موقف الدول الغربية تجاه القضية الكوردستانية
#مهدي كاكه يي#
الحوار المتمدن-العدد: 4912 - 2015-09-01 - 21:12
المحور: القضية الكردية
إنّ إستقلال كوردستان يخدم المصالح الغربية لأسباب عديدة، منها الإنفتاح الإجتماعي الذي يتميز به شعب كوردستان وسرعة تقبُّله لمفاهيم وقيم جديدة وبُعد الغالبية المسلمة منه عن التزمّت والتشدد الديني، بالإضافة الى الموقع الإستراتيجي المهم لِكوردستان، حيث تربط القارتَين، آسيا وأفريقيا مع البعض وتطلّ على كلٍ من البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود والخليج الفارسي وتقع في قلب المنطقة التي تطفو على أكبر إحتياطي البترول في العالم، ووقوع منابع نهرَي دجلة والفرات فيها وما يزخر بها أرضها من ثروات طبيعية ضخمة ومواقع أثرية كثيرة.
كما أن التزمّت والتشدد والعنف الديني لغالبية العرب والأتراك المسلمين في منطقة الشرق الأوسط، يحجب أي أملِ في مساهمة هذه الشعوب في مواكبة التقدم والتحضّر الإنساني وخلق أنظمة ديمقراطية، تحترم حرية وحقوق الإنسان وتعمل من أجل رفاهيته وتساهم في رفد البشرية بعلومها وإبتكاراتها وإكتشافاتها.
للأسباب المذكورة أعلاه، يُنتظر أن يلعب شعب كوردستان، الى جانب الشعب الإسرائيلي دوراً إقليمياً محورياً في المشروع الغربي لِدمقرطة المنطقة و إلغاء إتفاقية سايكس – بيكو الإستعمارية وإعادة رسم الخارطة السياسية لمنطقة الشرق الأوسط الكبير والتي سيكون لِدولة كوردستان موقع متميّز فيها.
من الدلائل التي تُشير الى أن القضية الكوردستانية تحظى بأهمية كبيرة في الإستراتيجية الغربية الشرق أوسطية، هي الرعاية الكبيرة التي يحظى بها إقليم جنوب كوردستان من قِبل الدول الغربية و في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تعمل فية شركات غربية عملاقة وتمّ السماح له بِوضعِ منطقة كركوك التي تحتوي بواطنها على إحتياطي ضخم من البترول، تحت حُكم الإقليم وتصدير النفط الكوردستاني الى الأسواق العالمية مباشرةً وبشكل مستقل، بدون إشراف الحكومة العراقية. كما أن الدعم الغربي للقوات الكوردستانية في إقليم غرب كوردستان، وخاصةً في حربها ضد إرهابيي داعش ومنع التدخل العسكري التركي في شؤون الإقليم وإحتجاجات الحكومات الغربية ضد الحرب التي أعلنتها تركيا ضد السكان الكوردستانيين في إقليم الشمال ومطالبتها بالعودة الى إجراء المفاوضات بين الجانبَين، هو إشارة هامة أخرى الى المكانة المرموقة التي يحظى بها شعب كوردستان في مشروع الشرق الأوسط الكبير لِرسم الخارطة السياسية للمنطقة بشكلٍ عادل، يتم فيها إحترام إرادات شعوب وقوميات وأديان وطوائف المنطقة والتي من خلالها تسود الحرية والديمقراطية والسلام والبناء والتقدم في المنطقة.
من جهةٍ أخرى، فأنه بِفضل العولمة وثورة المعلومات والإتصالات ووجود جاليات كوردستانية كبيرة في الخارج، وخاصةً في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا ومن خلال البسالة والشجاعة التي أبدتها وتُبديها قوات الپيشمرگه والگريلا وخاصةً البطولات والملاحم التي سجلتها المرأة الكوردستانية في إقليم غرب كوردستان في تصديها للهجمات الوحشية لِإرهابيي داعش والتي أصبحت مثار إعجاب العالم، أصبحت القضية الكوردستانية معروفة لِشعوب العالم وأن الرأي الشعبي العالمي ومنظمات المجتمع المدني تُناصر وتدعم شعب كوردستان في نضاله من أجل تحرره وإستقلال بلاده وتقوم بالضغط على الحكومات في مختلف دول العالم لتقوم بِدعم ومساعدة شعب كوردستان في تحقيق أهدافه. هذا عامل إيجابي جديد يحظى به شعب كوردستان والذي كان يفتقده في الماضي القريب.
كما أن العلاقات الكوردستانية مع حكومات العالم، وخاصةً حكومات الدول الغربية، قد تطورت بشكل كبير جداً، حيث أن ممثلو التنظيمات السياسية الكوردستانية في السابق كانوا لا يحظون بمقابلة موظف صغير في وزارة خارجية دولة غربية لإيصال صوت الشعب الكوردستاني ومعاناته الى حكومات هذه الدول، بينما الآن يقابلون رؤساء دول ورؤساء حكومات الدول الغربية و في إقليم جنوب كوردستان، تم فتح عشرات القنصليات العائدة لمختلف دول العالم وتعمل فيه آلاف الشركات الأجنبية. هذه تطورات دولية إيجابية تجاه شعب كوردستان والتي تخدم نضاله من أجل الحرية والإستقلال.
إنه فرصة تاريخية نادرة لشعب كوردستان في إنتهاز الموقف الغربي الإيجابي من حق شعب كوردستان في حق تقرير المصير على المدى المنظور أو البعيد، ضمن إستراتيجية مشروع الشرق الأوسط الكبير، وذلك بِتطوير الظروف الذاتية الكوردستانية لِتواكب العامل الدولي الإيجابي وتتفاعل معه من خلال توحيد صفوف شعب كوردستان ووضع إستراتيجية تحررية صائبة وآليات مناسبة لها.
بالنسبة الى إقليم غرب كوردستان، على القوى الكوردستانية في الإقليم تمتين أواصر علاقاتها مع الدول الغربية بشكل عام ومع الولايات المتحدة بشكل خاص والتي هي القوة المهيمنة على العالم في الوقت الحاضر والتحالف معها ليصبح الشعب الكوردستاني طرفاً مُهماً في إعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة وأن يحتل مكانةً مرموقة في المنطقة، توازي أدواره التاريخية في رفد الحضارة البشرية بِعلومه وإبتكاراته وإكتشافاته.
[1]