$(كُرد) أم (كُورد) أم (أكْراد)؟$
محمود عيسى: كاتب وباحث
ثار مؤخرًا في وسائل التواصل الاجتماعي جدل حول الرسم الصحيح لكلمة (كُرد) (kurd)، مرده الحساسية الكردية تجاه سياسات الطمس وإلغاء الآخر التي طالما مورست تجاه الكرد؛ مما أخرجها عن تأصيلها اللغوي إلى مكان اتخذ أبعادًا تعصبية (حزبية أو قومية)، فارتأيت أن أبيّن الصحيح في رسمها وخاصة لإخوتي الأكراد ممن يكتبون بالعربية الذين قد يكون وصلهم الأمر بصورة مغلوطة.
أولًا: كتابة الكلمة تخضع لقوانين الرسم الإملائي فحسب؛ فإذا كنت تكتب باللغة العربية فلا بد لك أن تكتب (كُرْد)، وإذا كنت تكتب باللغة الكردية (التي تكتب بالحرف العربي) وهي ما تسمى (الأبجدية الصورانية) فلا بد أن تكتب (كورد)، وهنا الحرف (و) ليست واوًا بل تلفظ ضمةً حيث تكتب بدل الضمة في الرسم (الصوراني)، أما لفظ (الواو) فترسم فيها على شكل واوين؛ فلفظ (مَحمود) في العربية تكتب في الأبجدية الصورانية الكردية: (مه حموود).
ثانيًا: يستنكر بعض الأكراد تسميتهم ب (الأكراد) ويردون ذلك لأحد سببين:
الأول: قول بعضهم: إن لفظ (الكُرد) يقابل (العَرب)، ولفظ (أكراد) يقابل لفظ (أعراب)، والأعراب: هم ساكنو البادية من العرب الذين لا يقيمون في الأمصار، وقد وردت في القرآن الكريم مقرونة بالذم.
وهذه حجة مردود عليها لأن كلمة (أعراب) لم ترد بالذم على وجه الإطلاق، بل وردت في القرآن الكريم بالمدح أيضًا، ورودها بالمدح – ولو مرةً- لا يترك حجة بمن احتجّ على دلالتها للذمّ، قال تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَٰتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَٰتِ ٱلرَّسُولِۚ أَلَآ إِنَّهَا قُرۡبَةٞ لَّهُمۡۚ سَيُدۡخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحۡمَتِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ 99﴾ [التوبة].
أمّا الثاني: فقد يعزو بعضهم اعتراضه على كلمة (أكراد) أنها تأتي على وزن أفْعال، ووزن أفعال من أوزان جموع القلة (أفْعال - أفْعِلة- أفْعُل - فِعْلة)، وأنّ في جمع كلمة الكرد على أكراد تقليل لهم.
وهذا كلام مردود عليه؛ لأن صيغة أفعال لا تأتي للدلالة على القلة فحسب، بل تأتي للدلالة على الكثرة أيضًا، وذكر ابن يعيش في شرح المفصل: إن العرب تضع اللفظ الموضوع للقليل في موضع الكثير، وإن الجموع قد يقع بعضها موقع بعض، ويرى مجمع اللغة العربية في القاهرة أن الجمع أيا كان نوعه يدل على القليل والكثير، وإنما تتعين دلالته بالقرينة، وهذا التفريق تفريق مصطنع، بل وتستخدم صيغة أفعال في ألفاظ تدل في أصلها على الكثرة كاسم الجمع (قوم- رهط) واسم الجنس (تُرك – كُرد) فنقول في جمعها: (أقوام – أرهاط – أتراك – أكراد).
وأخيرًا فإن كلمة (كُرد) تستخدم في الإملاء العربي، و(كورد) تستخدم في الإملاء الكردي الصوراني، ولا ضير من استخدم كلمة (أكْراد) للدلالة على الكرد.[1]