=KTML_Bold=الحركة الكردية .. وقضية توحيد الصفوف=KTML_End=
#بير رستم#
من المعروف أن مسألة وحدة الحركة السياسية الكردية ولم شمل مجموع الأحزاب هذه – والتي تجاوزت عددها عدد أصابع اليدين في سوريا – ضمن كتل سياسية حقيقية وقوية بحيث تستطيع بحق أن تمثل الشارع الكردي وبالتالي أن تكون صوتها السياسي في المحافل والمنابر وعلى طاولات الحوار، إن كان مع السلطة أو مع أطياف المعارضة السورية الأخرى (إعلان دمشق مثالاُ)، وأن تكون قادرة؛ أي الحركة الكردية وكتلها السياسية على تلبية الحد الأدنى من ما تصبوا إليها الجماهير الكردية، يتطلب منها (من الحركة) توحيد صفوفها وجهودها؛ حيث باتت هذه المسألة من أهم بل أولى القضايا والتي تشغل بال الشارع الكردي بنخبها وجماهيرها.
وهكذا يمكن القول وبما معناه فإن المرحلة الحالية ونتيجة لمستجدات سياسية إقليمية ودولية أصبح من الضرورة بحيث أن تكون هناك عدد من هذه الكتل السياسية والتي يجب أن لا يتجاوز الثلاث – حسب رأينا – وقراءتنا لهذه الظروف السياسية الإقليمية والدولية، بحيث تستوعب مجموع هذه الأحزاب والتي لأكثرها لا حول ولا قوة لها إن لم نقل لجميعها، داخل تلك الكتل والتشكيلات السياسية المستقبلية والمرشحة لأن تلعب دوراً سياسياً فعالاً.
ولكن هل يمكن ذلك؛ أي توحيد الصفوف والجهود، وهنالك تراكمات الماضي وتلك السلبية في العلاقة مع الآخر (الكردي) وأيضاً هذه الحساسيات والتي جلها تكون على المستوى السيكولوجي – الشخصي وليس السوسيولوجي – الطبقي الاجتماعي؛ حيث كل “زعيم” وسكرتير يجد في منصبه وشخصه “سر الأقداس” وزعيم القبيلة الأوحد (بلا منازع) وأي خروج عليه يعني العصيان والتمرد وبالتالي ليس أمام زبانيته و(أزلامه) إلا مطاردة هذا العاصي ولعنه. فهو؛ أي “الزعيم” ومن وراءه القبيلة – الحزب في حالة حرب دائمة مع القبائل – الأحزاب الأخرى.
وهذه اللعبة؛ لعبة الحرب بين القبائل الحزبية هذه باتت شبه مكشوفة وعلنية للجميع؛ فهي نوع من إشغال أبناء القبيلة “الرفاق” بمعارك جانبية خلبية – وأحياناً تكون حقيقية ويكون هناك ضحايا – وبالتالي إلهاءهم عن “المعارك” الحقيقية، إن كان مع السلطة أو المعارضة السورية بشقها العربي، وهذه هي أسهل طريقة للإيقاع ب”عصفورين بحجر واحد”؛ فمن جهة أشغلنا القاعدة الحزبية – وليس تنظيم القاعدة – بمسائل جانبية غير مجدية للعمل النضالي ولا تخدم القضية الكردية بأي شكلٍ من الأشكال بل تضر بها وبالعلاقات الكردية – الكردية وهكذا ومن الجهة الثانية فلن ندخل في أي مواجهة حقيقية مع السلطة؛ الجهة التي يجب أن تفتح معها “المعارك” السياسية الحقيقية.
نعم؛ إننا نستطيع أن نؤكد ومن خلال تجربتنا مع الحركة السياسية الكردية ومن موقعنا كمتتبع لهذه الحركة وإشكالاتها والتي تكون في أكثر الأحيان قروسطية وعائدة للعقلية الرعوزراعية؛ (من الرعوية والزراعية) وذلك بحكم الطبيعة الريفية للتجمعات السكانية الكردية وعدم تشكل المدن الصناعية الكبرى (متروبولات) وبالتالي تبلور الحالة المدنية العمرانية والفكرية الذهنية. فالعقل الكردي ما زال محكوماً بالبساطة والتبسيط وتلك العصبية القبلية (الحزبية) – العائلية في علاقتها بالأشياء؛ فنجد أنه ولأبسط الأمور “تقوم القيامة” بين القبيلتين (الحزبين) وتقطع العلاقات الدبلوماسية ويتم سحب السفراء ويعلن حالة الحرب بينهما وهكذا لا تجدي كل الوساطات (لإعادة المياه إلى مجاريها). بينما نجد بأن العقلية المدنية هي عقلية مرنة ذات طبيعة مصالحية – توافقية تبحث عن مصالحها وهي مستعدة للحوار والتوافق مع ألد “أعدائها” وليس أصدقائها ورفاقها وإخوتها فقط وذلك من أجل إنجاح مشروعها؛ مهما كان ذاك المشروع اقتصادياً – مادياً أو سياسياً – ثقافياً أو اجتماعياً – مدنياً.
وهكذا فإنه ومن واجب الحركة السياسية الكردية وأحزابها المختلفة ونتيجة لتلاقي “مصالحها” القومية، أن تجتمع على طاولة مستديرة لتدير الحوار الحقيقي بينها من أجل وضع النقاط على الحروف وإيجاد – أو على الأقل – طرح الحلول المناسبة لمجموع القضايا المستعجلة في الساحة السياسية الدولية والإقليمية وتحديداً ما يتعلق منها بالقضية الكردية في هذا الجزء الكردستاني الملحق بالدولة السورية، وذلك مهما كانت التباينات والاختلافات في وجهات النظر بينها حول مسائل وقضايا معينة؛ إن كان منها ما يتعلق بالأولويات من مسائل تحقيق الديمقراطية وحقوق الأقليات وأيهما نقدم على الآخر أو ما يتعلق منها بالعلاقات الكردستانية ومسألة المحاور أو تلك التي تتعلق بالبرامج والمناهج السياسية وهل هي اشتراكية – يسارية أم ديمقراطية – ليبرالية أم بارتية – بارزانيزمية.
نعم؛ وبدل أن نجد تلك العلاقات الأخوية والتلاقي حول مشروع سياسي كردي – مع العلم أنه هناك بعض من هذه المشاريع والتي قدمت كرؤى مشتركة ولكن وللأسف أكثرها هي نوع من البروباكندا الإعلامية وليس كمشروع سياسي حقيقي – بحيث يتم التوافق عليه وتقدم باسم الحركة الكردية على أنها حالة توافقية كردية معبرة عن طموحات وأماني الشعب الكردي، أي بما معناه يجب أن يكون هناك ورقة عمل كردية مشتركة نجمع عليها.ولكن ما نراه على أرض الواقع نجد العكس من ذلك؛ حيث الخلافات القبلية (الحزبية) والزعاماتية و”حروب الردة” على هذا المنشق وذاك العاصي والمتمرد، فهذا “الزعيم” ليس مستعداً للجلوس والحوار مع ذاك الآخر كون أحد أجداده قد سب وشتم ونال من جد هذا “الزعيم” الأبدي وذاك “القائد الخالد” الآخر حلف بجده الأول أنه لن يتفق مع ذاك “الثوروي” الذي قاد تمرداً ضده و.. هكذا نجد أن كل “قائد وزعيم” وسكرتير قد تحصن في متراسه وخلف عقيدته وعقليته القبلية (الحزبية) مبعداً أي إمكانيةٍ للتلاقي والتحاور مع الآخر الكردي، بينما نجده يقبل (بكل) شروط “العدو” والخصم وهنا نعتقد أن هذه عائدة لمسألة الدونية في الشخصية الكردية وليس عائداً لمفهوم قبول الرأي الآخر.
ولذلك ونتيجة لقناعتنا بأن الحالة الكردية وتوحيد الجهود يحتاج إلى حالات جراحية عاجلة، بحكم وتيرة السرعة والتسارع في المستجدات السياسية على الساحتين الدولية والإقليمية، وبأن مسألة الوحدة التنظيمية والسياسية – من قبل قياداتها وكوادرها – بين هذه الفصائل والأحزاب والذي بات أمراً ضرورياً – طبعاً لا ندعو بأن تجتمع كل الفصائل والأحزاب الكردية في حزب سياسي يبتلع كل الأطياف والمكونات للمجتمع الكردي في هذا الجزء الكردستاني ولكن وعلى الأقل يجب أن تتكتل في ثلاث كتل سياسية رئيسية كما قلنا في بداية هذا المقال – هي نوع من الاستحالة وخاصةً في الظروف الراهنة.
وبالتالي علينا عدم إلهاء القواعد الحزبية وأيضاً الجماهير الكردية بمسائل الحوار والوحدة بين هذه الفصائل كما تم إلهائه ولمدة نصف قرن بمسائل الانشقاق، فإننا ندعو كل النخب السياسية والثقافية والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية و”الرموز” الدينية ومن وراءها قواعد هذه الأحزاب وأيضاً الجماهير الشعبية وأبناء شعبنا الكردي عموماً بالوقوف إلى جانب هذه الحركة السياسية من جهة ومن الجهة الثانية الضغط عليها من أجل فرض الحالة التوافقية عليها بحيث تتكتل ضمن تشكيلات سياسية جديدة تكون أكثر قدرةً على الحركة والمناورة السياسية.
وإن تعذر هذا؛ أي الضغط على هذه الأحزاب بأن تجتمع تحت سقف سياسي موحد؛ إن كان “سقف أوسلو” أو بروكسل أو غيره من الأسقف ولا بأس حتى بسقيفة وإن كان “سقيفة بني ساعدة”، فإننا ندعو تلك القوى الحية والفاعلة في المجتمع الكردي والتي ذكرناها آنفاً لأن تختار من بين مجموع هذه الأحزاب والفصائل الكردية والتي يصعب الإلمام بأسمائها ناهيك عن برامجها ورؤساءها “الآبدين المخلدين”، عدد محدد من الأحزاب (اثنان أو ثلاث) بحيث يصبح عندنا نوع من الفرز الثقافي السياسي وليس الطبقي كوننا ما زلنا في طور ومرحلة حركة تحرر تناضل من أجل حقوقها القومية والديمقراطية ولم نصل بعد إلى تلك الحالة السياسية المؤسساتية أي بناء الدولة والكيان السياسي القومي والتي تدعو إلى قيام ثورة اجتماعية ولذلك فإن الحركة السياسية الكردية هي بحاجة إلى طاقة ومساهمة جميع أبناءها.
وهنا وكوننا وفي أكثر من مقال قد أبدينا وجهة نظرنا حول القوى والأحزاب المرشحة لأن تلعب دوراً سياسياً مهماً في الساحة الإقليمية (إقليم كردستان) الملحق بسوريا، وقلنا بأن الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا “البارتي” هو أكثر الفصائل قدرةً لأن يتبوأ هذا الدور في قيادة مرحلة التحرر لشعبنا، فلذلك فإننا ندعو جميع أبناء شعبنا للالتفاف حول هذا الفصيل السياسي وبالتالي نجعل منه؛ من “البارتي” حالة ثقافية وطنية وليس حزباً سياسياً فقط أقرب إلى القبيلة منه إلى مؤسسة مدنية حقيقية.. وهكذا نكون قد وضعنا “اللبنة الأولى” في طريق طويل وشائك ويحتاج إلى تضافر كل الجهود والإمكانيات لتحقيق الأهداف والغايات و إلا فسوف نبقى “في انتظار غودو”.[1]