كان نفط كوردستان حتى عام 2007 مصدر كل المآسي و المحن بالنسبة لشعب كوردستان ولكن بعد ذلك العام و صدور قانون النفط و الغاز من قبل برلمان كوردستان في التشكيلة الخامسة للحكومة تمكن و لأول مرة في التأريخ درج كوردستان على خارطة الطاقة العالمية وتعريفه بالعالم كبلد منتج للنفط، و بالرغم من قيام الحكومة العراقية ومنذ 11 شهراً بمحاربة الأقليم عبر قطع الموازنة و رواتب الموظفين، الاّ ان مسألة النفط تتقدم الى الأمام يوماَ بعد يوم، وللحديث عن هذا الموضوع كان لمجلة كولان هذا اللقاء مع مستشار الأمن الأقتصادي في وكالة حماية كوردستان الدكتور بيوار خنسي :
ترجمة/ بهاءالدين جلال
* دخلنا الشهر الحادي عشر و الحكومة العراقية تواصل قطع الموازنة و رواتب موظفي اقليم كوردستان، لذا فإن السبيل الوحيد امام حكومة الأقليم هو تصدير المزيد من النفط و بيعه من اجل حل هذه المشكلة، و باعتباركم مستشاراً للأمن الأقتصادي كيف تنظرون الى السياسة النفطية لحكومة الأقليم؟
- ما يمكن اعتباره نجاحاً في السياسة النفطية لأقليم كوردستان انها استطاعت في عام 2007 و في اطار قانون النفط و الغاز للأقليم نقل ادارة النفط من بغداد الى اربيل، وكانت خطوة منطقية، لأن حكومة الأقليم اتخذت خطوة لأزمة قبل ظهورها، وقد تم تشكيل وزارة خاصة لأدارة الثروات الطبيعية بشقيها النفط و الغاز، وانْ لم تتخذ حكومة الأقليم هذه الخطوة لقدمت الحكومة المركزية و ابرمت العقود مع الشركات العالمية، وفي هذه الحالة لم يكن بمقدور الأقليم انْ يمتلك أساساً لصياغة اقتصاد مستقل، وقد اثبتت التجارب العالمية انه في اية دولة فدرالية انْ لم يكن لدى الأقاليم اقتصادها المستقل فأنها سوف لن تتمتع بمستقبلها و تبقى دوماً تابعة للحكومات المركزية، اذاً الخطوة الأولى كانت الشعور بأنه من الضروري ان يقوم اقليم كوردستان بأدارة قطاعي النفط و الغاز بنفسه، من جهة اخرى فإن اقليم كوردستان قد صاغ قانون الأستثمار بحكمة حيث اصبح أساساً للشركات من اجل الأستثمار في هذا المجال، و في مقدمة كل هذه الأمور هذا الأستقرار الذي يتمتع به اقليم كوردستان و الذي اصبح عاملاً مهماً لجذب الشركات، وخاصة الشركات الكبرى للقدوم الى الأقليم و استثمار رؤوس اموالها في مجال النفط و الغاز، ولهذا حققت السياسة النفطية في الأقليم نجاحاً متميزاً، واذا ما نظرنا الى المكاسب التي تحققت في ظل هذه السياسة لوجدنا ان 53 شركة قد قدمت الى الأقليم و التي تعمل ضمن 57 دولة نفطية. وبعد التنقيبات الجيولوجية و الجيوفيزيائية تمكن من اكتشاف 14-15 حقلاً نفطياً، وقد حفرت حتى الآن نحو 130-150 بئراً، وكنا نملك في عام 2007 جهازين فقط لحفر الآبار النفطية ، اما الآن فإننا نملك 25 جهازاً و يتزايد عددها ليصل الى 40 جهازاً في غضون عام 2015، و الأهم من ذلك هو انّ قانون النفط و الغاز في اقليم كوردستان اسهم في استثمار 30 مليار دولار في هذا المجال، ولو كنا نعتمد على بغداد لتوفير هذا المبلغ و نصرف مليار دولار في كل سنة لما كنا نصل الى هذه المرحلة الاّ بعد 30 عاماً، ولم نكن نحقق مكسباً آخر وهو افتتاح 27 قنصلية لدول العالم في اربيل، حيث تعمل 360 شركة لتلك الدول في قطاعي النفط و الغاز، كما ان هناك نحو 21 الف شركة للقطاع الخاص تعمل في الأقليم.
* عندما نتحدث عن نفط اقليم كوردستان، نتحدث فقط عن الحقول النفطية التي تقع تحت سيطرة ادارة الأقليم و قد تم الأستثمار فيها بعد عام 2005، وهذا يعني اننا لانتحدث عن الحقول التي تقع خارج سلطة الأقليم، نتساءل هل ان هذه الكمية من النفط تشكل بنية قوية للأقتصاد في الأقليم؟
- ضمن 75 كتل التي عملت فيها الشركات الأجنبية خلال 2007 و لغاية 2014 استطاعت اكتشاف 14-15 حقلاً نفطياً، وقُدّر الأحتياطي من النفط في اربيل و السليمانية و دهوك بنحو 45 مليار برميل، و قرابة 3-6 ترليون متر من الغاز الطبيعي، و لو حولنا الثروة الطبيعية الموجودة في باطن الأرض الى الأموال لحصلنا على 10-12 ترليون دولار، و حسب برنامج الشركات فأنها تعمل لحفر الآبار لمسافة 3700 متر، وبعد البدء بعملية انتاج النفط تمكنت حكومة الأقليم تأسيس مصفيين كبيرين لأنتاج البانزين، حيث يقومان الآن بتصفية نحو 100 الف برميل في اليوم الواحد، و اسهما في تأمين حاجة اقليم كوردستان من مادة البانزين، هذا في حين تقوم عموم مصافي العراق بأستخدام نحو 700- 800 الف برميل يومياً من النفط لأنتاج البانزين، وهذا النفط لايحتسب ضمن انتاج و بيع نفط العراق، وكان من المفروض ان تسلّم الحكومة العراقية 17% منها أي نحو 120-130 الف رميل يومياً الى الأقليم كحصته، ولكن بغداد لم تفعل ذلك و سلبته لنفسها، هذا اضافة الى 17% المقررة ارسالها، ما عدا النسبة التي لم ترسلها خلال عام 2014، الى جانب كل هذه الظروف التي طرأت من خلال قيام داعش بأحتلال منطقة بيجي.
* اذا عادت المناطق الكوردستانية الأخرى الى الأقليم و احتسبنا نفطها ومعها نفط كركوك، حينها كم سيرتفع السقف الأنتاجي لنفط كوردستان؟
- قبل ان اتحدث عن النفط في كركوك و المناطق الكوردستانية الأخرى، نرى ان برنامج الشركات حالياُ لحفر آبار النفط يصل الى حفر مساحة 3700 متر للبئر الواحد، ولكن من الممكن استخراج النفط حتى لو كانت على عمق 6000 متر،الآن سنأتي على النفط الموجود في غرب دجلة، أي في مناطق زمار و ربيعة و سنجار، و يقدر احتياطيها بنحو 10 مليارات برميل، وتشكّل كركوك بمفردها 10% من مجموع احتياطي العراق من النفط، وتحتوي كركوك فقط على 15-16 مليار برميل من احتياطي النفط.
* في العودة الى اقتصاد اقليم كوردستان، سبق و ان اعلنت حكومة الأقليم بأنه يتم رفع مستوى انتاج النفط لغاية هذا العام الى مستوى يمكن خلاله حل المشكلات الأقتصادية، ولكن كما نرى ان اسعار النفط في الأسواق العالمية قد انخفضت فجأة، برأيكم ما المشكلة التي سيخلفها هذا الأنخفاض؟
- اعلنت الشركات وفق برنامجها انّ مستوى انتاج النفط كان في عام 2012 نحو 200 الف برميل، و في 2014 سيصل الى 400 الف برميل أما في عام 2015 سوف يصل الى 500 الف برميل في اليوم، وعلى هذا الأساس كان سعر البرميل الواحد يتراوح بين 100- 120 دولار، واذا احتسبنا المعدل و كان سعر البرميل الواحد 100 دولار و لو بعنا 400 الف برميل يومياً فإنّ الواردات ستصل الى 14 مليار و 400 مليون دولار، و اذا تم منح 20% من هذا المبلغ كمستحقات عمل للشركات، سوف يبقى للأقليم ما يقارب 11-12 مليار دولار، وفي حال الوصول الى 500 الف برميل في اليوم الواحد فسيصل مستوى الواردات الى 18 مليار دولار في السنة، ولكن المهم هنا هو تحديد السقف الأنتاجي للنفط والذي يتطلب تشكيل لجنة عليا للنفط و الغاز حسب قانون النفط و الغاز لأقليم كوردستان، لأصدار قرارات حول انتاج النفط وفق الحاجة، و تضم اللجنة مجموعة من الخبراء الأقتصاديين تراعي متطلبات الشعب و تحقيق الرفاهية له، وعلى سبيل المثال تقوم اللجنة بطرح مقترحات لأقليم كوردستان لعام 2015 بأنه بحاجة الى 14 مليار دولار واذا قررت اللجنة انتاج النفط بالسعر القديم وبيع نحو 500 الف برميل يومياً فأنّ ما يتبقى من الواردات للأقليم يساوي 14-15 مليار دولار بعد طرح مستحقات الشركات، ولكن هذا المقترح لا يلقى التأييد في الوقت الراهن بسبب انخفاض اسعار النفط حيث انخفض سعر البرميل الواحد الآن من 112 دولاراَ الى 80 دولاراَ،و على سبيل المثال لو ان الأقليم قد انتج 200 الف برميل في اليوم الواحد، فإن هذا الأنخفاض للأسعار سيلحق به اضراراَ مادية تبلغ نحو 6 ملايين دولار، ناهيك عن مسألة التسويق و بيع النفط التي تواجه مشكلات كبيرة، ولكن على الرغم من كل هذه المعوقات لو وصل سقف الأنتاج الى 500 الف برميل يومياُ و لاينزل السعرالى دون 80 دولار حينها نستطيع حل عموم مشكلاتنا.
* الى جانب انخفاض سعر النفط، نجد ان اقتصاد اقليم كوردستان يواجه مشكلة اخرى، على سبيل المثال نواجه حرباً مع داعش على امتداد مسافة تبلغ 1050 كيلومتراً، كما ان 1.5 مليون نازح لجأوا الى الأقليم، وهم بحاجة الى الأموال يومياً شئنا أم أبينا يجب ان نوفر لهم الأحتياجات، كما ان هذا الوضع يجعلنا بحاجة اكثر الى الماء و الكهرباء و المحروقات، اذاً في ظل هذا الوضع السيء ماذا على حكومة اقليم ان تفعل في اعادة النظر بأقتصاد الأقليم؟
- اعلنت حكومة اقليم كوردستان انها بحاجة الى 850 مليار دينار لتأمين رواتب الموظفين فقط خلال الشهر، واحتياجات الحكومة 200 مليون دينار في شهر ايضاَ، وكما اشرتم اليه يواجه الأقليم اليوم ظروفاً خاصة حيث جبهة حرب طويلة بين قوات بيشمركة كوردستان و الأرهابيين، الى جانب هذا العدد الهائل من النازحين الى الأقليم، و الواضح ان تأمين مستلزمات جبهات الحرب يأتي في الأولوية، لأن جبهات البيشمركة تعني البقاء ام الفناء، و بالنسبة الى النازحين يتم بأستمرار تأمين احتياجاتهم و سيما اننا دخلنا فصل الشتاء، وهذه الأمور تدفع حكومة الأقليم لأتخاذ خطوات غير اعتيادية و تخفيض الصرفيات في كل المجالات و اعادة تنظيم برنامجها الأقتصادي، وهذا يتطلب قيام الشعب بدعم الحكومة ، واتمنى ان نتجاوز هذه المرحلة المالية و الأقتصادية الصعبة في وقت قريب.
* كمستشار اقتصادي، بكم تقدّر نفقات اقليم كوردستان اليومية في حربه مع داعش؟
- حسب ما سمعته يصل اسبوعياً الى ملياري دينار، واذا ما تحررت سنجار قريباً لإن مساحة جبهات الحرب سوف تتسع و تزداد معها النفقات، ولو حسبناها بطريقة الرياضيات و نشرنا في كل 10 كيلومترات فوج واحد من البيشمركة فإننا نحتاج الى 100 فوج، وكل هذه الأفواج اذا ارتبطت معاً فإنها تحتاج الى نفقات الغذاء و المواصلات و غيرها.
* وما حاجتنا الى الأموال لمساعدة النازحين؟
- هناك مليون و اربعمائة الف نازح في اقليم كوردستان، تم اسكان 60%منهم في دهوك و 20% في اربيل و 17% منهم في السليمانية، ولو كان مصرف شخص واحد منهم يومياً هو خمسة دولارات اذاَ كم من الأموال نحتاج لرعايتهم؟ هذا عدا الماء و الكهرباء و الصحة و المدارس، والآن حيث الشتاء القارص على الأبواب فإنّ اقليم كوردستان لا يستطيع لوحده مواجهة الوضع لذا يستوجب تعاون و تنسيق الحكومة العراقية و الدول الأخرى.
* ماذا يتطلب من اقليم كوردستان اتخاذه من اجراءات لتعزيز البنية الأقتصادية المتينة من اجل الأعتماد على نفسه في هذه الظروف الصعبة؟
- على كل الدول التي تبني مقوماتها الأقتصادية من خلال ثرواتها النفطية أنْ تتسائل قبل كل شىء ، ماذا تفعل في حال طرأ تغيير على اسعار منتجاتها النفطية؟ فمثلاً كنا نعتقد اننا لو بعنا 400 الف برميل في اليوم الواحد لأمنّا احتياجاتنا من الأموال، ولكن فجأة انخفض سعر النفط ما يؤدي ذلك الى حدوث خلل في تقديراتنا و البالغة حوالي ملياري دولار، وبما انّ 95% من اقتصاد اقليم كوردستان و العراق يعتمد أساساً على بيع النفط و يعتمد على الواردات المحلية بنسبة 5%، لذا من الصعب جداَ محاولة الوصول الى 100%، لذا يقترح الخبراء الأقتصاديون ولا سيما للدول المنتجة للنفط ايجاد مصادر اموال اخرى، أي الأستثمار في الزراعة و الصناعة بالأستفادة من موارد النفط, وعلى سبيل المثال في الأمارات العربية قدّم خبراء اقتصاديون في نهاية عام 1988 قائمة بالواردات الى الشيخ زايد امير الدولة ، قال لهم:ما مصدر هذه الموارد؟قالوا له انّ 95%من واردات النفط و 5% من الموارد المحلية، فقال لهم الشيخ زايد: لو واجهت البلاد غداَ ظروفاَ استثنائية و لم نتمكن من بيع النفط، ماذا عسانا أنْ نفعل؟ لذا قرر ايجاد مصادر مالية اخرى في البلاد مع رفع مستوى الموارد المحلية، حيث استثمر واردات النفط في مجال السياحة و الزراعة و الطيران و مجالات اخرى، وبعد مرور عشر سنوات قام الخبراء ايضاً بتقديم قائمة للشيخ زايد، فسألهم مرة اخرى ما مصدر هذه الموارد؟ قالوا 68% من الموارد المحلية و 32% فقط من موارد النفط، فقال الشيخ: الآن نستطيع الوقوف على أرجلنا و تزول المخاطر على رفاهية المواطنين،و نحن في الأقليم بامكاننا الأستفادة من هذه التجربة، حيث ينبغي انْ لانعتمد فقط على بيع النفط الخام، بل علينا الأهتمام بالزراعة و الصناعة، لأننا لو بعنا البرميل الواحد من النفط الخام بمائة دولار و من ثم استخدمنا هذا البرميل من النفط في الصناعات البتروكيمياوية، فأنّ سعر هذا البرميل سوف يحصل على 280دولاراً من الأرباح، أو نستطيع زيادة مشتقات النفط في الأسواق، وعلى سبيل المثال، الأردن التي هي من الدول الفقيرة يشتري يومياً 200 الف برميل نفط من العراق و دول الخليج، فيحوّله في مصافيه الى بانزين و انواع أخرى، و عندما يشتري الأردن البرميل ب 100 دولار ويبعيه داخل البلد ب 170 دولار،هذا يعني انه يربح يومياً من الصناعة النفطية مبلغاً قدره 12مليون دولار، المهم بالنسبة لأقليم كوردستان و الذي يواجه احياناَ بعض العوائق، فإن افضل حل لهذه المشكلة، علينا تحويل الأقليم الى صناعات البتروكيميائية، و الأستفادة من الشركات النفطية العملاقة.
* هل فكّر الخبراء في الأقليم بتطوير الصناعات البتروكيميائية ؟
- ما سمعته من وزير الثروات الطبيعية ان الوزارة تنوي انتاج الغاز الطبيعي كوقود للسيارات بدلاَ من البانزين، كما سمعت بأنهم بصدد تطوير الصناعات البتروكيمياوية عن طريق بعض الشركات، ولو كانت هناك مؤسسات نفطية لسهّلت علينا انجاز كل هذه المشاريع.
* كيف سيكون وضعنا الأقتصادي في حال اعددنا موازنتنا لهذا العام على حساب 60 دولاراً للبرميل الواحد من النفط؟
- طالما مصدرنا الرئيس للواردات هو النفط، اذاً ينبغي التفكير في اقل قيمة لسعر البرميل، وعندما واجهت فنزويلا أزمة اقتصادية، انخفض سعر النفط من 110 دولارات الى 80 دولاراً، لذا قررت تخمين سعر البرميل الواحد من النفط للعام القادم ب 60 دولاراً، وكان الأجدر بنا ان نثبت على 80 دولاراً، لأنني اعتقد أنّ لا بديل للنفط، حيث يحتوي على الآلاف من المواد الصناعية و ووارداتها زادت بثمانية اضعاف، فالأهتمام بالنفط يمهد الطريق لتنظيم القطاعات الأخرى، كما لو نظمنا وارداتنا المحلية بشكل صحي و بأرادة قوية لأستطعنا حل الكثير من المشكلات المالية و الأقتصادية.
* هل انتم على اطلاع من قيام اللجنة المشكلة من برلمان كوردستان بالأوضاع الأقتصادية في الأقليم؟
- انا على دراية من انّ اللجنة الأقتصادية و لجنة الثروات الطبيعية عقدتا اجتماعاَ و طرحتا العديد من المقترحات حول كيفية قيام حكومة الأقليم بمواجهة هذه الظروف الصعبة على صعيد العراق و محاربة داعش و كذلك العدد الكبير من النازحين الذين لجأوا اليه الى جانب مشكلة الواردات و عدم وجود الموازنة، وحسب معلوماتي فإن الكثير متفقون على عدم اتخاذ حكومة الأقليم خطوة سريعة بصدد قرارها القاضي بالأقتراض من الخارج، و في حال تم ذلك عليها معرفة مصادر القروض و الأرباح التي سوف تجنيها جراء تلك القروض، هناك الحديث عن اقتراض مبلغ خمسة مليارات دولار، ولكن نتساءل ممن تؤخذ القروض و ما الجانب الذي سوف تصرف عليه؟ وفي حال استخدمت لدفع الرواتب فإنها لاتكفي لرواتب أكثر من خمسة أشهر، عدد من الأقتصاديين يشيرون الى أنه من المستحسن لنا تنظيم امورنا الأقتصادية في غضون خمسة أشهر هذه، افضل من تسلّم القروض لدفع رواتب الموظفين أو فتح صندوق خاص لأيداع اموال الناس فيه ليصبح مصدراً مالياً للحكومة وفي الحالات الطارئة.
* في السابق كانت بيننا و بين بغداد مشكلة قانون النفط و الغاز، والآن هناك مشكلة كومو و سومو، ما اصل هذه المشكلة؟
- يتضمن الدستور العراقي عدة مواد تتعلق بكيفية ادارة قطاع النفط و الغاز، تشير مادتا 111 و 112 الى ذلك بالتفصيل و يؤكد الدستور على استحداث قانون بأسم( قانون النفط و الغاز) بغية تفعيل تلك المادتين، تم اعداد مسودة قانون في عام 2007، والآن هناك مسودات عديدة معدة من البرلمان و الحكومة و الوزارة، و أي من هذه المسودات لم ترفع الى البرلمان للتصويت عليها، قد لا تفضل بغداد صدور مثل هذا القانون، و استحداث قطاع النفط و الغاز يحتاج الى وجود سلطة اتحادية مع ضرورة تمثيل عموم المحافظات و الأقليم فيه و بأعلى الصلاحيات و غير مرتبط بمجلس الوزراء و وزارة النفط بالذات، و يتم الأشراف عليه من البرلمان فقط، و تقوم هذه السلطة باعادة بناء وزارة النفط و تضع لها نظام ينسجم مع النظام الفدرالي، لأن نظام وزارة النفط هو ذات النظام ما قبل 2003 و لايساير العصر الحديث، و سومو هي ايضاً نتاج هذه الوزارة التي كانت تدار قبل 2003، لأنه ليس من المعقول اذا وجدت لجنة النفط و الغاز في مجلس الوزراء لا يكون من بين اعضائها اثنان أو اربعة حسب النسبة السكانية للأقليم أو لا تضم مستشارين من اقليم كوردستان، بغية مراقبة السياسة النفطية عن كثب و التعرف على الواردات النفطية، كما لايجوز أنْ لا يكون للكورد في سومو ممثلان لمعرفة حقول النفط المستخرج و نقله و كيفية بيعه و الى اين ستذهب وارداته وأي شركة تقوم بشرائها، وبعد أنْ انضم العراق في 2010 الى عضوية منظمة الشفافية الدولية، كان اول تقرير صدر عنها يخص النفط، وتبين منه انّ هناك اختلافاً في الواردات بين ما دفعته الشركات لشراء النفط من سومو و التي اودعت المبالغ الى(VFI)،وبين ما تدعيه سومو عن البيع حيث سيبلغ الفرق بين الحالتين نحو مليار و 500 مليون دولار، في حين ان هذه الواردات التي اختفت من شركة سومو تعود لعموم العراقيين وفق الدستور العراقي وهذا لا يتفق بأي شكل من الأشكال مع النظام الفدرالي، من جهة اخرى ما يثير الأعجاب انّ نحو 700-750 الف برميل من النفط يضخ يومياً الى المصافي و البالغ عددها 11 مصفى عدا النفط الذي يباع في الأسواق، وبحسب وزارة النفط هناك خطة لزيادة هذه الكمية من النفط الى مليون و 500 الف برميل يومياً، ولا نعلم على اي اساس يتم ذلك، لأنه لاتزال واردات 750 الف برميل لن تدخل الموازنة العراقية و التي تساوي 20% من واردات النفط العراق اي ما يقارب 25 مليار دولار سنوياً، ولو كانت نسبة اقليم كوردستان فيها 17% والتي تساوي خمسة مليارات، و احتسبنا ذهاب 100 الف برميل ضمن مليون برميل بالخطأ بسبب عدم وجود الأجهزة ، فإن حصة الأقليم والبالغة 17% تساوي ضياع 51 الف برميل.
* من المقرر قيام وفد كوردستاني بزيارة الى بغداد، هل تعتقد انها تساعد على حل مشكلة كومو و سومو؟
- لا يمكن معاجة هذه المشكلة بمثل هذه الزيارات، قد يتم ذلك لايجاد حل مؤقت، منها دفع مستحقات الشركات لهذا العام أو ارسال موازنة، ولكن لايمكن تكرار ذلك في العام القادم، اعتقد ان الحل هو اولاَ ان نرتبط بدولة تحت مسمى دولة فدرالية التي يشكل نفطها 95% وقطاعها النفطي غير منظم و سبّب في ظهور صراعات سياسية و فساد كبير والنتيجة هي نشأة منظمات متشددة و أوصلت العراق الى هذه المرحلة الصعبة. كما ان زيادة واردات النفط ادت الى عودة عملية الدمقرطة الى الوراء بالمقارنة مع اليوم و عام 2009، أي الديمقراطية اصبحت ضحية الأدارة الخاطئة لقطاع النفط. الخيار الثاني هو انْ نحاول العمل مع عموم القوى و الجهات التقدمية في انشاء نظام ديمقراطي عصري و مؤسساتي مسؤول و انْ نعمل على استقرار و امن المنطقة، نحن بحاجة الى مثل هذه الدولة رغم ان تحقيقها صعبة للغاية، وان هذه الفوضى لاتقتصر على الأقليم فقط بل انها تعم مناطق اخرى، وعلى سبيل المثال تنتج محافظة البصرة يومياً نحو مليوني برميل ولكن اهلها يعيشيون في اسوأ حالة معيشية و حتى الأمنية، ولكن الأقليم تمكن من توفير الحالة الأمنية المستقرة و الأمان للمواطنين.
* كيف نستطيع ان نكون اقليماً فدرالياً و نفصل اقتصادنا عن العراق؟
- علينا انْ نأخذ استعدادنا قبل وقوع أي ظرف طارىء، ولكننا لا نفكر في حلها الاّ بعد مواجهتنا لها بشكل مفاجىء ، وعند ذلك يكون العلاج صعباُ، انا في الفترة الماضية اجريت متابعة لمعرفة مستوى محصول القمح في اقليم كوردستان و التي هي الجزء الرئيس لغذائنا اليومي، وتبين لي انه تم خزن حوالي 700 الف طن من القمح في سايلوات اربيل و دهوك و السليمانية، وهذه الكمية من المحصول تذهب الى المناطق الأخرى من العراق حتى انها تصل الى البصرة، ولكن لو كانت لدينا واردات كبيرة لأستطعنا شرائها واستخدامها بشكل مباشر، ولكن تبين انه لم تؤخذ هذه النقطة الأقتصادية المهمة لديناعلى محمل الجد و الأهتمام.[1]