هل تحل روسيا محل امريكا للكورد
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5053 - #23-01-2016# - 10:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
ما لا يمكن الوثوق به هوالضمان في السياسة الخارجية لاية دولة كانت مهما كانت مصداقيتها و نظرتها الى الاخر و كيف تعاملت معه و باي اساس او وفق اي فكر او فلسفة ،و خصوصا من قبل دولة راسمالية لا تهمها الا مصلحتها الضيقة فقط . لقد تعرض الكورد في تاريخه الى خذلان و الاجحاف بحقوقه المشروعة من قبل الدول التي انقسم عليها كوردستان، و قبلهم على ايدي المستعمرين و الدول التي تدخلت طوال التاريخ في هذه المنطقة جميعا . فليس هناك دولة و لم تنكث بعهدها في التعامل مع الكورد، سواء اثناء الحركة التحررية الكوردستانية او في الاوقات الحرجة التي احتاج الشعب الكوردي لمسند او اعمدة قوية لبناء كيانه و خذلته اصدقائه دائما، و لكن من استفاد منه في وقت حاجته تراجع عند اقنضائها كما كانت الحال في جمهورية مهاباد او ثورة ايلول، الاولى تراجعت روسيا عنها و الثانية امريكا، و هما الدولتان اللتان لهما باع طويل و تاثير كبير على تحديد مصير الشعوب بشكل و اخر، هذا عدا ما اقدمت عليه بريطانيا في حينه من ضرب ثورة الشيخ محمود بكل قوتها و دمرت حركتها بما كانت لديها من الامكانيات و الاسلحة و شتت الكورد و اضرت بهم وقسمت ارضهم على الدول الاربعة وفق معاهدة سايكس بيكو مع فرنسا، و هي المسؤلة الاولى قبل الاخرين على ما اصابت الكورد من المحن طوال تاريخهم . و لازالت على نهجها و لم تعترف و لم تعوض ما سببته للكورد بما فرضته على الارض و لم تعد النظر في ما هي التي سببته و لازالت ترمي الى ما يهم مصلحتها فقط دون ان تنظر الى ما وصل اليه الكورد، و هي تراقبهم من بعيد دون ان تسندهم لبناء كيانهم و تحقيق اهدافهم كما فعلت لاسرائيل، و اثبتت انها دولة استعمارية الفكر والنهج لحد الساعة .
هذا ما فرضه التاريخ و مصالح الدول العظمى و لم يكن نصيب الكورد شيء جراء ما اقترفته ايديهم من ما فعلوه بالضد من مصالحه، و ما التضحيات الجسام التي قدمه الشعب الا و هي على عاتق بريطانيا قبل الدول الدكتاتورية التي توزعليها الشعب الكوردي، و المعيب فيها انها لازالت على نهجها و هي لا تحاول ان تصحح من اخطائها و ما فرضته مصلحتها على حساب هذا الشعب المغدور، و هو يعاني لحد اليوم من الفوضى و التخلف الذي اصابه جراء ما سار عليه في تاريخه، و من كان يوجه التاريخ الا هم هؤلاء .
اما اليوم و بعد التغييرات الجذرية التي حدثت في المنطقة، دون ان يتغير الوضع الكوردي، فاصبح لديه شبه كيان في القسم العراقي منها و ما موجود في القسم السوري اصبح على الطريق و هو يتقدم بخطى واسعة و منتظمة على الرغم من قصر مدته . فاصبح تدخل الدول الكبرى في شؤن هذه البلدان مختلفا عما كانوا يفعلونه من قبل، بحيث اصبحت تدخلاتهم مباشرة بعد ان حانت الفرص بعد الثورات العربية و تدخل الارهاب في شؤون المنطقة و غيروا الخارطات على ارض الواقع و استغلتهم امريكا قبل اي احد اخر، واصبحوا ملقطا بيد دول المنطقة ايضا، و هم يتصارعون ضمن المحورين السني والشيعي الذي برز على السطح بشكل اوضح او مباشر بينما كان الصراع خفيا من قبل .
تتغير المعادلات في كل ساعة، و ان تكلمنا من الاخر فان دخول روسيا بشكل مباشر غيّر الموازين، و بعد اسقاط طائرتها و تغيير موقف تركيا و تنازلها عن ما ادعتها من قبل اصبحت للدوليتن السعودية و التركية مواقفا متقاربا من البعض، و هذا يدخل في صالح الغرب اكثر من دول المنطقة لانهما الة بايدي الغرب في تحقيق مصالحه مهما كانت . و تستخدم في الصراع الجاري عدة اسلحة عدا العسكرية فان السياسية و الاقتصادية اصبحتا الموازية للسبلاح العسكري في صراع المنطقة، هذا عدا الصراع الثقافي و الفكري الذي تصر عليه امريكا قبل غيرها .
اما ما يخص الكورد و من يكون المناسب ليكونوا حليفا له، فله الكثير من الاوجه، و قبل اي شيء يتوقف ذلك على الكورد بنفسه و ظروفه الداخلية و ما يهمه . فاصبحت الدولتان الامريكية وا لروسية على خط مع الكورد في سوريا و جزء من العراق و الاكثر اهمية هو في تركيا بنفسها التي اختلطت فيها الامور كثيرا و تعلقت ارجلها بما كانت تلح على ان تكون بعيدة عنه من الصراع العسكري الداخلي و لكنها دخلت فيه و لا يمكن ان تخرج منه بسهولة طالما اصرت على الموقف الذي لا يتغير و لا تحرك ساكنا عنه، و تراجعت عن الوعود التي قطعته في سبيل الحل السلمي للقضية الكوردية فيها . الموقف يكون على مسارين، اما التنسيق الكوردي في جميع اجزاء كوردستان حول الدولة المعتمدة المفروض ان يستندون و يعتمدون عليها في حركتهم و العمل على تحقيق اهدافهم، و هذا بعيد جدا من حيث النظر الى القيادة و العلاقات التي تربط هذه القوى في الاجزاء الاربعة من جهة، و في كل جزء من جهة اخرى . و عليه يمكن ان يقرر الكورد في كل جزء ماهو الاهم له، لانه لا يمكن ان يبقى على حياد بين الموقف الروسي و الامريكي و التابعين لهما على الرغم من انه الموقف الصحيح المناسب و لكنه يحتاج الى عقل و حكمة و تخطيط و تنفيذ و امكانيات وسياسة ناضجة . فان التغييرات التي حدثت من تقارب تركيا مع السعودية و ما تفضله امريكا قد يدفع الكورد في غرب كوردستان ان يتقاربوا من روسيا يوميا اكثر من امريكا في النهاية، لان النهاية ستكون روسية على الارجح على الرغم من حركات تركيا و ما تفعله امريكا من اعادة الكرّة في المنطقة اخيرا . اما الكورد في كوردستان الجنوبية فوضعه الاقتصادي قد سحب البساط من تحت ارجله، و لا نعتقد بان تمتد يد المساعدة اليه طالما خضع هو للقوى الخارجية الاقليمة و الدولية بسهولة دون دراسة، وهو مستند على المصالح الشخصية الحزبية الضيقة دون ان يبحث في ما يهم مستقبله باي شكل كان . فان كان للكورد القدرة على اللعب بين روسيا و امريكا بمناورات مناسبة و فنون و بقدرة و تغييرات يومية يمكنهم ان ينتهجوا سياسة الحياد و يثبتوا انفسهم، و لكن مرة اخرى نقول ان القيادة الكوردية الحالية في جنوب كوردستان غير قادرة و ليست بكفائة يمكن ان نعتمد عليها في مثل هذه الامور الصعبة التي تحتاج الى عقلية فذة و باساس علمي متين . سيكون لامريكا دورا كبيرا و باقيا في ظل بقاء التنسيق التركي السعودي من جهة، و من خلال الاتفاقية الايرانية و ما تطلبه مصالح اسرائيل و ما يخفيه الطرفان الايراني و الاسرائيلي عن العالم من ما يجري هو لصالحهم صدفة كانت ام نتيجة عمل مدروس و مشترك بشكل غير مباشر من جهة اخرى .
فان التنسيق الروسي الاسرائيلي حول سوريا من جهة، و ما تفعله امريكا مع اسرائيل و السعودية وايران من جهة اخرى، سيدفعنا الى ان نعتقد بان التنسيقات المتعددة الجوانب الملتقية من جانب و المتفارقة المبتعدة من جانب اخر، تحتاج لتركيز كبير في تحليله و معرفة ما تنتجه و الاستنتاج منه، و على الكورد ان يتقنوا ما يجري كي يتخذوا اية خطوة تكون لصالحهم اولا . فان روسيا ستبقى و تبقي على ما تريده مصالحها و هي لن تسمح بسقوط النظام السوري ( ليس بشار الاسد ) طالما كان النظام الموجود يضمن ما تريده، و في المقايل توجد امريكا التي تنسق لما بعد سقوط الاسد و كيف يكون النظام و البديل المنساب لديها، فانها لا يمكن ان تصر على السقوط في هذه اللحظة دون اي تنسيق مع روسيا او معرفة البديل منها .
اذن، الموقف الصحيح من قبل الكورد ازاء هاتين الدولتين روسيا و امريكا و ما تتبعهما من الدول المنطقة يتوقف على المتغيرات اليومية و الاهداف المهمة و الاولوية لكل منهما . فان الدولتين لا يمكن ان تضعا ما يهم الكورد قبل ما تريدانه من ما يجب ان تكون عليه المنطقة لكل منهما، و هما تختلفان من جوانب عدة و و تتوافقان من جوانب اخرى . فلا يمكن ان يفكر الكورد في اي بلد منهما كبديل للثاني و يجب ان يتعاملوا معهما على انهما في مسافة واحدة منهم . و هذه عملية صعبة يستوجب اتقانها من قبل جميع الاطراف الكوردية، و لكن من المؤسف ايضا ان الوضع الحالي غير مبشر لما يمكن ان ينجحوا فيه، لانهم ليسوا بالمستوى التي يمكن ان يعتمد عليهم و يمكن الوثوق بهم في ضمان نجاحهم، و بالاخص القيادة في جنوب كوردستان، لانهم لم ينجحوا في بقعة واحدة و العلاقات و السلطة كما نراها على حافة الهاوية فكيف بهم ان ينجحوا في هذا العمل الصعب ؟ و لا يمكن لاي من هاتين الدولتين الكبيرتين ان تحلا محل الاخر فيما يخص الكورد و مستقبلهم في المستقبل المنظور.[1]