بهاء شيخو: محبة الشعب الكردي أرفع وسام على صدر #محمد شيخو#
صحيفة روناهي
حاوره/ عبد الرحمن محمد
لا يذكر الفن الكردي، إلا ويحضر معه الحديث عن فنان لامس النجوم بعلو قامته الفنية، وحَظيَ بمحبة المجتمع الكردي، في أرجاء كردستان والعالم، فنان بقامة ثورة، لأنه أشعل ثورة في عالم الغناء والموسيقا، من حيث عمق المعنى في الكلمة، ودرجات الصوت وانتقاء اللحن في الموسيقا، فكان بحق فنان شعبٍ وصوت ثورة، في وقت كان فيه السبات يخيم على أرجاء وطن بأكمله.
محمد شيخو، ابن قرية “خجوكي” التي شهدت مولده عام 1948، اسم تذكره القلوب، وتقف له الضمائر بإجلال، وتدندن الأجيال مقاطع من أغنياته وكلماتها وألحانها، وهي ترتدي ثوبها الروحي الكردي في جلالة حضوره البهي، ومع حلول الذكرى الرابعة والثلاثين لرحيله، كان لنا هذا الحوار مع شقيقة الفنان بهاء شيخو.
لو نتحدث عن خصوصية الفنان محمد شيخو، ودوره في جعل العائلة عائلة فنية.
يمكن تناول هذا الجانب في اتجاهين، دور، وحياة محمد شيخو كفنان كردي، ودوره في العائلة كشخص، وفي هذا الجانب محمد شيخو كان الأخ الأكبر في العائلة، التي كانت تضم الوالدين وستة شباب، ومثلهم من البنات، وبذلك فلا يخفى على أحد دور الأخ الأكبر في العائلة الكردية، فقد كان الأب الثاني والشخصية الأبرز في العائلة بعد الوالد، بالإضافة إلى خصوصيته من حيث اتزانه والتزامه وتفانيه في العائلة؛ ما جعله قدوة ومثالا في الحياة العامة والفنية، هنا أشير إلى أن والدنا كان يحب الغناء، وكثيراً ما كان يغني مع محمد، ولازلت أحتفظ ببعض التسجيلات الصوتية له، وأخي محمد يعزف معه، تعود لعام 1973، وكان له تأثير على أخي محمد، بل وكان يشجعه، وهذا ما شكل نقلة نوعية نحو اتجاهه الغنائي، عكس ما يقوله البعض، إن الوالد كان من المتشددين الرافضين للغناء، رغم إن محمد شيخو تلقى أول علومه على يد شيوخ الدين وكان قارئاً جيداً للقرآن.
أشير هنا، إن محمد شيخو نشأ على حب الغناء واللحن الكردي الأصيل والكلاسيكي، وهو من كبار الفنانين الكرد أمثال رفعت داري، وحسين طوفو، وزيدان أبو فريد، وسلو كورو، وحليم حسو وغيرهم، وفي 1968 أقام محمد شيخو حفلة عرس في “خربي كرما” وقبل سفره إلى لبنان، حيث كان لصوته المميز الطابع الوطني الذي جعل أخوته يسلكون هذا الطريق.
كيف استطاع محمد شيخو التحول من فرد إلى طابع فني، وثورة في الفن؟
كما أسلفت، وأضيف محمد شيخو ترك ميراثا غنيا وكان من مبادئه في الغناء النوع لا الكم، وكانت له نقاط هامة يقف عندها ساهمت في تخليد فنه من أهمها:
أولا: أن محمد شيخو لم يجد حدودا تقسم كردستان، ولم يتوقف عندها، وكانت أغنياته منتقاة دائما من حيث الكلمة واللحن والأداء، وهو من أكثر من غنى لكتاب الأغنية الكردية الملتزمة.
ثانيا: كان محمد شيخو “قولا وفعلا” كما يُقال، وكانت أعماله تسبق أقواله، ففي أوائل السبعينات كان في لبنان، وساند ثورة الكرد في باشور، وعند عودته كان دائما يغني أغنيات وطنية المضمون، ولم يكتف بالغناء، بل إنه انضم للبيشمركة، والتقى الزعيم البرزاني وقتها، وتجول في أرجاء كردستان بسهولها وجبالها، وغنى لكل ذلك. ثالثاً: إن محمد شيخو كان جريئاً، ولم يسكت عن رسالته، رغم تعرضه للكثير من التعذيب والاعتقال والنفي، وأذكر مقولته لي: “ربما تعيش أغنياتي مائة سنة من بعدي” وقد صدق في ذلك، ففي كل كلمة وجملة من اللحن والصوت رسالة وأكثر، وهذا ما خلد فنه وأظهره كثائر لا مجرد مغن.
محمد شيخو؛ شخصية وفنان كردستاني؛ من الطراز الأول، هل نال ما يستحقه من تقدير؟
في هذا الاتجاه أجيب على السؤال في مرحلتين، محمد شيخو قبل وبعد رحيله، فمحمد شيخو قبل رحيلة نال من التكريم ما لم ينله الكثيرون سواه، كان التكريم الأرقى والأكبر له، إنه كان فنان الشعب الكردي وصوت ثورته، وفي بداياته كان كرديا ككل كردي في معيشته، في أعوام 1975-1976 غنى مطربان كرديان أغنيتين له، وأرسلت له ذلك الكاسيت على طهران، وذاك تكريم له، الأمر الثاني كان محمد شيخو أول فنان كردي دُعي لمهرجان الأغنية الكردية عام 1974 في بغداد، وشارك فيه، وفي عام 1983 تم تأسيس مجموعة فنية في دهوك باسم محمد شيخو، كل ذلك لأن محمد شيخو غنى لشعبه وقضيته ولم يغن لحزب أو شخص، أو ليحصل على جائزة مالية أو حتى معنوية. بالإضافة إلى الاستقبال الجماهيري له عند عودته إلى قامشلو من المنفى بعد تسع سنوات.
أما بعد رحيله، ففي يوم رحيله نال محمد شيخو كذلك تكريما قلما لاقاه سواه ففي خلال ثلاث ساعات كانت مئات الألوف في وداعه، وكان التكريم الأعظم أيضا، وهذا الكلام مردود على من يقول: إن محمد شيخو لم يلق التكريم اللائق، وكان ميراث محمد شيخو وغناه واضحا في ذلك، ولأنه كان يكن التقدير والاحترام لكل من يخالطهم فقد بادلوه الاحترام والتقدير وإلى اليوم، ولم يخضع لأي ابتزاز سياسي وحزبي، وفرض احترامه على الجميع، وموقفه الثابت قربه من الجميع، ومواقفه لم تقل أهمية عن فنه، اليوم نجد أول مركز ثقافي افتتح في قامشلو كان “مركز محمد شيخو للثقافة والفن” في قامشلو، وهذا تكريم، وفي باشور كردستان في مخيم “دوميز” هناك مركز يحمل اسمه، وهنا لي عتب على حكومة إقليم كردستان وسؤال: أين حق محمد شيخو على الإقليم؟ على الرغم من كل ما قدمه كفنان كردي، أظن أن هناك تجاهلا له ولعائلته، ولمواقفه الشخصية، وفنه واضح للعيان، فلمَ كل هذا التجاهل، لفنان كردي حتى النخاع؟[1]