ٲ.د. فَرسَت مرعي
تثار بين الحين والأخر شبهات وافتراءات تخص الفتح الإسلامي للمنطقة الكردية(= كردستان)، وما رافق هذا الفتح من تداعيات ونتائج، حيث تطفو على السطح الأفكار والمعتقدات التي طالما تشدق بها المستشرقون والمنصرون وتلامذتهم من العرب والفرس، وتطاول بعض الكتاب الكرد من الذين استهوتهم الشهرة على عقيدة بني قومهم، وإعادة اجترار هذه الأفكار والمعلومات التي عفا عليها الزمن وشرب كما يقول المثل المعروف، والمخالفة لمنهج البحث العلمي الذي كان أعداء العلم والإسلام من الفئة المذكورة أعلاه آنفاً يرددونها من دون موضوعية وإنصاف خلال اعادة صياغتها أو ترجمتها إلى اللغة الكردية وكأنها من بنات افكارهم، كما فعل الدكتور طه حسين (عميد الأدب العربي) عندما نشر كتابه (حول الشعر الجاهلي) وفيما بعد (الأدب الجاهلي) وكأنها من بنات أفكاره، علماً بأنها مقتبسة من طروحات المستشرقالبريطاني (مرجليوث المتوفى سنة1940م). وكما نشر بعض منكري السنة النبوية المطهرة أمثال المصري( أبو رية) بعض مزاعمهم حول الصحابي الجليل أبو هريرة، وكأنها خلاصة لبنات أفكارهم؛ علماً بأنها ليست سوى إعادة اجترار وصياغة لتخرصات المستشرق اليهودي الهنغاري أجناس كولد زيهر (المتوفى سنة1921م) التي طرحها في كتابه (دراسات محمدية)، وفيما بعد للألماني جوزيف شاخت (المتوفى سنة 1969م) حول حجية السنة النبوية من خلال كتابه أصول الشريعة المحمدية.
إن المصادر الاساسية للتاريخ الاسلامي: كالبلاذري المتوفى سنة279ﮪ في كتابه:(فتوح البلدان)، والدينوري المتوفى سنة281ﮪ في كتابه (الاخبار الطوال)، واليعقوبي المتوفى سنة284ﮪ في كتابه (تاريخ اليعقوبي)، والطبري المتوفى سنة310ﮪ في كتابه: (تأريخ الرسل والملوك)، والمسعودي المتوفى سنة346ﮪ في كتابه (مروج الذهب)،وابن الاثير المتوفى سنة 630ﮪ في كتابه (الكامل في التاريخ) وغيرهم زودتنا بمادة تأريخية على درجة كبيرة من الأهمية ومنها المتعلقة بالفتوحات الإسلامية لكردستان. ولكن ظهر بعض الاختلاف في التوقيت الزمني لهذه الفتوحات، وليس أدل على ذلك من اعتراف الطبري نفسه بهذا الاختلاف قائلاً:((أما الاختلاف في الفتوح التي نسبها بعض الناس إلى أنها كانت في عهد عمر وبعضهم إلى أنها كانت في عهد عثمان، فقد ذكرت قبل فيما مضى من كتابنا هذا ذكر اختلاف المختلفين في تأريخ كل فتح كان من ذلك)).
وعلى أية حال يبدو أن شهري رجب ورمضان سنة (16ﮪ) اللذَينِ يقابلان شهري أيلول وتشرين الأول سنة (637م) كانتا بداية الفتح الإسلامي لكردستان.
مما تقدم يبدو للباحث جلياً ان بلاد الكرد دخلها الاسلامخلال الفترة من ( 16ﮪ ) ولغاية ( 25ﮪ) على أكثر تقدير، وأن عملية أسلمة الشعب الكردي قد استغرقت فترة زمنية أطول بعض الشيء قد استمرت الى بداية تأسيس الدولةالاموية سنة41ﮪ، لأن كل فكرة جديدة وطارئة على شعبٍ ما لا بد من انتشارها لحقبة حتى يستسيغها ثم يتقبلها، لا سيما أن كانت وحياً الهياً جاء لإنقاذهم من عبادة العباد الى عبادة رب العباد، ومن الظلام والجهل الى نور التوحيد والعلم.
وعلى أية حال فقد أثيرت حول الفتح الإسلامي للمنطقة الكردية شبهات وشكوك عديدة، وهل أنه كان فتحاً أم غزواً واستيلاءاً؟ والفترة الزمنية التي استغرقها الفتح هل كانت طويلة تجاوزت القرن كما يذكرها البعض، أم قصيرة لم تتجاوز العشر سنوات استنادا إلى المصادر التاريخية الموثوقة، فضلاً عن النتائج التي ترتبت على الفتح أو الغزو كقتل الكرد المشركين، وسبي نسائهم، وتدمير بيوتهم وقراهم!؟ أي بعبارة أخرى ما يترتب على محاولات الغزو والاستيلاء التي كانت تقوم بها الإمبراطوريات القديمةوالدول الامبريالية (المستعمَّرة) الحديثة، من عمليات السلب والنهب والتدمير وسبي واستحياء النساء وغيرها؟.
ومن جانب آخر فإن بعض من هؤلاء الكتّاب يحاول إسقاط عمليات ما يسمّى بالأنفال السوداء التي قام بها النظام البعثي الشوفيني في عهد صدام حسين على وقائع التاريخ الإسلامي التي حدثت في بداية الفتح الإسلامي للمنطقة الكردية في عهد الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب، ومحاولة الربط بينها وبين مجريات وقائع الفتح الإسلامي لديار الكرد، كذلك إسقاط مساوئ وانتهاكات بعض القيادات والزعامات العربية القومية العلمانيةالعميلة على القيادات الإسلامية من خلفاء راشدين وكبار الصحابة وقادة الفتح؛ رغم معرفتهم بأن هؤلاء كانوا رهبان الليل وفرسان النهار وأنهم تربوا على يد أفضل المربين والموجهين سيد الخلق ورسول رب العالمين محمد بن عبد الله (صلى الله عليه واله وسلم).
وفيما يلي عرض لبعضٍ من هذه الافتراءات والشبهات والشكوك والرد عليها من خلال الأدلة التاريخية والعلمية والمنطقية:
الشبهة الأولى:
استغراق عملية الفتح الإسلامي إلى حوالي القرن:
ذكر الباحث الكردي التركي الدكتور (كندال نزان) مدير المعهد الكردي في باريس، أن المقاومة الكردية للفتح الإسلامي قد استمرت لفترة تقارب القرن(1).
الرد على هذه الشبهة:
الدكتور كندال نزان مختص بالفيزياء، وليس له الالمام الكافي بالتاريخ الإسلامي، وعلى أية حال، فقد استغرقتعملية الفتح الإسلامي للمنطقة الكردية أقل من عشر سنوات ابتداءاً من سنة 16ﮪ ولغاية 25ﮪ، ولاسيما إذا علمنا أن الإمبراطورية الفارسية الساسانية قد سقطت بيد المسلمين بُعَيدَ معارك: القادسية، وجلولاء، ونهاوند (= فتح الفتوح) في سنوات 14 – 15 – 21ﮪ على التوالي، وأن الجيش الإسلامي بقيادة الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص دخل العاصمة الفارسية: (طيسفون – المدائن – سلمان باك الحالية) وهرب ملكهم يزدجرد الثالث وترك بناته الثلاث أسيرات بيد المسلين، وكان الكرد من رعايا هذه الدولة، فليس من المعقول ولا من المنطقي أن تسقط الدولة ويهرب زعيمها وأن مكوناً من مكونات شعبها وهم الكرد لا يدخلون ضمن عملية الفتح أو الاستيلاء، أو أنهم يقاومون الجيوش الإسلامية التي عجزت جيوش الساسانيين الكثيرة العدد والعدة والقوية الشكيمة عن مقاومتهم في معارك عديدة وفاصلة غيرت مجرى التاريخ الانساني.
الشبهة الثانية:
لقد نشرت إحدى المؤسسات الكردية اليسارية كتاباً لباحث كردي يدعى (ملا. ع. كردي)( 2) ، ولمجانبة المعلومات التي وردت فيه مع كل الحقائق العلمية وتناقضها الكلي مع ما ورد في المصادر الإسلامية كافة وغيرها من بيزنطية وسريانية وارمنية، ارتأى الباحث نشر نص الكتاب المذكور المتعلق بفتح كردستان الذي جاء فيه:(( زحف المسلمون الفاتحون على كردستان في العام الرابع عشر الهجريالمصادف عام 636م، في خلافة عمر بن الخطاب (23ﮪ) فقاومهم الأكراد من جبالهم الحصينة المنيعة الوعرة وردوهم على أعقابهم خاسرين، ثم اعاد المسلمون الكرة في فتح كردستان، وأعاد الأكراد المقاومة، وردوهم على اعقابهم مرة ثانية. والظاهر ان المسلمين الفاتحين استصعبوا فتح جبال كردستان فرأوا تأجيل فتحها. وكان الأكراد حتى هذا التاريخ على دين زرادشت الثنائي، أي الإيمان بوجود إلهين إثنين. وفي هذه الفترة أي فترة محاولة فتح كردستان وعصيانها وامتناعها حدث أمر ذو بال هو أن الأكراد سمعوا عن دستور الدين الجديد الإسلام، الذي ينصر الضعيف ويؤازر البؤساء، ويساوي بين أتباعه بالحق والعدل. وتناقشوا فيما بينهم وقرروا استخدام بعض المسلمين الفاتحين ليشرح لهم هذا الدين الجديد، وتم ذلكم، فأعجب أكثر الأكراد بهذا الدين الجديد، وأسلموا إلا قليلاً منهم، أبى أن يترك دين آبائه وأجداده. وأدى هذا إلى خلاف بين الأكراد الذين أسلموا والذين لم يسلموا، ما لبث أن تحول جدالاً عنيفاً فحرباً داخلية أهلية. وانتصر الأكراد الذين أسلموا وهزموا الذين لم يسلموا، فاضطر المغلوبون أن يتحصنوا بالجبال المنعزلة الشديدة الوعورة. وهؤلاء هم المعروفون بالأكراد اليزيديين أو الطائفة اليزيدية…))( 3).
الرد علی هذه الشبهة:
يبدو أن هذا الكاتب نسي بل تناسى أن الدولة الفارسية الساسانية على الرغم من قوتها وجبروتها لم تستطع أن تقاوم المسلمين الفاتحين القادمين من الجزيرة العربية رغم وقوع العشرات من المعارك الصغيرة والكبيرة (الفاصلة) بين الطرفين كمعارك: البويب، والجسر، وعين التمر، والقادسية، وفتح العاصمة طيسفون، وجلولاء، وماسبذان، ونهاوند (= فتح الفتوح) ما بين سنة 12ﮪ لغاية 21ﮪ، أي: في أقل من عقد من السنين، بالإضافة الى فرار زعيمهم (يزدكرد الثالث) لا يلوي على شيء؛ فكيف برعايا الدولة من الكرد وغيرهم أن يقاوموا المسلمين أو أن يجعلوا قيادة المسلمين تفكر في تأجيل عملية فتح المنطقة الكردية على أقل تقدير في المرحلة الأولى؟ وكأنّ بهؤلاء لا يعرفون طوبوغرافية وجغرافية المنطقة الكردية، فكيف يصل المسلمون الفاتحون إلى إقليمي أذربيجان وأرمينيا دون المرور بكردستان الواقعة في طريقهما وفتحها، لذا كان من الأولى للمسلمين أن يفتحوا كردستان الواقعة في طريقهم(= عقدة المواصلات) حتى يكون الطريق سالكاً وآمناً إلى المقاطعات والأقاليم الأخرى كأذربيجان وكيلان وطبرستان وآران وأرمينيا وكرجستان(= جورجيا الحالية).
لقد أوقع الكاتب نفسه في تناقض آخر عندما ذكر بأن الكرد كانوا على الديانة الزرادشتية الثنائية التي تؤمن بإلهين إثنين: آهورامزدا (إله الخير) وأهريمن (إله الشر)، ويستطرد في كلامه قائلاً: عندما حدثت الحرب الأهلية بين الكرد الذين أسلموا وانتصروا على إخوانهم الآخرين من الكرد الذين لم يسلموا وبالتالي انهزموا وتحصنوا بجبالهم المنعزلة وهؤلاء هم المعروفون بالأكراد اليزيديين، فكيف تحول هؤلاء الكرد الزرادشتيين إلى كرد يزيديين حسب تعبير الكاتب، إنها ولعمر الحق مفارقة واشكالية عقيمة خارجة عن نطاق الحيادية والموضوعية والبحث عن الحقيقة!!.
ورغم ذلك فإن بحث هذا الكاتب لا يخلو من فوائد منها: أن الكرد سمعوا عن دستور الدين الجديد الذي ينصر الضعيف ويؤازر البؤساء ويساوي بين أتباعه بالحق والعدل، ويبدو أن هذه الصفات الحميدة وغيرها التي كان يتحلى بها المسلمون الفاتحون جعلت الكرد من رعايا الدولة الفارسية يقبلون طواعيةً على تقبل هذا الديانة والدخول فيها؛ لأن عقائد هذا الدين وأفكاره لامست شغاف قلوبهم، فضلاً عن ذلك أن الظلم الطبقي الصارخ الذي كان سائداً في الدولة الساسانية وكانت له نتائج وخيمة على الطبقات الفقيرة والمضطهَدة من المجتمع، علماً بأن غالبية الكرد من هذه الطبقة، بجانب تعقيدات الديانة المجوسية وطقوسها الكثيرة؛ كل ذلك جعل الكرد ينتظرون فرجاً، وجاءتهم الفرصة سانحة عندما انساحت جيوش الفتح الإسلامي في خلافة الراشد الثاني عمر بن الخطاب عام 16ﮪ/637م ووصلت إلى التخوم الكردية، فحدث ذلك الاتصال وذلك اللقاء الروحي بين عقيدة الفطرة وبين القلوب والعقول السوية التي كانت تنتظرها على أحر من الجمر، إنه إسلام الكرد وشعور الكردي لأول مرة بكينونته وشخصيته فكان أن تسلق قمم المجد والذرى فحدث ذلك التحول، تحول الكرد إلى حملة مشاعل الحق والعدل وظهر منهم علماء فطاحل، وقادة جهاد ميامين، ورجال دولةمرموقين، كانت لهم صولات وجولات على مديات التاريخ الإسلامي، وبذلك أضافوا لبنات عديدة إلى الحضارة الإسلامية شأنهم في ذلك شأن الأمم الإسلامية الأخرى من عرب وفرس وترك وهنود وغيرهم.
الشبهة الثالثة:
هناك من يرى في الأوساط الثقافية الكردية وجود مقاومة كردية شرسة للفتح الإسلامي لكردستان عامةً ومنطقة شهرزور خاصة، بلغت ذروتها في اكتشاف أبيات من الشعر على قطعة جلد في كهف (هزار ميرد)(4) قرب مدينة السليمانية من جهتها الجنوبية تصف وقائع الفتوحات الإسلامية في منطقة شهرزور وما تمخض عن هذه الهجمات من قتل زعماء الكرد وﮪدم معابد النيران وفرار الرجال إلى المناطق البعيدة وما تلاها من وقوع النساء والفتيات في الأسر(5 ).
وقد تبنى بعض المستشرقين هذا الرأي، ومنهم الفرنسي الدومنيكي توماس بوا (1900 – 1975م)، فذكر قائلاً: ((غير ان هذا الاحتلال (الفتح الإسلامي) كان بعيداً لجعل هذا البلد إسلامياً بالكامل فقد اصطدمت جيوش الخليفة عمر مع أكراد الاهواز ولم يكن ذلك دون إراقة الدماء حيث إستولت على شهريزور (Chahrizor) عام 643م وعلى برود Prud وبالاسجان Balascan عام 645م وإن ذكرى هذا الاعتناق العنيف والشاق مذكورة في نص تمت قراءته قديماً، غير أنه تم التشكيك في صحته مؤخراً ماكانزىMackenzie…))(6) ، ومن ثم يذكر نص بعض هذه الأبيات:
تهدَمت معابدُ هرمز وأُخمدت النيران
واختفى أحد أكبر الزعماء
لقد هزموا الأكراد
وانسحب الأكراد إلى حدود شاهر يزور
ووقع في الأسر النساء والفتيات
قتل الابطال في الكمائن
وظل قانون – ملك – زرادشت لا حول له ولا قوة
ولم يعد لهرمز الشفقة لأي شخص(7).
على السياق نفسه إدعى الباحث الكردي الدكتور عز الدين مصطفى رسول، وجود شاعر كردي اسمه خليل المندليجى المتوفى سنة 20ﮪ / 640 – 641م ينسب إلى هذه الفترة ولكن مع هذا لم يعثر على شيء من شعره ناهيك عن المصدر الذي استقى منه هذه المعلومة(8).
الرد على هذه الشبهة:
يبدو للباحث أن الذي حدا إلى ظهور هذه المزاعم هو اكتشاف ثلاث وثائق مدونة في منطقة هاورامان التابعة لشهرزور عام 1909م، اثنتان منها كتبتا بالحروف اليونانية الكلاسيكية والثالثة دونت بالخط الآرامي القديم، نشر الوثيقتان الأوليتان في مجلة الدراسات الهيلينية عام 1915م البروفيسور مينس MINS، أما الثالثة فقد نشرها السيد كاوليA. COWLEY في مجلة الجمعية الاسيوية الملكية البريطانية عام 1919م، ويعتقد بان جميع هذه الوثائق ترتقى إلى العصر الفرثي (الأشغاني – ملوك الطوائف)(9)، وهذا العصر الذي وجدت فيه الوثيقة المزعومة يسبق عصر الفتوحات الإسلامية بأكثر من ثمانية قرون، فضلاً أن وثائق هاورامان مدونة باللغتين الآرامية واليونانية، أما الوثيقة المزعومة فهي مدونة باللغة الكردية لهجة منطقة هاورامان، وعند دراسة اللغوي الكردي الدكتور كامل حسن البصير لهذه الابيات الشعرية وجد من خلال النقد الداخلي لها بانها منحولة، ((اصطنعها بعضهم من اللهجات الكردية المعاصرة لغرض ما)) ( 10).
كما إن أقدم نص شعري كردي وصل إلينا هو ما نسب إلى الشاعر بابا روح الهمداني الذي عاش في القرن التاسع الميلادي/ الثالث الهجري وتوفي سنة 841م(11) . رغم الشكوك التي تساور هذه المعلومة على أساس أن الباحثين الإيرانيين يعدونه شاعراً فارسياً أو على أقل تقدير شاعراً لُرياً، وأن العديد من المستشرقين الأوربيين والباحثين الفرس لا يعدون اللور من الكرد، رغم أن البلداني الإسلامي ياقوت الحموي المتوفى سنة626ﮪ أدخلهم ضمن الجنس الكردي في كتابه (معجم البلدان)، المجلد الخامس.
ومن جانب آخر فإن الباحث قد اطلع على أربعة أبيات شعرية باللغة الكردية – اللهجة الكرمانجية الجنوبية انتحلها الصحفي الكردي (حسين حسني موكرياني) واودعها في مجلته (زار كرمانجي- العدد 21 في 6 نيسان 1930م) وضمنها فيما بعد المؤرخ الكردي الايراني رشيد ياسمي في كتابه: (كرد وثيَوستيَكى نذادى وتاريخى آو- الكرد وروابطهم العرقية والتاريخية) الصفحة 120 ادعى بانها تنسب إلى كهف يقع في جنوب جيشانة في منطقة هاورامان التابعة لمحافظة السليمانية:
ﮪورمزةكان رمان ئاتران كةذان
ويشان شاردةوة وةطةورةى طةورةكان
زورى كار ئةرةب كردنة خابوور
طةناى ثالةيى ﮪةتا شارةزور
ذةن وكةنيشكان وةديل ثشينا
ميرد ئازادلي ذوروى ﮪةوينا
رةوشت زةردةشتة مانةوة بىَ كةسى
بزيكانةى كا هورموزد وهيوج كةسى
وترجمتها باللغة العربية:
خربت المعابد واطفئت النيران
وأخفى كبار القوم أنفسهم
ﮪدم العرب الظالمون منازلنا
من كه ناو وباله يى إلى شﮪرزور(12 )
سبوا النساء والعذارى
وتخبط الأبطال بالدماء
عادات وديانة زرادشت بقيت وحيدة
فلن يرحم هرمزد بعد اليوم أحداً
ويبدو أن الطبيب الكردي الإيراني الدكتور سعيد بن ملا رسول الملقب ب(سعيد خان كردستاني)(13) من أهالي سنندج والمتوفى سنة 1942م الذي كان قد تنصّر على يد إحدى الإرساليات التنصيرية البروتستانتية(14) كان له دور في انتحال هذه الوثيقة بالتعاون مع الباحث الكردي الإيراني الآخر (البروفيسور رشيد ياسمي)( 15) الذي ينتمي إلى عشيرة الباجلان الكردية ومن أتباع المذهب الشيعي الغالي (العلي إلهية– أهل الحق – اليارسان)، فتعاون هذان الشخصان في انتحال هذه الوثيقة لتشويه سمعة الإسلام كما هي ديدن الحركات التبشيرية (=التنصيرية) التي تحاول جاهدة الاستفادة من شبهات المستشرقين والمنصرين وتوظيفها في خدمة مشروعها القاضي بتنصير المسلمين وخلق فجوة بين الأمم الإسلامية.
بالإضافة الى ذلك فإن (رشيد ياسمي) بحكم عقيدته الباطنية وارتباطه المشبوه بمخطط الشاه الإيراني رضا بهلوي (1925 – 1941م) كان يحاول هو الآخر الدعاية لأفكار الشاه حول توحيد الأمم الآرية تحت رايته، واعتبار المجوسية الدين القديم لهذه الأمم ويجب إحياؤه من جديد، ومحاولة إخماد الحركة الوطنية الكردية في كردستان إيران من خلال ربط تاريخ الكرد بتاريخ الفرس!! فلا عجب أن تلاقت أفكار الرجلين في انتحال هذه الوثيقة، مهمة (سعيدخان) تتجلى في تشويه سمعة الإسلام وكيف أنه انتشر عن طريق السيف التي أدت الى تدمير مقدرات الشعب الكردي!، فيما كانت مهمة (رشيد ياسمي) تذهب إلى الدعاية للديانة المجوسية من ناحية، وتشويه سمعة الإسلام من ناحية ثانية، وتحديداً الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب على أساس أن الفتح الإسلامي للهضبة الإيرانية ولكردستان جرى في عهده، وأودعها في كتابه المؤلف باللغة الفارسية (كرد وبيويستكي نزادى وتاريخىآو – الكرد وروابطهم العرقية والتاريخية). [1]