياسيا ودبلوماسيا وثقافيا واجتماعيا ولا أحد ينسى في هذا المجال التحركات الدبلوماسية للزعيم الكوردي التا ريخي (مصطفى البارزاني) وبذله جهودا مضيئة للتقرب من الاخوة العرب والعشائر العربية وتوطيد العلاقات مع الرؤساء والزعماء العرب خاصة عندما قام (بارزاني) بزيارة تأريخية الى القاهرة عام 1958 والتقى بالزعيم العربي الراحل (جمال عبد الناصر)... والجميع يعلم أن الاهتمام بالشعب الكُردي هو اهتمام هو اهتمام بكل ابناء العرق الكوردي في اوطانهم الاربعة سوريا تركيا ايران والعراق . لان المواطن الكوردي هو جزء مهم من تركيبة النسيج العراقي والتركي والسوري ووالايراني وهذه الدول بطبيعة الحال متعددة في تنوع القوميات وتكاد تكون مختلفة عن بعض الجوار كالاردن وفلسطين ولبنان ومصر فهي مختلفة عن باقي البلدان العربية من حيث التركيبة الاجتماعية التي يتمتعو ن بها...
ونحن اذ نمر اليوم بهول السنين العصيبة التي تمر على الشعب الكوردي وباقي ابناء العروبة المنتمين للاعراق والقوميات المتعددة نقول على الاخوة العرب في سائر الاقطار العربية ان لا يكتفوا فقط بالنحيب والتقزم السياسي تجاه المشهد الكوردي الحالي بل عليهم الوقوف اكثرمع معاناة اخوانهم من الشعب الكوردي في الاقطار الاربعة واثبات عذريتهم السياسية وايجاد طرق جديدة لحل مشاكل المنطقة وبالذات ترتيب البيت العربي الكوردي
ومن وجهة نظرنا فان بعض أروقة ومنابر الاعلام العربي في ظرفنا الراهن لم يهتموا بالقضية الكُردية حق الاهتمام بل اكتفوا بنقل الاخبار الهامشية والسطحية عن معاناة الاكراد الموزعين في البلدان الاربعة بل دأبت الكثير من وسائل الاعلام العربية عن قصد او بغير ترويج فكرة الانفصال والتقسيم .وقد أصاب هذا الموقف الكُرد بالاحباط في كثير من الاحيان فلا يوجد من اعلاميي الا خوة العرب الا قلة قليلة ممن آثروا وتأثروا وسعوا جاهدين الى اظهار حقيقة الشعب الكُردي كما هي للعالم العربي والغربي (مواقف موجعة لكنها غير مميتة).. مع هذا: أن تصلوا متأخرا خيرمن ان لا تصلوا أبدا؟؟. وهنا لابد من ذكر شىء مهم وهو ان العديد ممن يعتبرون أنفسهم مفكرين او مثقفين متنورين او حتى اعلاميين متحضرين لازالوا ومع شديد الاسف يخلطون بين الدور القومي والديني عندما يتحدثون الشعب الكوردي وهؤلاء ولله الحمد قلة قليلة .. ونسيت هذه القلة ان للكورد قومية يعني لغة . يعني ثقافة . يعني فولكور.. يعني عادات وتقاليد منذ الاف السنين وان القومية الكوردية مثلها في ذلك مثل باقي القوميات عندما جاءتها الاديان فمنهم نمن اعتنق اليهودية ومنهم من سار بدرب المسيحية ومنه من أسلم واتبع دين محمد ابن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام.. ومنهم من بقي لاديني.. تماما كما هي القومية العربية .. فلماذا العجب والتعجب
اليوم وقد وصل اقليم كُردستان الى مرحلة حرية التعبير والكلام والتخلص من دور الضحية المثالية والتوجه نحو القضايا الساخنة والاكثر اثارة في سيناريوهات بناء العراق الجديد فاذا قسنا هذه الرؤيا بمقياس انساني عادل فانها رؤيا مشروعة ومطلب طبيعي فمن حق الشعب الكُردي ومن حق الشعب الفلسطيني أيضا ومن حق اية مجموعة عرقية متجانسة ان يكون لها كيانها واستقلالها وحريتها في تقرير مصيرها وصنع مستقبلها..
لكن هذه المسألة المصيرية وبكل اسف عندما تطرح على بساط البحث والواقع تبدو أعقد من هذا التبسيط بكثير مع هذا فان الظرف التاريخي والمعطيات الدولية في الوقت الراهن وفي المنظورالقريب قد يساعد أكراد العراق على تحقيق رؤاهم بقرب المنال وقد يكون مؤجلا الى عقود طويلة وهذا مرهون بمفاجأت الايام القادمة؟. وهذا ما تسعى اليه الشعوب الكوردية في كلا من تركيا وايران وسوريا ..فلماذا الخوف.. ولماذا كل هذا الرعب من قبل الانظمة العربية والتركية والايرانية
وعلى الرغم من ذلك فان القيادة الكُردية في اقليم كُردستان العراق والقيادة الكوردية في شمال وشرق سوريا تقمصت صيغة من صيغ التعايش السلمي مع المكونات العراقية الاخرى وفي اطار الدولة العراقية والسورية الواحدة مع الاخذ بنظرالاعتبار ان تاريخ وجغرافيا اقليم كُردستان يفرضان مقتضياتهما وبامكان الدول العربية الشقيقة التعامل معها وقبولها فلا احد يستطيع تغير الفسيفساء العرقي والطائفي المكون للمجتمع العراقي والسوري وعلى سبيل المثال..فاقليم كُردستان العراق لا يمكن ان يكون عراقيا وعربيا في آن واحد وهذا ما اقره مواد الدستور العراقي الجديد بعد عام 2003 بقوله: ان الشعب العربي في العراق( فقط) جزء من الامة العربية.. وحزب البعث الفاشي في القطرين لعب دورا قذرا للغاية في هذا الموضوع .. ورغم محاولة حزب البعث المنحل التوفيق بين الهويتين الكوردية والعربية لكن (بحلول لفظية فقط) وحتى ا ذا أقنعنا أنفسنا بعدم التعارض بين الهويات والانتماءات القومية في العراق فان جيراننا من الاشقاء العرب والدول الاخرى لا يبدوا عليهم الاقتناع بامكانية هذا التوفيق والازدواج والاندماج؟....
ان للمسألة الكُردية في الدول الاربعة أبعاد وجذور عميقة منها تاريخية ومنها اجتماعية وسياسية ذات اتصال وتناغم مع ماكنة الرقابة السياسية في العالم الحساسة جدا تجاه اي تحرك دولي خاصة في منطقة الشرق الاوسط ونتيجة لتجارب وتراكم خبرات الماضي فقد أصبح اليوم الملف الكُردي في الشرق الاوسط ملفا ساخنا على الصعيدين الاقليمي والدولي ولكي لا يذهب تضحيات الماضي هباء منثورا فقد تبنت القيادة الكُردية ستراتيجية بعيدة الامد ورؤية مستقبلية متكاملة لتحديد البدائل وتقيمها والتنبؤ بالنتائج المتوقعة واختيار أفضل القنوات الدبلوماسية واختيار الغايات المنشودة في اطار الامكانيات الحالية ومواجهة الاحتمالات المنتظرة بمعنى (التفكير قبل آ لاداء وآلاداء في ضوء الحقائق الملموسة).. ويعد هذا الانفتاح الكُردي والاستراتيجية المتبعة تفهما بناء مرنا لاحتواء المشهد السياسي الكوردي.[1]