البروفيسورة كونل تول مديرة مركز الشرق الأوسط للشؤون التركية و استاذة دراسات الشرق الأوسطفي جامعة جورج واشنطن و المتخصصة في السياسة التركية،تحدثت ل(كولان) عن السياسة التركية حول مشكلات و تحولات المنطقة و تداعياتها السلبية على الأوضاع في هذا البلد و سيما الأزمة السورية :
ترجمة/ بهاءالدين جلال
البروفيسورة كونل تول مديرة مركز الشرق الأوسط للشؤون التركية و استاذة دراسات الشرق الأوسطفي جامعة جورج واشنطن و المتخصصة في السياسة التركية،تحدثت ل(كولان) عن السياسة التركية حول مشكلات و تحولات المنطقة و تداعياتها السلبية على الأوضاع في هذا البلد و سيما الأزمة السورية :
* ازمة الشرق الأوسط تتفاقم يوماً بعد يوم و تركيا كدولة مهمة لها تأثيرات على تلك التحولات،برأيكم ماهي قراءة تركيا لتلك الأوضاع؟
- قبل بدء الأنتفاضات العربية ،كانت تركيا تتعامل كقوة فاعلة مع الأنظمة في المنطقة على الصعيدين الدبلوماسي و الأقتصادي،وكانت لها علاقات تجارية مع سوريا و شركاتها تعمل في شمال العراق و تربطها علاقات مع افريقيا الشمالية،وهذا يعني أنّ تركيا كانت تعمل في مجال الأستثمار الدولي قبل بدء الأنتفاضات،وضمن تصفية مشكلاتها رفعت تركيا تأشيرة الدخول اليها عن المواطنين السوريين،كما وقعت اتفاقيات ثنائية مع دول الشرق الأوسط،وعندما بدأت الأنتفاضات في كل من تونس و مصر و دول شمال افريقيا كانت لتركيا استثمارات كبيرة فيها و نتيجة ذلك تأثرت كثيراً بنتائجها وفي بداية الأمر اقلقتها الأوضاع الجديدة في مصر لأنها كانت تربطهما علاقات قوية، أما ما يخص ليبيا فقد دعت تركيا القذافي ومنذ الوهلة الأولى للأنتفاضة بالتنحي عن السلطة وقامت بدعم العمليات العسكرية للمنتفضين كما انها ايدتْ الحكومة الجديدة في تونس.ولكن عندما بدأت الأنتفاضة في سوريا و التي اصبحت تحدياً كبيراً بالنسبة الى تركيا حيث لسوريا حدود طويلة تمتد لأكثر من 900 كيلومتر الى جانب العلاقات الأستثمارية التي كانت تربطمهما معاً،والأهم من ذلك كله تأثير العلاقات القومية بين الكورد في كلتا الدولتين، نجد أنّ رئيس الوزراء التركي اردوغان قال ذات مرة :لاتشكل سوريا مشكلة ضمن السياسة الخارجية التركية بل انها مشكلة داخلية،وماذا كان يقصد بذلك؟ويعني أنّ اي حدث في سوريا فيما يخص الكورد فأنه ينعكس على السياسة الداخلية لتركيا ايضاً،وذلك لأن كلاً من تركيا و سوريا وقفتا معاً ضد حزب العمال الكوردستاني(PKK)و التحديات التي خلقتها سوريا أمام تركيا و التي ادركت سبب قيام تركيا بالأنفتاح على عملية السلام مع(PKK)،وهذا يعني أنّ سوريا غدت تحدياً كبيراً أمام تركيا بسبب العمال الكوردستاني و كذلك بسبب الكورد في بلادها، كما أنّ بشار الأسد يقوم الآن بأستخدام (PKK) ضد تركيا على غرار ما كان يفعل في تسعينيات القرن الماضي،الى جانب توتر العلاقات التركية مع ايران و رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بسبب الأزمة السورية،لقد شوهت سوريا صورة تركيا في الشرق الأوسط،لأن الرأي العام يشير الى وجود دور رائد لتركيا في المنطقة،وبمعنى آخر فقد خسرت تركيا كثيراً ولكن في الوقت ذاته يقال عنها أنها قد تستطيع التدخل بسبب امتلاكها جيش كبير و قوي،اما في الحقيقة فإنها لن تفعل ذلك لأنّ سوريا كما اسلفتُ تشكّل تحدياً واضحاً امام السياسة الداخلية و الأقليمية لتركيا.
*مارست تركيا على المستوى الأقليمي سياسة تصفية المشكلات ما ادى الى نموها،والآن قد بدأت سياسة الأنفتاح على المستوى المحلي، الا تعتقد أنّ حل المشكلة سوف يعزز موقعها اكثر؟
- طالما بقيت مشكلة الكورد والأتراك كنقطة ضعف فان ذلك سوف يؤدي الى اضعاف تركيا اكثر، لأنه بعد دافوس و توتر علاقاتها مع اسرائيل تجري مناقشلت عدة في المنطقة لتؤكد أن تركيا دولة قوية و كبيرة و تدعم العملية الديمقراطية،ولكنها لاتستطيع حل المشكلة الكوردية في بلادها.لذا يتحتم عليها الأسراع في حل المشكلة و رغم الوعود التي قطعتها منها تشريع دستور جديد الاّ انها لم تف بتلك الوعود وفي هذا الأطار هناك معوقات داخلية تحول دون التوجه بأتخاذ هذه الخطوة،واذا ما انسحب (PKK) من جنوب تركيا فبأمكانه دخول الأراضي العراقية والسورية و بالنتيجة انه يستطيع بمرور الزمن بدء فعالياته المعادية لتركيا في حال عدم ابداء الأخيرة الجدية في تعاملها مع عملية السلام،ولا ننسى ان المجتمع التركي يعاني الآن من تجاذبات و استقطابات حيث هناك فئة تعترض على رئيس الوزراء و حزبه AK في اي خطوة يقدمان عليها وتعتقد ان التقارب من السلام مع (PKK) سوف يعزز من موقع حزب العدالة و التنمية داخل البلاد.
* اقليم كوردستان هو المنطقة الوحيدة التي ليست لها مشكلة مع تركيا كما انّ الأقليم يساعدها في حل المشكلة الكوردية لديها ، برأيكم هل ان الأخيرة تعتبر الأقليم شريكاً ستراتيجياً لها؟
- ما يتعلق باقليم كوردستان، فأنه من الأمور الغريبة ما كان يحدث حتى عام 2009، ولكن نرى اليوم انه في سياق التغيير السياسي فأن الأقليم يشكل اهم شريك ستراتيجي لتركيا و باعتبار ان علاقات الأخيرة مع المالكي متوترة في الوقت الراهن،اذاَ المسألة تتعلق بالمصالح المشتركة ،فاقليم كوردستان بحاجة الى بوابة و نافذة للأنفتاح على الأسواق الأوروبية، وهي بحاجة ماسة الى تركيا لتحقيق هذا الهدف،كما انّ لتركيا مصالح تجارية و استثمارية كبيرة فهي ايضاً بحاجة كبيرة الى اقليم كوردستان، وهي تقيّم دوره في مسألة الأنفتاح على(PKK)، اما العراق فهو ايضاً دولة مهمة بالنسبة الى تركيا ولكن في حال استمرار التوتر في علاقاتها مع بغداد ففي هذه الحالة سوف تواجه خطر التهميش،ولذا باستطاعة تركيا الوصول الى التعامل مع العراق عبر اقليم كوردستان،وخلاصة القول على الطرفين (اقليم كوردستان و تركيا)أن يعملا بكل جدية و صدق من اجل ليس فقط حل القضية الكوردية في تركيا بل لتعزيز مصالحهما الستراتيجية في المنطقة.
* يربط الخبراء المشكلة الأساسية للشرق الأوسط بالمشكلة الطائفية بين الشيعة والسنة،وهناك علويون يعيشون في تركيا ، السؤال هو : في حال زيادة التوتر في المشكلة هل تكون تركيا بمنأى عنها أم لا؟
- هناك توتر على الحدود وكذلك يوجد تصعيد في العلاقات بين العلويين في تركيا و السلطات،لأن هؤلاء يعتبرون السياسة الخارجية لحكومتهم ازاء سوريا انها طائفية،لذا لو تحدثنا عن تداعيات الأزمة السورية بالنسبة الى تركيا سنجد انها خلقت قطبية و اخلت بالتوازن الحساس بين السنة و العلويين في تركيا،ويراهن بشار الأسد على ما يشكل من خطورة بالنسبة الى تركيا وفي الوقت ذاته يبدي المرونة في مسألة التعامل مع العلويين فيها ، ولكن لو نظرنا الى المسألة من منظور امكانية ايجاد حلول للمشكلات القائمة سوف نصل الى حقيقة أنّه لايمكن تحقيق ذلك بسبب تعقيدات الأمور ووجود خلافات قديمة لايمكن السيطرة عليها و بالتالي من الصعب جداً حسمها نهائياً.و ان افضل الحلول لهذه الأوضاع هي غرس الأسس الديمقراطية و منح الحريات الكاملة للكورد و العلويين و الأقليات الأخرى لتشعر بأنها جزء مهم من النظام السياسي وبهذا تكون تركيا قد تخلصت من مخاوف تفاقم الأزمات وتبعياتها في المنطقة،و على تركيا تبني سياسة واضحة و اتباع السبل الديمقراطية و تحسين علاقاتها مع الكورد وهذا ما يساعدها على احتوائها للأزمة السورية بشكل افضل، ولم تجد طلبات تركيا آذاناَ صاغية عندما دعت في اجتماع اصدقاء سوريا التحالف السوري المعارض الى مراعاة ابناء بلدها من الكورد وأُعتبرت تلك الطلبات غير مشروعة لطالما تركيا هي الأخرى لم تحسم مشكلتها مع ابنائها من الكورد، لذا نحن بحاجة ماسة الى دور جميع الأطراف السياسية و الأقليمية في المنطقة والى جهودها لضمان سلام دائم و تحقيق كافة مطالب الشعب الكوردي المشروعة.[1]