غضب الفرات امام درع الفرات
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5336 -#07-11-2016# - 13:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
حتى التسمية لهذه العمليات لها معانيها الخاصة بها، و من خلال متابعة ما وراءها سياسيا سيتضح لنا الواقع الغاضب و المواجهة بين الجهات، و في مقدمتهم بين تركيا كدولة في مازق بغرور رئيسها و قوات حماية الشعب التي بدات بعزم كما هو واضع لا يلين و بقيادة و مشارةلبوات لتحرير مدينة يحكمها تنظيم هو رمز للتعدي على النساء و حقوقهن المشروعة في الحياة بسلوك و قوانين بالية و بعقلية كان من المفروض ان تكون في سلة الاوساخ، و ورثناها من مآسي التاريخ و الافكار العفنة غير المنطقية لادارة و حكم المجتمعات حتى في حينه .
سياسيا، كان اردوغان وربما لحد اليوم حليفا قويا لداعش في السر و بعض العلن، استخدمته في تحقيق مجموعة من الاهداف و اكثرها تحقيق مرامه الشخصي الداخلي من خلال تصدير مشكلاته الداخلية و لفت النظر عنها وما يدعيه من السلطنة و العنجهية التي يسير عليها، و من ثم محاولة امكانه من تحقيق احلامه و معه نوايا الترك التاريخية في المنطقة، و ان تخللت تحركاته البهلوانية و المستفزة في اكثر الاحيان اخطاء انعكست عليه و على بلده و كسر بشكل قوي خلال مدة قليلة شوكته و هيبة بلده و انزلها الى الحضيض .
ماذا يعني ابعاد اردوغان و بلاده عن عملية تحرير الرقة وما صرح من قبل و اشترط و تحدى كثيرا حولها، فهل اقتنع ام فرضوا عليه الحال و ابعدوه مرغما عنه عالمين بنواياه الحقيقية . في هذا الوقت بالذات الذي تتقدم قوات حماية الشعب لمحاصرة الرقة و تحريرها فيما بعد، يعلن اردوغان تقدمه نحو مدينة الباب ليغطي فشله في امر الرقة و ادعائاته امام الراي العام التركي من جهة و لربما تم استرضاءه من قبل امريكا بهذا الامر . تركيا البلد في الناتو، تركيا الحليفة و الابنة المدللة لامريكا طوال الحرب الباردة، تركيا صاحبة الموقع الاستراتجي، تركيا التاريخي صاحبة المجد العثماني الذي يفتخر به اردوغان، يودع جانبا، فيما تتقدم قوة عصرية مناضلة في العملية . و هذا له دلالاته الكثيرة في الشان السياسي و العسكري ايضا،ويكشف لنا ما وصلت اليه المعادلات و العلاقات بين دول المنطقة و كيف اختلفت المواقف حول التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان و المراقبة لامور غير انسانية حصلت في ايامه دون اي فعل ازاءها و امام التعديات التي تعرضت لها الشعوب في حينه لهذا السبب و منهم الشعب الكوردي من جهة، و من ثم بروز قوة تعتبر داخلية و ها تتعامل معها الدول صاحبة الامر و النهي في المنطقة مهمشة لحليفتها من جهة اخرى .
غضب الفرات المهاجم بالقوة الحقيقية صاحبة الحق في الامر و درع الفرات الذي وراءها دولة تدعي انها تدعم قوى داخلية سورية بينما هي بذاتها مشاركة بنفسها في القوة الضاربة بعددها و عدتها سرا و علنا، مضللة حتى في تركيبة القوة الحقيقية و امكانياتها و قدراتها و اهدافها الحقيقية و ما تحمل .
استبعد اردوغان مرغما عن معركة تحرير الموصل لحد الان، و لم يُعط له دور يُذكر و يحفظ ماء وجهه في عملية تحرير الرقة، هذا يعني ما يكون عليه موقع و اهمية تركيا في المنطقة مستقبلا من جهة و دورها في المخططات و الخرائط التي من الممكن ان تحل محل ما هو الموجود الان من جهة اخرى . و هو يدرك جيدا هذا الامر، و لذلك يريد التشويش و التخبط في مكانه او ربما الى ما يمكن ان يتحرك بشكل عشوائي او يخطوا دون هدف من اجل اثارة الجاري او وضع عراقيل امام سير العمليات فقط .
هدف تركيا الحقيقية من درع الفرات اساسا هو ضرب قوات حماية الشعب و الحد من توسعه و تحريره للارض و منع التواصل بين مواقع ارض كوردستان الغربية قبل اي شيء اخر، و لكن باسم ضرب داعش . المكسب السياسي للاطراف كافة واضح و بين . و يمكن ان نستنتج من خلال سير العملية و مشاركة الاطراف مدى نزول دور تركيا و كيف فرض الكورد في كوردستان الغربية نفسهم على الواقع، سواء بقوتهم الضاربة الشجاعة او تركيبتهم السياسية و اهدافهم الانسانية العصرية التقدمية، و قبل هذا و ذاك، ما هوموقع قوتهم الحقيقية وهو احقيتهم في تحقيق اهدافهم التاريخية و رفع المظلومية عنهم . و يمكن ان نقول ان قوة الحق و الباطل تندفعان باسم رفع الباطل عن الشعب و كل منهما يتوجهان بالاتجاه ذاته و باسم ما يمكن انهم يتجهون نحو سحق قوة الظلام، الا ان احدمهما في الجوهر هو الباطل ذاته .
يمكن ان نصرّح علنا ان العمليات الجارية الان في الموصل و الرقة في ان واحد، يقتربان من اهدافهما، و لكن عملية غضب الفرات العسكرية الجارية في الرقة اضافة الى ما بدت منها من الامور السياسية انها اقدس من غيرها، لانها تقابل الحيل و الخداع من قبل الدولة التي تدعي محاربة داعش لاهداف ذاتية، لا بل مستخدمة داعش لامور سياسية بحتة، اي من خلال عملية غضب الفرات مزدوجة الهدف و الباطن هو غير ما يقال . اضافة الى سحق داعش في معقله، فانه ضربة قاضية لقوى الشر و التضليل السياسي من الدول التي تستخدم داعش من اجل مآربها القحة و تنتهز فرصة التعقيدات الجارية في المنطقة لاهداف ذاتية بعيدة عن محاربة الشر، بل انها الشر بذاته في التركيب و الهدف . اما عملية تحرير الموصل التي استبعدت يد تركيا المضللة عنها ايضا، فانها يمكن ان لا تشابه عملية غضب الفرات في اهدافها السياسية قبل العسكرية، على الرغم من التشابه بينهما الى حدما و لكن باختلاف تركيبة الاطراف و المكونات التي لها العلاقة المباشرة بها . فلنر من ينتصر في النهاية، درع الفرات و ما وراءها ام غضب الفرات و احقية اصحابها.[1]